خمس يهود إسرائيل يؤيدون طرد العرب و4,5 بالمئة يؤيدون إبادتهم

على هامش المشهد

 

بحث جديد: الاحتجاجات الشعبية تلاشت والأسعار الأساسية تحلق عالياً

 

 

 

*التضخم المالي ارتفع خلال ثلاث سنوات بنسبة 1ر7% بينما أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 6ر13% *أسعار البيوت واصلت ارتفاعها والفجوات في الرواتب اتسعت *محللة: الضرائب غير المباشرة ضخمة إلى هذا الحد لتمويل الاستيطان والأمن واليهود المتدينين المتزمتين (الحريديم)*

 

 

أظهر بحث اقتصادي جديد عرض في الأيام الأخيرة، أنه بعد ثلاث سنوات على اندلاع حملة الاحتجاجات الشعبية في إسرائيل على تفاقم غلاء المعيشة، فإن كل ما بدا وكأن الحملة ستصححه، تلاشى كليا، فأسعار المواد الغذائية ارتفعت خلال ثلاث سنوات بضعفي نسبة التضخم المالي العام، فيما استمر ارتفاع أسعار البيوت، وازدادت الفجوات الاجتماعية، وخاصة الفارق بين معدل الأجور الرسمي، ومعدل الأجور الفعلي، الذي تتقاضاه الغالبية الساحقة من جمهور العاملين.

 

وقد أجرى البحث د. روبي نتنزون وإيتمار غازلة، العاملان في مركز "ماكرو للاقتصاد السياسي"، ويظهر من البحث، أنه في حين ارتفع التضخم من العام 2011 إلى 2013 بنسبة 1ر7% فإن أسعار المواد الغذائية وحدها ارتفعت بنسبة 6ر13%، كما أن أسعار الخدمات الصحية والمواد الطبية ارتفعت بنسبة 6ر9%، وتواصل ارتفاع أسعار البيوت بنسبة تفوق 20% خلال ثلاث سنوات.

 

 

ويشير البحث إلى أن عائلات فيها أطفال حتى سن التاسعة، باتت في الآونة الأخيرة تصرف أكثر من ذي قبل على الغذاء والصحة والتربية والتعليم والمسكن، وهذه القضايا الأساسية حينما يرتفع الصرف عليها، فإن "الفائض" لباقي الأمور الحياتية العامة يصبح أقل، ما يدفع العائلات إلى وضع أولويات لاحتياجاتها اليومية.

 

ويقول البحث إن أسعار البيوت في إسرائيل سجلت ارتفاعا حادا، بنسبة 30% من العام 2005 إلى العام 2011، ولكن بعد حملة الاحتجاجات الشعبية، التي كانت مسألة المسكن في صلبها، واصلت ارتفاعها، ومن المتوقع أن تكون أسعار البيوت قد ارتفعت حتى العام المقبل بأكثر من 40% خلال عشر سنوات.

 

 

ففي حين كان المواطن في إسرائيل يحتاج في العام 2005 إلى 102 راتب شهري لشراء بيت، فقد ارتفع عدد الرواتب في العام 2013 إلى 137 راتبا، ومن المتوقع ان يواصل العدد ارتفاعه ليصل في العام المقبل إلى 144 راتبا.

 

ويشير البحث أيضا إلى الفجوة الكبيرة في الرواتب، ففي حين تشير التقارير الرسمية إلى أن معدل الأجور الرسمي، في محيط 9400 شيكل وما يعادل 2720 دولارا، وفق سعر الصرف في هذه المرحلة، فإن معدل الأجور الفعلي 6204 شيكلات، وهو ما يعادل 1798 دولارا، ما يعني 66% من معدل الأجور الرسمي، وتنبع هذه الفجوة من أن حساب معدل الراتب الرسمي يأخذ بالحسبان كل الرواتب ويقسمها بالمعدل على عدد العاملين، بينما معدل الأجور الفعلي يأخذ بالحسبان نسبة العاملين الذين يحصلون على مستويات معينة من الرواتب.

 

ويقول البحث إن معدل الأجور الرسمي ارتفع سنويا بنسبة 6ر2% منذ حملة الاحتجاجات الشعبية، بينما الحد الأدنى من الأجر لم يتغير، منذ العام 2008 وحتى اليوم، وهو يراوح عند 4300 شيكل، أي ما يعادل 1246 دولارا.

 

 

فقد بيّن آخر تقرير عن معدلات الرواتب صدر في مطلع العام الجاري أن نحو 31% من الأجيرين في إسرائيل يحصلون على راتب الحد الأدنى وما دون، وأقل من 11% يحصلون على ما بين راتب الحد الأدنى وحتى نصف معدل الأجور، وأقرب إلى 20% يحصلون على ما بين 50% من معدل الأجور إلى 75% من معدل الأجور، وأقل من 12% من الأجيرين يحصلون على معدل الأجور.

 

وهذا يعني أن 7ر72% من الأجيرين في إسرائيل يحصلون على معدل الأجور وما دون، وهذه نسبة أعلى مما كانت عليه في العام 2002، حينما كانت النسبة 9ر71%، بينما 1ر28% حصلوا على رواتب أعلى من المعدل العام، مقابل 4ر27% في العام 2011.

 

ويقول أحد معدي البحث، الدكتور روبي نتنزون، إننا على مدى السنين نشهد توجها مقلقا، وبموجبه أن الجمهور بات يشتري مواد غذائية أقل من أجل تمويل تكاليف المسكن والتعليم، وهذا استنتاج تؤكده أبحاث مؤسسة الضمان الاجتماعي الرسمية (مؤسسة التأمين الوطني).

