شلومو ساند: "الصهاينة الجدد" اخترعوا "أرض إسرائيل" كمصطلح جيو - سياسي عصري

على هامش المشهد

 

 

ارتفاع مداخيل الضرائب يقلص العجز في الميزانية الإسرائيلية العامة*بعد أسبوعين من إقرار الميزانية العامة بدأت المعطيات الاقتصادية تنقلب إيجابا *محلل اقتصادي: وزارة المالية علمت مسبقا بالأوضاع وعملت على تقليصات كبيرة ورفع ضرائب *ضريبة المشتريات في إسرائيل هي الأعلى عمليا بين دول أوروبا*

 

 

هناك مشهد اقتصادي بات مألوفا في إسرائيل، وبالأصح هناك لعبة اقتصادية تقودها وزارة المالية والمؤسسات الاقتصادية، فقبل إقرار الميزانية العامة تكثر التقارير السوداوية، وتصريحات القلق من الأوضاع الاقتصادية، وفي اليوم التالي تبدأ ترد تقارير نقيضة، فهذا ما حدث بعد أيام من إقرار ميزانية العامين 2009 و2010 في صيف 2009، وأيضا غداة إقرار ميزانيتي 2011 و2012، ويحدث في هذه الأيام أيضا، فبعد أقل من أسبوعين على اقرار الميزانية التقشفية للعامين الجاري والمقبل، صدر تقرير هام يؤكد أن جباية الضرائب في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، كانت أعلى من المتوقع، ومن شأن هذا أن يقلص العجز المقرر، في حين قال تقرير آخر إن عائدات خزينة الضرائب من ضريبة المشتريات تعد من الأعلى في الدول المتطورة الأعضاء في منظمة OECD.

 

وقد بين تقرير سلطة الضرائب أن مجموع الضرائب التي جرى جبايتها في شهر تموز الماضي، 2ر23 مليار شيكل (5ر6 مليار دولار) مقابل 2ر20 مليار شيكل في نفس الشهر من العام الماضي، أي بزيادة نحو 15% عن العام المقبل، وزيادة 7ر12% بعد خصم تأثيرات التضخم المالي. كذلك يظهر أنه في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري جرى جباية أكثر بقليل من 140 مليار شيكل (24ر39 مليار دولار) مقابل 6ر129 مليار شيكل في نفس الفترة من العام الماضي، وهذا يشكل زيادة فعلية بنسبة 6ر6%.

 

ويقول تقرير سلطة الضرائب إن جباية الضرائب في الأشهر الثلاثة الماضية، أي من شهر أيار إلى شهر تموز، كانت أعلى بنحو 3ر4 مليار شيكل (نحو 2ر1 مليار دولار)، ويظهر أن هذه الزيادة جاءت من بابين أساسيين، 920 مليون دولار من صفقات بيع كبيرة، ولمرّة واحدة، و280 مليون دولار زيادة في ضريبة الشراء، بسبب الارتفاع الحاد في شراء بيوت وسيارات في شهر أيار، استباقا لارتفاع ضريبة المشتريات في الشهر التالي بنسبة 1%.

 

وتقول تقديرات المؤسسات المالية الرسمية إنه بسبب المداخيل العالية، وأكثر من المتوقع في الأشهر الأخيرة، مقابل مصروفات أقل من المخطط لها في الوزارات والمؤسسات الرسمية، فإن العجز المالي في الميزانية من شأنه أن يكون هذا العام أقل مما هو مخطط له، إذ أقرت الحكومة أن يكون العجز لهذا العام 65ر4% من إجمالي الناتج القومي، وهو ما يعادل 6ر45مليار شيكل، (77ر12مليار دولار)، وقد يتراوح إجمالي العجز في نهاية العام ما بين 5ر3% إلى 4% من إجمالي الناتج.

 

وحسب تلك التقديرات، التي نشرتها الصحافة الاقتصادية الإسرائيلية، فإن استمرار هذا الوضع الذي وصفته الصحافة بـ "الجيد"، من شأنه أن ينعكس على العام المقبل- 2014، بحيث سيكون العجز وفق ما حددته الحكومة 3%، وبالتالي فإن الحكومة لن تطلب مزيدا من رفع الضرائب كما أوحي سابقا.

