الأكاديمي الإسرائيلي زئيف شتيرنهل: إسرائيل فاشية لأنها تحارب التنوير والقيم الكونية

على هامش المشهد

 

قوانين وقرارات مساواة المرأة الإسرائيلية ورفع مكانتها ما زالت حبراً على ورق

 

 

 

 

مراقب الدولة يصدر تقريراً خاصاً بمناسبة يوم المرأة العالمي حول تمثيل النساء الإسرائيليات في القطاع العام

 

 

 

* في القطاع العام: النساء هن اللاتي يؤدين العمل لكن الرجال هم الذين يجنون الثمار* 64% من العاملين في القطاع العام من النساء لكن نسبتهن في درجات الإدارة العليا تتراوح بين 11% و 13% فقط ... و"كلما كانت درجة الإدارة أعلى كانت نسبة النساء أدنى"!*

 

 

 

أصدر مراقب الدولة في إسرائيل، يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، تقريرا خاصا لمناسبة الثامن من آذار ـ يوم المرأة العالمي، تحت عنوان: "تمثيل النساء في المناصب الرفيعة في القطاع العام" الإسرائيلي، غلبت عليه لهجة شخصية واضحة، استهله باقتباس الصحافية والسياسية الفرنسية فرانسواز جيرو في قولها: "في اليوم الذي يتم فيه تعيين نساء ذوات مؤهلات متوسطة أو أدنى لمناصب رفيعة ـ سأدرك أننا قد وصلنا إلى المساواة بين الجنسين"!

 

لكن مراقب الدولة في هذا التقرير، وبالرغم عن شجاعته الملحوظة، لا يجرؤ على المضي قدما حتى نقطة النهاية المأمولة والمتوقعة، فيعود إلى التقوقع في المحافـَظة الجندرية السائدة، بقوله: "لست واثقا من أن هذا هو المقياس الصحيح الوحيد... لكنني واثق بأننا ما زلنا بعيدين جدا عن المساواة بين الجنسين"! ليصطفّ، من جديد، في معسكر الذكور المهيمن والذي يتحكم بـ "السقف الزجاجي" في كل ما يتعلق بتوظيف النساء وترقيتهن إلى مناصب حكومية ورسمية رفيعة ـ من وزراء الحكومة، مرورا بمديري الوزارات وانتهاء بمفوض خدمات الدولة وغيرهم كثيرين.

 

والواقع، الذي يعرفه الجميع بصورة عامة من دون الغوص في التفاصيل، تؤكده مرة أخرى، بنوع من التفصيل، معطيات هذا التقرير: قطاع الخدمات العامة (القطاع العام) في دولة إسرائيل، والذين يقفون على رأسه ـ وهم من الذكور في أغلبيتهم الساحقة ـ أخفقوا (إن هم حاولوا، أصلا!) في تطبيق مبدأ "المساواة الجوهرية" (خلافا لـ "المساواة الرسمية") بين الجنسين. وفي "امتحان النتيجة"، الذي يعتبر الامتحان الأهم، تتفشى حالة من التمييز بين الجنسين في جميع مرافق القطاع العام في دولة إسرائيل!

 

أما "الدليل القاطع" على هذا الواقع التمييزي، فيعرضه المراقب بالقول: حتى كانون الأول 2012، تبين المعطيات أن الوضع في القطاع العام هو على النحو التالي: النساء هن اللاتي يؤدين العمل، لكن الرجال هم الذين يجنون الثمار. ذلك أن 64% من العاملين في القطاع العام من النساء، لكن نسبتهن في درجات الإدارة العليا تتراوح بين 11% و 13% فقط. ويقول المراقب: "كلما كانت درجة الإدارة أعلى، كانت نسبة النساء أقلّ"! ويوضح أنه خلال الأعوام 2007 حتى 2001 كان هناك 33 مديرا عاما في الوزارات الحكومية المختلفة، من بينهم امرأة واحد فقط (أي: 1ر2%)، بينما في العام 2013 كان هناك 30 مديرا عاما، من بينهم 6 نساء فقط (أي: 9ر13%).

 

ويوزع مراقب الدولة معطيات تقريره حسب المرافق المختلفة في القطاع العام، على النحو التالي:

 

· المديرون العامّون في الوزارات الحكومية (ببين الأعوام 2007 و2011): وزارة الدفاع ـ 3 رجال، صفر نساء. وزارة الأديان - 2 رجال، صفر نساء. وزارة السياحة ـ 2 رجال، صفر نساء. وزارة الاتصالات ـ 2 رجال، صفر نساء. وزارة الزراعة والتطوير القروي ـ رجل واحد، سيدة واحدة. وزارة المالية ـ 2 رجال، صفر نساء. وزارة المواصلات والبنى التحتية القومية ـ 5 رجال، صفر نساء. وزارة العدل ـ 2 رجال، صفر نساء. ديوان رئيس الحكومة ـ 3 رجال، صفر نساء. وزارة الاقتصاد ـ 2 رجال، صفر نساء. وزارة الصحة ـ 3 رجال، صفر نساء. وزارة البناء والإسكان ـ 3 رجال، صفر نساء. وزارة الداخلية ـ 3 رجال، صفر نساء. المجموع: 33 رجلا وسيدة واحدة.

