بعد ليفني، بيرتس أيضًا يدفع خطة سياسية جديدة

على هامش المشهد

 

شحة المخدرات الخفيفة في إسرائيل تؤدي إلى تقارب بين "دولة تل أبيب" والمستوطنات

 

يتزايد في الفترة الأخيرة عدد الشبان في منطقة وسط إسرائيل الذين يزورون المستوطنات في الضفة الغربية، ليس من منطلقات أيديولوجية، وإنما من أجل الحصول على مخدرات، من النوع الخفيف نسبيا، مثل الماريحوانا والغراس. ورغم أن قادة المستوطنين لم ينجحوا خلال السنوات الماضية في جذب الشبان من "دولة تل أبيب" إلى المستوطنات، لكن شحة هذه الأنواع من المخدرات داخل إسرائيل، في الفترة الأخيرة، تؤدي إلى تقارب بين سكان من "دولة تل أبيب" والمحششين في المستوطنات، التي تكاد تخلو من نشاط الشرطة الإسرائيلية من أجل تطبيق القانون.

 

وقال تقرير نشره موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني، يوم الجمعة الماضي، إن هذه الظاهرة الجديدة تأتي في أعقاب "فترة جفاف" في منطقة وسط إسرائيل من المخدرات التي توصف بالخفيفة، على أثر بناء الجدار عند الحدود المصرية - الإسرائيلية، ما أدى إلى تراجع حجم تهريبها. وعلى ضوء ذلك "يتزايد عدد الشبان من منطقة وسط البلاد الذين يجدون أنفسهم يصلون إلى المناطق [المحتلة] من أجل تعاطي وشراء ولفّ الماريحوانا مع شبان المستوطنات".

ووفقا للتقرير فإنه لا مكان للمواضيع السياسية في هذا اللقاء، وأنه "لن تجد هناك أحاديث حول الساسة وعمليات السلام، وتوجد لكلمات مثل ’الخط الأخضر’ في هذه اللقاءات معنى آخر تماما... وفي ساعات المساء المتأخرة، في إحدى المستوطنات القديمة في منطقة السامرة [أي شمال الضفة الغربية]، تلتقي مجموعة من الشبان، في سنوات العشرين من أعمارهم، والذين يخططون لتنفيذ أحد الأنشطة غير القانونية الأكثر بُعدا عن أنشطة الكراهية المعروفة باسم ’تدفيع الثمن’".

وأشار التقرير إلى أنه يتولى في هذا اللقاء أحد الشبان المستوطنين، ويدعى أساف، المسؤولية عن تزويد المخدرات، بينما يتولى شاب آخر من مدينة رمات غان، المحاذية لتل أبيب، مسؤولية لف المخدرات في سجائر. وأحضرت الطعام شابتان، ياعيل ونوعا، وهما من تل أبيب، واللتان تتواجدان لأول مرة في حياتهما في مستوطنة. وقالتا إنه "على الرغم من أن الطريق إلى المستوطنة مخيفة قليلا فإن الجو هنا لطيف، كما أننا جئنا لكي نرتاح قليلا من ضوضاء المدينة الكبيرة، ولذلك فإنه لا ينبغي أن نخاف".

ويتفرغ أساف "بين شحطة وأخرى" ليقول خواطر حول إسهام الماريحوانا في "وحدة الشعب" وجذب شبان تل أبيب ومنطقتها إلى المستوطنات. وقال "كان شعارنا، نحن المستوطنين، منذ سنوات هو ’الاستيطان في القلوب’، ولو كنا نعرف أنه أسهل بكثير أن نستوطن في الرئتين، لكان كل شيء أسهل. وبإمكانك أن ترى هنا شبانا يعرفون التحدث باللغة نفسها والجسر بين الفجوات الأيديولوجية. ويحضرون إلى هنا دائما سكانا من تل أبيب لكي يشربوا النبيذ ويستمتعوا بالمناظر الخلابة، لكنهم يأتون ويذهبون".

