انقسام حركة الاحتجاج الاجتماعية

على هامش المشهد

*نتائج العملية العسكرية ضد القطاع

ستتضح بمرور الوقت*

 

كتب بلال ضـاهـر:

 

خرجت إسرائيل من العملية العسكرية "عمود السحاب"، التي شنتها ضد الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، الأسبوع الماضي، لتدخل إلى معركة سياسية - دبلوماسية ضد السلطة الفلسطينية، في نهاية الأسبوع الجاري. وبينما جاءت التفسيرات حيال نتائج العملية العسكرية في القطاع متباينة، إلا أن نتائج الخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وقبول فلسطين دولة غير كاملة العضوية في هذه المنظمة الدولية، تبدو خطوة محسومة سلفا لصالح الفلسطينيين.

 

وتشير التقديرات في إسرائيل، وفقا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أمس الاثنين، إلى أن ما بين 130 إلى 150 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ستصوت إلى جانب الطلب الفلسطيني وستعترف بفلسطين دولة غير كاملة العضوية في المنظمة الدولية. كذلك تتوقع إسرائيل أن تصوت نصف دول الاتحاد الأوروبي على الأقل إلى جانب الطلب الفلسطيني، وعمليا فإن دولا قليلة جدا ستصوت ضد الطلب الفلسطيني.

ورغم إعلان الإدارة الأميركية عن معارضتها للخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة، إلا أنها تتحسب من خطوات إسرائيلية تعقب التصويت على الطلب الفلسطيني وإقراره في الجمعية العامة، بعد غد الخميس.

وأفادت صحيفة "هآرتس"، يوم الجمعة الماضي، بأن وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، حذرت خلال زيارتها لإسرائيل يوم الاربعاء الماضي، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزيري الدفاع، إيهود باراك، والخارجية، أفيغدور ليبرمان، من رد فعل إسرائيلي صارم على نجاح الخطوة الفلسطينية، ولوحت بأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية.

لكن يبدو أن حكومة نتنياهو لم تتقبل التحذير الأميركي، وتلوح بعقوبات ستفرضها على السلطة الفلسطينية في حال نجاح خطوتها في الأمم المتحدة.

ويواصل ليبرمان المطالبة بإسقاط الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، فيما يطالب وزير المالية الإسرائيلي، يوفال شتاينيتس، بتجميد أموال الضرائب والجمارك التي تجبيها إسرائيل لصالح الفلسطينيين بموجب اتفاقيات دولية. ويبدو من التقارير الإسرائيلية أن نتنياهو لم يقرر كيف سيتعامل مع هذه القضية، خصوصا في أعقاب الموقف الأميركي.

وفي هذه الأثناء أوقفت إسرائيل عمليتها العسكرية ضد القطاع وأعلنت أن هذه العملية حققت أهدافها، التي أعلنتها في بدايتها، وهي تحقيق الردع ضد الفصائل الفلسطينية، وجعلها تمتنع عن إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل.

وتعتبر إسرائيل أن علاقاتها مع نظام الإخوان المسلمين في مصر، ومع الرئيس محمد مرسي، قد تحسنت في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار.

وأجرى "المشهد الإسرائيلي" المقابلة التالية، التي تمحورت حول العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، والخطوة الفلسطينية في الأمم المتحدة، مع الباحث في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، شلومو بروم.

(*) "المشهد الإسرائيلي": كيف تنظر إلى نتائج العملية العسكرية "عمود السحاب" ضد قطاع غزة؟

بروم: "أعتقد أنه من السابق لأوانه التحدث عن نتائجها، لأن أهداف العملية العسكرية كانت واضحة جدا، وكان الهدف الأساس تعزيز الردع العسكري كي يكون عاملا في اعتبارات حماس يدفعها إلى منع إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل. وسنعرف بعد مرور بعض الوقت ما إذا كانت العملية العسكرية ناجحة أم لا".

(*) ما هي الأسباب التي دفعت إسرائيل إلى الموافقة على وقف إطلاق النار؟

بروم: "السبب الأساس أنه منذ البداية كانت هناك أهداف محدودة للعملية العسكرية. وعمليا فإن الهدف هو وقف إطلاق الصواريخ من غزة وتعزيز ردعنا بواسطة جعل المنظمات الفلسطينية الأخرى تدرك أنها ستدفع ثمنا غاليا بعد الأضرار التي تلحقها بإسرائيل. والشعور في إسرائيل أنه تم تحقيق هذا الهدف بعد الأيام الأولى من العملية العسكرية، ولذا تقرر إنهاء العملية بأسرع وقت ممكن. وأعتقد أنه كان بالإمكان إنهاء العملية العسكرية بعد أربعة أيام وليس ثمانية أيام. والآن يطرح كل واحد من الجانبين تحليلاته حيال الإنجاز الذي حققه في جولة القتال هذه، وهي تحليلات تتناقض مع تحليلات الجانب الآخر. وإحدى المصاعب في هذا السياق هي أنه لا توجد اتصالات أو محادثات مباشرة بين الجانبين وإنما تجري بوساطة طرف ثالث، وكل جانب يفسر التفاهمات لوقف إطلاق النار كما يريد. وأعتقد أن ما يوجه حماس هو الشعور لديها بأن وضعها الاستراتيجي تحسن لأنه أصبح يوجد في مصر حكم مؤيد لها، وهو حكم الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي. لكني لا أعرف ما إذا كانت مخطئة في هذه الناحية، لأن هذا لم يمنع إسرائيل من شن عملية عسكرية في نهاية الأمر".

