ستالين والدولة اليهودية قراءة في كشوف جديدة

تحليل أخباري

قراءة في مجموعة من التحليلات الإسرائيلية التي نشرت بالتزامن مع ذكرى مرور عامين على حرب لبنان الثانية * الكاتب مائير شاليف: رغم مرور عامين على الدمار، الموت، المعاناة في جانبي الحدود، ما زال الرجل الذي قرر شن الحرب يمسك بمقاليد الحكم

 

 تصادف غدا، السبت- 12.7.2008، الذكرى السنوية الثانية لاندلاع حرب لبنان الثانية. هذه الحرب التي اعتبرتها إسرائيل فشلا ذريعا، سياسيا وعسكريا، بدءا بالقرار المتسرع بشنها وانتهاء بعدم جهوزية الجيش لخوض حرب، حتى أمام منظمة أنصار مثل حزب الله. ورغم أن المحللين الإسرائيليين يتحدثون عن كون الحرب الأخيرة كانت ضد منظمة أنصار لا ضد جيش نظامي، إلا أن الحقيقة هي أنه لو جرت هذه الحرب ضد جيش نظامي لما كانت النتيجة أفضل، بالنسبة للجيش الإسرائيلي. إذ لا يوجد سبب يجعل أداء الجيش الإسرائيلي أفضل أمام قوات نظامية، ولن تتردد دولة "العدو" عن قصف الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وستواجه القوات الإسرائيلية في ميادين المعارك أسلحة أكثر ومتنوعة أكثر ومقاتلين أكثر، وإضافة إلى ذلك فإن تفوق الطيران الحربي الإسرائيلي على جيش نظامي لن يكون كبيرا، مثلما حدث في حرب لبنان الأخيرة، خصوصا مع وجود مضادات جوية وطائرات مقاتلة لدى "العدو". وإلى جانب كل هذا فإن إسرائيل ليست قادرة على خوض حرب نظامية لمدة طويلة. وأكد القائد السابق لسلاح الجو الإسرائيلي، إيتان بن إلياهو، في محاضرة ألقاها الأسبوع الماضي، أن حربا مستقبلية، ضد إيران أو سورية أو غيرهما، يجب ألا تطول لأكثر من 20 يوما.

 

وتؤكد تحليلات وتقارير نشرتها الصحف الإسرائيلية اليوم، الجمعة – 11.7.2008، بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لحرب لبنان الثانية، أن المشكلة المركزية التي واجهت الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب كانت عدم التدرب في السنوات التي سبقت الحرب. وقد توقفت تدريبات الجيش الإسرائيلي المكثفة منذ اندلاع انتفاضة القدس في العام 2000. وكتب المراسل العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، يسعى لإعادة القوات الإسرائيلية إلى نموذج 19 أسبوعا من التدريبات في كل سنة. وأشار هارئيل إلى أن هذا هو نموذج متدن أيضا مقارنة مع نموذج تدريبات لمدة نصف عام الذي كان متبعا قبل الانتفاضة في العام 2000.

 

ونقل هارئيل عن ضابط إسرائيلي، شارك في تدريبات لواء المدرعات السابع النظامي خلال الأسبوع الأخير في الجولان، إشارته إلى مواقع الضعف التي برزت لدى الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة. وقال هذا الضابط إنه في حرب لبنان "نشأ واقع لم يعرف قادة الجيش فيه ما هو مستوى الجهوزية الحقيقية للقوات. وكان هذا تربية وفقا لمقولة: أننا سنفعل كل بوسعنا مع ما هو متوفر. كان هناك تآكل متواصل للجهوزية وجميعنا شركاء في ذلك". وأكد الضابط أنه "عندما يذهب قائد كتيبة لم يحضر أبدا تدريبا لكتيبته، إلى معركة يخوضها لواؤه في لبنان، كيف يمكن لأحد عاقل أن يتوقع أن ينجح؟". وقال ضابط آخر "ما زلنا نرى وجود صدأ" في الجيش "والفرق هو أنه عام ولم يكن العسكريون يعرفون حتى ما هو معروف لهم. والآن أصبحوا يعرفون ما الذي ينقصهم".

