تقرير "مركز طاوب": تآكل أجور المستخدمين الأكاديميين وارتفاع غلاء المعيشة يبعدان العائلات الشابة عن الطبقة الوسطى

على هامش المشهد

البروفسور إيال زيسر لـ "المشهد الإسرائيلي": إسرائيل لا تمتلك موقفًا محددًا إزاء الأحداث في سورية!

 

*المسؤولون في إسرائيل يحاولون من خلال تسخين ملف "السلاح الكيميائي السوري" دراسة كيفية رد الولايات المتحدة على تجاوز الخطوط الحمراء من طرف سورية الآن ومن طرف إيران لاحقًا*

 

كتب بلال ضـاهر:

 

 

أصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تعليمات للوزراء في حكومته بعدم إطلاق تصريحات حول الأزمة في سورية، وذلك بعد أن دعا نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، زئيف إلكين، إلى تدخل عسكري في سورية بدعوى أن النظام فيها استخدم سلاحا كيميائيا ضد المعارضة. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أول من أمس الأحد، أن نتنياهو أصدر تعليمات للوزراء طالبهم فيها بالامتناع عن إجراء مقابلات صحافية حول موضوع الأزمة السورية.

وكان إلكين قد قال في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلية، في نهاية الأسبوع الماضي، إنه "عندما يدرك المجتمع الدولي أنه تم تجاوز الخطوط الحمراء وأنه تم فعلا استخدام السلاح الكيميائي فإنه سيدرك أنه لا مناص من العمل". وأضاف أنه "بدلا من إبقاء الأمور في حالة ضبابية، فإنه حان الوقت للتدخل" معتبرا أن "الإيرانيين يتفحصون إمكانية التدخل في سورية وهكذا يفعل العالم كله أيضا. والأجدى بنا أن ننظر إلى ما يحدث، وإذا تم شد الخط الأحمر فهم سيعرفون كيفية الصمود أمامه. فإذا رأى الإيرانيون أنه لا يتم القيام بعمل في القضية التي تم تعريفها على أنها خط أحمر في سورية، فإنهم سيستخلصون من ذلك أن هذا الخط الأحمر الذي وضعه المجتمع الدولي هو خط ليّن".

ورغم تعليمات نتنياهو إلا أن الوزير عمير بيرتس، الذي تولى منصب وزير الدفاع في الماضي، قال إنه "مع أو بدون علاقة بالسلاح الكيميائي، لا يمكن للعالم أن يصمت حيال ما يحدث في سورية. ففي كل يوم يُقتل مئات المدنيين، وحقيقة هي أن المجتمع الدولي لا يقوم بأي عمل فعلي". واعتبر أنه "تعين على المجتمع الدولي القيام بعمل جدي والتدخل بشكل فعلي منذ وقت طويل، وإذا دعت الحاجة فليكن تدخلا بالقوة العسكرية. وإذا تم استخدام السلاح الكيميائي فإننا نتوقع ممن وضع خطوطا حمراء أن ينفذ ما هو مطلوب منه، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي كله طبعا".

وجاءت تصريحات إلكين وبيرتس في أعقاب أقوال رئيس دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، العميد إيتاي برون، يوم الثلاثاء الماضي، بأن نظام الرئيس السوري بشار الأسد استخدم سلاحا كيميائيا، يرجح أنه غاز "السارين"، ضد المعارضة المسلحة. وقال برون، خلال مؤتمر عقده "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، إنه "وفقا لمعلوماتنا فإن الأسد استخدم موادا قتالية كيميائية مميتة في عدة حالات ضد المتمردين، وعلى ما يبدو فإنه غاز من نوع السارين" مشيرا إلى أن "احتمال انتقال سلاح كهذا إلى جهات راديكالية مقلق جدا".

وأضاف برون أن "استخدام السلاح الكيميائي تم في 19 آذار الماضي، وفي أحداث أخرى تم خلالها استخدام مواد غير مميتة" وأنه "شاهدنا مؤشرات على ذلك مثل خروج زبد من الفم وتضاؤل بؤبؤ العين التي تدل على استخدام مواد قتالية كيميائية". وتابع برون أن ثمة احتمالا لتقسيم سورية إلى دويلات أو كانتونات وقال إنه "يوجد احتمال متزايد لنشوء كانتونات" لكنه شدد على أن "ثمة احتمالا أقل لنشوء حكم بديل" للنظام السوري الحالي.

