الأكاديمي الإسرائيلي زئيف شتيرنهل: إسرائيل فاشية لأنها تحارب التنوير والقيم الكونية

على هامش المشهد


دراسة جديدة: سياسة تطوير المواصلات في إسرائيل تخدم الطبقات الميسورة أكثر من عامة السكان

 

*وتخدم الرجال أكثر من النساء واليهود أكثر من العرب والشبان أكثر من المسنين!*



تعريف

 

 

ننقل هنا ملخصاً لدراسة صدرت حديثاً عن مركز "أدفا للمعلومات حول المساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل"، تتناول سياسة الاستثمار في تطوير البنى التحتية لشبكات المواصلات في إسرائيل خلال العقد المنصرم.

وتتفحص الدارسة، التي أعدها الباحث في مركز "أدفا" عدي سوفير، حجم الاستثمار في البنى التحتية لشبكات المواصلات البرية خلال الأعوام 2000- 2012، وتحلل توزيع هذا الاستثمار بناء على مجالات التطوير المختلفة، مثل سكك القطارات وشبكات الطرق والشوارع، والمواصلات العامة الحضرية. وتناقش الدارسة في سياق متصل، السمات التي تميز المجموعات السكانية المختلفة في إسرائيل فيما يتعلق باستخدام المواصلات، وانعكاسات السياسة الحكومية المتبعة في مجال المواصلات على هذه المجموعات السكانية. وتقترح في النهاية مبادئ للارتقاء بوضع المواصلات عموماً في إسرائيل.

وقد أنجز ترجمتها سعيد عياش.

("المشهد الإسرائيلي")

 

 

الاستثمار في البنى

التحتية للمواصلات

 

ازدادت في العقد الأخير الميزانيات المخصصة للاستثمار في شبكات المواصلات البرية في إسرائيل من 9ر5 مليار شيكل في العام 2000، لتصل إلى 88ر9 مليار شيكل في العام 2011، مما يشكل زيادة بنسبة 67%. وتبرز الزيادة في هذه الاستثمارات بشكل خاص في ضوء التقليص في ميزانيات التطوير الحكومية الأخرى. غير أن حجم هذا الاستثمار كان بمصطلحات الناتج المحلي الخام في معظم تلك السنوات ثابتا ومستقرا جداً (حوالي 1% من الناتج المحلي الخام)، ومشابهاً لما هو قائم في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD.

على الرغم من ذلك فإن خبراء المواصلات في إسرائيل، ومن ضمنهم خبراء حكوميون، لا يرون في حجم الأموال المستثمرة في تطوير البنى التحتية لشبكات المواصلات، وخاصة البرية، ما يبشر بتحسن وبمستقبل أفضل على هذا الصعيد، بل على العكس، يتوقعون أن يزداد الوضع سوءاً وتفاقما، ويعود السبب الرئيس في ذلك، بحسب رأيهم، إلى سياسة الاستثمارات في هذا المجال، والتي أعطت الأفضلية حتى الآن للسفر في السيارات الخصوصية بدلا من المواصلات العامة. فهذه السياسة، وإن كانت قد خففت الازدحام في الطرق والشوارع على المدى القصير، خلقت ارتباطاً متزايداً بالمركبات الخاصة، وتفاقماً في وضع المواصلات على المدى البعيد... بالإضافة إلى ذلك، فقد خدمت هذه السياسة الطبقات الميسورة أكثر مما أتت به من فائدة لعامة السكان، وخدمت الرجال أكثر من النساء، واليهود أكثر من العرب، والشبان أكثر من المسنين.

 

 

ميزانية المواصلات

تنقسم ميزانية المواصلات إلى عدة بنود رئيسة، وتشمل:

- ميزانية مخصصة للاستثمار ولتطوير البنى التحتية لشبكات المواصلات.

- ميزانية مخصصة لـ "دعم المواصلات"، أي الدعم الحكومي للشركات المشغلة للمواصلات العامة.

- الميزانية المخصصة لإدارة وزارة المواصلات والسلامة على الطرق ونفقات أخرى.

