تقرير "مركز طاوب": تآكل أجور المستخدمين الأكاديميين وارتفاع غلاء المعيشة يبعدان العائلات الشابة عن الطبقة الوسطى

على هامش المشهد

 

تحليلات إسرائيلية: فوز السيسي بشرى جيدة لإسرائيل وتوجس في الجانب الأمني

 

 

 

تناول المحللون الإسرائيليون نتائج انتخابات الرئاسة المصرية، التي جرت الأسبوع الماضي، من عدة جوانب، لكنهم ركزوا بالأساس على جانبين، هما نسبة التصويت المنخفضة، ووصلت إلى أكثر بقليل من 44%، من جهة، ومعنى فوز المشير عبد الفتاح السيسي برئاسة مصر بالنسبة لإسرائيل خصوصا من الجهة الثانية.

 

 

واعتبر محلل الشؤون العربية في موقع "واللا" الالكتروني، أفي سسخاروف، أن "عبد الفتاح السيسي انتخب رئيسا مع نسبة تصويت إشكالية جدا". ورأى أن "المفاجأة، وإن لم يحدث تطور غير متوقع، تكمن في نسبة الناخبين المتدنية جدا في الانتخابات للرئاسة. فقد طبّق أقل من نصف أصحاب حق الاقتراع حقهم ووصلوا إلى صناديق الاقتراع. وقد شارك 4ر44% فقط من الناخبين في الانتخابات، التي امتدت لثلاثة أيام".

 

وأضاف سسخاروف أنه "ليس صدفة أن لجنة الانتخابات أصرت على تمديد الانتخابات ليوم آخر، إضافة إلى اليومين اللذين تم تحديدهما في البداية. إذ أن نسبة المشاركة المتدنية فيها دلّت على انعدام الشرعية للانتخابات والجيش في صفوف الإسلاميين. وفعلا، بالإمكان التوقع أنه لو شارك ’الإخوان المسلمون’ في الانتخابات، لكانت النتيجة ستبدو مختلفة تماما".

 

وكتب سسخاروف، يوم الخميس الماضي وغداة انتهاء الانتخابات، أن "مصر تستيقظ هذا الصباح إلى فجر يوم قديم". وأضاف أن "ما حدث في مصر، حتى ثورة يناير [كانون الثاني] العام 2011، هو ما سيكون أيضا. والمؤسسة العسكرية التي نصبت [الرئيس المخلوع] حسني مبارك خلفا لأنور السادات، هي التي نصّبت عبد الفتاح السيسي، الرجل الذي قاد الجيش منذ فوز ’الإخوان المسلمين’ في الانتخابات السابقة. وستستمر ملاحقة ’الإخوان’ كمثيري أعمال شغب، والمظاهرات التي قوضت الوضع الاجتماعي والاقتصادي بشكل كبير في هذه الدولة، ستستمر بعد انتخاب السيسي أيضا".

 

ورأى المحلل أن "نجاح الرئيس الجديد سيقاس الآن ليس فقط بقدرته على احتواء الغليان الإسلامي، وإنما بقدرته على مصالحة أوساط الشباب أيضا، الذين قادوا ثورة 2011، والذين يشعرون، اليوم أيضا، بأنها سرقت منهم، مرة على أيدي ’الإخوان المسلمين’ ومرة على أيدي الجيش".

 

 

المصريون انتخبوا المرشح الأقوى

 

كذلك اعتبر محلل الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، تسفي برئيل، أن نسبة التصويت المنخفضة في هذه الانتخابات "تعيد طرح مسألة شرعية انتخاب السيسي". لكن برئيل أشار، من الجهة الأخرى، إلى أنه "لا ينبغي تجاهل الفروق بين هذه الانتخابات وبين الانتخابات التي جرت في عهد مبارك. فعندها لم يكن هناك أي بديل، كما أن حجم الفوز كان معروفا سلفا. وأية نسبة تقل عن 98% [لمبارك] كانت تعتبر خسارة".

