تقرير "مركز طاوب": تآكل أجور المستخدمين الأكاديميين وارتفاع غلاء المعيشة يبعدان العائلات الشابة عن الطبقة الوسطى

على هامش المشهد

 

تقرير مراقب الدولة يكشف عن انتهاكات وإخفاقات الحكومة والسلطات الإسرائيلية

 

 

 

*المراقب امتنع عن التحقيق في قضية "بيبي تورز" حول رحلات نتنياهو الجوية بتمويل أجنبي* وينتقد تعامل حكومة إسرائيل مع اللاجئين الأفارقة ويؤكد أنه يتناقض مع القانون الإسرائيلي والدولي* مضاعفة رحلات الوزراء الإسرائيليين الجوية بتمويل أجنبي* وزارة التربية والتعليم فشلت في تطبيق برامج منع العنف*

 

 

 

نشر مراقب الدولة الإسرائيلي، يوسف شابيرا، يوم الأربعاء الماضي، تقريرا واسعا حول أداء السلطات الإسرائيلية. وكشف التقرير عن عيوب كبيرة في هذا الأداء، بدءا من الحكومة ووزرائها ومرورا بتعامل هذه السلطات مع عشرات آلاف طالبي اللجوء الأفارقة المتواجدين في إسرائيل، ووصولا إلى إخفاقات الخدمات البيطرية التي تشكل خطرا على حياة الجمهور بسبب تسويق اللحوم والبيض الفاسدين.

 

ورغم أهمية التقرير، إلا أنه لم يتضمن مواضيع ذات تأثير مباشر على الحلبة السياسية في إسرائيل. ونقلت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي عن مصادر في مكتب مراقب الدولة قولها إن المراقب امتنع عن التطرق في التقرير الجديد إلى قضية تمويل سفريات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، المعروفة باسم"بيبي تورز"، التي كشفت عنها القناة نفسها، قبل سنتين، لأن مكتب المستشار القانوني للحكومة والشرطة يحققان في هذه القضية. وقالت المصادر إنه يتوقع أن يتطرق المراقب إليها في تقرير لاحق.

 

 

اللاجئون الأفارقة

 

طالب المراقب المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، بضرورة إعادة البحث في موقفه حيال حقوق طالبي اللجوء في إسرائيل. وجاء ذلك على أثر تعقيب فاينشتاين على تقرير المراقب وقوله إنه لا يعتقد أن إسرائيل تخرق واجبها في هذا السياق وفقا للقانون الإسرائيلي والدولي.

 

ووجه شابيرا انتقادات شديدة في التقرير إلى تعامل الحكومة والسلطات الإسرائيلية مع طالبي اللجوء السودانيين والأريتريين المتواجدين فيها، ويبلغ عددهم أكثر من خمسين ألفا. وأكد المراقب أن هذه السلطات لا توفر للاجئين الاحتياجات الأساسية التي يتعين توفيرها للأجانب المتواجدين في إسرائيل منذ فترة طويلة ولا توجد إمكانية لطردهم. كما أن سياسة الحكومة لا تتضمن أية خطة للاعتناء بهؤلاء اللاجئين.

 

وشكك المراقب في تقريره في ما إذا كانت الأنشطة التي تنفذها الحكومة في هذا الصدد تتلاءم مع تعليمات "قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته"، أو مع القانون الدولي والمعاهدات الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية وحمايتهم من الجوع والعيش بكرامة.

 

وأضاف المراقب أن الحكومة ركزت في تعاملها مع هؤلاء اللاجئين على وقف تسللهم إلى إسرائيل، عبر الحدود مع مصر، وتقليص عدد اللاجئين في المدن الإسرائيلية وتشجيعهم على مغادرة البلاد. وحمّل المراقب وزير الداخلية، غدعون ساعر، ووزيرة العدل، تسيبي ليفني، المسؤولية بأن "يبلورا معا في أسرع وقت ممكن مشروع قرار مبدئي، يضمن تطبيقه عيش اللاجئين، الذين لن يتسنى إبعادهم عن البلاد، بالحد الأدنى من الكرامة".

 

وقالت صحيفة "هآرتس" إن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية تحسب من عواقب تأكيد المراقب على أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي والمعاهدات التي وقعت عليها، كما أنه عمل من أجل منع نشر أجزاء من التقرير. لكن مكتب مراقب الدولة شدد على أنه لا توجد أجزاء سرية في التقرير النهائي الذي نشر.

