المراسل السياسي والدبلوماسي في صحيفة هآرتس: أتوقع أن ينتهي اللقاء بين نتنياهو وأوباما بمزيد من النفور

على هامش المشهد

 

المحلل السياسي في "ألمونيتور": إسرائيل لم تحقق شيئا في الحرب على غزة وخسرت الرأي العام العالمي

 

 

 

كتب بلال ضاهر:

 

 

 

 

أعلن رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، مساء يوم السبت الفائت، أنه خلال الأيام القريبة ستنسحب القوات الإسرائيلية تدريجيا من قطاع غزة، بعد الانتهاء من هدم الأنفاق التي تمكن الجيش من اكتشافها. وأضاف أن "القوات ستعيد انتشارها مجددا وفقا للاعتبارات الأمنية"، وأنها "ستستعد لمواصلة العملية العسكرية من أجل تحقيق غاية إعادة الأمن".

 

وقال نتنياهو "لن أقول متى ستنتهي العملية العسكرية وإلى أين ستتجه الأمور. والجيش سينتشر في الأماكن المريحة لنا من أجل تقليص الاحتكاك" في إشارة إلى منع تعرض القوات لقذائف وصواريخ الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.

 

وهدد نتنياهو بأنه في حال استمرار إطلاق الصواريخ من غزة فإن إسرائيل سترد بقوة شديدة، وأنه "لن نقبل باستمرار إطلاق الصواريخ. ولدينا خيارات عديدة وسنعمل من أجل جلب الهدوء".

 

وفي غضون ذلك بدأت تتردد أنباء في إسرائيل حول تشكيل لجنة تحقيق وأن أحد المواضيع التي سيتم التركيز عليها هو عدم تعامل إسرائيل مع الأنفاق في غزة في الماضي ومفاجأتها بحجم هذه الأنفاق، وذلك في أعقاب تبادل اتهامات بين الحكومة، التي قال وزراء فيها إنهم لم يكونوا على علم "بتهديد الأنفاق"، فيما أكد ضباط كبار أن الجيش طرح هذا الموضوع أمام الحكومة منذ عام ونيّف.

 

وفيما جرت خلال اليومين الماضيين محادثات في القاهرة بين وفد فلسطيني ومسؤولين مصريين حول وقف إطلاق النار، امتنعت إسرائيل عن إرسال وفد للمشاركة بصورة غير مباشرة في المحادثات. لكن وفدا إسرائيليا زار القاهرة في نهاية الأسبوع الماضي وسلم المسؤولين المصريين مطالبه. وشارك في الوفد رئيس مجلس الأمن القومي يوسي كوهين، ورئيس جهاز الشاباك يورام كوهين، ورئيس الدائرة السياسية- الأمنية في وزارة الدفاع عاموس غلعاد، ومبعوث نتنياهو الخاص إسحاق مولخو.

 

وحول هذه المواضيع أجرى "المشهد الإسرائيلي" المقابلة التالية مع المحلل السياسي في موقع ألمونيتور" الإلكتروني عكيفا إلدار.

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": كيف تنظر إلى إنهاء إسرائيل للعملية العسكرية البرية وانسحاب قواتها من قطاع غزة في التوقيت الحالي؟

 

إلدار: "أعتقد أن هذا هروب من الواقع، مثلما أن أي خطوة أحادية الجانب هي هروب من اتخاذ قرارات معقدة. وهذه وصفة لاستمرار العنف. وهذا القرار هو تسوية داخلية أكثر من كونه تسوية سياسية. وأعتقد أن هذا الانسحاب يضمن لنا جولة عنف أخرى. ونتنياهو رأى في قرار كهذا تسوية بين الدعوات لاجتياح بري كبير واحتلال القطاع وبين اتخاذ قرار بالدخول في مفاوضات جدية بمشاركة السلطة الفلسطينية ومصر والعودة إلى العملية السياسية، وعندها اختار الطريق الأبسط".

 

(*) ماذا حققت إسرائيل في هذه الحرب؟

 

إلدار: "إسرائيل لم تحقق أي شيء. فالصواريخ التي تطلق من غزة ما زالت تسقط في إسرائيل. وربما أن إسرائيل ألحقت ضررا ما بالأنفاق، لكنني أعتقد أنه سيكون بالإمكان حفر أنفاق جديدة في الأمد البعيد، ولذلك فإنها لم تحقق شيئا في هذه الناحية. وفي المقابل، فإن إسرائيل خسرت الكثير في أوساط الرأي العام العالمي. كذلك خسرت اقتصاديا، إذ يتحدثون عن خسارة بنسبة 5ر1% من الناتج، وهذا يعني خسارة بمبلغ 15 مليار شيكل. وأعتقد أن الديمقراطية الإسرائيلية تراجعت جدا. لأن العلاقات الإشكالية والمعقدة أصلا بين الأغلبية اليهودية والأقلية غير اليهودية تضررت بشكل بالغ جدا. وانكشفت الديمقراطية الإسرائيلية بكامل بشاعتها وضعفها. وتتزايد جرائم الكراهية ("جباية الثمن"). وصورة إسرائيل في العالم أسوأ مما كانت في الماضي. والأمر الأخطر هو أنه يوجد الآن، في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، عدد كبير من الشبان الذين سيصبحون فاشيين ومتطرفين. وفي المدى البعيد، إذا كنا نريد أن نتوصل إلى سلام، وأعتقد أن هذه مصلحة إسرائيلية، فإنه سيكون من الصعب إيجاد شركاء سواء في جانبنا أو في الجانب الثاني".

