شارون يرفض استقالة مستشاره لشؤون الامن القومي

وثائق وتقارير

 رائحة الملايين العراقية تجتذب انوف الاسرائيلين: دراسة جديدة لوزارة المالية الاسرائيلية حول "الكعكة العراقية" تبين اسرائيل ستحقق ارباحا بقيمة 17.5 مليار دولار من آثار العدوان على العراق في غضون السنوات الخمس القادمة * السماح للشركات المحلية بالاستثمار داخل العراق * اسرائيل تستعد لشراء نفط خام من العراق سيصل عن طريق تركيا - في المرحلة الاولى: 10% من اجمالي واردات اسرائيل من النفط، لكن الكمية ستزداد بعد ذلك... 

 

كتب: وديع عواودة

قبل ان تحط الحرب اوزارها في العراق كان في حكم المؤكد ان اسرائيل ستكون عضواً في نادي الدول الرابحة منها، وذلك في ثلاثة مجالات: استراتيجية وسياسية واقتصادية. وفيما تحقق ذلك في المجالالاول، فانها تسعى اليوم لحصد المزيد من المكاسب لتصطاد عصفورًا إقتصاديا وآخر سياسيًا بحجر واحد: جني أرباح طائلة بوسائل عديدة وعبر شركات استثمارية مختلفة، وبناء علاقات تعاون وصداقة مع دول عربية مركزية كانت حتى الامس من ألدّ أعدائها، مما سيساهم في فتح المزيد من الابواب في الوطن العربي امامها، وبمساعدة الامريكيين.

وبعد أن حطت الحرب أوزارها، وسقط النظام في بلاد الرافدين، انتشرت في العراق وخارجه موجات متتالية من الشائعات حول مشاركة اسرائيل في عمليات اعادة إعمار البلاد.

وبموجب دراسة اعدتها وزارة المالية الاسرائيلية مؤخراً ونشرت في الصحف المحلية، فان اسرائيل ستحقق ارباحا بقيمة 17.5 مليار دولار من آثار العدوان على العراق في غضون السنوات الخمس القادمة. ويوضح رجل الاقتصاد شلومو معوز في الدراسة المذكورة انه بامكان اسرائيل، ولأول مرة، تقليص 700 – 400 مليون دولار من ميزانية وزارة الدفاع بعد زوال الخطر العراقي. هذا اضافة الى الانخفاض المتوقع بنسبة 25- 40% في اسعار النفط الذي سيشحن اليها من العراق، مما سيوفر على اقتصادها من 750 مليون دولار الى مليار وربع المليار دولار في العام الواحد. كذلك تتوقع الدراسة اياها انتعاش السياحة الوافدة الى اسرائيل وازدياد مدخولاتها بقيمة 300 مليون دولار في كل عام. اضافة الى مليار ونصف المليار دولار في حالة احراز السلام مع الفلسطينين، هذا عدا عن فتح ابواب الاستثمار الاجنبي بقيمة 500 مليون دولار في العام الواحد.

هذا على المستوى العام. اما في القطاع الخاص فهناك تسابق بل تدافع من طرف شركات اسرائيلية تتطلع الى مباشرة اعمالها الاستثمارية في العراق في مجالات الطاقة والبنى التحتية والعقارات. ويأتي ذلك بعد الضوء الاخضر الذي تلقته هذه الشركات من الحكومة الاسرائيلية. وكانت كبرى الصحف الاسرائيلية، "يديعوت احرونوت"، نشرت تقريرًا حول المناقصات لاعادة اعمار العراق جاء فيه: " مصادر رسمية في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) توجهت مؤخرًا الى اسرائيل وابلغتها بعدم وجود اي مانع يحول دون قيام شركات اسرائيلية في تزويد المواد والخدمات واعمال مختلفة متعلقة بترميم العراق". وفي ضوء ذلك تقدمت عشرات الشركات الاسرائيلية بطلبات الى وزارة المالية للحصول على التراخيص التي تمكّنها من العمل والاستثمار في "دولة معادية"، كما اكد – في حديث مع "المشهد الاسرائيلي" - مكتب الناطق بلسان الوزارة، الذي ذكر لنا اسماء كبرى هذه الشركات: "سوليل بونيه"، كبرى شركات البناء، "تسيم"، كبرى شركات النقل البحري والبري، "ارونسون"، كبرى الشركات الاسرائيلية في مجال البنى التحتية، شركة "كاردان" - المياه، " افريقيا اسرائيل"، مجال انشاء الطرق، "الشركة لاسرائيل" - في مجال تقطير المياه، "بزان" – مجال تشغيل مصافي تكرير النفط.

