لقاء آخر في لندن: "الحوار الفلسطيني - الاسرائيلي يستأنف بعد الانتخابات المقبلة"

أحزاب وحركات سياسية

* مجال توسيع الائتلاف الحكومي أمام إيهود أولمرت ليس كبيرا * تعقيدات سياسية داخلية وخارجية وأخرى حزبية وشخصية تمنعه من ضم كتل اليمين المتطرف إلى حكومته * لا توجد أية مؤشرات لانهيار الائتلاف الحاكم، بعد خمسة أشهر على قيامه *

 

تمتلئ الحلبة السياسية والإعلامية في إسرائيل في الأسابيع الأخيرة بسلسلة من التكهنات حول احتمال مبادرة رئيس الحكومة إيهود أولمرت لتوسيع ائتلافه الحاكم، الذي يضم حاليا 67 نائبا في أربع كتل نيابية، من اصل 120 نائبا في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست).

ومنذ تشكيل الحكومة الحالية في مطلع شهر أيار/ مايو الماضي، لم يتوقف أولمرت عن محاولات ضم كتلة المتدينين الأصوليين (الحريديم) الأشكناز، "يهدوت هتوراة"، التي لها ستة نواب إلى الحكومة، إلا أن المفاوضات متعثرة بسبب مطالب مالية تريدها هذه الكتلة، تتعلق بالأساس بمخصصات الأولاد التي تدفعها مؤسسة الضمان الاجتماعي عن كل ولد حتى سن الثامنة عشرة، وأيضا ميزانيات لقطاع الحريديم الأشكناز.

ولا يزال أولمرت وحزبه "كديما" يراهنان على ضم كتلة "يهدوت هتوراة"، ولهذا فإنهم يبقون بيد هذه الكتلة رئاسة أهم لجنة برلمانية، لجنة المالية، ذات الصلاحيات التنفيذية، رغم أنها لا تزال تصوت مع المعارضة، فرئاسة هذه اللجنة هي جزء من اتفاق ائتلافي مستقبلي.

وتشتد هذه التكهنات، التي يدعي بعض المراسلين والمحللين أنها مستندة إلى "مصادر" رفيعة في هذا الحزب أو ذاك، على خلفية الأزمة السياسية الناجمة عن نتائج الحرب على لبنان، رغم أن الحرب لم تؤد إلى أي خلل ملموس في بنية الائتلاف الحاكم.

 

مضمون التكهنات وخلفياتها

 

هناك عدة اتجاهات لهذه التكهنات، فمنها من يتحدث عن "حكومة طوارئ"، التي أعلنت رئيسة الكنيست، داليا ايتسيك، مبادرتها لتشكيل مثل هذه الحكومة، وكلما يتقدم الوقت فإن واقعية حكومة كهذه تتلاشى، وكان من المفترض أن تضم جميع الكتل الصهيونية والدينية، التي ترغب في الانضمام إلى مثل هذه الحكومة.

ولكن الحديث الأكبر يدور حول "طلاق" بين "كديما" و"العمل"، وبعد خروج "العمل" من الحكومة يتم ضم كتلتي "يسرائيل بيتينو" المتطرفة، و"الليكود"، رغم أن زعيم الليكود بنيامين نتنياهو أعلن انه يسعى إلى إسقاط الحكومة وليس لإنقاذها.

كذلك هناك من يتحدث عن سعي "كديما" إلى ضم "يهدوت هتوراة" و"يسرائيل بيتينو"، مع بقاء حزب "العمل"، في حين أعلن زعيم "العمل"، عمير بيرتس، ووزراء آخرون، أنه لا يمكنهم الجلوس في حكومة واحدة مع "يسرائيل بيتينو" وزعميها أفيغدور ليبرمان.

لقد طغت على هذه التكهنات والسيناريوهات لهجة التهديد المتبادل، خاصة داخل أطراف الائتلاف الحاكم، قبيل إقرار الحكومة الإطار العام لميزانية إسرائيل للعام القادم 2007 (إقرأ تقريرا منفصلا في هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي")، حين كانت الكتل الثلاث الشريكة في الائتلاف تهدد بالانسحاب من الحكومة على خلفية التقليصات والضربات الاقتصادية في الميزانية، التي عرضتها وزارة المالية بموافقة رئيس الحكومة أولمرت.

