تقرير "مركز طاوب": تآكل أجور المستخدمين الأكاديميين وارتفاع غلاء المعيشة يبعدان العائلات الشابة عن الطبقة الوسطى

على هامش المشهد

 

الكنيست ينتقد أداء الجيش الإسرائيلي بشأن ظاهرة انتحار الجنود وانعدام الشفافية

 

 

 

*124 جنديا أقدموا على الانتحار خلال السنوات الست الماضية، 37% منهم من المهاجرين الجدد* 188 جنديا حاولوا الانتحار خلال العام 2009* عدد الجنود المنتحرين ثمانية أضعاف عدد الجنديات المنتحرات*

 

وجه مركز المعلومات والبحوث التابع للكنيست، في تقرير أعده مؤخرا، انتقادات شديدة إلى جهاز الأمن الإسرائيلي بسبب عدم اعتماد الشفافية حيال ظاهرة الانتحار ومحاولات الانتحار التي يقدم عليها الجنود الإسرائيليون. ويتبين من التقرير أن جهاز الأمن وضع صعوبات وعراقيل أمام المركز في محاولة لمنع تزويده بالمعطيات والمعلومات. وأكد التقرير أنه "بعد شهور كثيرة من المراسلات، وفي أعقاب تدخل الدائرة القانونية للكنيست"، نجح معدو التقرير في الوصول إلى معظم المعطيات.

 

وجاء في التقرير أنه بموجب معطيات جهاز الأمن الإسرائيلي، أقدم 124 جنديا على الانتحار حلال السنوات الست الأخيرة. و20% منهم خدموا في الجيش لمدة تقل عن ستة شهور. و82% منهم هم جنود في الخدمة النظامية. وخدم 57 جنديا من بين المنتحرين في وحدات أمامية، وتواجدوا في وحدات داعمة للوحدات القتالية في المناطق الحدودية. وخدم 66 جنديا في الجبهة الداخلية.

 

وتبين من التقرير أن 37% من الجنود المنتحرين هم من المهاجرين لإسرائيل، بينهم 25 جنديا ولدوا في دول الاتحاد السوفياتي السابق وأوروبا الشرقية، و10 جنود ولدوا في أثيوبيا. ويشار إلى أن نسبة المهاجرين من بين الذين أقدموا على الانتحار في إسرائيل عامة تتراوح ما بين 26% إلى 33%. وعدد الجنود المنتحرين أعلى بثماني مرات من عدد الجنديات المنتحرات. وهذه المعطيات مشابهة للمعطيات العامة في إسرائيل، حيث أن عدد المنتحرين الرجال أعلى من عدد المنتحرات.

 

كذلك يشار إلى أن عدد الرجال في الجيش الإسرائيلي أعلى بكثير من عدد النساء، كما أن مدة الخدمة العسكرية النظامية للرجال أطول من مدة خدمة النساء. إضافة إلى ذلك فإن نسبة الرجال في الوحدات القتالية، والتي تعتبر أكثر تطلبا، أعلى بشكل كبير جدا من نسبة النساء في وحدات عسكرية كهذه.

 

ومن بين الـ 124 منتحرا هناك 110 جنود و13 جندية كانوا يخدمون في الجيش، وهناك جندي نظامي آخر أقدم على الانتحار وكان يتطوع في الشرطة الإسرائيلية. و70 جنديا من الذين انتحروا كانوا يهودا من مواليد إسرائيل، ويشكلون نسبة 57%. وثمانية جنود هم مسلمون ودروز، وعشرة جنود معرفون كـ "آخرين" وولدوا خارج إسرائيل، وأبناء لعائلات مهاجرة بموجب قانون "العودة" الخاص باليهود وولدوا في إسرائيل ويعتبرون إسرائيليين.

 

ويورد التقرير أساليب الانتحار. فقد أقدم 104 جنود على الانتحار بواسطة سلاحهم الشخصي، بينما أقدم 16 جنديا على الانتحار من خلال شنق أنفسهم، وانتحر جنديان بالقفز من مكان مرتفع، وانتحر جندي واحد بواسطة ابتلاع كمية كبيرة من الأدوية، فيما انتحر جندي آخر بإغراق نفسه.

 

انعدام الشفافية

ومعلومات منقوصة

أجرى معدو التقرير مقارنة بين التعامل مع انتحار الجنود في الجيش الأميركي والجيش الإسرائيلي. وتبين أن ظاهرة انتحار الجنود في الجيش الأميركي أوسع منها في الجيش الإسرائيلي. ويقدم 7ر16 جندي من بين كل 100 ألف جندي أميركي على الانتحار، بينما النسبة في إسرائيل هي 6ر10 جندي من بين كل 100 ألف جندي. رغم ذلك، يتضح أنه في الولايات المتحدة يتم نشر معطيات بشكل منهجي وشامل، بواسطة تقرير سنوي حول الميول الانتحارية. لكن التقرير يشير إلى أنه في إسرائيل يوجد نقص في المعلومات حول هذه الظاهرة. ويوجه تقرير الكنيست انتقادات بسبب انعدام الشفافية من جانب جهاز الأمن في كل ما يتعلق بمعطيات كهذه، التي لا يتم نشرها والكشف عنها، ولا يتم الحديث عن تفاصيل حول نشاط الجيش الإسرائيلي من أجل منع إقدام جنود على الانتحار.

