صبرا وشاتيلا وجنين.. أقرب من أوشفيتس بكثير

على هامش المشهد

تعريف:

 

هنا ترجمة خاصة لنص مقابلة أدلى بها مؤخراً داني كرمون، نائب رئيس بعثة إسرائيل إلى الأمم المتحدة، لموقع "أوميديا" الإلكتروني العبري (مقرب من دوائر اليمين ويعني بشؤون السياسة والأمن) ويسلط فيها الضوء على ما يعتبره "اتجاهات وتغييرات" إيجابية في مواقف الأمم المتحدة حيال إسرائيل وفي عدد من محاور الصراع والمواجهة التي تخوضها.

 

 

وداني كرمون- مواليد سنة 1951- يخدم في وزارة الخارجية الإسرائيلية منذ سنة 1973، وتولى العديد من المناصب في إسرائيل والخارج، وكان أحد أفراد الطاقم الدبلوماسي العاملين في السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين عند تفجيرها في سنة 1992 في هجوم ينسب لمنظمة "حزب الله"، والذي أسفر عن مقتل 28 شخصا بينهم زوجة السفير كرمون الذي أصيب بجروح في نفس الهجوم.

[المحرر]

 

عن غزة

 

(*) سؤال: مؤخراً وجه رئيس بعثة إسرائيل للأمم المتحدة، داني غيلرمان، رسالة إلى الأمين العام للمنظمة الدولية حول موضوع إطلاق صواريخ القسام من قطاع غزة على سديروت. ما الذي تطلبه إسرائيل من الأمم المتحدة؟

 

- كرمون: "نحن نخاطب صباح مساء مجلس الأمن والسكرتير العام للأمم المتحدة كي يتابعا وينتبها لما يحدث. هناك كلام كثير عن مشكلات الشعب الفلسطيني. من المهم أن يعلموا أن ما يحدث للفلسطينيين في غزة يبدأ باعتداءات إرهابية. المنطقة التي انسحبت منها إسرائيل- قطاع غزة- وسط آمال كثيرة تحولت إلى منطقة إرهابية".

 

وحسب كرمون فإن البعثة الإسرائيلية ترفع عشرات الشكاوى إلى مجلس الأمن بهدف طرح الموضوع على جدول الأعمال.

 

(*) وهل تنتظر إسرائيل عملاً حقيقياً من الأمم المتحدة؟

 

- كرمون: "نحن لا نطالب بعملية فعالة وإنما نريد من المجتمع الدولي أن يكون مدركاً للوضع. أن يشجب ويدين (إطلاق الصواريخ على سديروت)، فالإدانات لها مغزى وأهمية، كل كلمة لها أهمية إذا ما أقروا أن عملاً مثل إطلاق صواريخ القسام هو عمل إرهابي. ففي العالم المتعدد الأطراف كل كلمة تقال اليوم هي سابقة للمداولات المقبلة، كما أن لذلك أهمية جوهرية في الموضوع الملموس".

 

ويتحدث كرمون عن مثال حدث مؤخراً، عندما بادرت المجموعة العربية إلى تقديم مشروع قرار يدين إسرائيل على خلفية الوضع في قطاع غزة. فبعد جهود كبيرة قامت بها إسرائيل أقرت صيغة تتضمن بالذات إدانة لإطلاق صواريخ القسام كـ"عمل إرهابي"، لكن هذه الصيغة التي أيدتها 14 دولة عضواً في مجلس الأمن لم تعتمد كبيان رسمي بسبب معارضة ليبيا التي تولت الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في شهر كانون الثاني الماضي.

 

عن لبنان

 

في الأعوام الأخيرة كثفت إسرائيل من تعاونها مع الأمم المتحدة فيما يتعلق بالساحة اللبنانية. فقد انسحبت من جانب واحد من جنوب لبنان في سنة 2000 وسط التنسيق مع الأمم المتحدة على أساس القرار 425. وخلال حرب لبنان الثانية وضعت إسرائيل نصب عينيها تطبيق قرار الأمم المتحدة ووافقت بشكل استثنائي على الاعتماد على الأمم المتحدة- قرار 1701- معتبرة قوة اليونيفيل في جنوب لبنان مكوناً مهماً في أمن حدودها الشمالية.

 

وفي هذا السياق لم يرغب السفير كرمون في الإسهاب في الحديث عن عمل بعثته في الأمم المتحدة في أثناء حرب لبنان الثانية لحساسية الموضوع سواء من الناحية السياسية الداخلية الإسرائيلية أو من الناحية الدبلوماسية مكتفياً بالقول إن "بعثة إسرائيل في الأمم المتحدة كانت لاعباً مهماً جداً" في التوصل إلى استصدار القرار 1701، الذي أدى إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الأعمال الحربية، مشيراً إلى أن بعثته ما زالت تعمل بجهد متواصل من أجل تطبيق القرار المذكور كما ينبغي.