 

وشدد التقرير على عدم وجود خطة عمل حكومية بخصوص اللاجئين الأفارقة، وأن هذا الأمر "أبقى ’الجهات الميدانية’ في أجهزة الحكم المركزية والمحلية تواجه وحدها معضلات صعبة ويومية، من دون أن توجه الحكومة تعليمات لهذه الجهات ومن دون أن تكون بحوزتها الوسائل المطلوبة للتعامل مع اللاجئين".

 

ورأى المراقب أن إهمال الحكومة للاجئين ألحق ضررا بالمواطنين الإسرائيليين وخاصة في منطقة جنوب مدينة تل أبيب، حيث يتركز عدد كبير من اللاجئين الأفارقة ويشكلون 61% من سكان هذه المنطقة. وكتب في تقريره أن "كلتا المجموعتين – المواطنون والأجانب – مرتبطتان ببعضهما، خاصة في المناطق التي يسكنها أجانب كثيرون. وإهمال أبناء المجموعة الأولى من جانب الدولة يسيء ظروف حياة أبناء المجموعة الأخرى ويضر بها".

 

لكن مكتب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لم يأبه بانتقادات المراقب، وأعلن أنه "بفضل سياسة حكومة إسرائيل الحازمة تم لجم ظاهرة التسلل غير القانوني إلى إسرائيل بشكل كامل، وخلال العام الأخير عاد إلى إفريقيا 5827 من المتسللين الذين دخلوا بصورة غير قانونية بحثا عن العمل. وحكومة نتنياهو عازمة على الاستمرار في إعادة آلاف المتسللين إلى أوطانهم، ومن أجل تحقيق ذلك يتم رصد موارد كبيرة. وهذه الخطوات تضمن عدم تكرار ظاهرة التسلل". وادعى مكتب نتنياهو أن "دولة إسرائيل تعالج الموضوع بموجب القانون الدولي".

 

الوزراء الإسرائيليون يسافرون بتمويل أجنبي

 

كشف تقرير المراقب أنه خلال السنوات العشر الأخير تضاعف عدد الرحلات الجوية للوزراء الإسرائيليين وأن جزءا من هذه الرحلات، للوزراء وزوجاتهم، كان بتمويل جهات أجنبية. وقال التقرير إنه لم تعترض أي حكومة إسرائيلية على طلب أي من الوزراء للسفر جوا وعبر عن تحسبه من أن انضمام زوجته إليه في الرحلة الجوية يخالف "قانون الهدايا" الذي يمنع الوزراء وكبار الموظفين من أخذ هدايا شخصية.

 

وذكر التقرير اسم مرشحين لرئاسة إسرائيل، هما عضو الكنيست مئير شيطريت ورئيسة الكنيست السابقة داليا إيتسيك، اللذين اصطحبا زوجيهما إلى خارج البلاد بتمويل أجنبي ومن دون الحصول على إذن رسمي بذلك. وأشار التقرير إلى أنه في بعض الحالات كان هناك تناقض مصالح بين الوزير والجهة الأجنبية التي مولت رحلته الجوية.

 

وكتب المراقب أنه تم التدقيق في "الجوانب المختلفة المتعلقة بإجراءات الطلب والتصديق على سفر الوزراء ونوّاب الوزراء إلى خارج البلاد. تناول الفحص، في الأساس، السفرات في أثناء القيام بالوظيفة بتمويل غير حكومي (كامل أو جزئيّ)، لكن تم، أيضًا، فحص الجوانب المتعلّقة بالسفر في أثناء القيام بالوظيفة بتمويل حكومي. وأجريَ الفحص بخصوص السنوات 2—3- 2011، وتطرّق إلى نحو 80 وزيرًا ونائب وزير شغلوا مناصب في حكومات إسرائيل منذ العام 2003".

 

وافتتح المراقب تقريره حول رحلات المسؤولين الإسرائيليين إلى خارج البلاد بالتطرق إلى الانتقادات التي وجهت إلى نتنياهو حول أسفاره إلى خارج البلاد بتمويل أجنبي عندما كان يتولى منصب وزير المالية في حكومة أريئيل شارون الثانية. لكن المراقب أوقف التحقيق في هذه القضية بسبب إعلان المستشار القانوني للحكومة بأنه يجري تحقيقا في هذه القضية.

