المراسل السياسي والدبلوماسي في صحيفة هآرتس: أتوقع أن ينتهي اللقاء بين نتنياهو وأوباما بمزيد من النفور

على هامش المشهد

 

كتب بلال ضـاهـر:

 

 

تواصلت في الأيام القليلة الماضية عملية تسريب تصريحات منسوبة إلى رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، بشأن هجوم إسرائيلي محتمل ضد المنشآت النووية في إيران. وكان آخر هذه التصريحات قول نتنياهو خلال اجتماع مغلق إنه "في حال تشكيل لجنة تحقيق (بعد مهاجمة إيران) فإنني سأذهب إليها وأقول أنا المسؤول".

 

 

وأضاف نتنياهو أنه سئم أجواء المداولات حول إيران التي يعارض فيها مسؤولون أمنيون هجوما إسرائيليا منفردا ضد إيران، مشيرًا إلى أنهم "يتحدثون إلى البرتوكول" بهدف تغطية أنفسهم وعدم تحميلهم مسؤولية أي تبعات محتملة.

 

وعبر نتنياهو، خلال الاجتماع المغلق، عن عدم ثقته بأن الولايات المتحدة ستمنع حصول إيران على سلاح نووي، وقال "سأكون مسرورا بأن يقوم الأميركيون بالعمل" لكنه قدر أنه في هذه المرحلة لن يلجأ الأميركيون إلى الخيار العسكري.

 

وتفيد التقارير الصحافية الإسرائيلية أن توازن القوى داخل طاقم الوزراء الثمانية، بين مؤيدي ومعارضي مهاجمة إيران، ما زال متعادلا، وأن نتنياهو يسعى إلى تعيين الوزير السابق، تساحي هنغبي، وزيرا في حكومته بعد انشقاقه عن حزب كاديما وانضمامه إلى حزب الليكود، وأنه سيتم ضمه إلى هذا الطاقم الوزاري المقلص على ضوء تأييده مهاجمة إيران وبذلك يكسر نتنياهو توازن القوى.

 

من جانبه قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، غيورا أيلاند، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس الأول الأحد، إن "الولايات المتحدة لا تعارض بشكل مطلق هجوما إسرائيليا في إيران مثلما يتم أحيانا استعراض الأمور في وسائل الإعلام" في إسرائيل. وأضاف "إذا نظر رئيس الولايات المتحدة إلى البياض في عيني رئيس الحكومة، أو فعل ذلك بواسطة مبعوث، وقال له بصورة لا لبس فيها ’لن تفعل ذلك’ فإن النقاش ينتهي على الفور برأيي". وأكد أن "إسرائيل لا يمكنها تنفيذ عملية عسكرية كهذه بخلاف واضح لمقولة أميركية".

 

وقال المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس"، باراك رافيد، لـ "المشهد الإسرائيلي": "في البداية بودي أن أقول إنني لست واثقا من أنه إذا قال نتنياهو إنه يجب مهاجمة إيران يعني أنه سينفذ ذلك، لأنه توجد فجوة كبيرة بين الأقوال والأفعال، وبشكل خاص لدى نتنياهو. ولم نر هذا في الموضوع الإيراني فقط، وإنما في الموضوع الفلسطيني أيضا، فهناك فرق كبير بين ما يصرح به وما ينفذه على أرض الواقع. وبالنسبة لنتنياهو فإنه مؤمن بأنه يجب تنفيذ هجوم في إيران إذا لم تفعل ذلك الولايات المتحدة. ولأنه يعتقد أن الولايات المتحدة لن تهاجم إيران فإنه يعتقد أن على إسرائيل أن تفعل ذلك. والسبب هو أن مفهومه تجاه إيران مؤداه أنه يوجد فيها حكم ديني متطرف، مشابه للحكم في كوريا الشمالية، وأن (المرشد العام للجمهورية الإسلامية علي) خامنئي هو جيم جونغ لي، والآن نجله. ولأنه لا يمكن التوقع مسبقا كيف سيعمل نظام كهذا فإنه لا يمكن المخاطرة والسماح بحصوله على سلاح نووي. ويدعي نتنياهو أن كل التصريحات الإيرانية، مثل نفي المحرقة والادعاء بأنه يجب محو إسرائيل عن الخريطة، تدل على أن الإيرانيين يطورون سلاحا نوويا من أجل استخدامه، وليس كي يقولوا إنهم يملكون سلاحا كهذا وحسب".

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": الانطباع هو أن كل القيادة الإسرائيلية، سواء السياسية أو الأمنية، تؤيد مهاجمة إيران، وأن الخلاف بينها يتعلق بشن هجوم بالتنسيق مع الولايات المتحدة أو شن هجوم إسرائيلي منفرد.

 

رافيد: "لا أعتقد أن كل القيادة تؤيد ذلك. بل أعتقد أن هناك مجموعة كبيرة جدا ترى أنه لا يتعين على إسرائيل شن هجوم كهذا، وأنه يتعين على الأميركيين أن يقودوا هذه القضية برمتها. وهذا هو ادعاء معظم الجهات التي تعارض هجوما إسرائيليا ضد إيران. والإجماع هو أنه يحظر أن تكون بيد إيران قنبلة نووية. وأعتقد أن رأيا مشابها لهذا الرأي موجود لدى السعودية والبحرين ومصر والأردن وفلسطين. فلا أحد يريد أن يكون بيد الإيرانيين سلاح نووي. ويرى الجميع كيف أن الإيرانيين يريدون الحصول على تأثير سياسي بالقوة، مثلما هي حال حزب الله في لبنان. ولذلك فإنه إذا كان لدى إيران سلاح نووي سينعكس ذلك ليس على إسرائيل فقط، وإنما على العالم العربي كله، الذي يرى ما يفعله الإيرانيون في سورية وما حاولوا فعله في البحرين واليمن. وليس صدفة أن السعوديين يتحدثون طوال الوقت ضد حيازة إيران على سلاح نووي".