ولكن التهديدات والتلميحات لم تقتصر على أطراف الائتلاف، بل أيضا جاءت من كتل المعارضة اليمينية، التي أرادت خلق حالة "أزمة سياسية" على خلفية الحرب، بعد أن دعمت الحكومة بشكل مطلق في شن الحرب وطالبت طوال الوقت بتصعيدها، وعارضت وقف إطلاق النار، وهاجمت الحكومة لقبولها بقرار مجلس الأمن 1701.

فقد سمعنا من حزب "الليكود"، وزعيمه بنيامين نتنياهو، في الأيام الأخيرة، أن مجموعة من نواب حزب "كديما" قد تقرر الانسلاخ عن كتلتها لتعود إلى "الليكود"، رغم أن القانون يضع تقييدات على مثل هذا الانتقال السياسي وسنأتي عليه هنا.

ومعروف عن نتنياهو مثل هذه البيانات والتصريحات، فمثلا كان طوال الحملة الانتخابية يتحدث بلهجة الواثق من نفسه، انه الحزب الأكبر في هذه الانتخابات ليحل في النهاية في المرتبة الرابعة، وأكثر من مرّة استغل علاقاته ببعض وسائل الإعلام ليدس استطلاعات مفبركة، تم الكشف عنها بعد ساعات من نشرها، وكأنها محايدة.

أما زعيم كتلة "يسرائيل بيتينو"، المتطرف أفيغدور ليبرمان، فإنه لم يكف عن الإعلان عن شروطه للانضمام إلى حكومة أولمرت، وعلى رأسها عدم الخوض بأية عملية سياسية أمام الفلسطينيين، أما آخرها، فهو تغيير نظام الحكم في إسرائيل وجعله رئاسيا جمهوريا بدلا من برلمانيا.

 

بين التكهنات والواقع

 

إن حكومة إيهود أولمرت هي الحكومة الـ 31 التي تشكلت مع إنهاء إسرائيل عامها الثامن والخمسين، وإن دلّ هذا على شيء فإنه يدل على عمق الأزمة السياسية التي تعايشها إسرائيل على مر السنين، فمن جميع هذه الحكومات، التي تولى رئاستها 12 رئيس حكومة، صمدت اثنتان فقط لدورة كاملة، بمعنى أن هناك 28 حكومة، عدا الحالية، لم تصمد في الحكم، في المعدل عاما ونصف العام، وحكومة أولمرت التي مر على إقامتها خمسة أشهر ونصف الشهر لم تصل حتى إلى المعدل المذكور.

ولكن قبل سقوط أية حكومة، من جميع حكومات إسرائيل، كانت تظهر أزمة سياسية تعايشها الحكومة أشهر طويلة، وتؤدي إلى تفكك الائتلاف الحاكم، وهذا ما لا نراه اليوم، على الأقل حتى الآن، في حكومة أولمرت، التي لا تزال تواجه مخلفات الحرب على لبنان، على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

إن الأمر المشترك للمركبات الأربعة في حكومة أولمرت، هو أنها جميعا شاركت في صياغة القرارات المركزية والأساسية للحرب، وعلى رأسها قراري شن الحرب ووقفها، بمعنى انه لم يكن هناك من اعترض على أي من القرارين، ليقرر الآن فتح حساب ويعلن انسحابه من الحكومة.

ولهذا فإن المسؤولية العامة من وجهة نظر الجمهور تقع على جميع المركبات، وليس على رئيس الحكومة أولمرت وحزبه وحدهما، وبناء عليه لا يستطيع أي حزب الانسحاب من الحكومة على خلفية نتائج الحرب ومخلفاتها، وهو السبب الظاهر للأزمة السياسية التي يجري الحديث عنها.

ولكن هذا لا يعني أن هناك انسجاما تاما بين جميع المركبات، ففي هذه الأيام بدأت إجراءات إقرار ميزانية إسرائيل للعام القادم، على المستويين الحكومي والبرلماني، وهذا سيستمر حتى نهاية العام الجاري، ورغم معارضة كتلة "شاس" الدينية الأصولية للميزانية في جلسة الحكومة، إلا انه حتى الآن تظهر كمعارضة شكلية وليست جوهرية (نأتي عليها في تقرير الميزانية في هذا العدد).