 

وتطرق برئيل إلى أن السيسي تنافس هذه المرة مع حمدين صباحي "وهو مرشح ليس هامشيا وليس مجهولا. وكان يفترض أن صباحي يمثل الحركات المدنية وشبان الثورة والتيار الاشتراكي والليبراليين الذين أعلنوا أنهم سيعطونه أصواتهم. وكان هناك بديل لمن تخوف من حكم الجنرال أو لم يرده، واتضح أنه لم يتم استغلال وجود هذا البديل".

 

ورأى برئيل أن "نجاح السيسي يستند بالأساس إلى الاختيار بين تطلع الجمهور إلى نظام قوي ومستقر، بمقدوره أن يواجه الإرهاب، ويعمل ضد الإخوان المسلمين، ويصنع شبكة علاقات جيدة مع الدول الغربية والعربية، وبين نظام ربما يبدو أكثر ديمقراطية، ويمثل ’قيم الثورة’، لكنه غير قادر على تحسين حساب البقالة للمواطنين. ومصر لا تختلف بذلك عن دول أخرى يفضل فيها المواطنون في فترة الأزمة قادة أقوياء، وحتى عسكريين، على الديمقراطية الكاملة".

 

من جهته، اعتبر محلل الشؤون العربية في القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، إيهود يعري، أن نسبة التصويت المنخفضة "ستسمح لـ ’الإخوان المسلمين’ بالافتخار بتأثير المقاطعة التي فرضوها على هذه الانتخابات". وأضاف أن المصريين "تعاملوا مع هذه الانتخابات على أنها استفتاء شعبي وليس أكثر من ذلك. والمرشح المضاد، حمدين صباحي، الناصري، لم يكن لديه أي احتمال بالفوز منذ البداية".

 

وكتب يعري أن سبب تدني نسبة التصويت يكمن بدرجة الحرارة المرتفعة "فلماذا يكلف الناخب المصري نفسه عناء الوقوف في الطوابير الطويلة عندما تكون النتيجة معروفة سلفا؟ إلا أنه في خلاصة القول، سيتم حفر حقيقة واحدة، وهي أن السيسي حصل على عدد أصوات أقل من تلك التي حصل عليها في حينه [الرئيس المعزول] محمد مرسي!".

 

وتابع يعري أن "كل هذا لن يمنع السيسي من الحكم بقبضة قوية. وبرنامجه الانتخابي يوضح وجهته وهي تنفيذ إصلاحات اقتصادية قبل كل شيء. والآن سيرفع الرواتب في القطاع العام، لكن ستأتي لحظة الامتحان لاحقا، عندما يبدأ بتقليص الدعم الحكومي ويشعر كل مصري بجيبه بمعنى الضائقة الاقتصادية".

 

وفي السياق الاقتصادي، أشار سسخاروف إلى أنه يتعين على السيسي "الاستمرار في الحصول على مساعدات من دول الخليج والمجتمع الدولي، وتحقيق إنجازات هامة في الحرب ضد الإرهاب الإسلامي، غير المرتبط بالضرورة بـ ’الإخوان’. ولذلك يتوقع أن يواصل السيسي حربه ضد نشطاء الجهاد العالمي، في سيناء وأماكن أخرى. وإذا نجح هؤلاء النشطاء الإسلاميون في تنفيذ هجمات فإن ثمة شكا في ترميم حال السياحة بمصر، التي تعتبر ذخرا اقتصاديا بالغ الأهمية لدعم الاقتصاد المحلي. والحملة العسكرية الجارية في سيناء ستستمر وربما تتصاعد في أماكن حساسة، مثل المنطقة القريبة من إيلات، التي يطلق مؤيدو تنظيم القاعدة منها صواريخ باتجاه إسرائيل".

 

السيسي وإسرائيل

 

وفقا لسسخاروف، فإن فوز السيسي هو "بشرى جيدة على الأقل بالنسبة لإسرائيل. وفي المقابلات التي أجرتها وسائل إعلام معه في الأسابيع الأخيرة، بدا واضحا أن الرئيس الجديد ينظر إلى العلاقات مع إسرائيل على أنها مصلحة قومية. ويتوقع أن يستمر التعاون بين قوات الأمن من كلا الجانبين وربما أنه سيزداد. لكن من الصعب القول إن هذه العلاقة ستستمر بصورتها الإيجابية في المستقبل. وطالما مكانة السيسي مستقرة، فإنه ثمة شكا بأن يقدم على المس بهذه العلاقة. وإذا اتسعت الاحتجاجات ضده، وخرجت الحشود إلى الشوارع، ضد الرئيس المنتخب هذه المرة، فإنه يصعب القول كيف ستكون سياسته. ومن الجائز أنه في حالة كهذه، ستشكل إسرائيل دجاجة يقدمها السيسي قربانا".