 

وجاء في التقرير "تجدر الإشارة إلى أنّ مكتب مراقب الدولة أجرى فحصًا إضافيًّا للجوانب المتعلقة بتمويل سفرات بنيامين نتنياهو إلى خارج البلاد عندما كان يشغل منصب وزير المالية. وتناول الفحص، في الأساس، سفراته بتمويل غير حكومي (كامل أو جزئيّ) هو وأبناء أسرته الذين انضمّوا إلى سفراته. في كانون الأوّل 2012، تمّ تسليم السيد نتنياهو مسَوّدة التقرير التي وردت فيها تفاصيل نتائج المراقبة في المواضيع المتعلّقة به شخصيًّا، ولكن في أعقاب فحص يجريه المستشار القانوني للحكومة حول الموضوع، تعذّر على مكتب مراقب الدولة أن يسلّم نتنياهو المادة التي استخدمت كأساس لاستنتاجات المراقبة. وعليه، فقد حال ذلك دون تمكين نتنياهو من الردّ على استنتاجات المراقبة. وحتى تاريخ نشر هذا التقرير، لم يتّخذ المستشار القانوني للحكومة قرارًا نهائيًّا في هذا الشأن. وفي ظلّ الظروف المذكورة، سيتم نشر تقرير المراقبة بشأن سفرات نتنياهو خلال الفترة عمله وزيرًا للمالية، في موعد لاحق".

 

لحوم وبيض فاسدان

 

أكد مراقب الدولة في تقريره على وجود خلل في إشراف الخدمات البيطرية التابعة لوزارتي الزراعة والداخلية على اللحوم والبيض، التي تبين أن كميات منها فاسدة وتشكل خطرا على صحة الجمهور.

 

وجاء في التقرير أن "الغذاء المقدّم للبهائم والطيور لا يخضع لرقابة كافية، ولذلك فإنه يشمل أحيانا مواد غير مرغوب فيها وقد تنتقل إلى المواد الغذائية التي يتم بيعها للجمهور وتشكل خطرا على حياته. والمسالخ التي تسوق لحم الدجاج للسوق المحلية فقط هي بمستوى متدن في كل ما يتعلق بتلبية الشروط المهنية والصحية للخدمة البيطرية".

 

ووجد تحقيق المراقب أنه حتى عندما يكتشف البيطريون خللا صحيا في مسلخ ما فإنهم لا يلغون رخصة تشغيله ويسمحون للمسلخ بالاستمرار في العمل. وتبين أنه لا توجد أية رقابة بيطرية على ذبح الحملان والخنازير. كذلك تبين أنه لا توجد جهة حكومية تراقب الخدمات البيطرية في السلطات المحلية.

 

وفيما يتعلق بالبيض الذي يتم تسويقه للجمهور، كتب المراقب في تقريره أنه "وُجدت في البيض نسبة كبيرة من فضلات الأدوية التي لا ينبغي أن تكون موجودة فيه". ورغم حظر المراقب استخدام الأدوية "كلوفيدول" و"فيفنوفور" بمنح الدجاج البياض علاجا أحادي الخلية، اكتشفت خلال العام 2012 بقايا هذه الأدوية الخطيرة في البيض المخصص للاستهلاك البشري ووجد الدواء "كلوفيدول" في 18% من الحالات فيما وجد" فيفنوفور" في 22% وفقط في العام 2013 اكتشفت وزارة الزراعة أن مصدر تلوث البيض يكمن في الغذاء المقدم للدجاج.

 

واكتشفت في البيض أيضا مستويات مرتفعة جدا من مادة "دايوكسنيم" وهي مادة سامة مصنعة، وأكد التقرير أن كميات قليلة من هذه المادة قد تسبب إصابات وأضرارا في الجلد وتحدث تغيرا في وظائف الكبد وتسبب السرطان ورغم ذلك لم تجر الدولة فحصا شاملا لاكتشاف وتحديد هذه المواد في البيض المستهلك لكن أظهرت نتائج فحوص جرت العام 2012 في عدة مزارع دجاج وجود مستويات خطيرة من هذه المواد.

 

عشرات آلاف الأطفال لا يتطعمون

 

كشف مراقب الدولة عن إخفاقات في عمل وزارة الصحة الإسرائيلية. وجاء في تقرير المراقب أن "عشرات آلاف الأطفال لم يتلقوا قسما من أنواع التطعيم أو جميع أنواع التطعيم". وأضاف المراقب أنه لا توجد لدى وزارة الصحة معلومات حول الذين لم يحصلوا على تطعيم. ووفقا للتقرير فإن أسباب عدم حصول هؤلاء الأطفال على أنواع التطعيم تعود إلى "أسباب أيديولوجية أو دينية أو بسبب نسيان تلقي التطعيم أو التخوف من أعراض مرافقة له أو بسبب صعوبات تقنية أو اقتصادية أو مشكلة صحية" وكل ذلك يؤدي إلى تزايد عدد الأطفال الذين لا يحصلون على التطعيم.