وفي الاسبوع الماضي اعلنت وزارة المالية الاسرائيلية عن قرارها بالسماح للشركات المحلية بالاستثمار داخل العراق. وفي حديث معنا اكد مدير عام شركة "بزان"، يشار بن مردخاي ان "الشركة تستعد لشراء نفط خام من العراق سيصل عن طريق تركيا. ويدور الحديث في المرحلة الاولى عن 10% من اجمالي واردات اسرائيل من النفط، لكن الكمية ستزداد بعد ذلك".

وعلى ذمة محرر الشؤون الاقتصادية في صحيفة "يديعوت احرونوت" فان العراقيين انفسهم معنيون بمشاركة الاسرائيلين في "الكعكة العراقية" على حد قوله، علما بأن اقوالا مناقضة كانت وردت موخرًا على لسان وزير النفط العراقي جاء فيها انه "ليست لنا اي مصلحة باشراك اسرائيل او التعاون معها في مجال ضخ النفط او احياء قناة كركوك – حيفا . وليس للاسرائيليين ان يحلموا بذلك".

وتدرس عشر شركات اسرائيلية مختصة (في مجالات: الخدمات الطبية، الادوية، ادارة المشاريع، التخطيط، الهندسة والمواد الاستهلاكية وتطوير الاجهزة الخاصة بالفحوصات الامنية) امكانية مشاركتها في اعمار العراق. ويتم ذلك عن طريق مجموعة "امنت" وشركة "واثيربول"، اللتين يمثلهما المحامي غلعاد شير، الذي كان عضوا بارزا في الوفد الاسرائيلي المفاوض مع الفلسطينين ايام حكومة ايهود براك. وتحاشيا لاحراج الامريكيين، وبناء على طلبهم، تسعى هذه الشركات لارتداء أغطية عربية. وقد اكدّت صحيفة " يديعوت احرونوت" في عددها الصادر يوم 28.07.03 ذلك حيث ورد على لسان محررها الاقتصادي سيفر فلوتسكرالقول: "واوصت المصادر في البنتاغون اسرائيل باشراك شركات مصرية واردنية في المناقصات، اذ سيسهم الامر من الناحية السياسية في دمج اسرائيل ضمن مشاريع اعادة بناء العراق والتي تقدر بمليارات الدولارات.

وينظر الى هذه المبادرات المشتركة على انها ستدخل تغييرا على الاجواء السائدة في الشرق الاوسط، وانها ستنفع اقتصاد السلطة الفلسطينية والاردن". وقد اكد على هذه الخطة الامريكية – الاسرائيلية الناطق بلسان "تسيم"، اكبر شركة نقل بحري في اسرائيل، ران نادلر الذي قال لنا: "صحيح اننا نتطلع الى استثمارات كبيرة في العراق وقد فرغنا من استصدار التراخيص الاجراءية اللازمة، لكننا في انتظار ترتيب بعض الامور مع وكالة عربية تعمل على انهاء اتصالاتها مع جهات امريكية وعراقية بهذا الخصوص".

في المقابل تحفظ بعض مسؤولي الشركات الاسرائيلية من مجرد التحدث في الموضوع، ويبدو ان قيام الصحف العبرية بالنشر حول حقيقية استعدادتها الراهنة احرجها او عرضها لمساءلات رسمية. الناطق بلسان شركة "سوليل بونيه"، اكبر شركة بناء في اسرائيل، موشيه ترويج، اجاب على اسئلتنا: "نتمنى ان يكون موضوع الاستثمار بأيدينا، فهو كما تعلم تحت سيطرة الامريكان وهم اصحاب القرار بما يتعلق بهوية الشركات المشاركة في اعادة تعمير العراق فور انهاء الترتيبات الضرورية للاستقرار هناك. ولذلك نحن لم نباشر في اتخاذ خطوات عملية بعد ومن المبكر التحدّث حول ذلك". يذكر في هذا المضمار ان جون تيلور، احدى الشخصيات الاقتصادية المؤثرة في البيت الابيض، كان قد صرح في مقابلة مع صحيفة " يديعوت احرونوت" من يوم 22.07.03: ادعو الشركات الاسرائيلية للمشاركة في جهود اعادة اعمار العراق وآمل ان تعرف هذه الشركات كيف تستغل الفرص الكبيرة المتاحة امامها". (يشار الى ان تيلور هو امين عام اللجنة الامريكية المكلفة بالاشراف على الاقتصاد الاسرائيلي وهو الشخص الذي صادق على منح الضمانات لاسرائيل). ويقول تيلور ان عملية التشريع في المجالات الاقتصادية التي ستشهدها العراق في غضون اسابيع ستتيح فرصة امام الشركات الاسرائيلية لاستغلال الواقع الاقتصادي الجديد في العراق مما سيدفع الاقتصاد الاسرائيلي برمته الى امام".

