من التحرّش الجنسي إلى التستر على سياسيين فاسدين: فضائح لا تنتهي ترافق عملية تعيين قائد عام جديد للشرطة الإسرائيلية

على هامش المشهد

بحث جديد لـ "معهد القدس للدراسات الإسرائيلية": خلفية القرار المتعلق بمكانة السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية ما زال يشوبها الكثير من الغموض.


نشر "معهد القدس للدراسات الإسرائيلية" على موقعه الإلكتروني ملخصا لبحث جديد أعده أحد أعضاء طاقم باحثي هذا المعهد الإسرائيلي، المقرب من محافل صنع القرارات المتعلقة بمدينة القدس، حول موضوع المكانة القانونية والمدنية للسكان الفلسطينيين في القدس المحتلة منذ العام 1967 وحتى الآن (2013).

 

ويتناول البحث، الذي أعده د. أمنون رامون، مسألة مكانة عرب القدس الشرقية في السياق التاريخي الواسع للقرارات الإسرائيلية المتعلقة بـ "ضم القدس الشرقية إلى إسرائيل" و"توحيد شطري المدينة"، والتطورات التي طرأت على هذه المسألة منذ العام 1967، وأبعاد ذلك على الحياة اليومية وانعكاساتها على السياسة الإسرائيلية وعلى نشاطات وإجراءات أجهزة الحكم في المدينة حتى الفترة الحالية.

ويستند البحث إلى وثائق كثيرة من أرشيف دولة إسرائيل، كشف النقاب عنها في السنوات الأخيرة، والتي تتيح تأمل ودراسة عملية اتخاذ القرارات التي أفضت إلى تحديد مكانة السكان الفلسطينيين في القدس بصورة أكثر تعمقا وشمولية.

ويعرض الباحث في إجمال بحثه "بدائل مختلفة لمكانة سكان القدس الشرقية" في ضوء سيناريوهات تأخذ في الحسبان بقاء "الوضع القائم" في غياب التوصل إلى تسوية سياسية، وإمكان إحراز تقدم نحو التوصل إلى تسويات انتقالية أو تسويات دائمة للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.

وجاء في تلخيص البحث:

في شهر حزيران من العام 1967، وبعد أيام معدودة من انتهاء الحرب، أقرت الخطوات المركزية المتعلقة بـ "توحيد القدس" والتي كان مغزاها العملي ضم المدينة (القدس) العربية إلى دولة إسرائيل. وقد كان المدماك التشريعي الأول، الذي أقر في الحكومة والكنيست الإسرائيلي في 27 حزيران 1967، هو قانون تعديل أمر (مرسوم) أنظمة السلطة والقضاء، حيث أضيف في نطاق هذا التعديل البند 11 ب الذي ينص على "تطبيق قانون وقضاء وإدارة الدولة على كامل منطقة أرض إسرائيل التي حددتها الحكومة في الأمر". والمدماك الثاني كان قانون تعديل أمر البلديات (تعديل رقم 8 أ) والذي خول وزير الداخلية صلاحية توسيع حدود مدينة القدس بإجراء سريع. أما المدماك الثالث فقد تمثل في سن قانون المحافظة على الأماكن المقدسة، وذلك بهدف ضمان حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة وضمان عدم تدنيسها أو المس بمشاعر المؤمنين، غير أن الدافع الرئيس لسن هذا القانون كان طمأنة العالم المسيحي الغربي بأن دولة إسرائيل ستحترم وتصون الأماكن المقدسة التي أصبحت تحت سيطرتها.

وتقف وراء هذه التشريعات، وفقا لما أورده الباحث الإسرائيلي، أربعة قرارات تبلورت خلال النقاشات التي أجرتها الحكومة الإسرائيلية في الأسبوعين الأولين بعد الحرب.

وهذه القرارات، التي ما زالت انعكاساتها وتداعياتها قائمة وملموسة حتى الآن، هي:

(1) قرار ضم القدس الشرقية: وقد اتخذ هذا القرار بإجماع تام من جانب الوزراء في جلسة الحكومة الإسرائيلية التي عقدت بتاريخ 11 حزيران 1967، واقتصر الجدل بين الوزراء على مسألة ماهية الإجراء القانوني الذي يجب إتباعه من أجل فرض السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية: هل يجب سن قانون خاص للقدس يعلن بموجبه أن المدينة الشرقية هي جزء من دولة إسرائيل؟ وهل يمكن الاكتفاء بتشريع "فضفاض" أكثر، لا يثير معارضة شديدة من جانب المجتمع الدولي؟ أم أنه يجب الشروع بالعمل في القدس الشرقية من دون سن قانون خاص؟

(2) قرار تمكين بلدية القدس (الغربية) برئاسة تيدي كوليك من تزويد خدمات في شرقي القدس بواسطة قانون تعديل أمر البلديات، المشار إليه آنفا. تجدر الإشارة هنا إلى بند آخر في القانون سمح لوزير الداخلية بـ "تعيين أعضاء إضافيين في المجلس البلدي من بين القاطنين في المنطقة التي جرى ضمها". وقد كان الهدف من ذلك ضمان تمثيل لسكان القدس الشرقية في المجلس البلدي لـ "المدينة الموحدة"، غير أن هذا البند لم يطبق على الإطلاق منذ ذلك الوقت.

