* إفرايم سنيه يعلن عن انسحابه من الحزب ويستقيل من الكنيست ليشكل حزبا جديدا * أنباء عن أن أوفير بينيس والراب ملكيئور من حزب ميماد المتحالف مع "العمل" يتفاوضان مع حزب "الخضر" للانضمام إليه * شخصيات تاريخية في الحزب تحذر من نهج باراك ومن بداية نزوح شخصيات أخرى إلى أحزاب سياسية بديلة *
كشفت استقالة عضو الكنيست إفرايم سنيه، من حزب "العمل" ومن عضوية الكنيست، وإعلانه تشكيل حزب جديد، عن الأزمة الداخلية العميقة التي يعيشها حزب "العمل"، إذ أن شخصيات أخرى بدأت تبحث عن طريق "الخلاص السياسي" لها، تحسبا من انهيار الحزب في أي انتخابات برلمانية قادمة.
وإفرايم سنيه ليس من فئة الشخصيات السياسية ذات الوزن الجماهيري، أو حتى من أصحاب مراكز القوى في داخل الحزب، لكنه من الشخصيات النوعية، التي ترسم صورة معينة للحزب أمام الشارع الإسرائيلي، ولذا فإن خطوته ما كانت ستنطوي على أي أثر على قوة الحزب، لولا أنها كشفت عن شخصيات أخرى تنوي اتخاذ خطوات مشابهة.
وكان سنيه قد عقد، يوم الأحد- 25/5/2008، مؤتمرا صحافيا أعلن فيه عن استقالته من حزب "العمل"، وإقامة حزب جديد، تحت اسم "يسرائيل حزاكا"، (إسرائيل قوية) دون أن يعلن من يقف إلى جانبه، أو من يدعمه، وكيف سيكون بإمكانه أن يضمن اندماجه في الحلبة السياسية، خاصة في ظل رفع نسبة الحسم للكنيست إلى 5ر2%.
لكن سنيه حاول الظهور بمظهر "النزاهة السياسية" بإعلانه الاستقالة من عضويته في الكنيست، كون أن هذا المقعد يخص حزب "العمل" الذي أوصله إلى الكنيست، لا مقعده الشخصي.
وإفرايم سنيه ليس شخصية سياسية عسكرية ساذجة، فهو طبيب عسكري لسنوات طويلة، وكان قائد "الإدارة المدنية" في سلطة الاحتلال في الضفة الغربية في سنوات الثمانين، وما إن خلع البزة العسكرية حتى انتسب إلى حزب "العمل" الذي أوصله إلى الكنيست لأول مرة في العام 1992 ولا يزال فيه.
وتولى سنيه في ولاية حكومة رابين منصب وزير للصحة لفترة ما، ثم تولى منصب نائب وزير الدفاع، في حكومة إيهود باراك في العام 1999، إذ تولى باراك نفسه منصب وزير الدفاع، وعاد سنيه إلى المنصب ذاته في ربيع العام 2006، حين كان رئيس حزب "العمل" في حينه، عمير بيرتس، وزيرا للدفاع، واستقال من منصبه سوية مع استقالة بيرتس.
ولهذا فإن سنيه ما كان سيقفز إلى مغامرة، أو إلى خطوة غير محسوبة. وهناك عدة سيناريوهات لمستقبل خطوته، ومن بينها أنه كان الأول الذي قرر الخروج بهدف إقامة الحزب المذكور وتنظيمه، تهميدا لانضمام شخصيات أخرى من "العمل" إليه، وهذا ما سيتم احتسابه خطوة انشقاقية. أو أنه قرر بلورة إطار سياسي، يعطيه لونا وبرنامجا، ليكون بإمكانه مفاوضة أطر سياسية قائمة يندمج فيها قبل الانتخابات البرلمانية القادمة. وفي كلتا الحالتين فإنه بحاجة إلى دعم مالي من أثرياء، بموجب النهج القائم في الحلبة السياسية في إسرائيل.
بينيس وملكيئور
في موازاة إعلان سنيه كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن الشخصية البارزة في حزب "العمل"، عضو الكنيست أوفير بينيس، يعتزم إجراء مفاوضات مع حزب "الخضر"، لفحص إمكان الانضمام لهذا الحزب، الذي ترجح استطلاعات الرأي أن يدخل إلى الكنيست لأول مرّة في الانتخابات القادمة.