وتطرق برون إلى حجم السلاح الكيميائي في سورية وقال إنه "يوجد في سورية ترسانة كبيرة تزيد عن ألف طن من السلاح الكيميائي وآلاف القذائف الجوية والرؤوس الحربية التي يمكن شحنها بأسلحة غير تقليدية". واعتبر أن "النظام السوري يستخدم السلاح الكيميائي لكن العالم يميل إلى عدم التدخل ويستخدم اختبارات متشددة في البحث عن أدلة، وهذه تطورات مثيرة للقلق ومجرد استخدام السلاح الكيميائي من دون وجود رد فعل مناسب هو أمر مقلق وهذا يؤشر إلى أن استخدام السلاح الكيميائي شرعي".

وأجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة حول متابعة إسرائيل للأزمة السورية وموقفها منها، مع رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب والخبير في الشؤون السورية، البروفسور إيال زيسر.

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما هو موقف إسرائيل من الأزمة السورية؟

زيسر: "لا يوجد موقف محدّد لدى إسرائيل من الأحداث الدائرة في سورية. هناك من يريدون بقاء بشار، وهناك من يريدون سقوطه. وكل فريق في إسرائيل ينظر إلى الأمور انطلاقا من رؤيته للمصلحة الإسرائيلية. والذين يريدون بقاءه في الحكم يرون أن المصلحة هي في أنه يحافظ على الحدود مع إسرائيل هادئة، بينما يرى الفريق الآخر، الذي يريد سقوطه، أن سورية هي جزء من الحلف بين إيران وحزب الله، وسقوط بشار سيضعف هذا الحلف. وهناك من يرى أنه من الناحية الواقعية، ليس ثمة ما يمكن لإسرائيل أن تفعله ولذلك عليها أن تقف جانبا وتراقب التطورات".

(*) يبدو أن نتنياهو، الذي طالب وزراءه بعدم إطلاق تصريحات حول الأزمة السورية، يتخذ موقفا معينا، بينما هناك وزراء ونواب وزراء يتخذون موقفا مختلفا، وربما معاكسا أيضا وبينهم نائب وزير الخارجية، زئيف إلكين.

زيسر: "إلكين لا يقرر في السياسة...".

(*) لكن هناك تصريحات ضباط في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، مثل أقوال رئيس دائرة الأبحاث في الشعبة، إيتاي برون، الذي قال إن النظام السوري استخدم سلاحا كيميائيا ضد المتمردين.

(*) أقوال رئيس دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات هي شيء آخر. هذه الأقوال يمكن تفسيرها بهذا الاتجاه أو ذاك. وعلى ما يبدو فإن السوريين استخدموا سلاحا كيميائيا. من جهة، يقول الرئيس الأميركي باراك أوباما إن السوريين تجاوزوا خطا أحمر، ومن الجهة الأخرى هو لا يفعل شيئا في هذا السياق. فهل سيقول في الموضوع الإيراني إنهم تجاوزوا خطا أحمر ومن الجهة الأخرى لن يفعل شيئا؟".

(*) هذا يعني أنه في إسرائيل ينظرون إلى التعامل مع سورية على أنه سيعكس التعامل مع إيران في المستقبل؟

زيسر: "لا. في إسرائيل يقولون إنهم يريدون فحص مدى جدية أوباما في تنفيذ تعهداته حيال تجاوز سورية، ولاحقا إيران، للخط الأحمر. وأنا أعتقد أن هذه كانت الفكرة التي تقف وراء أقوال رئيس دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية. ولا أعتقد أن هذا يدل على وجود سياسة واضحة تجاه سورية. فإسرائيل لا تعرف ما الذي ينبغي فعله حيال ما يحدث في سورية".

