صاحبة إحدى المدونات الصحافية المهمة: أوضاع الصحافة في إسرائيل ستكون أسوأ في حال فوز الليكود

على هامش المشهد

 

 

 

*لغة "تحمل العبء" هي لغة صهيونية وتريد أن تحشرنا في زاوية الضحية التي يحملونها وزر معاناتها* حكومة نتنياهو تريد أن تخلق وضعا تواصل فيه تمييزها العنصري بحجة أننا لا نخدم ولا نقوم بأي خدمة*

 

كتب بلال ضـاهر:

 

صادقت كتلة حزب الليكود في الكنيست، أول من أمس الأحد، على توصيات "لجنة دفع تقاسم أعباء الخدمة العسكرية" برئاسة عضو الكنيست يوحنان بليسنر من حزب كاديما، والتي تدعو إلى تجنيد الحريديم، أي اليهود المتشددين دينيا، والعرب إلى الخدمة العسكرية والمدنية.

 

وقررت كتلة الليكود بالإجماع تأييد توصيات لجنة بليسنر لكنها عدلت البند الذي يدعو إلى تأجيل معالجة موضوع تجنيد الشبان العرب للخدمة، ووفقا لقرار كتلة الليكود فإنه "لا يوجد سبب لإرجاء تطبيق هذا البند".

وعلى أثر قرار الليكود اتفق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ونائبه ورئيس حزب كاديما، شاؤول موفاز، على تشكيل لجنة، يكون في عضويتها بليسنر ووزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، لصياغة نص قانون الخدمة العسكرية والمدنية الجديد، ليحل مكان "قانون طال" الذي ألغت المحكمة العليا سريانه بدءا من الأول من شهر آب المقبل، والذي يمنح الحريديم إعفاءات وامتيازات في الخدمة العسكرية. ومن المقرر أن تقدم اللجنة نص مشروع القانون الجديد إلى الحكومة في اجتماعها الأسبوعي يوم الأحد المقبل.

وحول قرار حزب الليكود هذا، قال رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، عضو الكنيست محمد بركة، لـ "المشهد الإسرائيلي" إنه "يأتي تلبية لرغبة رئيسه، نتنياهو، الذي يريد أن يحافظ على ائتلافه وتحالفه الإستراتيجي مع المتدينين الأرثوذكس واليمين الأكثر تطرفا. ولو كان بإمكان نتنياهو أن يُخرج حزب كاديما من الحكومة وإجراء انتخابات قبل نهاية العام وقبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، ربما لفعل ذلك. لكن هو يعرف أن حل الكنيست في هذه المرحلة يعني دفع الانتخابات إلى ما بعد الانتخابات الأميركية وإلى ما قبل إقرار الميزانية العامة، وهذا يضعه أمام مأزقين. ولأنه مقبل على ضربات اقتصادية يريد أن يشاركه كاديما في ذلك، وربما هو يعتقد أيضا أن الظرف سيكون مواتيا أكثر لتحريك العملية السياسية بعد الانتخابات الأميركية وهو يريد أن يتلفع بكاديما في إطار الحكومة. علما أن كاديما، الذي يملك 28 مقعدا في الكنيست، انضم إلى الحكومة بأبخس الأسعار، لأنه حزب متهاو وملقى على الحبال في أطراف الحلبة. ولا يمكن لنتنياهو أن يتوقع فرصة أفضل لمشاركة ائتلافية بهذا الوزن البرلماني وبهذا الثمن البخس. بهذا المفهوم جاء قرار حزب الليكود ليحاول أن يتعاطى مع قرارات لجنة بليسنر وأن يتقبل أسسها، من ناحية، ومن الناحية الأخرى أن يترك المجال ليعلون وبليسنر كي يقدما صيغة مشروع قانون خلال يومين، تؤخذ فيه بعين الاعتبار المبادئ الأساسية التي يمكن أن تصور نتنياهو بأنه قام بشيء ما في موضوع التجنيد، وفي نفس الوقت يكون قد حافظ على ائتلافه مع المتدينين الأرثوذكس، رغم أن هذا غير مضمون الآن وفي الأيام القريبة المقبلة".