في العام 2011، بلغت ميزانية المواصلات 57ر14 مليار شيكل، حول منها 88ر9 مليار شيكل (حوالي 68%) للاستثمار في المواصلات البرية، و52ر3 مليار (حوالي 24%) للدعم الحكومي للمواصلات، وحول نحو 8% من مجمل هذه الميزانية لتمويل إدارة وزارة المواصلات والسلامة على الطرق ونفقات أخرى. وتغطي الميزانية ثلاثة مجالات رئيسة وهي: تطوير البنى التحتية لشبكة القطارات، وتطوير المواصلات العامة في المناطق الحضرية وصيانة الشوارع والطرق.

وقد ارتفع حجم الاستثمار في تطوير البنى التحتية للقطارات في العقد الأخير من 4ر12% (من مجموع الاستثمارات في البنى التحتية للمواصلات) في العام 2000، إلى 9ر21% في العام 2011. وتقترب هذه النسبة من المتوسط في دول منظمة OECDوالذي بلغ 23% في العام 2010.

وفيما كان حجم الاستثمار في المواصلات العامة الحضرية ضئيلا نسبيا، خلال السنوات العشر المذكورة، فقد كان حجم الاستثمار في تطوير وصيانة الشوارع هو الأكبر في الفترة ذاتها، ومع ذلك فإنه يشهد اتجاها من الانخفاض.

 

 

توقعات بتفاقم وضع

المواصلات في إسرائيل

على الرغم من ازدياد حجم الأموال المستثمرة في تطوير البنى التحتية لشبكات المواصلات، إلا ان التوقعات بشأن وضع المواصلات في إسرائيل بشكل عام، وفي المناطق الحضرية (المتروبولينات) بشكل خاص، لا تبشر بتحسن، أو بمستقبل أفضل على هذا الصعيد.

ووفقا لمعطيات أعدتها وزارة المواصلات، فإنه من المتوقع، على سبيل المثال، أن يزداد الازدحام على الطرق بصورة ملموسة ليؤدي إلى انسداد تام لشبكة الطرق الرئيسة في المتروبولينات في ساعات الذروة الصباحية، وأن يتضاعف طول المقاطع المزدحمة في الطرق السريعة في ساعات الذروة، في غضون عشرين عاما، وأن يضطر حتى العام 2030 كل من يسافر بسيارة إلى هدر أكثر من 60 دقيقة إضافية بالمتوسط في اليوم بسبب الازدحام على الطرق، مما سيؤدي إلى خسارة في الناتج القومي بما قيمته 25 مليار شيكل في السنة.

ولكن، كيف يمكن تفسير هذه التوقعات القاتمة، في الوقت الذي شهد فيه العقد المنصرم زيادة ملموسة في الميزانية المحولة لتطوير شبكات المواصلات؟! في الواقع، صحيح أن الميزانية زادت بمصطلحات مالية، ولكن حجم الاستثمار، بمصطلحات الوزن أو النسبة من الناتج المحلي الخام، كان في الحقيقة ثابتا جداً خلال تلك السنوات، وتراوح حول 1%.

ويبرز الاستثمار الحكومي في تطوير شبكات المواصلات بشكل رئيس عند مقارنته بميزانيات تطوير مجالات أخرى تقع ضمن مسؤولية الدولة، أو بعبارة أخرى، في ضوء تقليص الاستثمارات الحكومية في هذه المجالات في السنوات الأخيرة.

من جهة أخرى، لاحظنا أن حجم الاستثمارات في شبكات المواصلات في إسرائيل، والذي تبلغ نسبته حوالي 1% من الناتج المحلي الخام، مشابه للمتوسط في دول OECD. لكن هذا المتوسط يمكن أن يضلل، ذلك لأنه يشمل دولا تستثمر أقل من 1% في المواصلات، وهي الدول الأكثر تطورا في الغرب، والتي كانت قد استثمرت في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، في هذا المجال، ما بين 2ر1% و 5ر1% من الناتج المحلي الخام، وبلغت مستوى عاليا ومتقدما على صعيد شبكات المواصلات. في المقابل، في الدول الأقل تطورا في OECD، مثل إسبانيا والبرتغال ودول وسط أوروبا، والتي ما زالت شبكات المواصلات فيها غير مرضية، نجد أن حجم الاستثمار (في المواصلات) يتراوح حاليا ما بين 6ر1% و2% من الناتج المحلي الخام، ومن هذه الناحية، يتعين على إسرائيل أن تقارن نفسها بهذه الدول النامية في OECD.