ويشغل بينيس حاليا منصب رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الداخلية والبيئة، ما جعله يتقرب أكثر إلى أوساط البيئة بما فيها الأحزاب المدافعة عن البيئة. كذلك فهو من الداعين، منذ أكثر من عام، إلى الانسحاب من حكومة إيهود أولمرت، التي كان وزيرا فيها لستة اشهر (حتى تشرين الأول 2006)، واستقال منها بعد انضمام حزب يسرائيل بيتينو، اليميني المتطرف، بزعامة أفيغدور ليبرمان، وذلك احتجاجا على مواقف هذا الحزب وزعيمه.
ولا يوفر بينيس مناسبة إلا ويجدد فيها دعوته هذه، وآخرها على خلفية ملفات الفساد التي يواجهها أولمرت في الآونة الأخيرة.
كذلك وبحسب تلك الأنباء، فإن عضو الكنيست الراب ميخائيل ملكيئور، من حزب "ميماد" الديني السلامي، والمتحالف منذ عشرة أعوام مع حزب "العمل"، بدأ هو أيضا مفاوضات مع حزب "الخضر".
ويترأس ملكيئور سوية، مع عضو الكنيست دوف حنين، من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، اللوبي الاجتماعي البيئي البرلماني، ونشاطه هذا قرّبه أكثر إلى أوساط الخضر، علما انه يرأس أيضا لجنة التربية والتعليم البرلمانية.
ومن شأن خروج ملكيئور من قائمة حزب "العمل" التسبب بخسارته مقعدا كاملا، كونه يمثل جمهورا متدينا ليبراليا مؤيدا للتوجهات السلمية ويقدر حجمه ما يعادل مقعدا برلمانيا، وهو جمهور يتحرك مع ممثليه.
وعلى ضوء هذه الأنباء بدأت شخصيات تاريخية في حزب "العمل"، من بينها الوزير السابق موشيه شاحل، المكلف بشؤون الدستور في الحزب، وشخصيات بارزة سابقا، مثل عوزي بارعام ورعنان كوهين ولوفا الياف، تحذر بوضوح من توجه متنام في حزب "العمل"، موجهين انتقادات واضحة ومباشرة لزعيم الحزب، إيهود باراك، الذي لا يعمل على رص صفوف الحزب، كما أن سياسته المعلنة لا تعبر عن المواقف التقليدية للحزب، على حد تعبيرهم.
وفي هذه النقطة بالذات، هاجم سنيه في المؤتمر الصحافي، إيهود باراك، بقوله إن نهجه السياسي لا يعبر عن المواقف التقليدية للحزب، فمثلا هو يصمت أمام المشاريع الاستيطانية التي تقرها الحكومة، بفعل ضغوط حركة "شاس"، في حين أن باراك لا يعترض.
يذكر هنا أن باراك لم يخف تحفظاته، مرارا وتكرارا، من العملية التفاوضية مع الجانب الفلسطيني، ووجهت له اتهامات بأنه يعيق عمدا إجراءات لتخفيف القيود المفروضة على الفلسطينيين في الضفة الغربية.
في المجمل، فإن أزمة القيادة التي يعاني منها حزب "العمل" منذ أعوام، وتمت معالجتها هنا مرارا، بدأت الآن تأخذ طابعا جديدا، إذ أن باراك عمّق هذه الأزمة، ولم يستغل عودته إلى رئاسة الحزب لإظهار تميز الحزب على الحلبة السياسية، وإخراجه من خانة "حزب ظل"، التي يقبع فيها منذ انهيار حكومة باراك في مطلع العام 2001.
وتشير استطلاعات الرأي العام إلى أن حزب "العمل" قد يحافظ على قوته الهزيلة نسبيا في الكنيست (19 مقعدا من أصل 120 مقعدا)، لكن غالبية الاستطلاعات تشير أيضًا إلى احتمال فقدانه من مقعد إلى ثلاثة مقاعد.
وفي حال ثبوت نهج خروج شخصيات معروفة من الحزب، وإن لم يكن لكل واحد منها وزن انفرادي، فإن خروجها كمجموعة سيؤثر سلبا على قوة الحزب المتبقية، وفي هذه الحالة قد يحتل حزب "العمل" مكانة حزب "الليكود" الحالية في الكنيست، كحزب من المرتبة الرابعة أو حتى الخامسة، بعد أن حكم إسرائيل بشكل منفرد تقريبا في الأعوام التسعة والعشرين الأولى، ثم تناوب على رئاسة الحكومة بضع مرات في الأعوام اللاحقة.