وردا على سؤال الصحيفة هل سيكون بامكان شركات اسرائيلية المشاركة في مناقصات لتطوير البنى الاساسية في العراق اضاف تيلور: "بالطبع، لا مانع يحول دون ذلك، الشركات الاسرائيلية لها مميزات مثبتة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة وتطوير البنى الاساسية كذلك يمكنها بيع منتوجات اسرائيلية في العراق، ويمكن فعل ذلك بشكل ذاتي او بالمشاركة مع جهات اخرى". وكشف ان "عملية ترميم العراق ستستغرق عدة سنوات وبعد فترة قصيرة سيتم التداول بعملة عراقية جديدة"!

في المقابل سارعت وزارة التجارة الامريكية الى اسداء النصيحة للشركات الاسرائيلية بالاندماج مع شركات اردنية تمهيدا للمنافسة المتوقعة على السوق العراقية في الوقت المناسب. وتقدر الادارة الامريكية بان قيمته ستتراوح بين 650 مليار دولار وبين تريليون دولار، كما نشر في الصحف العبرية الاسبوع الماضي. واوصت وزارة التجارة المذكورة الشركات الاسرائيلية المعنية بالعمل في العراق مع شركات اردنية لتكون مقاولا ثانويا لسبع شركات امريكية فازت بعقود في مجال المساعدات الانساية وترميم البنى التحتية في العراق.

والمفارقة ايضا تكمن في قيام وزارة الزراعة الاسرائيلية باجراء الاتصالات مع الادارة الامريكية بغية تصدير الفواكه والخضراوات للعراق بلاد الثروات والخيرات. واعلن انه ضمن هذه المداولات تفحص امكانية ضم السلطة الفلسطينية والسماح بتصدير خضراوات ومنتوجات زراعية فلسطينية ايضاً. وااليوم تقوم امريكا بشراء الاطعمة المختلفة لجنودها في العراق من اسرائيل بقيمة 50 مليون دولار شهريا.  

 

العراق يجتذب السياح الاسرائيلين !

وبموازة قناة الاعمال والاستثمار تجري مفاوضات حثيثة من اجل اتاحة فرصة زيارة العراق أمام حملة الجنسيات الاسرائيلية. ولهذا الغرض ستباشر مدرسة السياحة التابعة لجامعة حيفا بتنظيم دورة ارشادية من الأدلة السياحيين لمرافقة سائحين اسرائيلين الى العراق. وقد بادر الى تنظيم الدورة كل من المؤرخ ومرشد السياحة ارييه يتسحاقي واهارون عفروني رئيس الجماعات اليهودية التي هاجر افرادها من العراق الى اسرائيل. وصرح منظمو دورة المرشدين السياحيين انهم يعتزمون اخراج اول مجموعة اسرائيلية للعراق في شهر اكتوبر المقبل. وتشير تقديراتهم الى انه مقابل 850 دولار سيكون بالامكان السفر في رحلة تستغرق 8 ايام يزور الاسرائيليون خلالها بغداد والبصرة وغيرها. وفي حديث لنا قال المدير الاكاديمي لمدرسة السياحة في جامعة حيفا د.يوئيل منسفلد: "ان الدورة تستهدف اعداد مرشدين لمرافقة مجموعات سياحية وهي مكونة من 120 ساعة تعليمية يطلع خلالها الدارسون على اقتصاد وثقافة وتاريخ وتراث وغذاء العراق. وقد بدا 35 شخصا الدورة التي ستكلف 600 دولار في السادس من تموز الماضي".

وعن موعد بدء الرحلات الاسرائيلية الى العراق اضاف منسفلد: "هذا مرتبط بالامريكين وبالاوضاع الامنية طبعا".

يذكر ان القائمين على المشروع يستندون في برامجهم الاستثمارية في مجال السياحة الى حقيقة وجود نحو مليون اسرائيلي من اصل عراقي، يحن الكثيرون منهم لزيارة مسقط رأسهم. فهل يصبح حلم هؤلاء واقعا بهمة الاميركان!!؟