شلومو ساند: "الصهاينة الجدد" اخترعوا "أرض إسرائيل" كمصطلح جيو - سياسي عصري

وثائق وتقارير

 يسعى اليمين إلى إحكام هيمنته على جميع مناحي الحياة في إسرائيل، وبضمن ذلك على الأكاديميا الإسرائيلية. وفي هذا الإطار يراقب اليمين، من خلال جمعيات ومنظمات وأحزاب، المحاضرين الأكاديميين ويلاحقهم. وتنشط في السنوات الأخيرة جمعية يمينية تحمل اسم "مونيتور الأكاديميا الإسرائيلية" في مجال متابعة ومراقبة المحاضرين في الجامعات الإسرائيلية، وخصوصا ذوي الميول الليبرالية واليسارية.

 

وذكر تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، يوم الجمعة الماضي، أن جمعية "مونيتور الأكاديميا الإسرائيلية" شبيهة بالمنظمة الأميركية "كامبوس ووتش" التي أسسها البروفسور دانيال بايبس، لمراقبة مضامين المحاضرات والمواد الدراسية التي يمررها محاضرون جامعيون إلى طلابهم. ومؤسسو "مونيتور الأكاديميا الإسرائيلية" هم أكاديميون معروفون بميولهم اليمينية، مثل البروفسور إيلي فولك، والمستشرق الدكتور مردخاي كيدار، الذي يرأس الجمعية.

ويوجد لدى الجمعية موقع الكتروني يعمل منذ عدة سنوات، لكن الجمعية سجلت نفسها لدى مسجل الجمعيات في العام 2010 فقط، حسبما أفادت "هآرتس".

ويحتوي الموقع الالكتروني التابع للجمعية مقالات ومحاضرات لمحاضرين من الجامعات الإسرائيلية المختلفة، الذين يعرّفهم الموقع الالكتروني على أنهم "معادون للصهيونية".

وكتب القيمون على الموقع الالكتروني أن هؤلاء المحاضرين "يحملون شحنة العداء للصهيونية معهم إلى قاعة المحاضرات ولا يترددون في تفريغها من على كل منصة دولية. وكل هذا يحدث فيما يتم دفع رواتبهم من جيب دافع الضرائب".

كذلك يتم تخصيص جانب من الموقع الالكتروني "لتواقيع أكاديميين إسرائيليين على عرائض معادية لإسرائيل".

وشمل الموقع الالكتروني أيضا نص رسالة بعث بها أكاديميون قبل ثماني سنوات إلى وزيرة التربية والتعليم الإسرائيلية في حينه، ليمور ليفنات، واحتجوا من خلالها على وجود ضباط جيش يعملون في المدارس الثانوية من أجل تشجيع التلاميذ على الخدمة العسكرية، حيث شدد المحتجون على أنه "لا مكان لتدخل الجيش في التربية والتعليم داخل المدارس. ويجدر بضباط التربية في الجيش الإسرائيلي أن يوجهوا جهودهم إلى الأعطال الأخلاقية داخل الجهاز العسكري، التي يُنشر حولها صباح مساء، وألا يوسعوا نشاطهم في إطار المدارس الثانوية في البلاد". ووقع على هذه العريضة 39 محاضرا غالبيتهم من جامعة حيفا، وتم نشر أسمائهم في الموقع الالكتروني، وبينهم محاضرة تاريخ الأفكار البروفسور فانيا عوز زالتسبرغ، ابنة الأديب الإسرائيلي عاموس عوز.

وعقبت عوز زالتسبرغ على ذلك بالقول بلهجة ساخرة نوعا ما، إنه "لا أعرف في أية قائمة سوداء للمنظمة المسماة ’مونيتور الأكاديميا الإسرائيلية’ أنا أظهر. لكن بالإمكان الاعتقاد أنني موجودة برفقة محترمة لأشخاص نزيهين ومحبي الإنسان ومحبي إسرائيل. وأنا آسفة على أولئك الذين يهدرون وقتهم وجهدهم في اصطياد خونة على الانترنت. وهناك شيء محزن في رؤية تسعى إلى ملاحقة أعداء داخليين و’طابور خامس’. وكلما تزايدت الأسماء، سيكتشفون وهم مرعوبون أن المحكمة ووسائل الإعلام والأكاديميا والأدباء والفنانين وتقريبا كل تل أبيب وحيفا، أصبحوا ما يشبه تسونامي مظلم من الكارهين لأنفسهم والكارهين لشعبهم، وقاموا ضد دولة إسرائيل من أجل القضاء عليها، لأسباب لا يستوعبها العقل. وأنا آسفة على معدي هذه القوائم الذين تحولوا إلى حلفاء للأعداء".