 

 

هل حولت الاستثمارات

إلى المسارات الصحيحة؟

يكمن أحد الأسباب الرئيسة لكون الاستثمارات في المواصلات غير كافية لإيجاد حل دائم لمشكلة المواصلات في إسرائيل، في توليفة الاستثمارات التي تميل لصالح المركبات الخاصة. فقد أعطت دولة إسرائيل، طوال السنوات، الأولوية للاستثمار في شبكات طرق للمركبات الخاصة، بدلا من إعطاء الأولوية للاستثمار في شبكات المواصلات العامة. فمجمل مشاريع تخطيط وتطوير شبكات الطرق والمناطق السكنية الحضرية والريفية جاءت لتتلاءم أكثر فأكثر مع ثقافة مواصلات تعتمد على السيارات الخصوصية. في المقابل لم تحظ المواصلات العامة بتطوير ملائم، مما أبقاها متخلفة نسبيا، بل وتراجعت مكانتها.

ويمكن الوقوف على ذلك من خلال معطيات حول السفر بالسيارات الخاصة. فبين السنوات 1995 و2008 ازدادت نسبة المتوجهين إلى أماكن عملهم بالسيارات الخصوصية من 58% إلى 67%، في المقابل انخفضت نسبة الذين يتوجهون إلى أماكن عملهم بالحافلات وسفريات الأجرة من 40% إلى 31%. أما نسبة المتوجهين إلى أماكن عملهم بالقطارات فما زالت متدنية جداً (أقل من 1% من مجموع المتوجهين للعمل).

صحيح أن توسيع شبكة الشوارع ساهم على المدى القصير في تخفيف الازدحام، ولكنه شجع المزيد من الأشخاص على استبدال مقعد الراكب- المسافر- في المواصلات العامة بسيارة أخرى على الشارع. كذلك ساهم التخطيط الحضري، والتخطيط العمراني عموما، في تشجيع أنماط المواصلات المعتمدة أكثر فأكثر على السيارات الخصوصية.

من هنا فإن الحديث يدور على توليفة استثمارات غير ناجعة، تفاقم الازدحام والعبء الفائض على الطرق عوضا عن تخفيفه.

وكما أشرنا فقد توزعت الاستثمارات في شبكات المواصلات في إسرائيل في العام 2011، على النحو الآتي: 64% للشوارع والطرق، 14% للمواصلات العامة في المناطق الحضرية، و22% لسكك الحديد والقطارات.

وللمقارنة، فقد ارتفعت تدريجيا في دول أوروبا الغربية نسبة الاستثمار في تطوير السكك الحديد، من مجمل الاستثمارات في المواصلات البرية، من 20% - في سبعينيات القرن الماضي- إلى 40% في العام 2010، علما أن نسبة كبيرة من هذه الميزانية خصصت لشبكة مواصلات السكك الحديدية في المناطق الحضرية (في المدن).

وتيرة النمو السكاني مقابل

وتيرة الزيادة في مستوى المحركات

بلغ معدل النمو السكاني في إسرائيل خلال العقد الأخير حوالي 8ر1% (بلغ هذا المعدل في دول الاتحاد الأوروبي في الفترة ذاتها 15%)، جنبا إلى جنب سجلت في إسرائيل زيادة مطردة على مستوى المحركات (المركبات التي تعمل بواسطة محرك) للفرد، إذ ارتفع عدد المركبات من 285 مركبة لكل 1000 نسمة في العام 2003، إلى 322 مركبة في العام 2010. كذلك فقد ازداد أسطول السيارات في إسرائيل بين الأعوام 1988- 2009، من حوالي 950 ألفا، إلى حوالي 5ر2 مليون سيارة (هي زيادة بنسبة 158%)، وقد ارتفع هذا العدد في العام 2011 ليصل إلى 68ر2 مليون سيارة. ووفقا لتقديرات مختلفة، إذا استمر الاتجاه القائم على هذا الصعيد، فإن عدد السيارات في إسرائيل سيتراوح بحلول العام 2050، ما بين 6 ملايين و7 مليون مركبة تقريبا. ويعني ذلك في بلد صغير مثل إسرائيل تغطية المزيد من الأراضي الثمينة بطبقات ضخمة من الإسفلت. إن البديل المنطقي لهذا الوضع هو تبني نموذج مواصلات، من النوع القائم في الدانمارك على سبيل المثال، حيث بقي مستوى المحركات منخفضا نسبيا، وذلك بفضل مواصلات عامة ذات مستوى خدمة عال، ينافس من حيث الراحة والجدوى المركبات الخصوصية.

