سجالات واتهامات متبادلة ومصالح ذاتية في طريق تعيين الحاخامين الأكبرين لإسرائيل

على هامش المشهد

 

 

 

 

 

مسؤولون في المالية يستبعدون ضررا اقتصاديا كبيرا جراء العدوان على غزة

 

 

 

 

 

*تقديرات المسؤولين تتعلق بحال استمرار العدوان حتى منتصف الشهر الجاري *احتياطي الميزانية الكبير قادر على تمويل المصاريف المباشرة للعدوان *المعطيات ستتغير في حال استمر العدوان فترة أطول *وزيرا المالية الحالي والسابق ينضمان الى هذه التقديرات* تجارب السنوات الأخيرة دلّت على أن ارتفاع القوة الشرائية بعد أيام الحرب يعوّض عن التراجع الذي يحصل في أيام الحرب*

 

 

 

قال مسؤولون كبار في وزارة المالية الإسرائيلية إنه في حال استمرار العدوان على قطاع غزة حتى الثلث الأول من شهر آب الجاري، فإنه لن يتسبب بضرر اقتصادي ذي أهمية، لأن الميزانية العامة الحالية في "وضعية ممتازة"، وقادرة على امتصاص تكاليف الحرب، كما أن وزيري المالية الحالي يائير لبيد، والسابق يوفال شتاينيتس، انضما إلى هذه التقديرات، وهذا كما يبدو ردا على سلسلة التقارير التي تتحدث عن "خسائر إسرائيل الاقتصادية"، ونشير إلى أنه من خلف التقارير الإسرائيلية المكثفة حول "الخسائر الاقتصادية" تقف أهداف سياسية، ومنها "الظهور في مظهر الضحية".

 

ونشير هنا إلى أن الحديث في إسرائيل يجري عن اجمالي "خسائر"، بما فيها خسائر افتراضية، مثل خسارة أيام عمل وانتاج وما إلى ذلك، تصل إلى 5ر3 مليار دولار، في حال استمر العدوان شهرا كاملا، إلا أن هذه المعطيات تتعلق باقتصاد يتجاوز حجم الناتج العام فيه 250 مليار دولار، أي بمعدل يزيد عن 31 ألف دولار للفرد الواحد، وهذا ما يبدد الأحاديث التي تحدثت عن "انهيار اقتصادي" في إسرائيل.

 

ونقلت صحيفة "ذي ماركر" عن مسؤولين في وزارة المالية قولهم إن الميزانية العامة الحالية قادرة على امتصاص الاضرار، طالما يجري الحديث عن بضعة مليارات من الشيكلات، إذ أن الاحتياطي القائم قادر على تسديد هذا الثمن. كذلك يشير مسؤولون إلى أن العجز في الميزانية المالية الحالية يبلغ 5ر2% من اجمالي الناتج العام، بينما الهدف الذي وضعته خطة الميزانية العامة لهذا العام 8ر2%، ولا يرى مسؤولون ضررا حتى إذا ارتفع العجز في هذه الميزانية إلى 3%، من أجل تغطية تكاليف الحرب، عسكريا ومدنيا، ما يعني أن بإمكان الحكومة تمويل 2ر1 مليار دولار إضافي، عدا الاحتياطي الذي عادة يفوق ملياري دولار.

 

ويشير محللون اقتصاديون إلى أن وضعية الميزانية العامة الحالية تسمح للحكومة باستصدار سندات دين بشروط جيدة، في الأسواق المالية المحلية والعالمية، ما يجعل احتمالات المناورة المالية في ميزانيتي العامين الجاري والمقبل 2015، جيدة، رغم العدوان على غزة.

 

ولكن المسؤولين ذاتهم يعبّرون عن تخوفهم في حال استمر العدوان إلى فترة أكبر، وبالتالي زيادة تكاليف العدوان بأكثر مما هو متوقع حتى الآن.

 

وينضم إلى هذه التوقعات وزير المالية الحالي يائير لبيد، الذي قال في مقابلة تلفزيونية في الأسبوع الماضي، إن تكلفة العدوان على غزة "لم تؤثر على المعطيات الأساسية للاقتصاد الإسرائيلي"، وأضاف أن وزارته ستهتم بأن يكون تمويل العدوان من خلال ميزانية العامة الجاري 2014، وأن لا يؤثر على ميزانية العام المقبل 2015.