 

وتقول وزارة المالية إن الارتفاع الحاصل في جباية الضرائب نابع من ارتفاع في الضرائب المباشرة، بمعنى ضريبة الدخل، والضرائب غير المباشرة، مثل المشتريات والجمارك وغيرها، إذ يظهر أن مداخيل سلطة الضرائب من الضرائب المباشرة وغير المباشرة بلغت في الأشهر السبعة الأولى نحو 137 مليار شيكل (3ر38 مليار دولار)، والباقي نحو 4 مليارات شيكل من الرسوم الحكومية، وبذلك فإن مداخيل الضرائب كانت أعلى بنسبة 6ر6% عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي- 2012.

 

كما يظهر أن المداخيل من الضرائب المباشرة كانت في الأشهر السبعة الأولى نحو 69 مليار شيكل، أي ما يعادل 4ر19 مليار دولار، وهذا زيادة بنسبة 1ر5%. وتولي المؤسسات الاقتصادية أهمية خاصة للضرائب المباشرة كونها تعكس من جملة ما تعكسه، وضعية سوق العمل، ونسبة الانخراط فيها، في حين تعكس الضرائب غير المباشرة، من جملة ما تعكسه، وضعية السوق والاستهلاك، من خلال ضريبة المشتريات، فقد كان حجم الضرائب غير المباشرة في الأشهر السبعة الأولى قرابة 68 مليار شيكل، أي ما يعادل 19 مليار دولار تقريبا.

 

وكما ذكر، فقد بلغت مداخيل الخزينة من الرسوم الحكومية، نحو 83ر3 مليار شيكل، أي ما يقارب 1ر1 مليار دولار.

 

وتقول تقديرات قسم الأبحاث في وزارة المالية إنه حسب تقارير الأشهر السبعة الأولى، فإن العجز في الميزانية العامة سيكون أقل بنسبة 4ر0% مما هو متوقع، ما يعني مرحليا 25ر4% من الناتج العام، بدلا من 65ر4% كما حُدد له. ويقول القسم ذاته إن العجز الحاصل في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري بلغ 5ر10 مليار شيكل، وهذا أقل بنحو 20% عن نفس الفترة من العام الماضي- 2012، التي بلغ فيها العجز 1ر13 مليار شيكل.

 

كذلك يظهر من تقرير مركز الأبحاث أن العجز المتراكم في الأشهر الـ 12 الأخيرة بلغ 4ر36 مليار شيكل، وهو تقريبا 5ر10 مليار دولار، ما يعني 8ر3% من الناتج العام، وهذا أقل بنحو 7ر0% عما كان عليه في نهاية العام الماضي، حينما أعلنت الحكومة في أوج الحملة الانتخابية البرلمانية أن العجز فاق كل التوقعات وبلغ 5ر4%.

 

إلا إنه منذ تلك الفترة بدأ العجز يتراجع بشكل دائم، ففي الشهر الأول من العام الجاري هبط إلى 2ر4%، وإلى 4% في شهر نيسان الماضي، وعلى هذا الأساس يقدر قسم الأبحاث أن ينخفض العجز في نهاية العام إلى ما دون 4%.

 

ويقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "ذي ماركر" موطي باسوك إن تقارير وزارة المالية تعكس وضعا أفضل من المتوقع للخزينة العامة، إن كان على مستوى مداخيل الضرائب، أو على مستوى مصروفات الوزارات والمؤسسات الرسمية، فالدولة تصرف أقل مما هو مخطط، وتتلقى مداخيل ضرائب أكثر مما كان متوقعا، والنتيجة واضحة: انخفاض في العجز المالي في الأشهر الـ 12 الأخيرة.