 

يذكر أنه بعد أن وضعت حرب لبنان الثانية أوزارها وانكشف عمق إخفاق الجيش، لم ينتظر الجيش الإسرائيلي نتائج تحقيقات لجنة فينوغراد، وإنما قام بنحو خمسين تحقيقا داخليا أظهرت العديد من الإخفاقات واضطر رئيس هيئة أركان الجيش في حينه، دان حالوتس، إلى الاستقالة، حتى قبل صدور تقرير فينوغراد الجزئي. وقرر الجيش الإسرائيلي، بعد تولي أشكنازي رئاسة هيئة الأركان، إجراء تغييرات عميقة في الجيش. إلا أن المحلل العسكري في صحيفة معاريف، عمير ربابورت، أشار في تقرير نشره اليوم، إلى أن قيادة الجيش الإسرائيلي ليست متفقة فيما بينها على أن التغييرات التي تم تنفيذها هي في الاتجاه الصحيح. وحتى أن ضباطا ما زالوا في الخدمة وجهوا انتقادات حيال هذه التغييرات. كذلك فإن ضباطا كثيرين من الذي خرجوا من الخدمة العسكرية خلال السنتين الماضيتين يشعرون الآن أنهم أحرار أكثر للقول إن "الجيش الإسرائيلي يرتكب الخطأ الكلاسيكي الذي يرتكبه كل جيش فشل في الحرب. فهو يمحو كل شيء يعتبر فكرة حكيمة، ويعود إلى التدريبات الأساسية وإلى الجذور وكأن هناك يكمن الحل لكل المشاكل".       

 

وأضاف هؤلاء الضباط أن "المشكلة تكمن في أن التحديات المقبلة التي سيضطر الجيش الإسرائيلي لمواجهتها لن تكون مشابهة لحروب الماضي. فالعدو يتحول بمعظمه إلى جيش أنصار، في الوقت الذي انتقل فيه الجيش الإسرائيلي من نقيض واحد، متخم بالنظريات القتالية غير الواقعية والمصطلحات المتفجرة، إلى نقيض معاكس من الفكر المحافظ والقديم. وقد ينكشف هذا كوصفة للفشل في الحرب المقبلة".

 

من جانبه كتب المحلل العسكري في يديعوت أحرونوت، أليكس فيشمان، أن أشكنازي مقتنع بأن الجيش الإسرائيلي عبر ثلثي الطريق نحو ترميمه بشكل كامل. ومن بين مئات العبر، التي تم استخلاصها من خلال التحقيقات التي أجراها الجيش بعد الحرب، اختار أشكنازي ثلاثة مواضيع أساسية، هي إعادة الثقة بالنفس وسد الفجوات المهنية واختيار الأشخاص المناسبين لكل منصب. وشدد أشكنازي على أنه في الحرب فإن الذي يحقق الانتصار هم قادة الألوية والكتائب والسرايا العسكرية. ويعتبر أشكنازي أيضا أن إسرائيل ستنتصر في الحرب المقبلة.

 

ووضع الكاتب الصافي والأديب مائير شاليف رؤية أوسع من المحللين العسكريين، وذلك في مقال في يديعوت أحرونوت اليوم، شمل انتقادات لاذعة ضد القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية تحت عنوان "بعد مرور سنتين على الحرب". وكتب شاليف أنه "بعد مرور عامين على الحرب، التي كانت غايتها القضاء على حزب الله ونزع سلاحه، عاد مقاتلو الحزب إلى مواقعهم وهم مدججون بالسلاح أكثر مما كانوا قبلها. وبعد مرور سنتين على الحرب التي كانت غايتها إعادة الأسيرين إلى البيت، سيعودان بعد مفاوضات. وبعد مرور سنتين على الحرب، ورغم العبر والتدريبات، ما زال الجيش الإسرائيلي مجرد حامية، معظم اهتمامه وانشغاله في الحاجز والاغتيال وأداء دور الشرطة وخدمة المستوطنات (في الضفة الغربية). وبعد مرور سنتين على الحرب، يجرؤ الأشخاص الذين أعدوا الجيش لها على التعبير عن رأي وشرح ماذا وكيف ينبغي العمل بخصوص إيران وغزة وسورية وحماس. وبعد مرور سنتين على الحرب يعرف كل مواطن في إسرائيل، أنه في حالة حرب أخرى عليه الاهتمام بنفسه وعائلته وبيته وملكه وأمنه. وفي الحقيقة، ليس في الحرب المقبلة فقط".

 

وتطرق شاليف إلى القيادة السياسية الإسرائيلية وكيف أنها "بعد مرور سنتين على الحرب غارقة ومنشغلة في المغلفات المالية التي تلقاها (رئيس الحكومة إيهود) أولمرت وبسرقات (وزير المالية السابق أبراهام) هيرشزون وقبله حاييم رامون... بعد مرور سنتين على الحرب، وعلى  موت القتلى وإصابة الجرحى، في الجبهة الداخلية والجبهة القتالية، وبعد سنتين على الدمار، الموت، المعاناة في جانبي الحدود، بعد "حتى هنا" و"نحن سننتصر"، ما زال الرجل الذي قرر شنها يمسك بمقاليد الحكم".