الناطقة باسم أولمرت: رئيس الحكومة لا ينوي الاستقالة

وثائق وتقارير

أحد الأمور التي تميّز الصرف الحكومي المدني في إسرائيل، أي بعد خصم الصرف الأمني ومدفوعات الفوائد، طوال العقدين الأخيرين، هو استقراره غير العادي، سواء كان ذلك بنظرة تاريخية أو قياسا بالدول الأخرى. وفي الوقت الذي مرت فيه إسرائيل بعدد كبير من الأحداث ذات التأثير الجوهري عليها خلال هذه السنوات، إلا أن الحكومات المتعاقبة تمكنت من الحفاظ على استقرار كبير في الصرف المدني الحكومي. ويبرز تميّز إسرائيل في السنوات الخمس الأخيرة، التي انخفض الصرف العام فيها قياسا بالناتج القومي بينما ارتفع الصرف العام في معظم الدول الغربية. وفي هذا السياق أشار تقرير "مركز طاوب" إلى أن جهاز التعليم في إسرائيل هو الأقل نجاحا في العالم الغربي، كما أن الدولة تمول دعم المنتجات، وبالتالي خفض أسعارها، بأحجام تسمح بنسب انعدام مشاركة الرجال (الحريديم) في قوة العمل هي الأعلى في العالم الغربي.

 

ويبدو أن تقرير "مركز طاوب" للعام 2010 سيلقى آذانا صاغية على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية التي تعصف بإسرائيل منذ قرابة أربعة أسابيع. ورأى محرر التقرير وأحد المشاركين في كتابة فصوله، البروفسور دان بن دافيد، أن "لدينا هنا مشكلة وجودية سوف تنفجر في وجهنا في أحد الأيام. وتوجد مجموعة من الإسرائيليين الآخذة بالتزايد ولا تملك أدوات للتعامل في مجتمع عصري. فنسبة غير المشغلين بين الرجال الحريديم ارتفعت ثلاثة أضعاف في الثلاثين عاما الأخيرة ونسبة الرجال العرب ارتفعت ضعفين. ونحن نستثمر أموالا طائلة في التعليم لكن سلم الأولويات والتخطيط فيه عيب".

وأشار التقرير إلى أن أموال الدولة لا يتم استثمارها في إنشاء جهاز صحي مستقر ومتساوي، والأموال الطائلة التي يتم رصدها لجهاز التعليم لا تُستغل بالشكل الصحيح، ولذلك فإنه على الرغم من الاستثمار الكبير في التعليم إلا أن تحصيل التلاميذ متدن بالمقاييس الدولية. إضافة إلى ذلك فإن النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، والذي كان يتوقع أن يتم التعبير عنه بالاستثمار بالبنى التحتية، مثل مد السكك الحديدية وشق الشوارع، انخفض من 33% من الناتج في العام 1973 إلى 15% في العام 2010.

ونتيجة لذلك فإنه إلى جانب النمو الاقتصادي البطيء فإن دولة إسرائيل لا تعنى بالأساس الذي بالإمكان الاستناد إليه من أجل مواصلة النمو. فهناك شريحة من المواطنين، والتي تتسع باستمرار، لا تحظى بالتعليم المناسب لاحتياجات مجتمع عصري يكون معظم العاملين فيه مؤهلين للعمل في فروع متطورة. ولذلك فإنه في المدى الطويل سوف يمس هذا الوضع بالنمو الاقتصادي.

وتبين من التقرير أن استثمار الحكومة في الجامعات أعلى من الاستثمار في المدارس، والاستثمار في المدارس أعلى من الاستثمار في رياض الأطفال والمرحلة الدراسية الأولى. ووفقا للتقرير فإن الاستثمار في جهاز التعليم يعاني من انعدام المساواة. ورغم الاستثمار في جهاز التعليم وأجور المعلمين "وهي أفضل مما يعتقد الكثيرون"، إلا أنه بسبب انعدام المساواة في الاستثمار في المراحل التعليمية، فإن نتائج الامتحانات الدولية التي تفحص تحصيل التلاميذ العلمي، تظهر طوال الوقت أن تحصيل التلاميذ الإسرائيليين أقل من غيرهم في الدول الـ 25 الأكثر تطورا، وحتى أن تحصيل التلاميذ المتفوقين في إسرائيل أدنى من تحصيل نظرائهم في 23 دولة متطورة أخرى.

وفيما يتعلق بالاحتجاجات الاجتماعية المطالبة بـ "العدالة الاجتماعية" قال بن دافيد لصحيفة "هآرتس" (5.8.2011) "إنني أتوقع حدوثها منذ 12 عاما. يجب أن ندرك أننا نفقد الدولة. لذلك فإني أستمد التشجيع مما يحدث الآن ومن أن المحتجين يريدون العثور على طريق. فقد استثمرنا أكثر مما ينبغي كي نتنازل عن الدولة بسهولة".

وأضاف بن دافيد أنه "توجد نقطة لا عودة لدولة إسرائيل. وإذا ما تجاوزنا هذه النقطة، من الناحيتين الديمقراطية والديمغرافية، فإن الأمور التي يصعب جدا فعلها اليوم ستكون مستحيلة بعد بضع عشرات من السنين. والوجهة (الإسرائيلية) سيئة منذ 35 عاما. يقودوننا إلى مكان لا رجعة منه ونحن نسير إلى هناك بصورة بمثابرة. والشبان الذين يتظاهرون محقون، لكن هم أيضا لا يستوعبون إلى أي حد هو إشكالي المستقبل الذي نورثه لهم. إن إسرائيل تسير باتجاه مجتمع عالم ثالث، ورغم ذلك نحن ملزمون بصيانة جيش عالم أول من أجل ضمان وجودنا".