الاستثمار في المواصلات في

ميزان العدالة الاجتماعية

يعبر انعدام المساواة الاجتماعية عن نفسه أيضا في الفوارق في أنماط استخدام ومنالية المواصلات. لذلك ينبغي لتطوير المواصلات أن يأخذ في الحسبان سائر تلك المعطيات، إذ يمكن للتطوير المستند على التخطيط السليم أن يساهم في دفع المساواة الاجتماعية قدما، في حين أن التطوير الذي يتم بمنأى عن هذا الاعتبار يمكن أن يكرس ويعزز عدم المساواة.

 

 

ملكية السيارات

الخصوصية

خدم التركيز الشديد على تطوير شبكة الطرق والشوارع في إسرائيل أصحاب السيارات الخاصة في المقام الأول. وملكية السيارات الخاصة لا تتوزع من جهتها بصورة متساوية بين الفئات السكانية المختلفة، وإنما تنتشر أكثر في البلدات والأسر التي تتمتع بوضع اقتصادي جيد. ويستخدم مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي مستوى المحركات (الميكانيكية) كواحد من المؤشرات حول المكانة الاجتماعية- الاقتصادية للسلطات المحلية في إسرائيل. فكلما كان مستوى المحركات مرتفعا، تزداد أيضا نسبة الذين يستخدمون وسائل النقل الخاصة. لذلك فإن الاستثمار في الشوارع والتحويلات المرورية يخدم بالأساس الطبقات الميسورة، في حين يمكن للاستثمار في مواصلات السكك الحديد والقطارات أو شبكات الطرق المخصصة للمواصلات العامة، أن ينطوي على قدر أكبر من التوازن والمساواة.

 

انعكاس سياسة تطوير المواصلات في إسرائيل على الفئات السكانية المتعددة

خصصت الدراسة التي صدرت حديثاً عن مركز "أدفا" حول سياسة الاستثمار في تطوير البنى التحتية لشبكات المواصلات في إسرائيل خلال العقد المنصرم، فصلا خاصاً للحديث عن انعكاس هذه السياسة على الفئات السكانية المتعددة. وهنا مقاطع واسعة من هذا الفصل.

 

 

المواصلات والجندر

هناك اختلاف وفوارق في استخدام النساء والرجال لوسائل المواصلات المختلفة. وتعكس هذه الفوارق إجمالا عدم المساواة داخل العائلة وفي سوق العمل، والبنية الحضرية وعمليات التربية والتنشئة الاجتماعية. ومن أهم سمات الفوارق الجندرية في المواصلات، كما وردت في أدبيات عالمية:

- تستخدم النساء السيارات الخصوصية بصورة أقل من الرجال بينما يستخدمن المواصلات العامة أكثر من الرجال.

- تقوم النساء بسفريات يومية أكثر من الرجال ولكن لمسافات أقصر، وذلك في ضوء كثرة الوظائف الجزئية التي تعمل فيها النساء بأجر منخفض، وكثرة المهام الملقاة على النساء.

- مقارنة مع الرجال، فإن النساء يسافرن أكثر في غير "ساعات الذروة".

بالإضافة إلى ذلك، هناك معطيات قائمة في إسرائيل، تدل أيضا على تلاؤم تلك السمات مع انماط استخدام النساء للمواصلات:

- في العام 2011 احتفظ برخصة سياقة 5ر1 مليون امرأة و1ر2 مليون رجل.

- 62% من مجموع النساء العاملات في العام 2011 عملن بوظيفة كاملة و38% بوظيفة جزئية، هذا بينما كان 81% من مجموع الشغيلة الرجال يعملون بوظيفة كاملة.

- في العام 2011، بلغ متوسط الدخل الشهري غير الصافي من العمل للمرأة الأجيرة 6599 شيكل، في حين بلغ متوسط هذا الدخل للرجل الأجير 9976 شيكل.