 

· إدارات الوزارات الحكومية والعاملون فيها (في العام 2012): وزارة الدفاع ـ أعضاء الإدارة: 22 رجلا وامرأة واحدة. العاملون: 919 رجلا و 1052 سيدة. وزارة الأديان ـ أعضاء الإدارة: 8 رجال وسيدة واحدة. العاملون: 38 رجلا و 36 سيدة. وزارة السياحة ـ أعضاء الإدارة: 8 رجال و 4 نساء. العاملون: 71 رجلا و125 سيدة. وزارة الاتصالات ـ أعضاء الإدارة: 12 رجلا و3 نساء. العاملون: 75 رجلا و 80 سيدة. وزارة الزراعة ـ أعضاء الإدارة: 17 رجلا و6 نساء. العاملون: 445 رجلا و 319 سيدة. وزارة المالية ـ أعضاء الإدارة: 6 رجال وسيدة واحدة. العاملون: 520 رجلا و571 سيدة. وزارة المواصلات ـ أعضاء الإدارة: 11 رجلا و 5 نساء. العاملون: 473 رجلا و468 سيدة. وزارة العدل ـ أعضاء الإدارة: 6 رجال و 4 نساء. العاملون: 1076 رجلا و 2242 سيدة. ديوان رئيس الحكومة ـ أعضاء الإدارة: 17 رجلا و 4 نساء. العاملون: 659 رجلا و 612 سيدة. وزارة الاقتصاد ـ أعضاء الإدارة: 19 رجلا و 12 سيدة. العاملون: 582 رجلا و 739 سيدة. وزارة الصحة ـ أعضاء الإدارة: 12 رجلا و8 نساء. العاملون: 547 رجلا و2781 سيدة. وزارة البناء والإسكان ـ أعضاء الإدارة: 12 رجلا و 12 سيدة. العاملون: 231 رجلا و414 سيدة. وزارة الداخلية ـ أعضاء الإدارة: 13 رجلا و 8 نساء. العاملون: 286 رجلا و387 سيدة.

 

· المستشفيات الحكومية: يعمل فيها 1600 طبيب و1500 طبيبة. ليست هناك أية سيدة في منصب مدير عام لأي مستشفى، بينما من بين 21 نائب مدير عام في المستشفيات هناك 5 نساء فقط (أي: 23%). أما من بين السلك الكبير، مديرو الأقسام والوحدات المختلفة في المستشفيات، فإن نسبة النساء تبلغ 9% فقط.

 

· الجامعات: "كلما ارتفعت الدرجة الأكاديمية قلّت نسبة النساء": في الجامعات الإسرائيلية 54 عميداً، من بينهم 45 من الرجال و9 من النساء. وفيها 35 نائب رئيس، من بينهم 24 من الرجال و11 من النساء. وفيها 9 رؤساء، من بينهم 7 من الرجال و2 فقط من النساء. وأما في اللجان الأكاديمية، فإن "الهيمنة الذكورية مطلقة تماما، تقريبا"، كما يؤكد المراقب.

 

· الأكاديمية القومية للعلوم: كبار العلماء في إسرائيل يقدمون: "تركيبة جندرية ... غير متساوية بشكل حاد جدا"، على حد تعبير المراقب. في العام 2012، كانت الأكاديمية القومية للعلوم تضم 97 عضوا، من بينهم 8 نساء فقط (أي: 2ر8%). وفي العام المذكور نفسه، ضمّت الأكاديمية 9 أعضاء جددا، جميعهم من الرجال! ومنذ تأسيسها، تناوب على رئاستها 9 رؤساء، كانت بينهم سيدة واحدة فقط، هي الرئيسة الحالية، البروفسور روت أرنون، التي تسلمت مهمات منصبها في أيلول 2010، "ومنذ ذلك الحين، تعمق إقصاء النساء باستمرار"، كما يشير المراقب.

 

· الشرطة: يبلغ إجمالي عدد العاملين في سلك الشرطة، في الميدان وفي مقرات القيادة، 27500 شخص، من بينهم 6325 سيدة (أي: 23%) فقط. ويؤكد المراقب: "معطيات التقرير توضح أن ثقافة تمييز النساء متجذرة لدى قيادات الشرطة على تعاقب أجيالها، ولذا فهي تتعامى عن وجود معيقات جوهرية"!