 

(*) سؤال: مؤخراً اقتبست صحيفة "هآرتس" على لسان ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي معلومات مفادها أن "حزب الله" نشر مجدداً بطاريات صواريخ كاتيوشا في جنوب لبنان، في المنطقة الخاضعة لمراقبة قوات اليونيفيل.. ما هو تعليقك؟

 

- كرمون: "نحن نعمل بكل الوسائل المتاحة لنا، ونحن نُعَبِّرُ بشكل دائم عن قلق إسرائيلي جاد مما يحدث سواء على الحدود اللبنانية- السورية ( المقصود "تهريب" الأسلحة لحزب الله) أو فيما يتعلق بالجنود المختطفين. هناك إعادة انتشار لـ "حزب الله" في جنوب لبنان على الرغم من تواجد قوات اليونيفيل التي تقوم بعمل لم نعهد مثله في السابق.. هناك تغييرات في الوضع في جنوب لبنان. ولكن هناك أيضاً الكثير مما يجب العمل على تحسينه. هذا موضوع حاسم بالنسبة لنا، فتواجد حزب الله في جنوب لبنان مقلق جداً. نحن نعبر عن هذا القلق بشكل يومي".

 

عن إيران

 

(*) سؤال: هل سيتركز النشاط الدبلوماسي (الإسرائيلي) في مواجهة إيران في الأمم المتحدة أم أنه سيضطر للتوجه إلى قناة التفافية بسبب الخلافات القائمة في مجلس الأمن؟

 

- كرمون: "يُظهِرُ الواقع أن مجلس الأمن هو جزء مهم وأساس من الضغوط الدولية على إيران، لكن ذلك يشكل فقط جزءا من الصورة المركبة .. فهناك أيضاً عقوبات ثنائية".

 

ويرى كرمون أن النشاط في الأمم المتحدة في موضوع إيران يتقدم بصورة معقولة، لكن ليست سريعة كفاية مشدداً على وجوب أن "لا تتخلف الضغوط والعملية الدبلوماسية عن وتيرة التقدم التكنولوجي الإيراني".

 

مكانة إسرائيل في الأمم المتحدة

 

 

فيما يتعلق بمكانة إسرائيل في الأمم المتحدة بصورة عامة يشير كرمون إلى وجود اتجاهات إيجابية على الرغم من استمرار العملية الثابتة التي تتخذ فيها قرارات مناوئة لإسرائيل، والتي يتوقع كرمون استمرارها في المستقبل. ومن الاتجاهات الإيجابية التي أوردها السفير كرمون:


•القرار الذي اتخذته الأمم المتحدة في شأن تحديد يوم عالمي لإحياء ذكرى المحرقة النازية والتوعية بموضوع المحرقة.
•تولي رئيس البعثة الإسرائيلية داني غيلرمان منصب نائب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة.
•للمرة الأولى أقر في الأمم المتحدة بأغلبية الأصوات مشروع قرار إسرائيلي في موضوع التقنيات الزراعية.

 

إلى ذلك ادعى كرمون أن أوساط الأمم المتحدة "باتت تعي أن النزاع التقليدي بين إسرائيل والعرب لم يعد القضية المركزية الأولى في الشرق الأوسط، وإنما الهوة بين المتطرفين والمعتدلين في العالم العربي" على حد قوله.

 

غير أن كرمون استدرك قائلاً إن هذه "الاتجاهات الإيجابية" تعبر عن نفسها على "الصعيد الثنائي" وفي المحادثات مع المندوبين، بينما في عمليات التصويت الرسمية وفي المحافل المتعددة الأطراف ما زال يُسمع حتى الآن نفس الخطاب التقليدي المناوئ لإسرائيل، كما قال.

 

(*) سؤال: هل ستستمر إسرائيل في الاعتماد بشكل أساس على تأييد الولايات المتحدة أم أن هناك تأييدا من جانب دول أخرى؟

 

- كرمون: "توجد صداقة مع الكثير من الدول، وليس مهما أن يصح القول بأننا نعتمد بالأساس على تأييد الولايات المتحدة".

 

ويشير كرمون بشكل أساس إلى دول الغرب وإلى كندا وفرنسا وأستراليا خاصة "كدول تتفهم إسرائيل وقدرتها على المساهمة في مواضيع غير سياسية أيضاً". وأضاف أن "مكانة إسرائيل في تحسن ولكن هناك الكثير مما يجب عمله".

 

(*) هل يوجد بين صانعي القرارات في إسرائيل، الذين كانوا يبدون في الماضي موقفاً متحفظاً حيال الأمم المتحدة، إقرار بالتغيرات التي طرأت على المنظمة الدولية وعلى أهميتها؟

 

- كرمون: "الأمم المتحدة أصبحت مهمة أكثر في الساحة العالمية، حتى بالنسبة للقوى العظمى".

 

وأشار إلى أن الولايات المتحدة أيضاً تبدي مؤخراً رغبة في تحسين علاقاتها مع المنظمة الأممية، منوهاً بأن الأمم المتحدة تعالج موضوع البرنامج النووي الإيراني. ومع ذلك فإن حديث كرمون يشي بأن توجه إسرائيل حيال الأمم المتحدة ما زال يتسم بالارتياب والشكوك خاصة حين أكد قائلا "نحن لا نؤيد توسيع دور الأمم المتحدة في الشرق الأوسط.. على المنظمة الدولية أن تجتاز طريقاً طويلاً كي تظهر بأنها متوازنة ولا تتخذ قرارات أحادية الجانب.. فهي ما زالت تنظر إلى النزاع بصورة غير متوازنة".

 

واعتبر أن دور الأمم المتحدة- كما في قطاع غزة مثلا- يجب أن يقتصر على الجوانب الإنسانية في كل ما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. وقال "ليس هناك من يتوقع أو ينتظر من الأمم المتحدة لعب دور فاعل في الوساطة في الشرق الأوسط" مشدداً على أن "العملية مع الفلسطينيين هي عملية ثنائية" على حد تعبيره.