شارون يرضخ لمعارضيه ويؤجل التصويت على تعديل وزاري

على هامش المشهد

أعلن البروفيسور أريئيل طواف، أخيرًا، أنه أوعز بالتوقف فوراً عن مواصلة توزيع كتابه
"الفصح الدامي"، الذي صدر في إيطاليا وأثار موجة واسعة من الجدل والانتقادات ولا سيما في إسرائيل، وذلك "في ضوء التفسيرات المشوهة والتحريضية التي أعطيت لمحتوى الكتاب في أنحاء العالم"، على حد قوله.

 

 

وأضاف طواف قائلاً "ذُهلت إزاء حجم التشويهات وإزاء كون كتابي البحثي تحول إلى أداة في أيدي جهات تستغله للتهجم على اليهودية واليهود ولتسويغ فرية الدم".

 

وتابع طواف في بيان وزعه على الصحف مشيراً إلى أن الأجزاء المثيرة للجدل في الكتاب سيعاد تحريرها. وقال "من منطلق مسؤوليتي تجاه ما حصل وتأكيداً لأسفي واعتذاري العميق عن المس بمشاعر الجمهور اليهودي قررت التبرع بكل المردود المالي من بيع الكتب لصالح (الرابطة اليهودية لمحاربة التشهير)". واستطرد البروفيسور طواف من جامعة "بار إيلان" في تل أبيب مؤكداً أنه لن يسمح لأعداء إسرائيل باستخدام اسمه أو أبحاثه "كوسيلة لتأجيج الكراهية التي أدت إلى موت ملايين اليهود" مكرراً اعتذاره "لكل الذين لحق بهم الأذى أو الإساءة جراء التشويهات المنسوبة لي ولكتابي".

 

وكانت جامعة "بار إيلان" (جامعة رئيسية محسوبة على التيار القومي- الديني المتطرف)، التي يعمل مؤلف الكتاب محاضراً فيها في التاريخ، قد أعربت عن غضبها واستيائها من البروفيسور طواف. وجاء في بيان صادر عن الجامعة: "بعد تحريات أولية أجريت حول ملابسات نشر كتابه في إيطاليا، يسود في المؤسسة- الجامعة- غضب شديد على سلوك البروفيسور أريئيل طواف في ضوء ما أبداه من عدم حساسية ومراعاة في الطريقة التي نشر فيها كتابه".

 

وأردفت الجامعة في بيانها أن "الطريقة التي اختارها لنشر الكتاب، بإصدار خاص، وطريقة صياغة العنوان الاستفزازي للكتاب والتأويلات التي أعطيت في وسائل الإعلام لمحتواه، كل ذلك مسّ بمشاعر يهود كثيرين في العالم وأضر بنسيج العلاقات الحساس بينهم وبين المسيحيين".

 

وأبدت محافل الجامعة، في السياق ذاته، تحفظها إزاء ما نشر في وسائل الإعلام حول مضامين كتاب طواف التي يمكن أن يستشف منها بأن هناك أساسًا لـ "فرية الدم" التي أدت إلى "قتل ملايين اليهود- في أوروبا- دون أن يقترفوا ذنباً". وأضافت: كان يتعين على البروفيسور طواف إبداء حساسية وحذر أكبر في نشره لكتابه بغية تفادي تلفيق الأخبار والتفسيرات المشوهة والمؤذية.

 

وكانت صحف إيطالية قد اقتبست من كتاب البروفيسور طواف "الفصح الدامي" ما مفاده أن أفراد طائفة يهودية صغيرة عاشت في القرن الخامس عشر الميلادي في شمال إيطاليا استخدموا دم طفل مسيحي في طقوس عبادة وإشفاء مرضى أثناء احتفالهم بعيد الفصح اليهودي، ما أثار موجة غضب واحتجاج واسعة في صفوف جاليات يهودية عديدة وخاصة بين يهود إيطاليا.

 

وأصدرت "الرابطة اليهودية لمحاربة التشهير" قبل عدة أيام بياناً ذهبت فيه إلى الاتهام بأن كتاب البروفيسور- المؤرخ الإسرائيلي- أريئيل طواف "يخدم مآرب اللاساميين". وقال رئيس الرابطة أبراهام فوكسمان إن "إدعاءات طواف ليس لها أي أساس وهي تخدم اللاساميين في كل مكان". وأضاف "إنه لأمر مذهل أن يقوم شخص ما، خاصة إذا كان مؤرخاً إسرائيلياً، بإضفاء الشرعية على فرية الدم التي تسببت بمعاناة كبيرة جداً واعتداءات ضد اليهود على مر التاريخ" وختم فوكسمان بقوله "هذا الاتهام، كحال نظريات تآمرية كثيرة أخرى حول اليهود في العصور الوسطى في أوروبا، عكس نظرية مسيحية مناهضة لليهود استهدفت تشويه اليهود وتحميلهم وزر مشاكل المجتمع".

