Gantz, his program, and the developments in the Israeli electoral scene.

وثائق وتقارير

ضمن ما يجوز تسميته بحملة تبييض وجه الكيان الإسرائيلي عالميا ومحاولة تضليل الرأي العام الأوروبي عامة والنرويجي خاصة، وبعد سلسلة من الخروقات والجرائم والمذابح والمخالفات القانونية التي قامت وتقوم بها حكومات وسلطات الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة، قامت جماعة من أصدقاء إسرائيل في النرويج بإحضار حافلة من الباصات الإسرائيلية التي تعرضت لهجمة فدائية قبل عامين وتحديدا في 18-6-2002 حيث سيتم عرضها لمدة أسبوعين متتاليين في وسط العاصمة اوسلو. وكانت الحافلة المذكورة قد عرضت في بلدان أوروبية عدة ، وسيتم عرضها في عدة مدن نرويجية، ثم في مدريد وميلانو ومدن وعواصم أوروبية اخرى.

 

أحضرت الحافلة المذكورة على نفقة بعض المتصهينين النرويجين  الذين لم يعرفوا عن أنفسهم باستثناء المسئولة عن الحملة استر كريستوفر وهي اخصائية علم نفس. وفي معرض ردها على سؤال مراسل التلفزيون الرسمي النرويجي القناة الأولى اعترفت بأنها شخصيا من ممولي الحملة. تعتبر كريستوفر من عتاة التصهين في النرويج  وتعود أصولها لعائلة مسيحية محافظة تلتزم بالصهيونية نهجا وعقيدة ، واعتادت  كما امثالها من المتصهينين هنا على بث الأكاذيب والخداع بشكل منظم، كذلك تواظب بمناسبة وبلا مناسبة على نفي الحقائق في أحاديثها مع وسائل الإعلام المحلية حول الصراع العربي الصهيوني. ومن كلامها وكلام امثالها نورد الأمثلة التالية :

نفي علاقة كيان إسرائيل وشارون بمجازر مخيمي صبرا وشاتيلا في أيلول 1982 ومنهم من يقول ان سوريا قامت بالمجازر !!  كما يبررون مجزرة جنين عبر استعمالهم مفردات مثل "حق الجنود الإسرائيليين" (الغزاة) بالدفاع عن النفس.

وعندما سألتها لماذا كان الجنود في مخيم جنين ؟ وإن كان في المخيم مدينة ملاهي جاءوا  كي يتلهوا فيها مع أنها تبعد مئات الكيلومترات عن تل أبيب والقدس ؟! أجابت بأنهم كانوا هناك ليدافعوا عن امن إسرائيل.

معظم هؤلاء من المنظمات النرويجية الدينية المتصهينة على غرار جورج بوش ورامسفيلد وتشيني، لكن في المقابل نذكر القارئ الفاضل بأن رئيس لجنة التضامن مع الشعب الفلسطيني هو الأب أويفيد ساغيدال راعي كنيسة  "أوير" في " سوغني فيورد" ونشدد على انه لجزء كبير ومهم من الكنيسة النرويجية مواقف مشرفة في هذه المرحلة حيث تساهم مساهمة فعالة في فضح جرائم إسرائيل وإبداء تعاطفها ودعمها لنضال الفلسطينيين.

وصلت الحافلة المصابة إلى ساحة " يونغس تورغيت" في العاصمة النرويجية اوسلو ظهر يوم الخميس الموافق 27 أيار/ مايو الجاري، وفور وصولها الى المكان كان أنصار فلسطين من النرويجيين وأبناء الجالية الفلسطينية بانتظارها وهم يرفعون صورا تبين الإرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة. وقد تفاجأ أصدقاء إسرائيل بسرعة حضور الطرف المؤيد للفلسطينيين للمكان بالرغم عن التعتيم والسرية التي أحيطت بموعد قدوم الحافلة. وقد سبق أن تأجل إحضارها للساحة المذكورة بسبب مجازر رفح الأخيرة وإضراب الصحافة في النرويج. حيث تم تأجيل وضعها في الساحة من 18 أيار/ مايو حتى إشعار آخر. لذا فالحضور السريع والفعال للجالية وأنصار فلسطين زاد من إرباكهم و كان واضحا أن أبناء وانصار فلسطين قد جهزوا أنفسهم وتحسبوا  لمعركة الأعلام والرأي العام.