 

(*) هل بإمكان إسرائيل شن هجوم منفرد في إيران من دون موافقة أميركية؟

 

رافيد: "لا توجد مشكلة لدى إسرائيل في مهاجمة إيران من الناحية التقنية، أي من ناحية القدرة العسكرية لتنفيذ هجوم كهذا. والمشكلة المركزية هي ماذا سيحدث بعد هجوم كهذا. كيف سيكون رد فعل المجتمع الدولي، وكيف سيكون رد الفعل الإيراني، وهل سيكون هناك دعم أميركي لإسرائيل".

 

(*) جميع الخبراء والمحللين في إسرائيل يؤكدون أن إيران لم تتخذ حتى الآن قرارا بنقل برنامجها النووي إلى مسار عسكري. فلماذا تصاعدت التهديدات الإسرائيلية بمهاجمة إيران في الأسبوع الأخير؟

 

رافيد: "وهذا ما تقوله أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أيضا. لكن أجهزة الاستخبارات تقول إن البرنامج النووي العسكري يتقدم طوال الوقت. وما تقوله هذه الأجهزة هو أن الزعيم الإيراني، خامنئي، لم يتخذ قرارا بعد لصنع قنبلة نووية، أو البدء بتركيب قنبلة كهذه. لكن هناك خطوات ينبغي التقدم بها في إطار البرنامج النووي من أجل التمكن من صنع قنبلة نووية. أي أن ما تقوله أجهزة الاستخبارات أن خامنئي لم يتخذ بعد القرار بصنع قنبلة نووية لكن هذا لا يعني أنه لم يتخذ القرار بالتقدم نحو صنع قنبلة نووية".

 

(*) لكن لماذا تصاعدت التهديدات الإسرائيلية بمهاجمة إيران خلال الأسبوع الأخير؟

 

رافيد: "الهدف الأساسي لذلك، برأيي، هو زيادة الضغوط على الإيرانيين كي يبدأ النظام الإيراني بالخوف من عدم تقدم المحادثات بينه وبين الغرب، ومن الجهة الثانية ممارسة ضغوط على الغرب بأنه إذا لم يشدد العقوبات والإجراءات الدبلوماسية ضد إيران فإنه لن يكون خيار أمامنا سوى أن نقوم بالعمل بأنفسنا".

 

(*) هذا يعني أن التهديدات الإسرائيلية ضد إيران هي نوع من الحرب النفسية؟

 

رافيد: "في تقديري أنه حتى الآن ما زلنا نخوض في الأساس حربا نفسية، أي ممارسة الضغوط على إيران وعلى الولايات المتحدة. وأنا لا أتفق مع تصريح رئيس الموساد الأسبق، إفرايم هليفي، بأن الأسابيع الـ 12 المقبلة هي فترة مصيرية في كل ما يتعلق بشن عملية عسكرية إسرائيلية في إيران. ربما تتغير الأمور في الأسابيع القريبة المقبلة، لكن الوضع الآن ليس بهذا الشكل. لذلك أعتقد أن كل هذه التصريحات تأتي في إطار الحرب النفسية".

 

(*) هل يصرف نتنياهو، من خلال تهديد إيران، النظر عن قضية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني ويبعد ضغوطا دولية تمارس عليه في هذا الموضوع؟

 

رافيد: "أعتقد أن كل الموضوع الفلسطيني بالنسبة لنتنياهو موجود في أسفل سلم الأولويات لديه. وهذا الوضع لم يبدأ اليوم ولا قبل شهر ولا قبل سنة. إن نتنياهو ليس مهتما بالعملية السياسية مع الفلسطينيين منذ أن أصبح رئيسا للحكومة، فهذا موضوع لا يهمه، وهو هامشي بالنسبة له. لذلك أعتقد أنه فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني هو يريد بالأساس أن يكون هناك هدوء كي يتركز في الموضوع الإيراني".

 

(*) توجد تحليلات في إسرائيل مفادها أن كل التهديدات التي يطلقها نتنياهو ضد إيران تصب في الواقع في حملة انتخابية يخوضها بشكل خاص ضد رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، التي أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تزايد شعبية حزبها، مقابل انخفاض شعبية حزب الليكود. وترى هذه التحليلات أيضا أنه لو أراد نتنياهو اتخاذ قرار بمهاجمة إيران لما حل حكومة الوحدة ودفع حزب كاديما، بجنرالاته، إلى الانسحاب من الحكومة. ما رأيك؟

 

رافيد: "لست واثقا من أن هذا التحليل صحيح. فالتطورات السياسية الداخلية تحدث أحيانا بسبب طبيعة الأشخاص والعلاقات الشخصية. عندما انضم حزب كاديما إلى التحالف قالوا إنه انضم لكي يتمكن نتنياهو من اتخاذ قرار بمهاجمة إيران. وعندما انسحب من التحالف قالوا إنه انسحب بسبب احتمال مهاجمة إيران. لا أعتقد أن كل خطوة سياسية داخلية مرتبطة فقط بإيران. ويبدو لي أن الأمور أكثر تعقيدا. وانضمام كاديما إلى التحالف والانسحاب منه كانا، برأيي، ناجمين عن أسباب سياسية داخلية، ولا توجد أية علاقة لذلك بالموضوع الإيراني".