سجالات واتهامات متبادلة ومصالح ذاتية في طريق تعيين الحاخامين الأكبرين لإسرائيل

على هامش المشهد

 

محللون: سيطرة داعش في العراق وسورية تمنع إسرائيل من الانسحاب من غور الأردن

 

 

 

اعتبر المستشرق الإسرائيلي، الدكتور غاي بيخور، المعروف بمواقفه اليمينية، في مقاله الأسبوعي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوم الخميس الماضي، أن الحل لمواجهة تنظيمات إسلامية متطرفة، مثل "داعش"، هو إقامة جدار على طول الحدود الأردنية مع إسرائيل والضفة الغربية، وتكثيف الاستيطان في غور الأردن.

 

وكتب بيخور "إن حدودنا مع المملكة الأردنية هي الأطول، وهي الوحيدة القابلة للاختراق. وأوهام ’السلام’ جعلت الكثيرين في إسرائيل يعتقدون أن الهدوء من جهته (من جهة الأردن) سيدوم إلى الأبد، وأن النظام سيبقى إلى الأبد. لكن عندما ننظر نحو دول أقوى وانهارت، سندرك أن الأردن يواجه مصائب".

 

ودعا بيخور إلى عدم التدخل في ما قد يحدث في الأردن، في حال تسللت عناصر "داعش" إليه. "مثلما نبتعد عن نار الطائفية المشتعلة في سورية، هكذا علينا أن نفعل حيال الأحداث التي قد تصل إلى الأردن. والوقت لإقامة جدار أمني مكثف عند الحدود الشرقية، مثل الجدار مقابل سيناء، كان بالأمس، وما زال ليس متأخرا. وينبغي البدء في بنائه من الجنوب والشمال في الوقت نفسه بسبب التهديدات المتوقعة: لاجئون، إرهاب، أسلحة، سلفيون وتآمر. وحدودنا غير المغلقة مع الأردن باتت تشكل تهديدا الآن".

 

وانتقل بيخور إلى نتائج المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية التي وصلت في نهاية نيسان الماضي إلى طريق مسدود وإلى تبرير الموقف الإسرائيلي. واعتبر أنه "من هنا ندرك حجم الخطر الوجودي الكامن في مطالب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بتسليم غور الأردن إلى أيد عربية. فهذا يعني أن داعش كان سيصل إلى هناك بسرعة، ومنه إلى يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية)، وثم سيتوقف وسط البلاد عن الوجود".

 

وتابع أنه "على ضوء التهديد المقترب، لزام علينا أن نفعل عكس ما يطالب به وزير الخارجية الأميركي. علينا إغلاق الحدود مع الأردن بجدار، وفي غور الأردن أيضا، وإقامة سلسلة من مستوطنات الناحال (الشبيبة الطليعية الإسرائيلية) العسكرية والسيطرة على المنطقة كخطوة أمنية. وواضح أنه ينبغي تعزيز الاستيطان هناك، مثلما ينبغي تعزيزه في العرابا وسهل بيسان، إذ أن ’الربيع العربي’ اتضح أنه ربيع جهادي من العصور الوسطى، يفكك دولا وأنظمة وحدودا. وعلينا أن نكون مستعدين".

 

تحديات أمام اليمين واليسار الإسرائيليين

 

 

من ناحيته أشار المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، آري شافيط، إلى أنه "في الشهور الأخيرة طرأت تغيرات دراماتيكية في الشرق، انتعاش معين للنظام الموالي لإيران في دمشق، والتأثير الإيراني المتزايد في بغداد والتعاظم العسكري لحزب الله، خلق محورا شيعيا – راديكاليا قويا جدا. وفي المقابل، فإن ظهور داعش الفجائي وضع على المسرح قوى سنية متطرفة ووحشية لم نشهد مثلها من قبل. ولا توجد دولة قومية عربية ولا جيش عربي قوي في الشرق، لكن توجد فوضى عارمة".

 

وأضاف أن "الضعف الداخلي للقومية العربية والغباء المتواصل للسياسة الأميركية تسببا بتفكك النظام الإقليمي النسبي. وحلت مكان الجبهة الشرقية القديمة جبهة شرقية جديدة تتميز بانعدام الاستقرار واليقين".

 

ورأى شافيط أن جبهة إسرائيل الشرقية الجديدة لا تشبه أبدا الجبهة الشرقية القديمة، التي كانت مؤلفة من العراق، تحت حكم صدام حسين، وسورية، تحت حكم حافظ الأسد، وأنه "في العقد المقبل لن تنشب حرب يوم غفران جديدة" في إشارة إلى حرب أكتوبر العام 1973. "جيوش عربية نظامية لن تجتاز الحدود ودبابات سورية لن تدخل مرتفعات الجولان. لكن المزج بين سلاح متطور وجيوش إسلامية من شأنه التسبب بهزات إقليمية تقترب من حدودنا. وعلامات الاستفهام أكثر من علامات التعجب: ما هو مصير الأردن؟ هل سيصبح وسط العراق وجنوب سورية أفغانستان؟ هل سيتحول قطاع غزة إلى صومال؟ ما هي انعكاسات نشوء مساحات هائلة لا تخضع لسيطرة دول ولسيادة واضحة؟".

 

وأردف شافيط أن ثمة أمرا واحدا واضحا هو أن "الخطر الجديد الماثل على إسرائيل في العهد الجديد مضاعف. من جهة، تحول إيران إلى دولة عظمى مهيمنة وتستغل انهيار العروبة المعاصرة لمصلحتها. ومن الجهة الأخرى، ظهور لاعبين متطرفين ولا يشكلون دولة، وليس بالإمكان صنع سلام معهم ومن الصعب جدا ردعهم".

 

واعتبر شافيط أن التغيرات العميقة في الدول الواقعة شرق إسرائيل تضع تحديا أمام اليسار واليمين في إسرائيل. وكتب أنه "في الظروف الإستراتيجية الحاصلة سيكون من الصعب الانسحاب من غور الأردن ولن يكون بالإمكان الانسحاب من مرتفعات الجولان. وأولئك الذين اعتقدوا أنه لم تعد هناك حاجة لجيش إسرائيلي قوي ولحذر إستراتيجي، خاب أملهم بأسرع من المتوقع. ولكن التغيير في الشرق يضع تحديا أمام اليمين الإسرائيلي أيضا: لن تكون هناك الشرعية الدولية المطلوبة لإسرائيل محتلة ومستوطنة، من أجل أن تدافع عن نفسها أمام التهديدات الجديدة. والمستوطنات اليوم تمس بالأمن القومي أكثر من أية مرة في الماضي".

 

وخلص شافيط إلى أن "العاصفة الإقليمية تصعّب من تحقيق سلام إسرائيلي – فلسطيني، لكن ثمة حاجة إلى تقدم في المسار الإسرائيلي – الفلسطيني. وثمة حاجة إلى مفهوم سياسي جديد يواجه بصورة خلاقة الواقع المعقد، من خلال السعي إلى حلف حقيقي بين الدولة اليهودية والديمقراطية وبين العروبة السنية المعتدلة. ولن يكون بإمكان اليمين واليسار، ولا الحكومة ولا المجتمع المدني، الاستمرار في تجاهل الانعكاسات العميقة للأحداث من حولنا".