 

· الشركات الحكومية: "غياب تام للنساء، تقريبا، عن المناصب الإدارية الرفيعة في الشركات الحكومية" ـ فمن بين 59 رئيسا في هذه الشركات، هناك 49 رجلا و10 نساء (أي: 2%) فقط. وفي الشركات الحكومية التجارية الـ 22 الأكبر في البلاد، هناك رئيستان اثنتان فقط (أي: 9%)، بينما جميع المديرين العامين في الشركات الحكومية هم من الرجال وليست هناك أية مديرة عامة، على الإطلاق ـ 68 رجلا مقابل صفر نساء!

 

أما في مجالس الإدارة في هذه الشركات الحكومية، والتي يقوم الوزراء المعنيون بتعيين أعضائها، فقد حظيت النساء بـ"تمثيل لائق" في 76 مجلسا إداريا فقط، من بين 113 مجلس إدارة (أي: 67% من مجمل مجالس الإدارة). ويتابع المراقب: ويبرز غياب التمثيل اللائق للنساء، بشكل خاص، في الشركات الحكومية "الهامّة" ـ فمن بين هذه الشركات الـ 28، هناك "تمثيل لائق" للنساء في 16 شركة منها فقط (أي: 57%).

 

· شركة الكهرباء: يعمل في شركة الكهرباء الإسرائيلية 13000 مستخدم، من بينهم 2500 سيدة (أي: 19%) فقط. وتحمل 43% من النساء العاملات في شركة الكهرباء شهادات أكاديمية، بينما يحمل 26% فقط من الرجال العاملين فيها شهادات كهذه. ومنذ تأسيسها، في العام 1923 (أي، خلال 91 عاماً)، لم تتول أية سيدة منصب المدير العام في هذه الشركة! ومن بين أعضاء الإدارة الـ 29، هناك سيدة واحدة فقط (أي: 4ر3%)، مقابل 28 رجلاً. أما في المستوى الإداري الثاني، فليست هناك أية امرأة! وفي مستويي الإدارة الثالث والرابع، هناك 95 مديرا وموظفا كبير من بينهم 86 رجلا و9 نساء (أي: 4ر9%) فقط. وخلال العامين 2010 و2011، تمت ترقية 18 رجلا إلى مناصب ودرجات عليا، ولم تتم ترقية ولو سيدة واحدة!

 

· الصناعات الجوية: يعمل في الصناعات الجوية الإسرائيلية (وهي شركة حكومية) 16000 مستخدم، من بينهم 2500 سيدة (أي: 6ر15%) فقط. جميع المناصب الإدارية العليا في الشركة يشغلها رجال فقط، وكذلك الحال في المناصب الإدارية من المستوى الثاني. أما في مستويي الإدارة الثالث والرابع، فهناك 379 مديرا وموظفا كبيرا من بينهم 23 سيدة (أي: 6%) فقط. وخلال الأعوام 2009 - 2011، تمت ترقية 11 مستخدما إلى مناصب أعلى، لم تكن بينهم ولو سيدة واحدة!

 

· عميدار (الشركة القومية للإسكان في إسرائيل): تبلغ نسبة النساء العاملات في هذه الشركة 59%، لكن من بين أعضاء الإدارة الـ 24 هناك سيدتان اثنتان (أي: 8%) فقط.

 

· مفعال هبايس (وهو احتكار ألعاب الحظ القانونية في إسرائيل): 52% من مجمل العاملين في هذه المؤسسة هم من النساء. من بين أعضاء الإدارة الـ 8، هناك 3 نساء فقط. أما في مجلس الإدارة، المكون من 13 عضوا، فليست هناك ولو سيدة واحدة.

 

· "نجمة داود الحمراء": جميع أعضاء الإدارة في هذه المؤسسة هم من الرجال فقط. ومن بين أعضاء المجلس العام، المكون من 43 عضوا، هناك 5 نساء (أي: 6ر11%) فقط.

 

· المؤسسات: في إسرائيل 11 مؤسسة حكومية كهذه، منها مثلا: سلطة الأراضي، سلطة المطارات، سلطة البث، مجلس مراقبي الحسابات، سلطة سندات القيمة، التأمين القومي وغيرها. جميع الرؤساء في جميع هذه المؤسسات هم من الرجال فقط! أما المديرون العامّون، فمنهم 10 رجال وسيدة واحدة فقط.

 

قوانين وقرارات على الورق!