 

(*) لماذا قتلت إسرائيل هذا العدد الكبير من المدنيين الفلسطينيين وألحقت هذا الدمار الهائل في قطاع غزة؟

 

إلدار: "لأنها قادرة على فعل هذا. لماذا إسرائيل حافظت على الاحتلال كل هذه السنوات الطويلة؟ لأنها قادرة على ذلك. وهي أيضاً لم تدفع ثمن ذلك. وهذه الحرب لم تنشب بشكل عفوي، وإنما هي نتيجة للحصار على غزة، إذ كانت هناك محاولة من جانب حماس للتوصل إلى تسوية ورفع الحصار ودخول السلطة الفلسطينية. وربما أن هذا لم يكن سيؤدي إلى سلام، لكن كان هناك اقتراح كهذا. وإسرائيل لم تهتم بذلك، وعندها بدأت جولة العنف الحالية. فقد بدأت كمواجهة بين إسرائيل وأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) والأميركيين والأوروبيين على خلفية تشكيل حكومة الوفاق الفلسطينية التي كانت تسعى إلى رفع الحصار. والسبب أن إسرائيل قتلت ودمرت بهذا الكم الهائل هو أنه لم يوقفها أحد. وسبب آخر هو أن شيئا ما حدث للقيم الأخلاقية اليهودية. وأنا أقارن بين الوضع الآن وبين الوضع في الماضي، عندما كان عدد سكان إسرائيل أربعة ملايين وخرج 400 ألف للتظاهر في تل أبيب في أعقاب مجزرة صبرا وشاتيلا. وذلك على الرغم من أن القتلة في حينه لم يكونوا الجنود الإسرائيليين لكن وزير الدفاع (أريئيل شارون) والقيادة الإسرائيلية اتهمت. لكن الجمهور الإسرائيلي تحرك نحو اليمين بشكل كبير لدرجة أنه يصعب عليك أن تخرج عشرة آلاف شخص للتظاهر ضد الحرب في غزة. وعندما أقول إن حجم القتل والدمار نابع من أن إسرائيل قادرة على فعل ذلك، فإنني أقصد أنه لا توجد معارضة إسرائيلية لذلك. وحتى أن وزراء في الحكومة، مثل تسيبي ليفني ويائير لبيد اللذين يصوران على أنهما من شخصيات السلام، أيديهم ملطخة بالدماء أيضا. وحزب العمل زاود أحيانا على الحكومة وكان أكثر يمينية".

 

(*) هل تعتقد أن حكومة إسرائيل ستوافق على تخفيف الحصار عن غزة، أم أنها ستستمر في حرب استنزاف بينها وبين غزة؟

 

إلدار: "أعتقد أن إسرائيل لن ترفع الحصار عن غزة طالما لا توجد تسوية تضمن رقابة ما حول ما يجري في غزة. وكذلك حماس تتعامل بقسوة لا تقل عن قسوة إسرائيل تجاه المواطنين الفلسطينيين. ولذلك فإن انعدام الثقة الأساس بين الجانبين، يحتم أن يكون رفع الحصار في إطار تسوية للرقابة. وبالإمكان تطبيق رقابة كهذه فقط لو أن الوفد الإسرائيلي سافر إلى مصر ودخل في مفاوضات مع السلطة الفلسطينية التي كانت ستمثل حماس، والعودة إلى النقطة التي بدأت منها هذه الحرب. وعلى ما يبدو أن هذا لن يحدث إذا لم تكن هناك ضغوط خارجية، من جانب مجلس الأمن الدولي وأميركا وأوروبا".

 

(*) هل تعتقد أنه ستشكل لجنة تحقيق في إسرائيل بعد الحرب؟

 

(*) "إذا تشكلت لجنة تحقيق كهذه فإن عملها سيتمحور حول موضوع الأنفاق. أي أنها ستدقق في الموضوع الأمني الإسرائيلي، وليس في أسباب الحرب وإدارتها. استطلاعات الرأي تشير إلى أن غالبية الإسرائيليين تعارض وقف إطلاق النار. وإن أي لجنة تحقيق يتم تشكيلها عندما تكون هناك ضغوط من أسفل، من جانب المجتمع المدني، ولكن ضغط المجتمع المدني معاكس. وحتى أن نتنياهو يبدو منضبطا قياسا بالرأي العام الإسرائيلي".

 

(*) وهل ما تقوله يعني أن هذه الحرب لن تؤثر على الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل في المستقبل؟

 

إلدار: "أعتقد أن أي حرب كهذه يكون تأثيرها على الجمهور الإسرائيلي باتجاه تزايد التخوفات من الفلسطينيين وتزايد الكراهية وانعدام الثقة تجاههم. ومظاهر الكراهية تجاه عرب إسرائيل مروعة. فالعرب أصبحوا يخافون الخروج من البيت اليوم. وهذه الكراهية تتزايد تجاه الفلسطينيين في الضفة والقطاع الذين بنظر الإسرائيليين جميعهم حماس".

 

(*) كيف ستؤثر هذه الحرب على عملية سياسية محتملة في المستقبل، أو ربما لا يوجد احتمال كهذا؟

 

إلدار: "لا توجد اليوم آمال كبيرة تجاه عملية سلام. وتسيبي ليفني ويائير لبيد يشاركان في الحكومة وهما يتحملان مسؤولية قتل الأطفال في غزة بشكل عشوائي. ولا أرى أن ثمة أحدا لديه الشجاعة الكافية لقيادة فكرة كهذه. وأسمع أنه يسود قلق في حزب ميرتس بسبب انخفاض التأييد له. وهناك انتقادات من داخل اليسار الإسرائيلي لقيادة ميرتس. ونحن نسير في اتجاه مقلق للغاية".