نستطيع القول بأمانة ان الجولة الأولى من معركة كسب الرأي العام النرويجي كانت فلسطينية النصر ولصالح أصدقاء وأنصار وأبناء فلسطين في النرويج. بالمناسبة فقد أظهرت استطلاعات الرأي هنا تعاطف 70% من النرويجيين مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وهذا يوضح انه لم تكن الصدفة وحدها السبب في إعلان سائق القاطرة (النرويجي) التي أحضرت الحافلة الإسرائيلية المصابة عن تعاطفه مع الشعب الفلسطيني وإدانته للإجرام الإسرائيلي في فلسطين. ولم يكن من عوامل الصدف أيضا قيام اكبر نقابة عمالية في البلاد وهي تضم حوالي مليون عضو برفع شعار ضخم على مبنى النقابة المواجه للساحة التي وضعت فيها الحافلة مع جملة تقول إن : "الاحتلال يصنع الإرهاب وليس السلام"، في إشارة للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وجرائمه فيها وردود الفعل الفلسطينية عليها.

والجدير بالذكر ان كاتب هذه السطور وهو احد أبناء الجالية الفلسطينية وهو أيضا من ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا 1982 قد قام بخلع لباسه أمام عدسات الكاميرا والجمهور مظهرا الطرف الصناعي "الساق الصناعية" حيث كانت ساقه قد بترت كاملة وأصيب إصابة خطيرة في المجزرة المذكورة. ثم شرح لوسائل الإعلام المحلية والدولية خطورة موافقة حكومة النرويج والحكومات الأوروبية الأخرى على استقبال الحافلة الإسرائيلية المعطوبة، خاصة ان مذابح ومجازر الاحتلال مستمرة بشكل دائم ومنظم. وقد تحدث كذلك عن المذبحة وإرهاب الصهاينة واستحضر المجزرة التي راح ضحيتها مئات السكان المدنيين في المخيمين، وقد لاقت تلك المبادرة اهتماما كبيرا من الجمهور وأبدى الحضور تعاطفه مع الفلسطينيين وتنديده وإدانته بإرهاب الدولة الصهيونية.

هذه المعركة الإعلامية بدأت يوم الخميس 27-5-2004 وسوف تستمر لمدة 14 يوما أخرى في العاصمة وفي مدن نرويجية أخرى حيث حشد أصدقاء إسرائيل كل قوتهم في هذه المعركة الفاصلة، لأنها تعتبر الطلقة الأخيرة في جعبة المحاربين الصهاينة القدامى والجدد في بلد كان شهد ولادة سلام معوق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. وهنا يمكننا القول أن الأيام القادمة سوف تكون حبلى بالنشاطات والمفاجآت من عاصمة السلام المبتور اوسلو.

وضمن السياق نفسه من حملة مواجهة اعداء السلام ، كما في حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني ومواجهة غطرسة وجرائم الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، تقدمت رابطة عمال النفط والبتروكيماويات النرويجية بمشروع يدعو كافة الأحزاب والمؤسسات ومراكز القوى النرويجية إلى العمل معا من اجل فرض عقوبات شاملة على الكيان الاسرائيلي. وجاءت تلك الاقوال على لسان رئيس الرابطة السيد لايف سانده ، وقد دعا الاخير الحكومة النرويجية للقبول بمشروعه الذي اعتبره خلاصة نقاش استمر لسنوات عدة، وقال سانده ان ما حدث من مذابح في رفح وقطاع غزة مؤخرا جاء  ليعزز هذا التوجه.

ودعا أيضا الأحزاب السياسية لمشاطرة رابطته هذا التوجه لأن ما تقوم به اسرائيل من قتل للمدنيين وتهديم وتدمير للبيوت وخروقات لحقوق الانسان يحتم الاسراع بتنفيذ المشروع.

تعود فكرة مقاطعة اسرائيل وفرض عقوبات عليها لسنوات عدة مضت وكان هناك مشروع قرار في مجلس بلدية اوسلو يقضي بفرض عقوبات شبيهة بالتي كانت مفروضة على نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا، لكن المشروع الذي كان مدعوما من حزب اليسار الاشتراكي بالأساس فشل لأسباب عدة، مع ان حملة المقاطعة استمرت وأنتجت  مردودا جيدا ثم جنت ثمار  زرعها في النرويج، لكنها فيما بعد تراجعت ، وبالذات مؤخرا لأسباب إدارية وإعلامية.

وفي سياق الفكرة نفسها قالت زعيمة حزب الوسط اوسلاك هاغا ان المشروع سيطرح على الحكومة، وتمنت ان تقوم بلادها بتبنيه وطرحه على دول الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة ليكون ملزما للجميع. و تتوافق هذه الطروحات والمبادرات مع مشاريع حزب اليسار الاشتراكي الذي طالب ويطالب بمقاطعة اقتصادية شاملة مع اسرائيل لكن صعوبة تحقيق هذا الطلب حاليا في اوروربا تجعل المقاطعة المطلوبة مبدئيا تشمل تجارة السلاح مع الكيان الاسرائيلي.

(*) نضال حمد- رئيس الجالية الفلسطينية في النرويج