 

وأشار تدقيق المراقب في هذا الصدد إلى إخفاق جهاز التطعيم التابع لوزارة الصحة، وإلى عدم توفر معلومات لدى الوزارة حول هذا الموضوع، وعدم وجود تنسيق في المعلومات بين الجهات المختلفة في الجهاز الصحي، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي، أيضا، إلى إعطاء أنواع من التطعيم زائدة. ووجد المراقب أن مجال التطعيم مركز بصورة تضر بمنحه للسكان الذين ينمو عددهم. وتبين أن نسبة التطعيم متدنية لدى الأطقم الطبية بشكل خاص. ورغم تعليمات وزارة الصحة بوجوب حصولهم على أنواع التطعيم إلا أن 24% فقط من الأطباء والممرضات والممرضين يحصلون عليها.

 

وحذر تقرير المراقب من ظاهرة إعطاء الأطفال تطعيما مزدوجا، خصوصا ضد التيتانوس (الكزاز) والدفتيريا (الخناق)، وأنه إذا حصل الطفل على كل واحد منها أكثر من مرة وفي فترات متقاربة فإنه ستتزايد المخاطر لأن يطور الطفل أمراضا.

 

معظم معلمي الرياضيات غير مؤهلين

 

خصص مراقب الدولة أحد فصول تقريره الأخير لإخفاقات وزارة التربية والتعليم في تدريس الرياضيات. وكتب المراقب أن "وزارة التربية والتعليم، ورغم الجهود التي بذلتها والبرامج التي وضعتها من أجل زيادة عدد التلاميذ المتقدمين لامتحانات البجروت [التوجيهي] بمستوى عال، لم تنجح في منع تناقص عدد التلاميذ الذين يتقدمون لهذه الامتحانات".

 

وتبين من تدقيق المراقب أن 60% من معلمي الرياضيات في جهاز التعليم الابتدائي لم يتم تأهيلهم لتدريس موضوع الرياضيات. ووفقا لمعطيات المراقب فإن أكثر من 83% من معلمي الرياضيات في جهاز التعليم الحريدي و70% من معلمي الرياضيات في جهاز التعليم الحكومي - الديني ليسوا مؤهلين لتدريس هذا الموضوع. كما تبين أن حوالي 50% من معلمي الرياضيات في جهاز التعليم العربي في إسرائيل ليسوا مؤهلين لتدريس هذا الموضوع.

 

وأفاد تقرير المراقب أن أكثر من نصف معلمي الرياضيات في جهاز التعليم كله لم يشاركوا في أي دورة استكمال في موضوع الرياضيات خلال الأعوام 2009 - 2012. وكانت النسبة الأعلى من هؤلاء المعلمين الذين لم يشاركوا في دورات استكمال من المعلمين في المدارس الثانوية.

 

وتطرق تقرير مراقب الدولة إلى موضوع آخر أخفقت فيه وزارة التربية والتعليم، وهو منع العنف، وذلك في الوقت الذي تتصاعد فيه بشكل كبير نسب العنف في المدارس وفي المجتمع بشكل عام في إسرائيل. ووفقا للتقرير فإن برامج وزارة التربية والتعليم لمنع العنف في المدارس لا يتم تطبيقها بالشكل المناسب "ولا تحقق غاياتها" وأن "المناخ التربوي تحسن بصورة طفيفة وحسب".

 

وأشار تقرير المراقب إلى أنه على الرغم من أن وزارة التربية والتعليم بلورت برنامجا متكاملا لمنع العنف، إلا أن عناصر مركزية من هذا البرنامج لم تطبق بنسبة تتراوح ما بين 25% - 50% من المدارس. وأضاف أن البرنامج المتعلق بمنع "العنف الافتراضي" في الشبكة العنكبوتية يتم تنفيذه في 25% من المدارس اليهودية فقط، وشدد على أن هذا البرنامج ليس ملائما أبدا للمدارس العربية.

 

وتبين أن برنامج "مدينة بلا عنف" الذي رصدت له الحكومة الإسرائيلية ميزانية بمبلغ 100 مليون دولار يعمل في نصف السلطات المحلية ولكن من دون أي تنسيق مع وزارة التربية والتعليم. وكتب المراقب أن "انعدام التعاون أضرّ بتطبيق البرنامج في السلطات المحلية". وأشار إلى أن الوزارة لم تضع أبدا برنامجا لمكافحة العنف في الطريق إلى المدرسة وفي الحافلات التي تنقل التلاميذ.