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما هو موقفكم وموقف الأقلية الفلسطينية في إسرائيل من فرض التجنيد عليكم، والحديث يدور على التجنيد للخدمة المدنية؟

بركة: "بالنسبة لنا، نحن الفلسطينيين في إسرائيل، موقفنا واضح. وموقفنا يتدرج في سلم من القيم والمعطيات السياسية التي نوجزها بما يلي:

"أولا، نحن نرفض مفهوم مقايضة الحقوق بالواجبات، بالمفهوم الفكري للدولة المدنية. وهذه المعادلة لا يمكن أن يكون لها مكان. فالحقوق هي حق لكل مواطن بشكل مطلق والواجبات يؤديها المواطن حسب قدرته أو حسب إمكانياته أو حسب معتقداته. أي أن الحقوق مطلقة والواجبات نسبية.

"ثانيا، نحن لا نعتقد أن الخدمة العسكرية هي قيمة بذاتها، وأن الخدمة العسكرية ليست مفتاح بوابة الدخول إلى المواطنة. فقط في دول توتاليتارية قمعية تصبح الخدمة العسكرية قيمة. وإسرائيل تسير على هذا النهج الذي تشكل فيه الخدمة العسكرية مدخلا للمواطنة. وهذا الأمر غير مقبول علينا، ليس فقط كفلسطينيين، وإنما أيضا كمواطنين لدينا رؤية تقدمية ديمقراطية حديثة.

"ثالثا، نحن بعيدون كل البعد عن مصطلحات ولغة السياسة الصهيونية الدارجة. هم يقولون إنهم يريدون أن يفرضوا على العرب خدمة بديلة للخدمة العسكرية من أجل المساواة في تحمل العبء. ونحن لا يمكن أن نوافق على هذه اللغة وعلى مصطلح تقاسم العبء مثلما يطرحونه. وتوجد هنا عدة أسئلة. هل هذا عبء الخدمة العسكرية وعبء الاحتلال والاستيطان؟. طبعا نحن لا يمكن أن نكون جزءا من هذا العبء. الأمر الثاني هو أنه إذا كانت ثمة حاجة لجرد حساب، فالفلسطينيون هم الذي دفعوا الثمن لقيام إسرائيل وهذا العبء حملناه على أكتافنا حتى اليوم، بفعل تشرد شعبنا ومصادرة أراضينا بعد قيام إسرائيل والحكم العسكري الذي كان مفروضا علينا والتمييز العنصري الذي نعاني منه حتى اليوم. فإذا أجرينا ميزان العبء فإن دولة إسرائيل عليها أن تخطب ود الجماهير الفلسطينية في إسرائيل بمدها بميزانيات لقرنين مقبلين. ولغة تحمل العبء هي لغة صهيونية تريد أن تحشرنا في زاوية الضحية التي يحملونها وزر معاناتها.

"رابعا، فيما يتعلق بالخدمة المدنية، وهو الحديث عن الخدمة البديلة، يقال لنا أن علينا تأدية خدمة مدنية لصالح المجتمع. ونحن نعتقد أن على حكومة إسرائيل أن تقضي على سياسة التمييز والغبن والعنصرية سواء في الميزانيات أو الحقوق أو القانون، وهذا هو المطلوب من الحكومة بالأساس. فلا يعقل أن تكون نسبة البطالة في إسرائيل بالمعدل ما بين 4 إلى 5 بالمئة بينما بين العرب أكثر من 20 بالمئة. ولا يمكن أن تكون نسبة الفقر في إسرائيل 18 بالمئة بينما بين العرب 54 بالمئة. ولا يمكن أن يكون 30 بالمئة من الأطفال في إسرائيل يعيشون تحت خط الفقر بينما 64 بالمئة من الأطفال العرب يعيشون تحت خط الفقر. هذه المعادلة هي العبء الأكبر وعلى الحكومة أن تأتي بيدين نظيفتين في كل ما يتعلق بمسألة الحقوق وما إلى ذلك.

"خامسا، إن مجتمعنا يعاني ليس من اضطهاد قومي فقط وإنما من اضطهاد طبقي أيضا. فنحن لا نريد أن تتحول الخدمة المدنية المقترحة كبديل للخدمة العسكرية إلى وسيلة لخلق جيوب جديدة من البطالة وأن تتبرأ الدولة من مسؤوليتها تجاهنا وتشغل العرب في أعمال سخرة كان يجب على الدولة أن تقوم بها. وهذا ينتج تفاقما في حالة البطالة. وتزداد مشاكل المجتمع العربي، ويزحف شبابنا في خلفية الحركة الصهيونية وهذا أمر غير مقبول علينا أبدا.