(*) هل الانتخابات العامة في إسرائيل، التي ستجري بعد أقل من شهرين، كانت عاملا في اتخاذ القرار الإسرائيلي بوقف إطلاق النار؟

بروم: "بشكل عام لا يمكن عزل زعماء سياسيين عن اعتبارات سياسية. وأعتقد أن الانتخابات الإسرائيلية كانت أحد الاعتبارات لوقف إطلاق النار، بمعنى أنه كان واضحا لنتنياهو وتحت ضغط الرأي العام واحتمال أن يتجاوزه خصومه السياسيون، مثل رئيسة العمل، شيلي يحيموفيتش، ورئيس حزب ’يوجد مستقبل’، يائير لبيد، من جهة اليمين، أن عليه أن يفعل شيئا ما وأنه كلما استمرت العملية العسكرية أكثر فإنها ستزيد من مستوى الخطر عليه في الانتخابات".

(*) هل يتوقع أن يكون هناك تأثير لاتفاق وقف إطلاق النار بوساطة مصر على العلاقات المصرية - الإسرائيلية؟

بروم: "أعتقد أن هذا الحدث ساهم في نهاية الأمر في تحسين العلاقات بين إسرائيل ومصر برئاسة مرسي. لأنه اتضح لكلا الجانبين الإسرائيلي والمصري أنه ’إذا لم نكن متعلقَين الواحد بالآخر فإننا سنكون معلقين الواحد بجانب الآخر’. فالهدوء هو أمر هام بالنسبة لكلتا الدولتين، وتحقيق ذلك يتم من خلال عملهما معا. وأرى أنه توجد محفزات أكثر في الجانب المصري للحفاظ على علاقات مع إسرائيل. والقضية الأيديولوجية لدى مرسي لن تؤثر في هذا السياق".

(*) بعد غد، الخميس، يتوقع أن تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الطلب الفلسطيني بالاعتراف بفلسطين كدولة غير كاملة العضوية في المنظمة الدولية. لماذا تعارض إسرائيل هذه الخطوة الفلسطينية؟

بروم: "لأنها تتخوف من التبعات الفعلية لهذه الخطوة. والتبعات الأساسية هي أنه بمجرد موافقة الأمم المتحدة على قبول الفلسطينيين كدولة غير كاملة العضوية، فإنه سيكون بإمكان الفلسطينيين طلب الانضمام إلى معاهدات دولية وهيئات تابعة للأمم المتحدة. وأكثر ما يقلق إسرائيل هو طلب الفلسطينيين الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وهذا يعني من ناحية المحكمة الجنائية الدولية هو أن ما يحدث في المناطق المحتلة يدخل تحت الصلاحيات القضائية لهذه المحكمة. وبإمكان الفلسطينيين استخدام هذه المحكمة من أجل التنغيص على إسرائيل، وملاحقة شخصيات إسرائيلية، خصوصا في الجيش، وتقديم شكاوى ضدهم واتهامهم بارتكاب جرائم حرب مثلا، أو تقديم شكاوى ضد الاستيطان، وهذا سيكون مصدر إزعاج كبير بالنسبة لإسرائيل".

(*) كيف ستؤثر هذه الخطوة الفلسطينية، في حال نجاحها، على العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين؟ هل ستنفذ إسرائيل تهديداتها بإلحاق ضرر كبير بالسلطة الفلسطينية إلى حد التسبب بانهيارها؟

بروم: "أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية ستسعى إلى معاقبة السلطة الفلسطينية وأبو مازن [الرئيس الفلسطيني محمود عباس]. ولكن قدرتها على تنفيذ ذلك محدودة جدا، لأن انهيار السلطة الفلسطينية يتناقض مع مصالح إسرائيل. لذلك لا أعتقد أن إسرائيل ستقدم على تنفيذ خطوات ستؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية. وما يمكن أن تفعله إسرائيل هو إرجاء تحويل أموال الضرائب والجمارك التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية. لكن على ضوء الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية فإن عدم تحويل الأموال هو خطوة يمكن تنفيذها لفترة محدودة جدا، لأنه إذا طال استخدام سياسة كهذه فإنها ستؤدي إلى انهيار السلطة".

(*) ويبدو أنه يوجد انعدام توافق حول هذه القضية بين إسرائيل والولايات المتحدة؟

بروم: "نعم. ولكن لا يعني هذا أن الولايات المتحدة تؤيد الطلب الفلسطيني، بل هي تعارض هذه الخطوة وتحاول العمل دبلوماسيا ضدها. غير أن الولايات المتحدة تعتقد أنه في حال ردت إسرائيل بخطوات عقابية ضد الفلسطينيين فإن هذا سيكون خطأ أشد خطورة، ولذا ستحاول منع حدوث ذلك".

(*) إسرائيل لا تريد مفاوضات مع الفلسطينيين ولا تريد وقف الاستيطان ولا تريد أن يتوجه الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة. ما الذي تريده إسرائيل؟ وماذا تريد أن يفعل الفلسطينيون؟

بروم: "أعتقد أن ما يريده نتنياهو هو إجراء مفاوضات بموجب شروط يضعها هو. وأعتقد أيضا أنه مهتم جدا بأن تكون هناك مفاوضات. ربما هو ليس مهتما بالتوصل إلى نتيجة من هذه المفاوضات لكنه يريد مفاوضات كهذه لأن هذا سيجعله في وضع أفضل أمام العالم".

(*) لكن الفلسطينيين باتوا أكثر تيقظا ولا يريدون مفاوضات وفق شروط نتنياهو.

بروم: "صحيح، فهم لا يريدون أن يلعبوا لعبته والدخول في مفاوضات لن تنجم عنها أي نتائج حقيقية".