 

وكان البروفيسور طواف قد أصرّ قبل ذلك، في حديثه من روما مع صحيفة "هآرتس"، على موقفه بشأن استخدام الدماء من قبل اليهود (الإشكناز) في القرون الوسطى. وقال: "لن أتنازل عن التمسك بالحقيقة والحرية الأكاديمية، حتى لو صلبني العالم". وعلى الرغم من حملات الاستنكار التي وجهت ضده، فقد أصرّ على أن الإدعاءات التي أوردها في كتابه، والتي بموجبها فإن بعض الاتهامات بشأن "فرية الدم في أوروبا لها أساس حقيقي".

 

وكانت جامعة "بار إيلان" قد أعلنت أن رئيس الجامعة سيقوم باستدعاء المؤرخ طواف ليقدم شروحات بشأن البحث الذي قام به.

 

وعلم أن حالة من الغضب تسود كبار المسؤولين في الجامعة، بادعاء أن المؤرخ "تصرّف بدون حذر، وأن أقواله قد تستغل من قبل لاساميين".

 

وقال المؤرخ طواف إنه حاول إثبات أن العالم اليهودي في تلك الفترة كان عنيفاً، وقال:" أنا لا أقول إن اليهودية تشرعن القتل، إلا أنه في داخل اليهود الإشكناز كانت هناك مجموعات متطرفة على استعداد للقيام بذلك، وجعله مشروعاً".

 

وأضاف أنه توصل إلى هذه النتائج بعد أن اكتشف أن بعض الشهادات التي تم شطبها في محاكمة مقتل الفتى سيمونينو مترانتو في العام 1475، لها أساس حقيقي ولا يمكن إلغاؤها.

 

وقال:" منذ العام 2001 وأنا أدرس في بار إيلان عن فرية الدم. أخذت الشهادات التي تظهر في التحقيقات في مقتل الفتى سيمونينو، وقمت بدراسة التفاصيل الواردة فيها، من أجل فحص ما إذا كانت مفتعلة وتم إدخالها بشكل تعسفي من قبل المحققين. ووجدت أن هناك أقوالاً وبعض شهادات ليست جزءاً من ثقافة القضاة المسيحيين، ولم يكن بإمكانهم افتعالها وإضافتها".

 

وتابع أنه تمكن، وعلى مدار عشرات الصفحات، من إثبات أن مسألة الدم هي مركزية في عيد الفصح، وتوصل إلى نتيجة أنه تم استخدام الدم في عيد الفصح، وخاصة لدى اليهود الإشكناز، الذين كانوا يعتقدون بوجود مزايا طبية لدماء الأطفال، وعليه فقد استخدموا مساحيق مصنوعة من الدم.

 

وقال هذا المؤرخ إنه عثر على أدلة تشير إلى سماح الحاخامات اليهود باستخدام الدماء، بما فيها الدماء البشرية أيضاً. وبرأيه فقد كان الدم مركباً مهماً في الطب الأوروبي في القرون الوسطى، وأن تجار الأدوية في ألمانيا كانوا يبيعون الدماء البشرية.

 

وأضاف: "في إحدى الشهادات في المحكمة المذكورة ورد ذكر تاجر "سكر ودماء" كان قد وصل إلى مدينة فينيسيا (البندقية). ولدى الفحص في الأرشيفات في فينيسيا تبين أنه كان هناك تاجر سكر ودماء، والتي كانت تعتبر احتياجات أساسية في الصيدليات في تلك الفترة".

 

وأنهى بالقول إنه بعد 35 سنة من الأبحاث والدراسات لم يتحول إلى لاسامي، ولم يقم بنشر الكتاب لأهداف ربحية. علاوة على أنه يعتقد أن "التطرف في الماضي قد جلب الكوارث والتهم على اليهود، وأنه يجب أن تتوقف الكراهية والتحريض عن التدحرج، لأنه سيكون هناك من سيستغل ذلك".