وثائق وتقارير

المعهد الاسرائيلي للديمقراطية أجرى مقارنات وفحص موقف الجمهور الاسرائيلي: تدهورت "الديمقراطية الاسرائيلية" في العقد الاخير في مجالات عدة: إزداد الفساد، ومُسّت حرية الصحافة، وازداد عدم المساواة في توزيع المدخولات وانخفضت نسبة المشاركين في الانتخابات.

 

تدهورت الديمقراطية الاسرائيلية في العقد الاخير في مجالات عدة: إزداد الفساد، ومُسّت حرية الصحافة، وازداد عدم المساواة في توزيع المدخولات وانخفضت نسبة المشاركين في الانتخابات.

وبالمقابل، سُجّل تقدم في المساواة بين الجنسين وتقلّص الصراع السياسي. وفي اوساط مواطني اسرائيل، يعارض اكثر من نصف اليهود (53%) المساواة التامة للعرب. ويعتقد 77% بأنه يجب ان تكون هناك اغلبية يهودية فيما يتعلق باتخاذ قرارات مصيرية، وأقل من الثلث (31%) يؤيدون انضمام أحزاب عربية للحكومة, ويعتقد 57% انه يجب تشجيع هجرة العرب.

هذا هو وجه الديمقراطية الاسرائيلية كما ينعكس في بحث شامل، اجراه "المعهد الاسرائيلي للديمقراطية"، وهو الأول من نوعه. "مؤشر الديمقراطية الاسرائيلية لعام 2003 " يشمل سلسلة معطيات، ومؤشرات واستطلاعات رأي وابحاث مقارنة مع ديمقراطيات اخرى- وجميعها سوية، تخلق صورة غير مشرفة للديمقراطية الاسرائيلية، وفق ادعاء الباحثين.

ويوضحون في المعهد ان استطلاع الرأي، الذي اجري في الشهر الماضي، كان يهدف الى فحص "الى أي درجة تجذرت الثقافة السياسية الديمقراطية في اسرائيل، وكيف ينظر الجمهور الى اداء الديمقراطية في اسرائيل". والنتائج التي توصلوا اليها هي أن " السنوات الأخيرة شهدت تدهوراً ملموساً وجدياً فيما يتعلق بنسبة دعم وتأييد الجمهور اليهودي في اسرائيل للمعايير الديمقراطية".

هكذا، على سبيل المثال، سجل في استطلاع الرأي ادنى حد في العشرين سنة الأخيرة للادعاء القائل بأن الديمقراطية هي الشكل الأفضل للنظام: 77% فقط من الجمهور اتفقوا مع هذا الرأي. وبالمقارنة مع 32 دولة ديمقراطية أخرى أدرجت اسرائيل في المكان الأخير، الى جانب بولندا، بناء على نسبة تأييد المواطنين (اليهود والعرب) للادعاء القائل ان النظام الديمقراطي هو أمر مرغوب. واسرائيل هي ايضاً واحدة من الديمقراطيات الأربع الوحيدة (الى جانب رومانيا والهند والمكسيك) التي تعتقد الأغلبية فيها أن "الزعماء الاقوياء بإمكانهم إفادة الدولة أكثر من كل المباحثات والقوانين".

ويؤكد معدو الاستطلاع ان التدهور في تأييد الجمهور اليهودي للمعايير الديمقراطية "مقلق بشكل خاص" بكل ما يتعلق بالمساواة في الحقوق للعرب مواطني اسرائيل. في السنتين الأخيرتين سُجل هبوط بنسبة 14% في نسبة الذين يؤيدون الادعاء التالي: "يجب ان تكون لكل انسان نفس الحقوق امام القانون، دون علاقة لمواقفه السياسية".

والى جانب الاستطلاع ينشر المعهد "مؤشر الديمقراطية"، الذي اعده البروفيسوران آشر اريان ودافيد نحمياس، وهما زميلان كبيران في المعهد. وكانت نتيجة المؤشر التي توصل اليها المعهد هي ان "اسرائيل بالاساس هي ديمقراطية شكلية، لم تنجح بعد في ملاءمة نفسها للمميزات الديمقراطية الجوهرية". وحسب أقوال البرروفيسور اريك كرمون، رئيس المعهد، يبرز في هذا المؤشر المساس بالديمقراطية كنتيجة للاحتلال، والانتفاضة والارهاب. ويبدو الأمر ملموساً في النتائج المنخفضة التي حظيت بها اسرائيل فيما يتعلق بالحفاظ على حقوق الانسان وحرية الصحافة بالمقارنة مع ديمقراطيات اخرى، وهذه النتائج حسب اقواله "يجب أن تشعل ضوءاً احمر".