إلا أن "موسم" إقرار الميزانية في إسرائيل هو أيضا "موسم" المقارعات الائتلافية التي تستمر عادة حتى الدقائق الأخيرة قبل إقرار الميزانية في الهيئة العامة في الكنيست، ولهذا فإننا مقبلون على الكثير من التوترات السياسية والحزبية بين مركبات الائتلاف الحاكم، إلى حين إقرار الميزانية.

من الواضح أن كل رئيس حكومة يطمح إلى أن تكون لديه القاعدة البرلمانية الأوسع لتثبيت حكومته، وفسح المجال لها لإتمام ولايتها القانونية من أربع سنوات، إلا أن التعقيدات البرلمانية والسياسية تقف دائما عائقا أمام كل رئيس حكومة، وهذا صحيح أيضا في الحالة التي نحن أمامها، فمجال التحرك أمام إيهود أولمرت ليس كبيرا في الظروف الحالية، وهذا لعدة أسباب، حزبية وسياسية داخلية وخارجية، وحتى شخصية.

ونستعرض هنا جوانب مركزية تتحكم في تحركات أولمرت وحزب "كديما"، بالأساس، في اتجاه توسيع الائتلاف، وأيضا حسابات الكتل الأخرى في التعاطي مع هذا الموضوع.

 

أولمرت و"كديما"

 

لقد أحدث حزب "كديما" في الانتخابات الأخيرة مفاجأة وسابقة سياسية حزبية تاريخية في إسرائيل، حين "نجح" في خلع التناوب التقليدي بين حزبي "العمل" و"الليكود" على الحكم، رغم أن غالبية قوة "كديما" جاءت من مصدر أصوات حزب "الليكود" في انتخابات العام 2003.

أما المفاجأة الثانية فقد كانت "مفاجأة" أولمرت نفسه، الذي وصل إلى الحكم بمحض صدفة لم يكن يحلم بها، على الأقل في هذه المرحلة، وهو لم يهيئ نفسه لتولي مقاليد الحكم، وليكون الشخص الأول في رأس الهرم السلطوي في إسرائيل. وفي معالجة سابقة بعد الانتخابات تمت الإشارة إلى أن أحد مشاريع أولمرت في حكومته الجديدة هو تثبيت مكانته و"هيبته" الشخصية، وهذا ما سيساهم في تحديد وجهة أولمرت لدى تشكيله الائتلاف، وهذا أمر لا يزال قائما حتى الآن.

لقد خرج أولمرت من الحرب على لبنان ليغوص في حرب داخلية، متشعبة الاتجاهات، ومن أبرزها الحفاظ على هيبة حكومته، على مكانته، ولهذا فإن ركضه وراء توسيع الائتلاف خارج المسار الذي حدده سلفا، مع "يهدوت هتوراة"، سيظهره ضعيفا أمام الشارع الإسرائيلي، كمن يسعى لينقذ نفسه من السقوط.

وفي هذه الحالة، كما يعلم أولمرت، فإن أية مفاوضات مع شركاء جدد لتوسيع حكومته سيكون فيها في موقف الضعيف، فمثلا حزب "الليكود" وبعد الضربة القاصمة التي تلقاها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يعتقد، حسب خطابات زعيمه نتنياهو، انه "ربح" الكثير من هذه الحرب، نظرا لموقفه "المسؤول"، حين تخلى عن حزبيته ودعم الحكومة في حربها.

وكما ذكر هنا فإن نتنياهو يعلن الآن انه معني بإسقاط حكومة أولمرت وليس إنقاذها من السقوط، بعد الدخول إلى حكومته.

كذلك فإن أمام أولمرت بالأساس ثلاث كتل يمينية متطرفة، هي "الليكود" و"يسرائيل بيتينو" و"هئيحود هليئومي"، فعلى الرغم من أن أولمرت لم يتخلّ عن برنامجه اليميني العقائدي، إلا أنه ينجح بشكل محدود في الظهور بمكانة "اليميني المعتدل"، أو "الأقرب إلى المركز"، وضم أي من هذه الكتل إلى جانب كتلة "شاس" الموجودة في الائتلاف الحالي سيجعله رهينة لخطاب سياسي متطرف، ستكون له انعكاسات سياسية خارجية.

