"الجيش الأكثر أخلاقية في العالم" قتل 600- 700 طفل فلسطيني في السنوات الأربع الأخيرة(!!)

وثائق وتقارير

معروف عن الجالية اليهودية في امريكا بأنها من اكثر المجموعات نشاطًا في مجال جمع ودفع التبرعات. ويتبرع اليهود اكثر بكثير من نسبتهم بين السكان لأغراض خاصة بالجالية اليهودية، ولدولة اسرائيل، وللمجتمع والأكاديمية والفن في الولايات المتحدة، وكذلك للأحزاب السياسية ومختلف المرشحين. لكن البحث الجديد الذي نشر الشهر الماضي (نيسان 2003) يدل على ان سلم اولويات المتبرعين اليهود الكبار يختلف عما كان يمكن توقعه. فالمتبرعون اليهود الذين يتبرعون بعشرات ملايين الدولارات يفضلون منح هذه المبالغ الضخمة لجهات وأهداف غير يهودية.

 

معروف عن الجالية اليهودية في امريكا بأنها من اكثر المجموعات نشاطًا في مجال جمع ودفع التبرعات. ويتبرع اليهود اكثر بكثير من نسبتهم بين السكان لأغراض خاصة بالجالية اليهودية، ولدولة اسرائيل، وللمجتمع والأكاديمية والفن في الولايات المتحدة، وكذلك للأحزاب السياسية ومختلف المرشحين. لكن البحث الجديد الذي نشر الشهر الماضي (نيسان 2003) يدل على ان سلم اولويات المتبرعين اليهود الكبار يختلف عما كان يمكن توقعه. فالمتبرعون اليهود الذين يتبرعون بعشرات ملايين الدولارات يفضلون منح هذه المبالغ الضخمة لجهات وأهداف غير يهودية.
فحص البحث، الذي اجراه معهد الأبحاث اليهودية والاجتماعية في سان فرانسيسكو، 865 حالة من التبرعات الهائلة جدا التي قدمت في الأعوام 1995 - 2000 في الولايات المتحدة. "التبرعات الهائلة جدا" تعبير يقصد به التمييز بين التبرعات العادية ـ التي قد تصل الى مئات آلاف الدولارات، بل الى مليون دولار او مليونين حتى ـ وبين التبرعات الضخمة جدا التي تصل الى عشرات ملايين الدولارات واكثر.

النتيجة الاولى التي توصل اليها البحث هي ان اليهود يبرزون حقا في مجال "التبرعات الهائلة جدا": 22% من التبرعات الضخمة جدًا قدمها متبرعون يهود، لا تزيد نسبتهم من مجموع السكان في الولايات المتحدة عن 2،5%. وقد بلغ مجموع ما قدمه اليهود من تبرعات خلال السنوات الخمس المذكورة اكثر من 5،3 مليار دولار.

ويدل تحليل الأهداف التي خصص المتبرعون اليهود الكبار تبرعاتهم لها على ان 9،6% فقط من اجمالي التبرعات الضخمة تم تخصيصه لأهداف يهودية ـ مثل مؤسسات الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، معاهد ابحاث وجامعات يهودية او أهداف في اسرائيل. هذه كلها حظيت بما مجموعه 318 مليون دولار.

واوضاع المؤسسات اليهودية ليست سيئة من حيث الحصول على التبرعات؛ وفي السنة الماضية استطاعت الحملة السنوية التي ينظمها اتحاد الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة، تجنيد حوالي 900 مليون دولار، يضاف اليها حوالي 300 مليون دولار تم جمعها في "حملة طوارىء" لصالح دولة اسرائيل، وكذلك 200 مليون دولار قدمتها صناديق عائلية خاصة لأهداف يهودية واسرائيلية. لكن الحديث هنا هو عن يهود عاديين يقدمون تبرعات عادية ـ وليس مبالغ طائلة.