 

ويتابع باسوك كاتبا أنه ما من شك أنه في الأشهر المتبقية من هذا العام على وزارة المالية أن تستمر في الحفاظ على أداء الصرف، والعمل على زيادة المداخيل، وتقليص المصروفات، كي تصل في نهاية العام إلى عجز من 5ر3% ما يعني بقاء مليارات في الخزينة العامة.

 

وبحسب باسوك، فإن وزارة المالية عرفت وخططت الأمور مسبقا، وكانت الوزارة على علم بأنها تطرح تقليصات أكثر من اللزوم في الميزانية، وفي مصروفات الدولة، كما أن الوزارة عرفت أنها تجبي ضرائب أكثر من اللزوم، وهذا من منطلق أنها تريد العمل في النطاق الآمن، ولهذا فإنها اتبعت الطريق الأكثر أمنا.

 

ضريبة مشتريات

باهظة

 

بموازاة ذلك، ظهر في الأيام الأخيرة تقرير يدل على أن مداخيل الضرائب من ضريبة المشتريات وحدها تعد من أعلى المداخيل بين الدول المتطورة، قياسا بالناتج العام، ففي العام الماضي- 2012- بلغت مداخيل ضريبة المشتريات وحدها، 82 مليار شيكل، وهذا ما يعادل 2ر21 مليار دولار، و5ر37% من إجمالي الضرائب التي تمت جبايتها في العام الماضي.

 

ويقول التقرير إن مداخيل ضريبة المشتريات ارتفعت في العام الماضي بنسبة 2ر1% مقارنة مع العام 2011، في حين أن مداخيل الضريبة ذاتها في العام 2011 ارتفعت بنسبة 2ر2% مقارنة مع العام 2010، علما أن الضريبة في 2011 و2010 كانت مطابقة، 16%، بينما ارتفعت هذه الضريبة في الثلث الأخير من العام الماضي بنسبة 1%، لترسو عند 17%، وارتفعت مجددا في شهر حزيران الماضي لتصل إلى 18%.

 

وفي مقارنة دولية، نرى أن نسبة ضريبة المشتريات وحدها أقل من معدل هذه الضريبة في دول الاتحاد الأوروبي، ولكن انتشار تطبيق الضريبة بالنسبة ذاتها على كل المشتريات، باستثناء الخضراوات والفواكه، يجعلها أعلى من معدل الضريبة في تلك الدول، التي فيها لا يتم تطبيق الضريبة على الأدوية والمواد الغذائية والألبسة، أو أن الضريبة عليها تكون بنسبة أقل.

 

وقد بدأت إسرائيل تتبع ضريبة المشتريات- أو حسب تسميتها المحلية "ضريبة القيمة المضافة"- في العام 1976، وكانت بنسبة 8%، ويومها كانت إسرائيل لا تزال تتلمس طريقا للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة، التي عايشتها في سنوات السبعين الأولى، وبشكل خاص بعد حرب تشرين/ أكتوبر، ولكن منذ ذلك الحين بدأت ترتفع الضريبة من عام إلى آخر، وأحيانا تراجعت إلى 15%، وعاودت الارتفاع في السنوات الأربع الأخيرة.

 

ويستدل من تحليل مداخيل ضريبة المشتريات في إسرائيل أن القسم الأكبر منها نابع من الضريبة على الاستهلاك الفردي، إذ بلغت نسبتها قرابة 65% من إجمالي مداخيل ضريبة المشتريات، بينما أكثر بقليل من 10% من مداخيل هذه الضريبة كانت من شراء البيوت، ونحو 16% لمؤسسات وجمعيات ليست لغاية الربح.

 

وفي حين ترى تقارير دولية أن ضريبة المشتريات هي من الأدوات الناجعة للجم الأزمات الاقتصادية، فإنه في المقابل تعتبر أوساط اجتماعية في إسرائيل أنها أبعد ما تكون عن العدالة الاجتماعية، لأنها تنعكس سلبا على أوضاع الشريحة الفقيرة والضعيفة، التي تدفع الضريبة، مثلها مثل الشرائح الغنية والميسورة، إلا أن العبء على الفقراء نتيجة هذه الضريبة يكون أكبر بأضعاف مضاعفة.