 

كما أن وزير المالية السابق يوفال شتاينيتس قال في الأسبوع الماضي إنه على الرغم من الخسائر التي يتكبّدها الاقتصاد خلال الحرب، "فإننا قادرون على انعاش الاقتصاد خلال ستة أشهر، لأنه في الحروب السابقة، أثبت الاقتصاد الإسرائيلي قدرته على العودة إلى مسار الانتعاش بوتيرة غير عادية".

 

ويشار هنا إلى أنه في السنوات الأخيرة، وبشكل خاص في العام 2006 في العدوانين على غزة ولبنان، سجل النمو الاقتصادي في شهري الحرب ارتفاعا حادا، كما أن الاقتصاد ككل لم يتضرر، لا بل واصل نموه العالي نسبيا، وهذا يعود إلى سلسلة من العوامل الاقتصادية التي لا مجال للتوسع بها هنا، ولكن مثلا، إذا تحدثت إسرائيل حاليا عن تراجع القوة الشرائية، فالتجربة تقول إنه بعد وقف اطلاق النار، تعود الحركة الشرائية بقوة أكبر، كما أن اضطرار الحكومة لاستخدام ميزانيات الاحتياط، يعني تدفق أموال أكبر على الجمهور والاقتصاد الإسرائيلي، ويضاف إلى كل هذا الدعم المباشر الذي تحصل عليه إسرائيل من عدة دول.

 

 

 

الأرقام والسياسة

 

كما هي حال الحروب الأخيرة التي شنتها إسرائيل، فقد رافقت العدوان على غزة حملة إعلامية متشعبة، أحد أهدافها المركزية إظهار إسرائيل في "مكانة الضحية"، وإحدى الوسائل لهذا الغرض كانت "الخسائر الاقتصادية". وتنشر في الفضاء الإعلامي يوميا معطيات "ضخمة" حول الخسائر الاقتصادية التي "تتكبدها" إسرائيل، إن كان على مستوى السوق والمصالح التجارية، وما يرتبط بهذا من تراجع القوة الشرائية، أو على المستوى الأكبر، وهو "خسائر" البنى التحتية، وتكلفة الحرب العسكرية وغيرها، وهناك عدة جهات معنية بإبراز معطيات الخسائر.

 

والجهة الأولى والأساسية هي حكومة إسرائيل، التي تهدف من وراء إبراز تقارير "الخسائر" إلى لعب دور الضحية، وإلى تهيئة "جهات الدعم" في العالم، للاستعداد لتسديد قسط كبير من فواتير الحرب، كما شهدنا هذا على مر السنين، ولكن بشكل خاص في سنوات الألفين، وتحت تسميات مختلفة، والداعم الأساس هي الولايات المتحدة، لتلحق بها دول أخرى، وإن بشكل غير مباشر.

 

أما الجهة الثانية، فهي الجيش، فميزانية الجيش المباشرة تقتطع من الميزانية العامة أكثر من 16%، وتقدر ميزانية الجيش السنوية الثابتة بنحو 16 مليار دولار، عدا 3 مليارات دولار هي الدعم العسكري الأميركي السنوي، كما يتلقى الجيش ميزانيات إضافية غير ثابتة من الميزانية العامة، تتراوح سنويا ما بين مليار إلى 5ر1 مليار دولار.

 

وجاء العدوان في أوج جدل كهذا، يستبق إعداد الميزانية العامة للعام المقبل 2015، ولهذا فإن الجدل زال حاليا، ولا يبدو أنه سيظهر مجددا في الأشهر المقبلة، لا بل تتحدث وزارة المالية حاليا عن تحويل ميزانية إضافية سريعة للجيش تتراوح قيمتها ما بين 2ر1 إلى 5ر1 مليار دولار، وهي من ميزانية الاحتياط، أو من الفائض في بعض الوزارات.

 

ثم يأتي القطاع الاقتصادي الخاص، الذي يكثر الحديث عن الخسائر المالية، من أجل رفع سقف التعويض الحكومي.

 

لكن رغم هذه الحقائق، فإن الحكومة الإسرائيلية ستستثمر هذا العدوان من أجل توجيه ضربات اقتصادية أكبر ضمن ميزانية العام المقبل 2015، وضحية هذه الشرائح ستكون بالأساس الشرائح الفقيرة، التي غالبيتها من فلسطينيي 48، لكن المتضررين من اليهود سيحافظون على هدوء، لأن الحكومة ستقنعهم أن هذا "ثمن بقائهم على قيد الحياة، من عدوهم الأكبر"، بينما هذا الثمن لا يطال حيتان المال الذين سيواصلون جني الأرباح الخيالية بشكل عام ومن الحرب ذاتها بشكل خاص.