يسجل مراقب الدولة في تقريره أن الحكومة اتخذت، بين الأعوام 1985 و2002، جملة من القرارات التي تؤكد ضرورة ضمان تمثيل لائق للنساء في جميع مرافق القطاع العام وترمي إلى تحقيق هذا الهدف. وقد ألقت الحكومة على عاتق مفوضية خدمات الدولة (وهي ذراع حكومية) مهمة تطبيق قراراتها المذكورة. "لكن الفحص الذي أجريناه يبين أن مفوضية خدمات الدولة قامت بتطبيق قرارات الحكومة هذه بصورة جزئية فقط، ويبدو أن المعالجة لم تتعدّ إسقاط الواجب ورفع العتب. فهي (المفوضية) لم تقم سوى بإجراءات قليلة جدا ورمزية، تقنية في جوهرها"!

 

ويؤكد المراقب أن "الكنيست أقرّ بالتفضيل التصحيحي كوسيلة لتحقيق مبدأ المساواة، وكان من واجب مفوضية خدمات الدولة تطبيق القرارات الحكومية بشأن إصلاح التمييز والغبن، وخاصة بواسطة المناقصات التي تجرى للمناصب الإدارية الرفيعة في المؤسسات والوزارات الحكومية المختلفة. ولكن، على الرغم من التعليمات التي نصت، بشكل واضح، على ضمان تمثيل نسائي لائق في لجان المناقصات، إلا أن غالبية اللجان لم تضمّ سوى سيدة واحدة فقط، وهو الحد الأدنى الإلزامي"! وإلى جانب ذلك، أظهر الفحص الذي أجراه المراقب لمَحاضر جلسات 37 من لجان المناقصات لمناصب إدارية رفيعة أن الجلسات والمداولات فيها جرت "بصورة غير ملائمة" وأن "تسويغات القرارات سُجلت باقتضاب شديد لا يمكن من خلالها فهم أسباب اختيار الفائز، الرجل، على المرشحين والمرشحات الآخرين والأخريات. وفي 33 مناقصة من أصل الـ 37 تنافست نساء، لكن أية لجنة لم تتطرق إلى ضرورة اعتماد التفضيل التصحيحي". بل أكثر من ذلك، يسجل المراقب أن مفوضية خدمات الدولة "لم تقم بأي إشراف أو رقابة على عمل هذه اللجان، ولم تلفت انتباهها إلى ضرورة تطبيق تعليمات قانونية ملزمة. وهذا ما يشكل قصورا يساهم في تكريس التمييز ضد النساء في الوظائف الكبيرة في خدمات الدولة".

 

ويشير المراقب إلى أن القانون يلزم بتعيين "مفوّضة لرفع مكانة المرأة" في أية وزارة أو مؤسسة حكومية، لكن الجهة المعنية (مفوضية خدمات الدولة) لم تقم بتعريف مهام هذه "المفوضة" وصلاحياتها ولا الأدوات القانونية والإدارية المتاحة لها لتأدية مهمتها، وهو ما جعل تعيين هؤلاء المفوّضات "ورقة تين تتستر بها مفوضية خدمات الدولة والوزارات الحكومية المختلفة وتستعين بها لإسقاط الواجب ورفع العتب في ما يتعلق بتعليمات قانون مساواة الحقوق، من دون تحقيق أي تغيير جوهري في هذا المجال"!

 

وثمة قانون خاص آخر، أقر في العام 1998، يقضي بإقامة "سلطة لرفع مكانة المرأة" تكون جزءا من ديوان رئيس الحكومة وتعمل كمستشارة خاصة لرئيس الحكومة. ويلزم القانون هذه "السلطة" بعرض خطط على الحكومة لإقرارها تتعلق برفع مكانة المرأة واجتثاث التمييز ضد النساء، وبحيث تكون خططها هذه ملزمة للوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة. ولكن فحص المراقب بيّن أن هذه "السلطة" لم تبلور، حتى اليوم، أية سياسة لتحقيق هذا الغرض ولم تضع أية خطط عملية كهذه.

 

ويورد المراقب، في تقريره، اقتباسا من نائب رئيس المحكمة العليا السابق، القاضي (المتقاعد) ميشائيل حيشين، يقول: "يبدو أن مسألتنا هنا تكمن في الشيفرة الوراثية الخاصة بمجتمعنا، وهي شيفرة وراثية تبلغنا بأن المرأة أدنى من الرجل"!

 

ويخلص المراقب، في ختام تقريره، إلى الاستنتاج بأن "القوانين والقرارات والتصريحات الاحتفالية والكلمات الجميلة ليست كافية وينبغي العمل. وعلى المسؤولين الكبار في القطاع العام التحرك فورا، يوميا، من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين"!