وبين الأكاديميين الذي يتعرضون لتهجمات من جانب "مونيتور الأكاديميا الإسرائيلية" محاضرون يحملون درجة بروفسور مثل نيف غوردون، الذي دعا إلى مقاطعة إسرائيل "من أجل إنقاذها"، وأورن يفتاحئيل، وهو مدير مشارك في منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، وأستاذ القانون الدولي في جامعة تل أبيب، أيال غروس، الذي كتب مقالا ضد الجدار الفاصل والمحكمة العليا. وقال غروس لـ "هآرتس" إن مجرد التطرق إلى "مونيتور الأكاديميا الإسرائيلية" ينطوي على شرك لأن "المشاركة في هذه ’اللعبة’ تمنحه شرعية".

ورأى غروس أن نشاط "المونيتور" له "تأثير رادع" لأنه "عندما يرسلون الرسائل الالكترونية إلى العالم كله و’يتهمون’ أشخاصا بالعداء لإسرائيل، فإن النتيجة، وأعتقد أن الهدف أيضا، هما محاولة إخافة الأشخاص والتسبب بألا يقولوا رأيهم وبذلك يتم إسكاتهم. وبشكل خاص عندما يكون هؤلاء هم أكاديميون شبان وطلاب للقب الدكتوراه وأشخاص ليس لديهم وظيفة أو أنهم غير ثابتين في وظيفتهم، فعندها إذا كنت تعرف أنهم سيوزعون رسائل الكترونية عنك ويدعون فيها أنك تشوه صورة إسرائيل، فإن ذلك يؤدي إلى فتور ويردع هؤلاء الأشخاص".

وأضاف غروس أن "هذه الظاهرة، التي أسميها ’أقتل المرسال’، هي جزء من محاولة حرف النقاش من انتقاد الممارسات الإسرائيلية وانتهاكات حقوق الإنسان التي يجري هؤلاء الأشخاص أبحاثا حولها أو يتحدثون عنها، إلى النقاش حول المرسال، أي تحويل الموضوع من البحث في الانتقاد إلى البحث في المنتقد. وكل هذا نابع من هدف أساس وهو نزع الشرعية عن المواقف النقدية وبذلك تتم محاولة إسكات الانتقادات ضد سياسات إسرائيل وانتهاكات حقوق الإنسان". ورأى أن هذه الحملة ضد الأكاديميين تأتي في سياق الحملة اليمينية ضد منظمات حقوق الإنسان وحتى في سياق الحملة ضد المحكمة العليا الإسرائيلية.

وتبين من تقرير "هآرتس" أنه في بداية طريقه على الأقل، تلقى الموقع الالكتروني"مونيتور الأكاديميا الإسرائيلية" الدعم المالي من صندوق ميخائيل تشارنوي. وفي العام 2007 نشر الصندوق أن المونيتور "يعمل مثل ’الأخ الأكبر’، ويقوم بمتابعة ومراقبة محاضرين ومقالاتهم وأبحاثهم، كما أنه يتابع وجهات النظر المختلفة التي يتم نشرها حول إسرائيل. والفكرة الماثلة من وراء هذا النشاط هي تحذير الطلاب والمتبرعين المحتملين للجامعات من دروس معادية لإسرائيل في الجامعات ومن محاضرين يحملون أفكارا كهذه... ويرى صندوق ميخائيل تشارنوي بنفسه شريكا هاما في هذا التنظيم، وفي تقديم المساعدة للمجهود الحربي ضد الخطاب المعادي لإسرائيل في كل حرم جامعي لدينا".

والجدير بالذكر أن ميخائيل تشارنوي هو رجل أعمال روسي - يهودي، ومقرب من رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان. وأسس تشارنوي الصندوق الذي يحمل اسمه في العام 2001، بعد العملية التفجيرية في موقع الدولفيناريوم في تل أبيب والتي قتل فيها 21 شخصا غالبيتهم من الشبان الذين هاجروا إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفياتي السابق.

ووفقا لموقع صندوق تشارنوي الالكتروني، فإن هدف الصندوق هو "اكتشاف القدرات الثقافية الكامنة لدى المهاجرين [الروس] إلى إسرائيل" واستيعابهم في المجتمع الإسرائيلي. كذلك يعلن الصندوق أن بين أهدافه "الحرب المعلوماتية ضد الإرهاب" وفي جوهرها "العمل الإعلامي ضد نيران الحرب التي تم إشعالها ضد الشعب اليهودي"!.