شلومو ساند: "الصهاينة الجدد" اخترعوا "أرض إسرائيل" كمصطلح جيو - سياسي عصري

على هامش المشهد


العميد احتياط شلومو بروم: تصريح نتنياهو حول رفض إخلاء أية مستوطنة موجّه إلى جمهور حزبه

 

مقابلة خاصة مع الباحث في "معهد دراسات

الأمن القومي" في جامعة تل أبيب

 

 

*تصريحات كهذه لا تساعد بكل تأكيد على التقدم في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وحتى أنها لا تساعد نتنياهو في تحميل الفلسطينيين المسؤولية في حال فشل المفاوضات*

 

كتب بلال ضاهـر:

 

أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، خلال اشتراكه في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، يوم الجمعة الماضي، أنه يرفض إخلاء أية مستوطنة وأي مستوطن، مضيفا بذلك عقبة أخرى إلى العقبات التي يضعها أمام حدوث انطلاقة في المفاوضات مع الفلسطينيين. كما أن تصريح نتنياهو هذا يظهر أنه يستخف بالإدارة الأميركية، التي يعمل وزير خارجيتها، جون كيري، على بلورة "اتفاق إطار" في محاولة لتمديد مدة المفاوضات إلى ما بعد التسعة شهور التي تم تحديدها في بداية المفاوضات وتنتهي في نيسان المقبل. وقال نتنياهو إن وثيقة "اتفاق الإطار" لا تتعدى كونها مجرد أفكار.

بالتزامن مع ذلك، شهدت الجبهة بين قطاع غزة وإسرائيل تصعيدا أمنيا خلال الأسبوعين الماضيين، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس على محور إسرائيل - غزة - مصر. وفي سياق ذي صلة، أطلق مسلحون من تنظيمات الجهاد العالمي في شبه جزيرة سيناء صاروخين سقطا قرب مدينة إيلات في جنوب إسرائيل، من دون إيقاع إصابات أو إحداث أضرار. لكن تحليلات إسرائيلية تحدثت عن أن إسرائيل بدأت تشعر بحضور تنظيم القاعدة، والتنظيمات التي تدور في فلكه، عند حدودها ليس مع مصر فقط وإنما مع سورية أيضا.

حول هذه المواضيع أجرى "المشهد الإسرائيلي" المقابلة التالية مع مدير برنامج العلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، العميد في الاحتياط شلومو بروم.

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما الذي دفع نتنياهو إلى إطلاق تصريحات متطرفة إلى هذه الدرجة، مثل أنه لن يوافق على إخلاء أية مستوطنة وأي مستوطن من الضفة الغربية في إطار تسوية سلمية، وخاصة أمام ممثلي المجتمع الدولي في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس؟

بروم: "لا أعرف سببا غير السبب المعروف وهو أن نتنياهو تحدث في الواقع إلى الجمهور في حزبه. وأرى أن المنطق الوحيد في هذا التصريح هو تعزيز الدعم له ورفع شعبيته داخل حزبه. لكن هذه التصريحات لا تساعد بكل تأكيد على التقدم في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وحتى أنها لا تساعد أيضا في تنفيذ خطة نتنياهو الثانية، وهي أنه في حال فشل المفاوضات فإنه سيتهم الجانب الفلسطيني بذلك".

(*) ويبدو من خلال تصريحات كهذه أن نتنياهو يستخف بالأميركيين. فقد وصف "اتفاق الإطار" الذي يعتزم وزير الخارجية الأميركي طرحه بأنه مجرد أفكار وليس أكثر من ذلك. ما رأيك؟

بروم: "لا أقول إنه يستخف، لكنه يخشى من ألا يكون اقتراح كيري ملائما لسياسته".

(*) لكن ما هي الرسالة التي يوجهها للأميركيين وللمجتمع الدولي؟

بروم: "نتنياهو يوجه رسالة تقول إنه مستعد للموافقة على مقترحات تكون مشابهة للشكل الذي تم فيه طرح خطة ’خريطة الطريق’. و’خريطة الطريق’ لم تكن وثيقة مشتركة لكلا الجانبين، وإنما كانت وثيقة طرحتها الرباعية الدولية، وكلا الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، كانا مستعدين لقبولها ولكن بعد تقديم تحفظاتهما منها. والانطباع لدي هو أن نتنياهو يريد القيام بأمر مشابه. أي أن لا يجد نفسه في وضع يكون ملزما فيه أن يقول لا. فإذا قال لا سيتورط أكثر مع الأميركيين. وهو يريد أن يكون في وضع يتمكن فيه من القول ’نعم... ولكن’".