 

إن سياسة المواصلات المتبعة تثقل على النساء وتجبرهن على المناورة بين العمل والأسرة ومهام أخرى، وتقلص عمليا الفرص المتاحة أمامهن، نظرا لاعتمادهن على المواصلات العامة، واضطرارهن لصرف جزء كبير من وقتهن في سفريات من مكان إلى آخر بسبب كثرة مهامهن. وطالما أن المواصلات العامة لا تحظى بدرجة أفضلية عالية في السياسة القومية، طالما كانت النساء أول المتضررين من سياسة المواصلات المتبعة.

 

 

المواصلات والمواطنون

العرب في إسرائيل

يعتبر مستوى المحركات في البلدات العربية منخفضا نسبيا مقارنة مع البلدات اليهودية. ففي العام 2011 بلغ عدد المركبات الميكانيكية لكل ألف نسمة 355 مركبة في البلدات اليهودية مقابل 264 مركبة في البلدات العربية.

ويكتسب هذا المستوى المنخفض مغزى أكبر في ضوء حقيقة أن المواصلات العامة في البلدات العربية قليلة وأحيانا حتى غير متوفرة. وتظهر مقارنة بين بلدات عربية ويهودية متجاورة، ومتشابهة من حيث الحجم، وجود فجوة كبيرة، سواء في عدد أهداف خطوط المواصلات العامة، أو في انتظام عمل هذه الخطوط.

فضلا عن ذلك فإن الفجوة الجندرية في البلدات العربية في حيازة رخصة سياقة، أكبر بكثير من المتوسط العام في إسرائيل. ففي العام 2011 بلغت في الوسط اليهودي نسبة النساء اللائي احتفظن برخصة سياقة 44% من مجموع الذين كان في حوزتهم رخصة سياقة، في حين بلغت نسبة النساء اللائي كانت في حوزتهن مثل هذه الرخصة في الوسط العربي 34% فقط.

وتشير مختلف المعطيات إلى وجود حاجة ملحة لتطوير مواصلات عامة في البلدات العربية، سواء من أجل زيادة عدد فرص التشغيل، أو من أجل إتاحة سهولة الحركة والتنقل، وخاصة بالنسبة للنساء، الأمر الذي من شأنه أيضا أن يساهم في تقليص الفجوات الجندرية.

المواصلات والأطفال والشبيبة

يشكل الأطفال وأبناء الشبيبة حتى سن 17 عاما، حوالي 33% من مجموع السكان في إسرائيل. ويؤدي ارتفاع مستوى المحركات والتطوير العمراني- المواصلاتي الذي يركز اهتمامه على المركبات الميكانيكية، إلى المس بحرية حركة الأولاد والشبيبة، ليس فقط بحكم عدم وجود مركبات خاصة في حوزة هاتين الفئتين من الجمهور، وإنما أيضاً لأن توسيع الشوارع ومفترقات الطرق وتقليص مساحة الأرصفة وازدياد زحمة السيارات، يمس بحرية تنقل الذين يشقون طريقهم مشياً على الأقدام، كذلك فإن التطوير العمراني الذي يركز على المركبات، يُبعد المراكز التجارية والخدمات عن الأحياء السكنية، ويحد من استقلالية الأولاد والشبيبة ويزيد تبعيتهم للآباء. إن استثماراً في المواصلات يراعي مصلحة وفائدة هاتين الفئتين من السكان، ينبغي أن يتيح مواصلات عامة مريحة وسهلة المنال، وتطويراً عمرانياً بكثافة متوسطة، يجمع بين توفير حيزات حركة وتنقل مريحة وآمنة على الأقدام والدراجات الهوائية، وتوفير حيزات للمكوث واللعب.