 

 

أين تذهب أموال الضرائب؟

 

 

تقول المحللة نافيت زومر في مقال لها في الملحق الاقتصادي "مامون" الذي يوزع مع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن حملة الاحتجاجات الشعبية اندلعت في بداياتها أيضا احتجاجا على رفع سعر "جبنة الكوتيج" (إحدى الأجبان المصنعة في إسرائيل)، "وكانت حملة الاحتجاجات في صيف العام 2011، حدثا خارجا عن المألوف في التاريخ الإسرائيلي، فدائما كان الحوار السياسي في إسرائيل تحت سيطرة القضايا الأمنية والصراع، بينما القضايا السياسية تم دفعها جانبا إلى الهامش، إلا أن السؤال المطروح اليوم: إلى أين اختفت الاحتجاجات الشعبية التي أخرجت الجماهير إلى الميادين؟ والجواب المعقول أكثر، هو أن الجمهور استوعب وفهم أن سعر جبنة الكوتيج، ليس هو جذر مشكلة الصعوبات المعيشية".

 

 

وتتابع زومر كاتبة: "لقد احتاج مرور وقت إلى حين فهم الجمهور ان الاقتصاد هو أمر معقد، وإذا أسعار المواد الغذائية أعلى مما هي عليه في العالم، فيجب التعمق في جذر المشكلة وفحص مبنى تكلفة المنتوجات في إسرائيل، ومقارنتها بما هو قائم في العالم، وفي حينه، سيتضح أن الحكومة تجبي منا ضرائب أعلى مما لا يقاس، من الضرائب المفروضة على المواد الغذائية، بدءا من ضريبة المشتريات بنسبة 18%، وهي نسبة غير قائمة في العالم، كذلك فإن تكلفة أنظمة الحلال (وفق الشريعة اليهودية) المفروضة على المنتجين هي أيضا باهظة، ومعها ضريبة المسقفات وإيجارات المحال والبيوت، التي ترتفع باستمرار، هي أيضا تساهم في رفع الأسعار وكل هذا تحت مسؤولية الحكومة. كذلك، فقد قيل الكثير عن غلاء السكن، ويوجد اتفاق على أن الحكومة مذنبة بالغالبية هذا الغلاء".

 

وتوجه زومر الأنظار إلى الضرائب غير المباشرة، الكثيرة والهائلة التي تجبيها الحكومة، مثل ضريبة المشتريات والجمارك العالية وضريبة المسقفات وغيرها الكثير، وتقول: "لماذا يفرضون في إسرائيل ضرائب غير مباشرة ضخمة إلى هذا الحد؟، والجواب ستجدونه في ميزانية الدولة، في بند الاستيطان والأمن واليهود المتدينين المتزمتين (الحريديم)".

 

 

لا ميزانية لخفض الفقر

 

في سياق متصل بالقضية الاقتصادية الاجتماعية، أعلنت وزارة المالية في الأسبوع الماضي، أنه لا توجد ميزانيات كافية لتمويل توصيات لجنة مكافحة الفقر في إسرائيل، التي تقدر بنحو 6 مليارات شيكل سنويا، وما يعادل حاليا 74ر1 مليار دولار، بهدف تقليص أعداد الفقراء بنسبة 40% خلال خمس سنوات.

 

وكانت لجنة خاصة أقامها وزير الرفاه الاجتماعي قبل عدة أشهر، قد قدمت توصياتها لمكافحة الفقر قبل أسبوعين، وعرضنا جزءا منها في العدد السابق من "المشهد الإسرائيلي"، إذ كانت اللجنة قد تخلت عن أهم توصية لها، وهي رفع مخصصات الأولاد، التي تتقاضها كل عائلة عن كل ولد لديها دون سن 18 عاما، بسبب رفض وزارة المالية ورئاسة الحكومة.

 

وفي المقابل، أوصت اللجنة في تقريرها، برفع مخصصات اجتماعية للمسنين الذين ليس لديهم راتب تقاعدي بما بين 57 دولارا إلى 115 دولارا شهريا، ورفع المخصصات الاجتماعية للنساء اللاتي يعلن عائلاتهن لوحدهن (عائلات أحادية الوالدين)، وزيادة دائرة مستحقي ضريبة الدخل "السلبية" التي تدفع من خلالها الحكومة مخصصات لذوي الرواتب التي لا تصل إلى الحد الأدنى المستحق بالضريبة، وهذا منوط بعدد أفراد العائلة ومستوى دخل العائلة، وغيرها من التوصيات، التي يبدو من معطياتها أنها تهدف إلى رفع العائلات إلى فوق خط الفقر بمبالغ زهيدة، ولكنها عمليا ستبقيها فقيرة عمليا.

 

ونقلت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية عن مصادر في وزارة المالية قولها إن الوزارة تنجز في هذه الأيام مسودة مشروع الميزانية العامة للعام المقبل 2015، ولا يوجد فيها فائض من 74ر1 مليار دولار لتمويل توصيات لجنة مكافحة الفقر، وحسب تلك المصادر فإن الحكومة تستطيع إقرار بعض بنود هذه التوصيات، ولكن قبل أن تقرها عليها أن تضمن مصادر تمويل لكل واحد من هذه البنود.

 

ولفتت مصادر وزارة المالية للصحيفة ذاتها إلى أنه قبل أكثر من عامين، تبنت الحكومة كل توصيات لجنة "تراختنبرغ" التي وضعت توصياتها في أعقاب حملة الاحتجاجات الشعبية بغرض خفض غلاء المعيشة، إلا أنه على أرض الواقع، لم يكن أمام الحكومة سوى تطبيق بعض هذه البنود، بسبب غياب التمويل الملائم، وهذا ما سيواجه لجنة مكافحة الفقر.