يتشكل المؤشر من ثلاث وجهات، وفي كل واحد منها عدد من المؤشرات. وفي كل المؤشرات تقريباً في "وجهة الحقوق" توجد اسرائيل في النصف السفلي للقائمة، وحسب رأي الباحثين "لم يعد من الصحيح ان نقول اننا في مكان جيد في الوسط". ويبرز التدريج المنخفض لاسرائيل في كل ما يتعلق بحرية الصحافة- اسرائيل موجودة في الحد الأدنى لتصنيفات "دولة ذات صحافة شبه حرّة"، وفي السنوات الأخيرة طرأ تدهور يُعزى لتعامل السلطات مع الصحفيين الأجانب في الانتفاضة، وللتمييز السياسي ضد الأقلية والمس بحقوق الانسان- وفي هذا البند أدرجت اسرائيل في اسفل التدريج، الى جانب جنوب افريقيا.

وكذلك في "وجهة الاستقرار" – حيث تقف في صلبه الفرضية القائلة ان الاستقرار السياسي يؤثر على جودة الديمقراطية وأدائها- تبرز اسرائيل بشكل سيء. وهي مدرجة في مكان منخفض جداً في كل المؤشرات، وتبرز فيها التغييرات المتسارعة للنظام اكثر بكثير من أي دولة ديمقراطية اخرى (تدريج اسرائيل شبيه بالارجنتين، وبعدهما ايطاليا واليابان وتايلند) وكذلك التوترات الكبيرة بين المجموعات المختلفة في المجتمع- وفقط وضع الهند اسوأ من هذه الناحية.

في "الوجهة المؤسساتية" ورد في البحث، ان وضع اسرائيل جيد نسبياً، وهي بارزة بشكل ايجابي بما يتعلق بالتمثيل والتوازنات (في هذين الأمرين ادرجت اسرائيل في المكان السادس من بين 36 دولة).

بالمقارنة مع عام 2002 شهدت هذه السنة هبوطاً في مستوى الثقة التي يكنها الجمهور لمعظم المؤسسات العامة. الجهات التي تزعزعت بها الثقة بشكل جدي أكثر من غيرها هي: رئيس الحكومة والجيش الاسرائيلي. وبالمقابل ارتفعت نسبة التأييد للهستدروت من 31% في السنة الماضية الى 55%. أما مستوى الثقة بين الانسان وأخيه الانسان فهو منخفض بالمقارنة مع دول اخرى.

وبعد أن أنجز البحث لهذه السنة، يتمنى رئيس المعهد الآن أن يتحوّل الى تقليد- "شهادة سنوية للديمقراطية" لتساعد في وضع الجمهور أمام مرآة وتثير نقاشات عامة مفيدة. الاجتماع التأسيسي لـ "المؤشر السنوي للديمقراطية الاسرائيلية "سيعقد يوم الخميس القادم في مقر رئيس الدولة في القدس (الغربية). وسيشارك في هذا الحدث كبار الشخصيات من السلطات الثلاث: رئيس المحكمة العليا، اهرون باراك ورئيس الكنيست عضو الكنيست رؤوبين ريبلين (ليكود) وممثلو الحكومة والجيش الاسرائيلي وشخصيات اكاديمية.

البحث: استطلاع رأي وتدرّج المؤشرات

يقيس مشروع "مؤشر الديمقراطية" جودة الديمقراطية الاسرائيلية واداءها بواسطة أداتين: مؤشرات واستطلاعات رأي. واختار معدو البحث أن يجروه بإدلة مقارنة مع دول اخرى وعلى مدى فترة طويلة. هكذا تم فحص المؤشرات واستطلاعات الرأي بالمقارنة مع معطيات مماثلة في 36 دولة ديمقراطية أخرى، وبالمقارنة مع نتائج في اسرائيل من عام 1992 .

ويتكوّن المؤشر من ثلاث وجهات: الوجهة المؤسساتية ووجهة الحقوق ووجهة الاستقرار والتكتل. كل واحدة من هذه الوجهات تشمل عدداً من المؤشرات الثانوية، المركبات المتماثلة مع الديمقراطية. هكذا، على سبيل المثال، التمثيل والمشاركة هما من مركبات الوجهة المؤسساتية. وكل صفة من هذا النوع فحصت بواسطة عدد من المؤشرات، بحيث يشمل البحث ما مجموعه 31 مؤشراً لوضع الديمقراطية في اسرائيل.

كما فحص استطلاع الرأي بأي مستوى تجذرت في اسرائيل ثقافة سياسية ديمقراطية وكيف ينظر الجمهور الاسرائيلي الى اداء الديمقراطية في اسرائيل. وقد اجري من خلال عينة تمثل السكان البالغين في اسرائيل- من اليهود والعرب- وذلك في الشهر الماضي، وشارك فيه 1,208 أشخاص.