"سادسا، إنهم يلوحون بالخدمة المدنية أو الخدمة القومية. والمعروف أنه إذا أردت أن تقوم بمشاريع في هذا الصدد فإنه يجب رصد ميزانيات لهذه المشاريع. لكن دولة أو حكومة إسرائيل لم ترصد أي شيء. ولذلك نحن نشكك في نوايا الحكومة. وهم لا يرصدون شيئا وإنما يريدون أن تتحول الخدمة المدنية إلى أمر فارغ من أي مضمون حتى في عرفهم هم. فهم لا يتحدثون عن أية ميزانيات كي يستوعبوا 25 ألف شاب من أبناء 18 عاما في كل عام. وبهذا المفهوم نحن نعتقد أن الحكومة غير جادة على الإطلاق في ادعائها بأنها تريد تحقيق المساواة، وإنما تريد أن تخلق وضعا تواصل فيه تمييزها العنصري بحجة أننا لا نخدم ولا نقوم بأية خدمة".

(*) الجندي الإسرائيلي يحصل بعد تسريحه على امتيازات في السكن وعلى منح في الدراسة الجامعية وما إلى ذلك. هل إسرائيل مستعدة لتحمل تكلفة الخدمة المدنية للعرب؟

بركة: "الحكومات الإسرائيلية درجت على منح امتيازات للمسرحين من الخدمة العسكرية. وكان شرط الخدمة العسكرية لتقديم امتيازات مجرد يافطة لتفضيل اليهود على العرب وترسيخ أسس النظام العنصري القائم في إسرائيل. وأنا لا أرى أن الخدمة العسكرية هي شرط للدخول إلى المواطنة، وأنه لا يمكن أن يكون غير ذلك في دولة تقول إنها ديمقراطية وحديثة ومتقدمة. وفي واقع الحال فإنه حتى ما يعدون به شبابنا، الذين يمكن أن يؤدوا الخدمة المدنية، لا يساوي 10 بالمئة مما كان يمكن أن يكسبوه كعاملين. لذلك هذه كذبة كبيرة وتعيدنا مرة أخرى إلى ربط الحقوق بالواجبات. وعندما تم قبول إسرائيل قبل سنتين أو ثلاث سنوات عضوا في منظمة OECD كانت هناك إشارات واضحة من جانب المنظمة إلى بواطن خلل في الاقتصاد الإسرائيلي وموضوع العرب والتمييز الذي يعانون منه، وإلى موضوع اليهود المتدينين الأرثوذكس الذين يعانون من أوضاع اجتماعية قاسية أيضا وإلى جمهور النساء. والآن يتم طرح الخدمة العسكرية والمدنية، وعلى ما يبدو أن نتنياهو يريد أن يوفر لنفسه غطاء وحجة لتبرير مواصلة هذا الاضطهاد وهذا التمييز العنصري ضد العرب واليهود الأرثوذكس والادعاء أنهم لا يقومون بواجباتهم. هذا غير مقبول وعلى المجتمع الدولي الذي حول قضية حقوق الإنسان والديمقراطية إلى قضية عابرة للقارات ألا يقبل باشتراطات حكومة إسرائيل. وأريد هنا أن أشير بالإيجاب الشديد إلى قرار البرلمان الأوروبي بمطالبة إسرائيل بإلغاء خطة برافر [الذي يهدف إلى ترحيل عشرات ألوف المواطنين العرب البدو عن قراهم وأراضيهم في النقب]. ويجب أن تتبعه قرارات ضد ممارسات التمييز ضد العرب منذ قيام إسرائيل وحتى اليوم".