فحتى الآن "تشتري" الأسرة الدولية، بدعم من الإدارة الأميركية، مقولة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية وبتركيبتها القائمة، مدعومة من حزب "العمل"، معنية بالتوجه إلى العملية السياسية، بينما ضم "يسرائيل بيتينو" العنصرية المتطرفة، أو "الليكود"، سينعكس على هذا الخطاب السياسي، الذي سيُحرج بشكل خاص الإدارة الأميركية، والرئيس جورج بوش، خاصة أمام الاتحاد الأوروبي، وهذا ما قد يعيد إسرائيل إلى زاوية الضغوط الدولية، حتى وإن كانت بشكل محدود.

وهناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد أن للإدارة الأميركية دورا واضحا في اللعبة السياسية الداخلية الإسرائيلية، وبشكل خاص في السنوات الأخيرة، وأيضا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

كذلك فإنه على صعيد "الهيبة الشخصية" يعرف أولمرت أن الشراكة صعبة جدا مع ليبرمان، الذي تحدى كل "هيبة" أريئيل شارون السياسية، وخلق الأزمات تلو الأزمات لحكومته حين كان وزيرا فيها، وليس لدى أولمرت ما كان لشارون، ليكون بقدرته لجم ليبرمان، والأمر نفسه ينطبق على شراكة مع بنيامين نتنياهو، "النجم الإعلامي"، الذي سيحجب الأضواء عن أولمرت في حال الشراكة بينهما.

والإشكالية أيضا ستواجه حزب "كديما" الذي يتزعمه أولمرت، والذي بعد 10 اشهر على قيامه، وستة اشهر بعد الانتخابات، لم يبلور هيئاته بعد، ولا يزال حزب مجموعة نخب سياسية، من دون فروع ومؤسسات وهيئات وموظفين تدفع لهم رواتب، وليس من الواضح كيف يصرف "كديما" شهريا ميزانية حوالي 450 ألف دولار يتلقاها من الكنيست.

وفقط في الأسبوعين الأخيرين بدأت عملية إقامة فروع وبلورة هيئاته، لهذا فإن الحزب سيكون معنيا بإثبات مكانته كحزب حاكم، من دون الاستعانة بالحزب الأم، الذي كان غالبية أعضاء "كديما" ينتمون إليه، "الليكود".

ولا يمكن تجاهل ما كان أعلنه نتنياهو قبل أيام حول أن نوابا في "كديما" قد يقررون العودة إلى حزب "الليكود"، ليتحول هذا الحزب إلى أكبر كتلة برلمانية، وتسقط بذلك حكومة أولمرت، ليتولاها بنيامين نتنياهو.

وحسب القانون، فإن انفصالا كهذه مسموح فقط لمجموعة نواب تشكل لا أقل من ثلث أعضاء الكتلة البرلمانية، وفي حالة "كديما" فإن الانفصال عن "كديما" وتشكيل كتلة برلمانية مستقلة سيحتاج إلى 10 نواب على الأقل من أصل 29 نائبا، وعادة، أو لنقل فإن السياق الطبيعي يقول إن النواب العشرة يكونون عادة من أولئك الذين لم يحظوا بوظائف برلمانية، أو حقائب وزارية. خاصة وأنه لا تواجه كتلة "كديما" أزمة سياسية، كتلك التي غرق فيها حزب "الليكود" في الدورة البرلمانية السابقة، على خلفية إخلاء مستوطنات قطاع غزة، ضمن الخطة المسماة "فك الارتباط".

وحاليا فإن 11 نائبا من حزب "كديما" يتولون حقائب وزارية، إلى جانب رئيس الكنيست ونائب لها من "كديما"، وأربعة نواب يتولون رئاسات لجان برلمانية، ورئيس الكتلة البرلمانية، أي أن هنالك 18 نائبا من أصل 29 نائبا يتولون وظائف حكومية وبرلمانية، وليكون مجال تحرك نتنياهو بين 11 نائبا، وهو مجال ضيق جدا.

ولكن في "أعاجيب" السياسة الإسرائيلية هناك صعوبات جمّة كثيرة ولكنها ليست مستحيلة كليا، خاصة وانه في داخل كتلة "كديما" هناك نواب من اليمين المتطرف، مثل المستوطن عتانئيل شنلر، وقائد شبيبة الليكود سابقة يوئيل حسون، وغيرهما.