من جانبه، يرحب عيران بالعلاقة الجديدة لكنه يعترف بأنه لم يفكر أبدا بالعودة إلى مناطق الضفة الغربية بعد خدمته العسكرية، وبالتأكيد ليس من أجل الحصول على مخدرات. وقال "جميعنا نعرف بعضنا من فترة الدراسة في الجامعة. وعندما بدأ الجفاف، أخذنا نبحث، كما هي حال أي مسطول، عن مصادر بديلة، ولم نتخيل أن أساف سيكون الشخص الذي سيزودنا بالمادة. ففي أحد الأيام ذكر صدفة أمامنا أنه دخّن هنا مع أصدقائه من المستوطنة، وذهلنا عندما اكتشفنا أنه في الوقت الذي نتوق فيه للمادة [المخدرات]، فإنها موجودة بوفرة في المستوطنات. وضحكنا من أنه بعد الميزانيات [الكبيرة التي ترصدها إسرائيل للمستوطنات] فإنهم سرقوا هذه المادة منا أيضا".

 

وفرة المخدرات

في المستوطنات

أكد تقرير "يديعوت أحرونوت" أن أسباب وفرة المخدرات في المستوطنات نابعة من أن الشرطة الإسرائيلية لا تطبق القانون على هذا النوع من المخالفات، بسبب الوضع السائد في الضفة الغربية. كذلك فإن زراعة هذه المخدرات "آمن" نسبيا واحتمال أن يشي أحد ما للشرطة بذلك ضئيل. إضافة إلى ذلك، وفيما عدد زبائن تاجر مخدرات في تل أبيب كبير جدا، فإن تاجر مخدرات في المستوطنات لديه عدد قليل من الزبائن الذين يصلون من خلال أصدقائهم.

وقال المستوطن أساف "ينبغي أن ندرك أنه لا توجد هنا ظاهرة بأنه خلال يومين يعلم الجميع بأن أحدا ما لديه مادة. وإذا أخذنا مثلا أولئك الذين يحصلون على غراس طبي ويوزعون أحيانا على الأصدقاء، فإنهم يتعرضون في تل أبيب إلى مضايقات مثل شخص فاز بجائزة اللوتو. أما هنا، فإن شخصا كهذا هو محمية طبيعية خفية، ومن يعرفه أصلا أو يعرف شيئا عنه؟ ودائما، تقريبا، يكون لديه مادة ليعطيها لآخرين".

وعبرت نوعا عن دهشتها من السهولة النسبية التي يمكن لشخص ما أن يحصل على مخدرات في المستوطنات. وقالت "لا يوجد هنا ’صراف آلي’ كما هي الحال في اللد [عندما يصل شخص إلى مبنى ويضع مالا في ثغرة في الحائط ويحصل بالمقابل على نوع المخدرات التي يريده]، ولكن يكاد يتواجد دائما شخص يمكن أن يزودك إذا بحثت عنه بشكل كاف. والأمر المضحك هو أنه اعتقدنا في البداية أن الفلسطينيين هم الذين يزودون، وفجأة اكتشفنا أنه يوجد مستوطنون يدخنون [مخدرات] ويزرعون وهم ببساطة احتفظوا بذلك لأنفسهم".

لكن التقرير الصحافي أكد أنه "رغم كل شيء، توجد أخوة يهودية – فلسطينية نادرة أيضا في أماكن مشحونة بالتوتر، وكل ذلك من أجل الحصول على المادة المطلوبة". وكانت الشرطة الإسرائيلية قد اعتقلت، قبل أسبوعين، شابا فلسطينيا كان يرسل المخدرات من قريته، القريبة من نابلس، إلى العديد من المستوطنات.