(*) نتنياهو اتصل بك وبرؤساء الكتل العربية الأخرى، قبل عدة أيام، للتحدث حول موضوع الخدمة المدنية. ما هي الرسالة التي أراد تمريرها إليكم؟

بركة: "قلت لنتنياهو عندما تحدث إليّ أن لديه أزمة ما. وأنه يتحدث معي لكن حديثه يبدو موجها إلى رئيس حزب إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان، الذي يطالب بفرض خدمة على العرب. وكان حديثه معي وكأنه يلقي بيانا. وقد شعرت بأنه يستخدم جملة يريد أن يضمنها في بيان سيصدره بعد دقائق من انتهاء محادثته معي. فقد قال ’إذا فرضنا الخدمة على المتدينين اليهود فإننا لا نستطيع ألا نفرضها على العرب. وموضوع المساواة في تحمل العبء يجب أن يسري على الجميع ونحن لا يمكن أن نقوم بغير ذلك’. وقلت له إنه يدلي بهذه الأقوال كي يضمنها في بيان سيصدره بعد وقت قصير. وقلت له أيضا إن كلامه غير جدي، وتقاسم العبء غير مقبول علينا وأن المطلوب منه تحمل المسؤولية في تحقيق المساواة للجماهير العربية التي تعاني من التمييز في جميع المجالات. كذلك قلت إنه لو أراد أن يبحث الموضوع بشكل جدي لاتصل بنا قبل شهر أو شهرين، وأن ما يفعله الآن هو انحدار إلى حضيض جديد وأن عليه التعامل مع ممثلي الجماهير العربية، لكنه في الواقع أراد أن يستخدم العرب كبركة سباحة دافئة مع ليبرمان".

(*) من المقرر أن يتم سن قانون الخدمة الجديد خلال أسبوعين، وقبل حلول نهاية الشهر الحالي، لأن هذا القانون هو بديل لـ "قانون طال" الذي ينتهي سريان مفعوله في الأول من شهر آب المقبل. وبصفتك نائب رئيس الكنيست، هل بالإمكان إقرار وسن مشروع قانون ضخم من هذا النوع خلال هذه الفترة القصيرة، علما أن الكنيست سيخرج إلى العطلة الصيفية بعد ثلاثة أسابيع أو أقل قليلا؟

بركة: "واضح أن مشروع القانون سيأتي مسلوقا وليس مطبوخا. وحتى لو كان مطبوخا فإنه سيكون أسوأ، لأن الأغلبية البرلمانية يمكن أن تختلف على كل شيء إلا شيء واحد وهو الاتفاق على بنود ضد العرب. والقانون الجديد محكوم بقرار المحكمة العليا بشأن إلغاء قانون طال، وعدم سريان القانون الإسرائيلي الذي يعني فرض التجنيد الإلزامي على اليهود المتدينين وإنما وضع قانون بديل لقانون طال. وهذا يوفر مخرجا لاستمرار العلاقات بين نتنياهو والحريديم".

(*) كيف ستواجهون، كأقلية عربية، سن قانون كهذا؟

بركة: "إذا أرادوا التحدث عن خدمة مدنية تطوعية، فمعركتنا ستكون معركة جماهيرية شعبية أمام شبابنا كي لا يذهبوا إلى هذه الخدمة. لكن إذا أرادوا أن يفرضوا بشكل إلزامي مثل هذه الخدمة فلن يكون أمامنا مناص إلا أن نقرر أننا لن نحترم هكذا قانون ونرفض الخدمة العسكرية ونرفض بدائلها. ونحن لسنا بحاجة إلى مدرسة نتنياهو في التطوع في مجتمعنا، فنحن أساتذة في مدرسة التطوع، من خلال هيئاتنا وأحزابنا ومؤسساتنا وجمعياتنا للتطوع لصالح المجتمع. لذلك إذا أرادوا سن قانون يشمل إلزاما فإننا لن نحترم هذا القانون وبهذا المفهوم سوف ندعو شبابنا إلى أن لا ينصاعوا إلى هكذا قانون، ولن يردعنا أن ندفع ثمنا جراء ذلك وأن يفسر رفضنا كعصيان مدني، ونحن ندعو إلى ذلك. وإذا احتاج الأمر إلى أن يدخل السجون 5 أو 10 آلاف من بين 25 ألف شاب وشابة من أبناء سن 18 عاما، فإن هذه الصورة ستكون واضحة أمام العالم بأن إسرائيل تريد فرض خدمة على شبابنا من خلال الفكر الصهيوني الذي يمجد العسكرة والجيش والاستيطان ويمجد التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وهو شعبنا ولحمنا ودمنا".