المواصلات والمسنون

يشكل المسنون والمسنات، الذي تزيد أعمارهم عن 65 عاماً، قرابة 10% من سكان إسرائيل، يقطن حوالي 93% منهم في تجمعات ومناطق حضرية. 77% من بين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 عاماً و 64 عاماً مسموح لهم قيادة سيارة، مقابل 54% فقط من المجموعة التي تتراوح أعمارها بين 65 عاماً و 74عاماً، وتنخفض نسبة المسموح لهم بقيادة سيارة من سن 75 عاماً فما فوق، إلى 24% فقط. وتعني هذه المعطيات أن المسنين يعتمدون على المواصلات العامة أكثر من باقي فئات السكان. ويرى مسنون كثيرون في السياقة ما يرمز إلى الاستقلالية، خاصة في ضوء الهبوط في قوتهم البدنية. مع ذلك فإن السياقة ذاتها تصبح أكثر صعوبة، بل وربما تغدو خطرة. وكلما كان المجتمع يعتمد أكثر على السيارة، كلما كان من الصعب أكثر على المسن أو المسنة، نفسياً واجتماعياً، التوقف عن السياقة، في الوقت الذي تقتضي فيه القيود الجسمانية ذلك.

في المقابل، كلما كان حيز الحياة ملائماً أكثر للسير على الأقدام، وكلما كان السفر في المواصلات العامة مريحاً ويحظى بمكانة لائقة، كلما قل الإحجام عن التوقف عن السياقة.

إن توفر شبكة مواصلات عامة ناجعة، من شأنه أن يسهل حركة الكثيرين من المسنين، وأن يساعدهم في المحافظة على استقلاليتهم واعتمادهم على أنفسهم. بالإضافة إلى ذلك فإن التطوير العمراني المثالي بالنسبة للمسنين، يجب أن يتضمن بنية تحتية ملائمة للمشاة، واستخدامات مختلطة ومتنوعة للأرض تشمل توفر تشكيلة من الخدمات والنشاطات على مقربة من البيت. ففي بيئة كهذه يمكن للمسنين تطوير وممارسة عادة تسوق مستقلة، والمشاركة في نسيج الحياة في محيطهم، والمحافظة على حياة فعالة وصحية أكثر. إلى ذلك، تجدر الاشارة إلى أن الازدحام المروري في مراكز المدن وما ينتج عنه من ضجيج وتلوث للجو، ينطوي -عدا عن تأثيره الصحي على سائر المجموعات السكانية- على تأثير أشد ضرراً وخطورة على المسنين، نظراً لأن الكثيرين منهم يقيمون في مراكز المدن، كما أن لديهم حساسية عالية لتلوث الجو.

 

مبادئ لتطوير المواصلات

· إن سياسة تطوير المواصلات في إسرائيل يجب أن تُختبر بواسطة معايير العدالة الاجتماعية والاستمرارية على المدى البعيد ودفع التشغيل وجودة البيئة.

· ينبغي لسياسة تطوير المواصلات في إسرائيل أن تعطي الأفضلية للمواصلات العامة.

· تعتبر مواصلات السكك الحديد أفضل من المواصلات التي تعمل بمحركات (موتورات). مع ذلك فإن أسعار السفر في القطار عالية جداً بالنسبة لمعظم العاملين والعاملات في إسرائيل.

· تقبع القرى والبلدات العربية حالياً في هامش شبكات المواصلات العامة، سواء شبكات الطرق والشوارع أو شبكات القطار. لذلك يجب وضع البلدات العربية على رأس سلم أولويات التطوير المستقبلي للمواصلات، وسط إيلاء اهتمام خاص لاحتياجات النساء.

· من أجل تطوير مستديم لمناطق الهامش، يجدر التأكيد على الاستثمار في مواصلات عامة، داخلية-مناطقية، ناجعة، جنباً إلى جنب مع تطوير مراكز تشغيل لوائية. فالتأكيد القائم حالياً، على السفر اليومي من مناطق الهامش إلى المركز وبالعكس، ليس مجدياً، ومن شأنه أن يبقي وضعية عدم المساواة القائمة على حالها.

· إن حل مشكلة الازدحام المروري في منطقة "غوش دان" (تل أبيب الكبرى)، مركز الأعمال في إسرائيل، يكمن في تطوير مواصلات السكك الحديد (القطارات).

· إن نوعية الخدمة هي مسألة لا تقل أهمية عن تطوير البنى التحتية. لذلك، وفي سياق عملية الانتقال من التركيز على تطوير شبكات الطرق والشوارع إلى التركيز على تطوير المواصلات العامة ومواصلات السكك الحديد، يجدر وضع مسألة تحسين الخدمة في مقدمة سلم الأولويات المتعلق بالمواصلات في إسرائيل.