أولمرت يهدد بضرب صواريخ روسية في حال نشرها في سورية

أحزاب وحركات سياسية

تجري الانتخابات الداخلية لرئاسة حزب "ميرتس"، اليوم (18/3/2008) في ضوء تساؤلات وعلامات استفهام حول ما إذا كان هذا الحزب ما زال ذا صلة في السياسة الإسرائيلية الراهنة. وكان الحزب قد بلغ أوج قوته في 1992 حين فاز بـ 12 مقعداً في الكنيست وتحول إلى شريك رئيس في حكومة إسحق رابين وشريكه المخلص في عملية السلام. غير أن الحزب أخذ منذ ذلك الوقت يشهد تراجعاً وانحسارا في قوته ومركزه/ رأي جامعي إسرائيلي

 

بقلم: البروفسور يوسي يونا *

 

 

تجري الانتخابات الداخلية لرئاسة حزب "ميرتس"، المقررة اليوم (الثلاثاء- 18/3/2008)، في ضوء تساؤلات وعلامات استفهام حول ما إذا كان هذا الحزب ما زال ذا صلة في السياسة الإسرائيلية الراهنة. وكان الحزب قد بلغ أوج قوته في سنة 1992 حين فاز بـ 12 مقعداً في الكنيست وتحول إلى شريك رئيس في حكومة إسحق رابين وشريكه المخلص في عملية السلام. غير أن الحزب أخذ منذ ذلك الوقت يشهد تراجعاً وانحسارا في قوته ومركزه. فهو لا يعاني من ضعف وتراجع في قوته الانتخابية وحسب، وإنما أخذ صوته الواضح والرنان يبهت ويخبو أكثر فأكثر.

 

إن من المشكوك فيه أن يستطيع حزب "ميرتس" النهوض من كبوته هذه إذا لم تشهد قيادته عملية تغيير وإعادة تنظيم حاسمة وجذرية. جدير بأعضاء الحزب أن يفكروا قليلاً بالمصير والنهاية المريرة اللتين آل إليهما حزب "شينوي" وبالمصير الذي يضمره المستقبل لحزب المتقاعدين، حتى يدركوا أن عليهم إحداث هزة قوية تفضي إلى تغيير راديكالي في زعامة الحزب. إن انتخاب زهافا غالئون لرئاسة "ميرتس" يمكن أن يبشر بتغيير ضروري ومنعش من هذا القبيل.

 

لقد اجتازت حركة "ميرتس" محطات كثيرة منذ أن تحولت بشكل عجيب غريب لتغدو محببة لدى رئيس الحكومة إيهود أولمرت. ليس واضحاً كيف وقع زعماء الحزب، وهم سياسيون بارعون لديهم تجربة غنية، بمثل هذه السهولة في شباك أولمرت الذي يكيل لهم آيات المديح والثناء ويستعرض أمامهم خططاً وأفكاراً سياسية ليس لها أي أساس في الواقع. لماذا لا يدركون ما أدركه وحفظه عن ظهر قلب أبسط المحللين السياسيين وهو أن حكومة أولمرت بلا أفق سياسي، وأنها ليست في وارد الدخول في أي مفاوضات جادة مع الفلسطينيين؟.

 

هذا الإخفاق المريع والمخجل في قراءة الخريطة السياسية يثير الشك فيما يتعلق بملاءمة بعض المتنافسين على رئاسة الحزب لتولي قيادته، لا سيما في ضوء التحديات التي يواجهها المجتمع الإسرائيلي، والمطروحة على الأجندة التقليدية للحزب ذاته. كيف تحولت "ميرتس" إلى حزب إجماع، إلى حركة ينقاد زعماؤها بشكل أعمى خلف رئيس حكومة أعلن أنه لا يقع عليه أي واجب في بلورة أجندة معينة؟! ربما كان الانجاز الكبير، وغير المتكرر، في انتخابات 1992، هو الذي أشر أيضاً إلى بداية الانحدار والتدهور، حين أخذ زعماء "ميرتس" يتخيلونها كحزب سلطة، إن لم يكن حزباً يقود الدولة فعلى الأقل يكون شريكا كبيرا في ذلك. وعلى ما يبدو فإن هذا الطموح هو الذي جعل الكثيرين من زعماء الحركة يهرولون إلى حضن الإجماع الدافئ والارتهان له، وذلك بعدما ضاقت نفوسهم ذرعاً بالجلوس على مقاعد المعارضة، وسئموا الدور المهم الذي يمكن القيام به من هناك، ومن هناك فقط.

 

إن تأييد "ميرتس" لحكومة أولمرت إنما يدل على انحدار في سلوك الحركة وفقدانها للطريق والبوصلة، وربما يدل أيضاً على انتحار انتخابي حزمت أمرها على الإقدام عليه.

 

إن على "ميرتس" أن تنفض الغبار عن هويتها كحزب معارضة، فهناك تكمن قوتها الانتخابية. عليها أن تستعيد دورها كحزب معارضة طليعي يتقدم الصفوف.

 

باستثناء عضوة الكنيست زهافا غالئون، يخيل أن زعماء "ميرتس" الآخرين فقدوا القدرة على مقارعة مظاهر الاعوجاج والتشويهات والفساد التي تجتاح الدولة والمجتمع. فقد ظهرت غالئون منذ انتخابها للمرة الأولى قبل تسعة أعوام، كبرلمانية رائدة، شجاعة وجذرية، ارتفع صوتها الواضح في النضالات من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي المحتلة ومن أجل المساواة وضد تجارة النساء، كما علا صوتها المعارض حينما اندلعت حرب لبنان الثانية، خلافاً لصيحات الحرب التي أطلقها أيضاً زعماء آخرون في "ميرتس". قبل ثلاثة أسابيع تقريباً نشر بيان تأييد لترشيح النائب حاييم أورون لرئاسة الحزب. ولكن إذا ما حكمنا، بناء على قائمة الرجال والنساء الذين أضافوا أسماءهم للبيان، سيتضح أن الدعوة لانتخابه لا تحمل في طياتها رسالة إنعاش وتغيير وأمل جديد.

 

لقد برهنت غالئون على استقلالية فكرية واستقامة سياسية وتشبث بالمبادئ. لذلك ليس هناك من هو أجدر وأنسب منها لقيادة الحزب والسير به إلى آفاق جديدة.

 

______________________________

 

* أستاذ في جامعة بئر السبع وفي "معهد فان لير"- القدس. المقال ترجمة خاصة بـ "المشهد الإسرائيلي" (المصدر: شبكة الانترنت).