 

بدوره، أشار يعري إلى أن "السيسي أوضح أن واجب مصر هو منع عمليات إرهابية من سيناء ضد إسرائيل. وألمح إلى أنه قد يطلب تعديل الملحق العسكري في اتفاقية السلام، الذي يحظر وجود جيش مصري في وسط وشرق سيناء. لكن إسرائيل ومصر اتفقتا عمليا على تغيير فعلي لهذا الملحق وتم إدخال 10 كتائب مصرية إلى ’المناطق المحظورة’ وبضمنها كتيبة دبابات إم-48 وكتيبتي كوماندوس" من أجل محاربة تنظيمات الجهاد العالمي.

 

وتوقع يعري بأن "السيسي سيوجه أنظاره إلى داخل مصر، وإلى الأوضاع الاقتصادية في الدولة. وعيناه لا تتطلعان إلى مغامرة خلف الحدود. وهو يعلم أن مصر فقيرة ومتعلقة بكرم السعودية وإمارات الخليج، ولن تتمكن من أن تعيد إلى نفسها مكانة ’الشقيقة الكبرى’ في العالم العربي".

 

ولفت برئيل إلى أن إسرائيل ترى علاقتها مع مصر "عبر فوهة البندقية"، لكنه شدد هو الآخر على أن فوز السيسي هو "بشرى جيدة بالنسبة لإسرائيل". وأضاف أنه "بالإمكان التقدير أن التعاون الاستخباراتي والعسكري مع مصر، الذي كان ناجعا قبل ذلك أيضا، لن يواجه صعوبات. ولا يعني هذا أن السيسي يوافق على كل سياسة إسرائيل في المنطقة، وخاصة في الموضوع الفلسطيني. ومثل إسرائيل، فإنه يشتبه بحماس ويرى بها تهديدا أمنيا، لكنه يؤيد حكومة وحدة فلسطينية واستقلال فلسطين. وهو شريك للمفهوم بأن إيران هي تهديد، لكن إذا استأنفت السعودية علاقاتها مع إيران، فإن مصر قد تحذو حذوها".

 

بين الحجاج بن يوسف وشعرة معاوية

 

من جانبه رأى المستشرق الدكتور رؤوفين باركو، في مقال نشره في صحيفة "يسرائيل هيوم"، أول من أمس الأحد، أن "أكثر ما يحتاج إليه السيسي هو الاستقرار في مصر التي تتدهور إلى هاوية، كشرط وجودي يجلب استثمارات أجنبية وقروضا فورية من البنك الدولي. وهو بحاجة إلى مساعدة متواصلة من السعودية ودول الخليج من أجل ضخ الأكسجين إلى رئتي مصر فورا. وهو بحاجة إلى السياحة التي تشكل أساسا هاما للاقتصاد المصري المتقهقر، وملتزم بتوفير الأمن في قناة السويس وأنبوب الغاز في سيناء كونها مصدر دخل إضافيا".

 

وأضاف باركو أن "السيسي بحاجة إلى مساعدات من الغرب وخاصة الولايات المتحدة، الموجودة في ’المقعد الخلفي’ لعجلة التاريخ. وهو سيفضل صورة حكم نزيه ولكن ليس بأي ثمن، إذ أن الإخوان المسلمين يقفون في طريقه. وينبغي أن نأمل بأن يدرك الأميركيون أن عليهم مساعدة السيسي وإنقاذ مصر. وسيضطر السيسي إلى الاختيار ما بين الأسلوب الميكيافيلي الذي اتبعه الحجاج بن يوسف وبين ’شعرة معاوية’، إذ أنه ببساطة لا يملك خيارا آخر".