وكان الشاب الفلسطيني يتلقى طلبيات لتزويد مخدرات من مستوطنين، حتى في مستوطنات معروفة بأنها معاقل أكثر المستوطنين تطرفا مثل "إيتمار" و"ألون موريه" و"يتسهار". وكان ينقل المخدرات للمستوطنين بواسطة سيارة أجرة تصل إلى بوابة المستوطنة أو إلى مكان متفق عليه. وقد راقبت الشرطة سيارة الأجرة هذه واستدعت مستوطنين للإدلاء بإفاداتهم وأوقعوا بالشاب الفلسطيني.

 

"لا فرق بين مستوطنات

معتدلة ومتطرفة"

أكد ضابط وحدة التحريات في منطقة الضفة الغربية للشرطة الإسرائيلية، نير ساروسي، أنه "لا يوجد فرق بين مستوطنات معتدلة ومستوطنات أكثر تطرفا". وقد لاحظت تحريات الشرطة وجود ارتفاع في تعاطي وزراعة المخدرات في المستوطنات. وداهمت الشرطة، في الشهور الأخيرة، عدة مختبرات كبيرة في المستوطنات، لزراعة وتصنيع الماريحوانا، كما داهمت مختبرات صغيرة استخدمها مستوطنون للاستهلاك الذاتي. وتعزو الشرطة أسباب هذا الارتفاع في زراعة وتصنيع هذه الأنواع من المخدرات إلى "الجفاف" الحاصل داخل الخط الأخضر.

وقال ساروسي "أعمل منذ عشر سنوات في مجال المخدرات، وفي السنتين الأخيرتين يوجد ارتفاع حاد جدا في عدد المختبرات التي يتم فتحها أو تشغيلها في منطقتنا. واكتشفنا مختبرات كبيرة ومختبرات اقامها أصحابها من أجل الاستخدام الذاتي. والسبب هو إغلاق الحدود ولأنه لا يتم هنا إنتاج الحشيش، ولذلك فإنهم يركزون على الماريحوانا".

وأضاف ساروسي أنه "يأتي شخص ويقول إنه ’يوجد الآن جفاف في الخارج، وربما أزرع في البيت من أجل نفسي، وأضع في الخزانة وأستخدم عندما أريد’. والأفراد هنا يستثمرون كثيرا في الزراعة أيضا، ويشترون معدات متطورة وأجهزة ري. وقد عثرنا على مختبرات متطورة وتبلغ تكلفة إقامتها عشرات آلاف الشواكل".

ويعترف ساروسي بوجود علاقة بين مدى تطبيق القانون والمنطقة الواسعة التي تحدث فيها هذه الأنشطة المحظورة قانونيا. وقال إن "الأفراد قرروا أن يزرعوا بأنفسهم ويدخنون، بدلا من الشراء والمخاطرة أكثر بأن يتم القبض عليهم خلال العمليات التي ننفذها. ويوجد لدى كل واحد في المستوطنات حديقته وساحة بيته، وهذا ليس كما هي الحال في المدينة. فاحتمال أن نصل هنا إلى من يضع مخزنا صغيرا في ساحة بيته ويحافظ على حلقة صغيرة من كاتمي السر، هو احتمال ضئيل. وتطبيق القانون هنا صعب وهم يعون ذلك".

وفي أعقاب اندلاع الانتفاضة الثانية، في العام 2000، أطلق المستوطنون شعارا يقول "ييشع هنا". وكلمة "ييشع" هي اختصار لثلاث كلمات: الضفة الغربية وغزة. والمقصود أن المستوطنات في الضفة وقطاع غزة ليست خارج إسرائيل وإنما "في قلب إسرائيل".

وقالت ياعيل، التي جاءت من تل أبيب لتدخين الغراس، إنه "في الحقيقة أنني لم أعرف هؤلاء الأشخاص من المستوطنات، ولم أهتم أبدا بالسياسة والخصومة بين اليمين واليسار. لكني فكرت بشعار جديد للمستوطنين وهو أن ’ييشع هي الغراس’".