 

وتجدر الإشارة إلى أن تقرير مركز المعلومات والبحوث في الكنيست أعدّ هذا التقرير بناء على طلب من عضو الكنيست دوف حنين، من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. وقال حنين لصحيفة "هآرتس"، الأسبوع الماضي، إن "الموضوع الذي نتعامل معه جدي جدا، لكن هذا ليس موضوعا أمنيا أو عسكريا، وإنما هذه حياة شبان والجيش مسؤول عنهم بموجب القانون. وهم [سلطات الجيش] لا يصنعون معروفا عندما يروون لنا عما يحدث، فهذا واجب جهاز الأمن أن يتصرف بصورة مكشوفة وشفافة وتزويد أجوبة، وأن لا يجعلنا نشعر أنهم يكشفون أمرا ولا يكشفون أمرا آخر. والمطلوب هو شفافية مطلقة تجاه المخاطر المحدقة بالجنود وظاهرة الانتحار".

 

وتقضي أنظمة الجيش الإسرائيلي بأنه في حال كان هناك جندي يحاول المس بنفسه، فإن على قيادة الوحدة العسكرية أن تمنعه من الوصول إلى سلاح ووضع حراسة شخصية عليه، بحيث يتم تعيين جنديين لمراقبته بشكل دائم. وفي حال احتاج الجنديان إلى حمل سلاح فإن عليهما أن يضعا مشط الذخيرة في جيوبهما وليس داخل البندقية أو المسدس. ووفقا للأنظمة فإنه تتم إعادة السلاح لجندي كهذا فقط بأمر صادر عن ضابط برتبة مقدم على الأقل، وأن يستند قراره إلى وجهة نظر خطية أعدها ضابط الصحة النفسية.

 

ولأن معظم عمليات الانتحار بين الجنود تمت من خلال إطلاق النار على أنفسهم، قرر الجيش في العام 2006 إجراء تقليص كبير في عدد الجنود الذين يسمح لهم بحمل السلاح لدى عودتهم إلى بيوتهم.

 

وأظهرت دراسة أجرتها رئيسة الدائرة الطبية في قسم الصحة النفسية في الجيش الإسرائيلي، المقدم الدكتورة كيرن غينات، أن تقليص عدد الجنود المسموح لهم حمل السلاح لدى عودتهم إلى بيوتهم أدى إلى تراجع عدد حالات الانتحار بين الجنود بنسبة 40%. فقد كان المعدل السنوي للجنود الذين يقدمون على الانتحار 28 جنديا في كل واحدة من السنوات 2003 - 2005. وانخفض هذا المعدل إلى 5ر16 جندي أقدموا على الانتحار في كل واحدة من السنوات 2007 - 2008.

 

وأشارت الدراسة إلى أنه قبل صدور هذا الأمر العسكري، كان ينتحر 10 جنود بالمعدل كل عام بواسطة إطلاق النار على أنفسهم خلال نهاية الأسبوع. بينما انخفض هذا المعدل إلى 3 جنود كل عام بعد صدور الأمر العسكري.

 

وتشير المعطيات في تقرير الكنيست الجديد إلى أنه خلال السنوات الست الأخيرة انتحر 72 جنديا داخل الوحدات التي خدموا فيها. وعلى ضوء ذلك يدرس الجيش حاليا تشديد الأنظمة التي تسمح للجنود بالحصول على سلاح خلال خدمتهم العسكرية.

 

محاولة الانتحار

 

وتضمن التقرير دراسات تبيّن أن ملامح الجندي المنتحر تختلف عن ملامح الجندي الذي يحاول الانتحار. ووفقا لإحدى الدراسات، التي أجريت في العام 2011، فإن نسبة الجنديات اللاتي حاولن الانتحار أعلى من نسبة اللاتي انتحرن. وبموجب معطيات بحث أجرته ضابطة عيادة الصحة النفسية في سلاح الجو، ليئا شلاف، فإنه في العام 2009 حاول 188 جنديا الانتحار، وكان ثلثهم جنديات.

 

واقتبس تقرير الكنيست من البحث الذي أجرته شلاف القول أن "اللغة التي تميل إلى اليأس في الجيش أصبحت منتشرة لدى جنود من أجل الحصول على تعامل سريع وتسهيلات". واستنادا إلى 30 محاولة انتحار وقعت في سلاح الجو في العام 2005، وجدت شلاف أن ثمة فجوة بين الجنود وبين متخصصين. ففيما قال الجنود إنهم حاولوا الانتحار بسبب ضائقة يعانون منها، فإن المتخصصين ادعوا أن الجنود فعلوا ذلك من أجل دفع المستوى القيادي إلى التدخل في تحديد شروط خدمتهم العسكرية.

 

لكن على الرغم من ذلك، اتضح أن سلطات الجيش الإسرائيلي لا تجمع معطيات حول محاولات الانتحار. وفي رد هذه السلطات على توجه مركز المعلومات والبحوث التابع للكنيست جاء أن "شعبة القوى البشرية [في الجيش] لم تجمع معلومات حول محاولات يائسة، إذ أن الحديث يدور على معلومات طبية صرف". وانتقد تقرير الكنيست جهاز الأمن لأن المعلومات حول هذه القضية ليست مفتوحة أمام الجمهور. وقد تم التعبير عن ذلك ليس فقط من خلال المعطيات حول الجنود المنتحرين، وإنما عن الأنشطة التي يقوم بها الجيش من أجل منع عمليات انتحار أيضا. ويكشف التقرير عن أن الجيش لا ينشر في مواقعه الالكترونية الرسمية معلومات حول الموضوع. كذلك فإن الجيش لم يرد على توجه الكنيست بشأن استيضاح حول ما إذا كانت هناك هيئة مسؤولة عن قضية انتحار الجنود.

 

وعقب الناطق العسكري على التقرير بالقول إن "موضوع منع الجنود من الانتحار أو محاولة الانتحار هو موضوع ينطوي على أهمية من الدرجة الأولى. والجهات ذات العلاقة في الجيش الإسرائيلي تعمل في المستويين المهني والعملي من أجل تقليص ومنع حالات الميل للانتحار".