بنك إسرائيل يوصي الحكومة بتقليص ميزانيتها بخمسة مليارات دولار

على هامش المشهد

 

بنك إسرائيل يوصي الحكومة بتقليص ميزانيتها بخمسة مليارات دولار

 

 

 

*البنك يخيّر الحكومة: إما تقليص الميزانية وإما رفع ضرائب بدل جزء من التقليص *ذريعة البنك الحفاظ على العجز في العام 2015 بينما العجز في العامين الماضي والجاري أقل بكثير من التوقعات السابقة*

 

 

 

دعا تقرير لبنك إسرائيل المركزي حكومة بنيامين نتنياهو إلى إجراء تقليص في الميزانية العامة تفوق خمسة مليارات دولار، أو أن ترفع الحكومة قسما من الضرائب. وتأتي هذه التوصية التي لاقت انتقادات شديدة لسياسة الحكومة، وأخرى لحسابات بنك إسرائيل، في أوج جدل في الحكومة حول مطلب الجيش الإسرائيلي بزيادة ميزانيته.

 

وبحسب بنك إسرائيل، فإن تطبيق ميزانية العامين الماضي والجاري، توحي بأن الحكومة لن تصمد أمام عجز الميزانية المقرر للعام المقبل 2015، وهذا على الرغم من أن كل المعطيات تشير إلى أن العجز في الميزانية العامة مستمر في تراجعه، ويبتعد عن نسبة 3% من اجمالي الناتج العام.

 

إلا أن بنك إسرائيل يعتقد أن على الحكومة تقليص الميزانية العامة في العام المقبل بقيمة 18 مليار شيكل، أي ما يعادل 15ر5 مليار دولار، أو أنها تقرر رفع ضرائب جديدة بدلا من تقليص الميزانية العامة.

 

 

ويذكر أن حكومة نتنياهو كانت قد رفعت سقف العجز في الميزانية العامة للعام الماضي 2013 إلى 65ر4% من الناتج العام، وسط ضجة كبيرة، إلا أنه بعد خمسة اشهر من قرار الحكومة إياه، وقبل انتهاء العام، تبين أن العجز في الميزانية العامة بلغ 1ر3%، واستمر العجز في الهبوط في الأشهر التالية، وحسب تقرير الشهر الماضي، فإن العجز في الأشهر الـ 12 الأخيرة هبط إلى 6ر2%، وهو أقل من العجز المقرر للعام الجاري- 8ر2%.

 

 

وتأتي توصية بنك إسرائيل في الوقت الذي يدور فيه جدل موسمي "عاصف" حول ميزانية وزارة الدفاع، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي عن حاجته إلى زيادة كبيرة في الميزانية، وإلا فإنه سيوقف كافة التدريبات العسكرية، رغم أن الحكومة ألغت كافة التقليصات التي كانت مقررة للعامين الماضي والجاري في ميزانية جيش الاحتلال.

 

وتتراوح ميزانية الجيش سنويا ما بين 16 إلى 17 مليار دولار، وهذه لا تشمل الدعم الأميركي العسكري السنوي لإسرائيل بما يزيد عن 3 مليارات سنويات، وكان من المفترض أن يتم تقليص ميزانية الجيش في العامين الماضي والجاري بقيمة إجمالية تتجاوز 5ر1 مليار دولار، إلا أن الحكومة وافقت في الأشهر الأخيرة على اعادة كل هذه التقليصات، إلا أن جيش الاحتلال يطلب المزيد في ميزانيته للعام الجاري، بما يزيد عن 600 مليون دولار.

 

وبحسب ما درجت عليه إسرائيل، فإن هذا الجدل "الحاد" يهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية، إذ أنه في نهاية المطاف تتجاوب الحكومة مع مطالب الجيش، ويتم زيادة الميزانية السنوية.

 

كذلك تبين من تقرير صدر في الاسبوع الماضي، أن ميزانية جهاز المخابرات سجلت في السنوات الاربع الأخيرة ارتفاعا حادا وصل إلى 36% من الميزانية التي كانت في العام 2009. وبحسب المعطيات التي نشرت، فإن ميزانيتي "الشاباك" و"الموساد" بلغت في العام الماضي ما يزيد عن 86ر1 مليار دولار، بعد أن كانت في العام 2012 نحو 68ر1 مليار دولار، أي زيادة بنسبة 10 بالمئة، علما أن تقريرا آخر قد صدر قبل عدة اشهر، أشار إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كان قد رفع ميزانية جهازي المخابرات في السنوات الثلاث التي سبقت العام 2013 بنسبة اجمالية بلغت 26 بالمئة، أي أن ميزانية المخابرات ارتفعت في السنوات الاربع الأخيرة بنسبة اجمالية بلغت 36%، وهي أربعة أضعاف الزيادة الإجمالية للميزانية العامة في نفس الفترة.

 

وتبقى ميزانية المخابرات من أكثر الميزانيات سريّة، وهي تُدرج في الميزانية العامة ضمن بند "ميزانية احتياطية في مكتب رئيس الحكومة"، إلا أنه منذ أقل من عام بدأت تصدر معطيات عن ميزانية المخابرات.

 

 

ردود فعل معارضة

 

 

ولاقى تقرير بنك إسرائيل المركزي ردود فعل تنتقد سياسة الحكومة الاقتصادية، وأخرى تنتقد قرار بنك إسرائيل وتطالبه بأن يعيد حساباته. فقد قالت النائبة زهافا غالئون، رئيسة حزب "ميرتس" اليساري، إن تقرير بنك إسرائيل واستنتاجاته نتيجة لسياسة وزير المالية يائير لبيد، الذي ينتهج سياسة عديمة المسؤولية، يبتغي منها تحقيق الشهرة، وهذا هو ثمن تحويل الأموال للمستوطنات، وزيادة ميزانية وزارة الدفاع، ولهذا فإن الشرائح الوسطى ستدفع لاحقا ثمنا أكبر من هذا.

 

وقالت النائبة شيلي يحيموفيتش، من كتلة حزب "العمل"، إن توصيات بنك إسرائيل بتقليص الميزانية العامة، سوية مع التراجع في القطاع الاقتصادي، والتباطؤ في وتيرة النمو، كل هذا هو صفعة لوجه حكومة نتنياهو- لبيد، وهذا يؤكد أن وعود لبيد بمستقبل وردي جميل قد تلاشت.

 

 

وانتقد رئيس اتحاد الغرف التجارية أوريئيل لين توصيات بنك إسرائيل، وقال إن التوصية برفع الضرائب، من أجل الحفاظ على نسبة العجز المقررة، لا تقرأ الواقع على حقيقته، وأن بنك إسرائيل منغلق على نفسه، وفاقد للمشاعر الاجتماعية، إذ أن رفع الضرائب في الظروف القائمة سيقود الاقتصاد إلى ركود خطير.

 

في المقابل، تقول المحللة ميراف أرلوزوروف في تقرير لها في صحيفة "ذي ماركر"، إن الحكومة قادرة اليوم على توفير 5 مليارات شيكل، ما يعادل 43ر1 مليار دولار، من دون اجراء أي تقليص في الميزانية، إذ بالإمكان تحقيق هذا في حال إعادة احتساب الميزانية بتعديل الأسعار، على ضوء تراجع التضخم المالي. وتقول المحللة ذاتها إن وزارة المالية، التي كانت في الماضي تُقدم على إجراء كهذا سنويا، تفضل في السنوات الأخيرة تجاهل الأمر، لتحتسب الفائض الناجم عن تراجع الأسعار في الاحتياطي العام للميزانية.