وفي حال قرر أولمرت في الفترة المقبلة تعيين نواب وزراء، فإن ثلاثة أو أربعة من كتلة "كديما" سيحظون بهذا المنصب، لتصبح الغالبية الساحقة من نواب "كديما" منشغلة في وظائفها "الرفيعة".

 

حسابات "العمل" و"شاس"

 

السؤال الآخر الذي يجب أن يطرح: ما هو مدى رغبة الشركاء الثلاثة في حكومة أولمرت في مغادرة الحكومة، أو قدرتهم على ذلك. ونبدأ بكتلة "المتقاعدين"، من سبعة نواب، التي أثبتت خلال الأشهر الخمسة الماضية انه ليس على أجندتها سوى مصالح جمهور المتقاعدين، وأنها قادرة على التكيف مع جميع الأجواء السياسية، طالما أن مطالبها المالية مضمونة، ولا أكثر من هذا، إلا أن الحسابات الكبرى هي لدى كتلتي "العمل" و"شاس".

فحزب "العمل" لا يزال يواجه أزمة داخلية، برزت بشكل خاص خلال تصويت وزراء الحزب السبعة على ميزانية الدولة في جلسة الحكومة، فقد أيدها جميع وزراء الحزب باستثناء رئيسه عمير بيرتس الذي امتنع عن التصويت، وهاجم وزراء حزبه ليعكس بذلك أزمته الشخصية كرئيس للحزب، يفقد بشكل مستمر من مكانته.

وعلى الرغم من الخلافات الداخلية في الحزب، إلا أن هناك شبه إجماع في الكتلة البرلمانية على أن الائتلاف الحالي هو الائتلاف الأفضل للحزب في ظروف الخارطة السياسية في إسرائيل، وانسحاب الحزب إلى حلبة المعارضة سيساهم في عملية تراجعه أكثر على مستوى الشارع الإسرائيلي، وهذا على الرغم مما نسمعه من اعتراضات وحالات تمرد من هذا الطرف أو ذاك في داخل قيادة حزب"العمل".

وهناك من المحللين من يعتقد أن حزب "العمل" قد يعيد النظر في مشاركته في الحكومة بعد الانتخابات لرئاسة الحزب، التي من المفترض أن تجري في الصيف القادم، ولكن هذا لا يعني أن الإطاحة بعمير بيرتس ستقود إلى خروج "العمل" من الحكومة، بل إن الفائز سيطلب بالأساس تولي الحقيبة الرفيعة التي يتولاها بيرتس حاليا في الحكومة.

أما حزب "شاس"، الذي جلس في مقاعد المعارضة في السنوات الأربع الماضية، وهو ما منعه من تحقيق "إنجازات" مالية لجمهور ناخبيه و"الحريديم" الشرقيين، فإنه هو أيضا لن يكون معنيا بمغادرة الحكومة بهذه السرعة، خاصة إذا ما حقق الميزانيات التي يطلبها لجمهوره.

كذلك ولكون هذا الحزب الديني متعلقا بشخص زعيمه الروحي، عوفاديا يوسيف، ابن السادسة والثمانين، والذي يواجه في الفترة الأخيرة أزمة صحية، فإنه هو الآخر قد يكون مقبلا على أزمة داخلية، إذا ما نشأت ظروف إنسانية تفرض عليه تعيين زعيم روحي جديد، في حين أن ظل الزعيم السياسي السابق للحزب، آرييه درعي، لا يزال ينعكس بقوة على حزب "شاس"، وهذا ما يفرض على الزعيم السياسي الحالي إيلي يشاي أيضا الاستعداد لمواجهة من هذا النوع.

 

خلاصة مرحلية

 

في المجمل العام فإن السياق الطبيعي للمشهد السياسي الإسرائيلي يقول إن حل الائتلاف الحاكم في إسرائيل ليس واردا في هذه المرحلة، كذلك فإن انهياره غير مرئي في الظروف الحالية.

لكن سرعة التقلبات السياسية الناجمة عن الأزمة السياسية المزمنة التي تعايشها إسرائيل، تشير إلى أن هذه الحكومة لا بد وأن يكون مصيرها كمصير 28 حكومة لم تصمد حتى نهاية ولايتها، فقد تتغير تركيبتها برئاسة أولمرت، وقد تزول كليا ومعها البرلمان. ولكن هذا الحديث سابق لأوانه، وأيضا بوادره غير مرئية حاليا.