(*) عدم معرفة إسرائيل كيف تتعامل مع الأزمة السورية، وعدم وجود موقف لديها، هما حالة مثيرة للتساؤل، أليس كذلك؟

زيسر: "نعم، هذا مثير. ولا أحد يعرف كيف ستنتهي الأمور بالنسبة لإسرائيل".

(*) هناك حديث عن أن الولايات المتحدة لا تريد التدخل في سورية. هل حقا هي لا تتدخل في الأزمة السورية أم أنها تفعل ذلك بواسطة دول أخرى؟

زيسر: "الولايات المتحدة تحاول ألا تتدخل في ما يحدث في سورية، لأن تدخلا كهذا هو أمر ليس بسيطا، وهي لا تريد العودة إلى حروب في الشرق الأوسط. وهي تعرف كيف يمكنها دخول حرب في سورية لكنها لا تعرف كيف يمكنها الخروج من حرب كهذه. وربما هي تدفع دولا أخرى للتدخل، لكن الولايات المتحدة لا تزود المتمردين بالسلاح بشكل مباشر ولا ترسل قوات. وهذا يعني أن تدخل الولايات المتحدة في الأزمة السورية ليس مباشرا. من جهة ثانية يجب النظر إلى إيران وحزب الله اللذين يرسلان قوات وسلاحا إلى سورية، بينما الولايات المتحدة تريد أن تقف جانبا والامتناع عن التورط".

(*) حتى فيما يتعلق بالأنباء التي ترددت حول استخدام سلاح كيميائي، فإن الولايات المتحدة لم تقل حتى الآن الكلمة الأخيرة في هذا الموضوع. ولا تزال الإدارة الأميركية، وعلى الرغم من أقوال رئيس دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، تقول إنها تدقق في ما إذا كان النظام السوري قد استخدم سلاحا كيميائيا.

زيسر: "ما تقوله الولايات المتحدة هو أنه من جهة نحن نعرف أنه تم استخدام سلاح كيميائي، لكن من جهة أخرى لا يكفي أنهم يعرفون أنه تم استخدام سلاح كيميائي، وإنما يجب أن تستعرض أمام العالم أدلة على استخدام سلاح كهذا كي يدرك ويرى كل واحد أنه تم استخدام سلاح كهذا. والولايات المتحدة لا تملك حتى الآن أدلة كهذه".

(*) كيف ستواجه إسرائيل تنظيمات الجهاد العالمي التي تحارب في سورية ضد النظام، في حال وصولها إلى هضبة الجولان ونفذت هجمات ضد أهداف إسرائيلية؟

زيسر: "أعتقد أن إسرائيل ستعرف كيف ستواجه هذه التنظيمات. سيبنون جدارا وما إلى ذلك. لكن هذه التنظيمات لن تصل إلى الحدود مع سورية بشكل سريع، فهذا سيستغرق وقتا. وعلى كل حال هذه التنظيمات لم تصل إلى الجولان حتى الآن، وبشار ما زال في الحكم. لكن هذه هي المشكلة، وهذه إحدى القضايا التي لا تعرف إسرائيل كيف تتعامل معها".

(*) من الذي يؤجج النيران في سورية؟ من هي الجهة، أو الجهات، التي تريد تدمير سورية؟

زيسر: "أولا، التمرد في سورية هو ’حراك شعبي’ كما يقولون. يوجد هناك حافز أساس، ليس لتدمير الدولة، وإنما لإحداث تغيير معين. والنظام السوري أخطأ في تعامله مع هذا الحراك، في بداية الأزمة. وبدلا من التعامل معه بطرق أخرى، اختار التعامل معه بالحديد والنار وبدأ بإطلاق صواريخ على المعارضة. ولكن بعد أن أشرنا إلى ذلك، هناك أيضا، بالتأكيد، دول الخليج، التي لديها حساباتها. ونحن نعرف حسابات واعتبارات السعودية وقطر".

(*) هل تشير بهذا إلى أن السعودية وقطر تتدخلان في سورية بهدف تفكيك محور إيران - سورية - حزب الله؟

زيسر: "نعم. هذه الدول تريد تفكيك المحور الراديكالي ومنع الهيمنة الإيرانية على المنطقة".