(3) القرار بشأن حدود المنطقة التي جرى ضمها، والتي اعتبرت في نظر غالبية الوزراء بمثابة رسم لحدود دولة إسرائيل. ولكن الحكومة قررت كما هو معروف، بسبب عدم وجود اتفاق بين الوزراء، عدم البت مسبقا في مستقبل مناطق الضفة الغربية، وكانت فرضية العمل لدى قسم كبير من وزراء الحكومة هي أن مصير هذه المناطق سيخضع للمفاوضات حول تسوية مستقبلية بين إسرائيل والأردن، أو مفاوضات مع جهات فلسطينية حول إقامة كيان فلسطيني مستقل أو يتمتع بإدارة ذاتية. ولقد رسمت حدود القدس من قبل لجنة وزارية برئاسة وزير العدل في حينه، يعقوب شمشون شابيرا، غير أنه كان هناك تأثير كبير على ذلك للجنرال رحبعام زئيفي، الذي عرض أمام اللجنة الوزارية بدائل مختلفة. وقد أوصت اللجنة في نهاية المطاف- بتأثير حاسم لوزير الدفاع في حينه موشيه دايان- بالأخذ باقتراح وسط، نص على ضم قرابة 70 كيلومترًا مربعًا إلى حدود القدس (عوضا عن 200 كيلومتر مربع اقترح زئيفي ضمها) حيث شكل الاعتبار الديمغرافي- تقليص عدد السكان العرب الذين شملتهم المنطقة المضمومة- عاملا مركزيا في قرار الحكومة الإسرائيلية بشأن حدود المدينة، والذي اتخذ في 26 حزيران 1967.

(4) القرار بشأن مكانة عرب شرقي القدس (حوالي 70 ألف نسمة في العام 1967)، والذين أعطيت لهم مكانة "سكان مقيمين" وليس مواطنين في دولة إسرائيل وقد كان هذا القرار "المؤقت"، الذي تحول لاحقا إلى وضع دائم منح في إطاره سكان القدس الشرقية العرب إقامة إسرائيلية تمكنهم من الاحتفاظ بمواطنتهم الأردنية، بمثابة حسم بعيد الأثر له تأثير وانعكاس على مجالات الحياة كافة في المدينة حتى يومنا هذا.

وقد كان من نتائج هذا القرار تعزيز ارتباط "عرب القدس الشرقية" بالضفة الغربية والمملكة الأردنية، حيث حافظوا على مواطنتهم الأردنية، وحتى على بند غير رسمي يتيح لهم تمديد مفعول جواز سفرهم الأردني.

كذلك فقد تعلم الطلاب في المدارس البلدية في القدس الشرقية بموجب منهاج التعليم الأردني، واستمر موظفو وحراس الأوقاف الإسلامية في تلقي رواتبهم من الحكومة الأردنية. وقد كان قرار عدم تحويل سكان القدس الشرقية إلى مواطنين كاملي المواطنة في دولة إسرائيل أحد الأسباب المركزية في عدم اندماجهم في المجتمع الإسرائيلي، وفي الدولة الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك فقد ساهم منح فلسطينيي القدس الشرقية حق التصويت في الانتخابات للمجلس التشريعي التابع للسلطة الفلسطينية في العام 1996، في تعقيد الوضع أكثر فيما يتعلق بمكانة هؤلاء السكان الفلسطينيين، المنقسمين حتى الآن بين هويتهم كسكان في إسرائيل، وكمواطنين في الأردن (الذي قلص بالتدريج نشاطه في القدس الشرقية منذ قرار "فك الارتباط" العام 1988)، وكفلسطينيين يرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني.

ويقول معد البحث، د. أمنون رامون، إنه خلافا للعوامل التي وقفت خلف القرارات الثلاثة الأولى، والتي تعرضت لها كثيرا الأدبيات البحثية، فإن خلفية ودواعي القرار الرابع المتعلق بموضوع مكانة السكان العرب في القدس الشرقية ما زال يشوبها قدر كبير من الغموض والإبهام، إذ ليس من الواضح كيف نشأت هذه المكانة الخاصة، ولماذا لم يحصل هؤلاء السكان على مواطنة إسرائيلية كاملة؟! كذلك ليس من الواضح ما إذا كانت مكانتهم كـ "سكان إسرائيل" قد تقررت مسبقا من قبل الحكومة الإسرائيلية، أم أن هذه المكانة تبلورت فيما بعد، بمرور الزمن، كـ "خيار افتراضي" مؤقت إلى أن ثبت نهائيا في قرار المحكمة العليا برئاسة أهارون باراك في قضية مبارك عوض العام 1988.

ويضيف رامون في بحثه أن مسألة مكانة سكان القدس الشرقية مرتبطة أيضا بطبيعة الحال بموضوع السياسة الإسرائيلية الشاملة في شرقي القدس، وبمسألة رؤية زعماء دولة إسرائيل لمستقبل المدينة والسكان العرب القاطنين فيها.