"اليهود يقدمون تبرعات سخية للجالية اليهودية، لكن التبرعات الأكبر تذهب الى خارج الجالية"، يقول غاري طوبين، رئيس المعهد الذي اجرى البحث، في حديث الى صحيفة "هأرتس" (20/4). ويرى طوبين ان المشكلة ليست مشكلة المتبرعين، وانما هي مشكلة المؤسسات التي تدق ابوابهم. فالأهداف اليهودية لا تضع امام المتبرعين الكبار تحديا، ورؤيا او مهمة تستحق عشرات ملايين الدولارات التي يكون المتبرع مستعدا لدفعها. ويضيف طوبين انه عندما تأتي كل جامعة اسرائيلية وتطلب تبرعا خاصا وبشكل منفرد، فليس ثمة لديها ما يمكن ان تعرضه على صاحب الملايين الذي يرغب ايضا في ان تترك امواله بصمات جدية. "ولكن، اذا ما توحدت خمس منظمات اسرائيل وطلبت تبرعا بمئات ملايين الدولارات لغاية مركزية ، فان احتمالات حصولها عليه ستكون اكبر بكثير"، يقول.

الأغنياء من بين اليهود، كما يبين البحث، يفضلون تقديم تبرعاتهم الكبيرة جدًا لثلاثة مجالات اساسية ـ التعليم، الصحة والثقافة. 86% من التبرعات الضخمة جدًا في السنوات الخمس المذكورة خصصت لهذه الأهداف. مثلا، عائلة الملياردير اليهودي آرثور ساكلر قدمت في العام 1999 تبرعا بمبلغ 100 مليون دولار لمتحف "سميث سونيان" في واشنطن، والذي يحمل احد معارضه اسم ساكلر.

ثمة سبب آخر اضافي، برأي طوبين: الأهداف اليهودية لا تشكل بالنسبة للمتبرعين الكبار أهدافاً قيّمة بما فيه الكفاية. باستثناء بعض التبرعات الضخمة جدا لبعض الجامعات في اسرائيل (وخاصة لمعهد التخنيون في حيفا وللجامعة العبرية في القدس) وفي الولايات المتحدة، فان بقية الأهذاف الأخرى ـ وبينها مؤسسات رفاه تابعة للجالية اليهودية او مؤسسات تعليم يهودية ـ لا تشكل اغراء كافيا.

يعيد البحث الكرة الى الجالية اليهودية، التي فشلت في اقناع المتبرعين بتقديم تبرعاتهم الكبيرة حقا لأهداف يهودية. أحد الاستنتاجات هو ان ثمة حاجة ماسة الى تحسين وتوثيق العلاقة مع اولئك المتبرعين. من الواضح ان المتبرعين الكبار، مثل ستيفن سبيلبرغ او ادغار برونفمان، يدركون جيدا الاحتياجات اليهودية ويقدمون تبرعات كثيرة، لكن كثيرين غيرهم لا يدرجون هذه الأهداف في لوائح تبرعاتهم الضخمة جدًا.

لكن معدّي البحث يقولون ـ وهكذا ايضا العاملون في جمع التبرعات بين الجمهور اليهودي الامريكي ـ بأنه، علاوة على الشعور بالارتباط والانتماء، ينبغي ايضا عرض اهداف جدية، تثير الحماس والثقة، لكي تستحق التبرعات الضخمة جدا. ذلك ان مثل هذه التبرعات هي، في العادة، حدث لمرة واحدة في حياة المتبرع، ولذلك فهو يريد ضمان ان تفلح امواله في إحداث تغيير وترك بصمات واضحة.

ثمة من يتخوف من انه مع تبدل الأجيال، ستزداد وتتعمق اكثر فأكثر ظاهرة توجيه التبرعات اليهودية الى اهداف خارج الجالية. في هذه المرحلة، يدل البحث على ان لا فرق في الأهداف بين المتبرعين الشباب والمتبرعين الكبار السن، لكن صورة الغنى الأمريكي تتغير بسرعة كبيرة. ليس من المتبعد ان يكون اصحاب المليارات اليهود الجدد اقل ارتباطا بالجالية اليهودية والأهداف اليهودية من الجيل الحالي، مما سنعكس ايضا في مناحي توجيه التبرعات : قسط اكبر للمتاحف، وقسط أقل للتعليم اليهودي.