(*) كيف تنظر إلى التصعيد بين غزة وإسرائيل في الفترة الأخيرة، وكيف يمكن أن ينعكس هذا الأمر على محور إسرائيل - غزة - مصر؟

بروم: "أولا، أنا لا أعتقد أن هذا التصعيد مرتبط بالمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. أي أني لا أنظر إلى هذا التصعيد على أنه جهد من جهة ما يهدف إلى إفشال المفاوضات. ولا ألاحظ وجود محفز لتحقيق ذلك حتى لدى الجهات التي تعارض المفاوضات. أعتقد أن المفاوضات ستفشل لوحدها ولذا لا ينبغي تحمل أي مخاطر من أجل إفشالها. ولذلك أعتقد أن هذا تصعيد ليس مقصودا ونابع من حراك عادي ومتكرر. فقد بدأ التصعيد الحالي بعد حادث عند الحدود أطلق جنود إسرائيليون خلاله النار باتجاه فلسطينيين، وعلى ما يبدو أنهم لم يكونوا مسلحين. ورأى الجانب الفلسطيني في غزة أن ثمة حاجة للرد على ذلك، وأطلقوا صواريخ باتجاه جنوب إسرائيل، وردت إسرائيل ثم رد الفلسطينيون وهلمجرا. لكن لا توجد مصلحة في التصعيد لدى الجانبين، ولذا فإن الأمور ستهدأ، وهذا ما حصل مؤخرا".

(*) هل هذا يعني أنه لن يكون هناك انعكاس جراء هذا التصعيد على محور إسرائيل - غزة - مصر؟

بروم: "أعتقد أنه إذا هدأت جولة التصعيد هذه فلن تكون لها انعكاسات. لكن إذا جرت جولة تصعيد أخرى فإنه يمكن أن تكون لذلك انعكاسات ليست إيجابية، لأن هذا سيعرقل جهود مصر بالعمل ضد حماس، كون مصر لا تريد أن تعمل في هذا الاتجاه فيما هناك تصعيد بين إسرائيل وحماس".

(*) سقطت الأسبوع الماضي صواريخ أطلقت من سيناء في مدينة إيلات. وترددت أنباء أن تنظيمات الجهاد العالمي هي التي أطلقت هذه الصواريخ. في المقابل هناك تقارير إسرائيلية تتحدث عن نشاط مثل هذه المنظمات في الجانب السوري من مرتفعات الجولان. كيف ينظرون في إسرائيل إلى وجود هذه المنظمات عند حدودها؟

بروم: "أعتقد أن من أطلق هذه الصواريخ باتجاه إيلات هم من يسمون أنفسهم ’أنصار بيت المقدس’ وهذه منظمة جهاد عالمي. لكن يتم التعبير عن هذا التهديد، حتى الآن، بصورة جزئية. فقد حدث في الماضي إطلاق صواريخ باتجاه إيلات، والسؤال هو بأية وتيرة يتم إطلاق الصواريخ، وما مدى فاعليتها. لكن أعتقد أن هذا تهديد متصاعد لأنه توجد لديهم القدرة لإطلاق صواريخ. وهناك خلايا سلفية في الضفة الغربية، وقبل فترة قصيرة جرى اشتباك بين قوات الجيش الإسرائيلي وعناصر سلفية في منطقة الخليل. لكن هذا ليس بالأمر الجدي حتى الآن".

(*) فيما يتعلق بالأزمة السورية. كيف تنظر إسرائيل إلى مؤتمر "جنيف 2"؟ وكان هناك تقرير جاء فيه أن إسرائيل لن تبقى "حيادية" حيال الأزمة السورية. ماذا تعني مقولة كهذه؟

بروم: "فيما يتعلق بمؤتمر ’جنيف 2’، أعتقد أن التقديرات السائدة في إسرائيل هي أن هذا المؤتمر سيفشل، ولن ينجح في تحقيق هدفه، ولا حتى الهدف المتواضع المتعلق باتفاق وقف إطلاق نار، ولذا فإن التقديرات هي أن المؤتمر لن ينجح بالتوصل إلى اتفاق حول عملية سياسية في سورية. وفيما يتعلق بأن إسرائيل لن تبقى على الحياد، فإني لا أذكر أنني رأيت تقريرا كهذا. هذا يعني تغييرا في السياسة الإسرائيلية، ولا أعتقد أنه يوجد تغيير كهذا، بل إن السياسة الإسرائيلية تقضي بألا تكون ضالعة في الحرب الأهلية في سورية طالما أن الوضع هناك لا يمس بها بشكل مباشر. والمس بشكل مباشر يكون في حالتين: إما إطلاق نار من الأراضي السورية باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وإما نقل أسلحة متطورة من سورية إلى جهات ترى إسرائيل أنها تشكل خطرا عليها وخاصة حزب الله. هذان هما السيناريوهان الأساسيان اللذان سيدفعان إسرائيل إلى التدخل في سورية".