ولد العام 1942 في مشمار هشارون. رئيس الوزراء الاسرائيلي العاشر، ورئيس الأركان الرابع عشر للجيش الاسرائيلي،
ووزير الدفاع في حكومة اولمرت بعيد حرب صيف 2006 على لبنان. تخرج من الجامعة العبرية حاملا للقب الأول في موضوعي الفيزياء والرياضيات ثم تابع دراسته في جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة. أمضى معظم فترة خدمته العسكرية في كتيبة الأركان، ونال بعض الاوسمة وشهادات التقدير من رؤسائه، ثم تولى قيادة هذه الكتيبة. رُقي العام 1981 لدرجة ميجور جنرال وعين رئيساً لقسم التخطيط في الجيش الاسرائيلي. ثم رئيساً لوحدة الاستخبارات وقائداً للواء المركز في الجيش الاسرائيلي ونائباً لرئيس الأركان ورئيساً لوحدة العمليات في الجيش. تولى رئاسة الاركان العام 1991. وترددت الاقاويل والتوقعات السياسية أن رابين بعد وصوله إلى سدة الحكم في أعقاب انتخابات 1992 أراد تعيين باراك وزيراً لدفاعه حتى يُحضّره للوصول إلى رئاسة الوزراء.
انضم باراك إلى حزب العمل في مطلع العام 1995 بعد أن أنهى خدمته العسكرية وتولى وزارة الداخلية، وعين وزيراً للخارجية بعد اغتيال رابين في تشرين الثاني 1995. عين رئيساً لطاقم انتخابات الكنيست الرابعة عشرة من قبل حزب العمل، وبعد الفشل الذي أصاب هذا الحزب والواقف على رأسه شمعون بيريس في الانتخابات التي أوصلت حزب الليكود إلى السلطة برئاسة بنيامين نتنياهو، قام باراك بتوجيه اللوم والمسؤولية عن الفشل إلى حاييم رامون أحد أقطاب حزب العمل، وقيل إن الأخير في تنافس مع باراك حول ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة.
انتخب باراك في حزيران 1997 مرشحاً لرئاسة الحكومة من قبل حزب العمل، وذلك بنسبة تتجاوز الخمسين بالمئة متفوقاً على منافسيه يوسي بيلين وافرايم سنيه وشلومو بن عامي.
لقد عبر باراك عن توجهاته السياسية في مناسبات عدة، فتارة يميل إلى قبول (مشروع الون) وتارة أخرى يميل إلى تبني أفكار وخطوات رابين، ولوحظ أيضاً أنه يقبل آراء اسحق ليفي من حزب (المفدال) أكثر من قبوله ما يصرح به يوسي سريد زعيم حزب (ميريتس) أو ينادي به. ولم يصل باراك إلى زعامة حزب العمل دون الدخول في صراع مع شمعون بيريس أحد مؤسسي الحزب وقيادييه لفترة طويلة جداً. ودخل في صراع مع الأحزاب المتدينة عندما طرح مشروع تجنيد الطلاب المتدينين اليهود في صفوف الجيش الاسرائيلي. أسس العام 1999 القائمة المشتركة لخوض انتخابات الكنيست الخامسة عشرة وعُرفت باسم (يسرائيل احات) (اسرائيل واحدة) وهي مكونة من حزب العمل وحركتي (غيشر) (جسر) بقيادة ديفيد ليفي، و(ميماد) (حركة دينية منفتحة). ونجح باراك في الفوز برئاسة الحكومة في انتخابات أيار 1999 متغلباً على منافسه بنيامين نتنياهو مرشح الليكود ورئيس الحكومة. واحتفظ باراك لنفسه بمنصب وزير الدفاع، إضافة إلى كونه رئيساً للحكومة. وتمكن من تنفيذ سياسة تحييد معارضيه ومنافسيه السابقين والمحتملين، فعين شلومو بن عامي وزيراً للامن الداخلي، وشمعون بيريس وزيراً للشؤون الإقليمية، وحاييم رامون وزيراً بدون وزارة. ولتوسيع حكومته نجح في ادخال تغييرات على القانون الاساسي للحكومة، بحيث يكون عدد الوزراء 23 وزيراً.
أعلن باراك عن نيته في الوصول إلى اتفاق سياسي مع الفلسطينيين وإنهاء النزاع الاسرائيلي - العربي، وعن نيته في التوصل إلى اتفاق مع السوريين وإخراج الجيش الاسرائيلي من لبنان، ولكنه اشترط تنفيذ الاتفاق الأخير بإجراء استفتاء عام بين الاسرائيليين.
اما على صعيد العلاقات مع الاحزاب المتدينة فإنه دخل في صدام معها على خلفية موافقته على نقل مولدات كهربائية إلى اشكلون يوم سبت، ما أدى إلى انسحاب حزب (يهدوت هتوراة) من الائتلاف الحكومي. ثم توصل إلى التوقيع على اتفاق شرم الشيخ مع الفلسطينيين.
ولما اظهر الرئيس السوري السابق حافظ الاسد استعداده لخوض مفاوضات مع اسرائيل سافر باراك إلى شبيردستاون في الولايات المتحدة وأعلن عن استعداد حكومته إلى الانسحاب من هضبة الجولان وحتى الحدود الدولية، إلا أن باراك لم يتمكن من الحصول على موافقة سورية في احتفاظ اسرائيل بأراض محاذية لبحيرة طبريا، بمعنى أن اسرائيل رفضت إعادة أراضٍ سورية على شواطىء بحيرة طبريا إلى السيادة السورية، ولهذا باءت هذه المحاولة بالفشل الذريع، وأظهرت تمسك اسرائيل بعدم الانسحاب من كل الأراضي التي احتلتها مقابل السلام.
أما على صعيد المسار مع الفلسطينيين فإن المفاوضات بين الطرفين راوحت مكانها ابتداء من ربيع 2000.
ونتيجة لأنباء عن عزم الحكومة الاسرائيلية اخراج الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان، فإن جيش جنوب لبنان الذي كونته اسرائيل ورعته بدأ بالانهيار الكلي، وانتهى وجوده إثر انسحاب الجيش الاسرائيلي السريع من لبنان، واعتبر كثيرون من أفراد (جيش لبنان الجنوبي) أن اسرائيل طعنتهم وتركتهم فريسة لـ (حزب الله) وللحكومة اللبنانية، لهذا تمكن بضع آلاف من أفراد جيش لبنان الجنوبي وعائلاتهم من الهروب إلى اسرائيل مع الجيش الاسرائيلي المنسحب، وأخذوا بالمطالبة بحقوق لهم مقابل الخدمات التي قدموها لحكومة وشعب اسرائيل على حدّ تعبيرهم، إلاّ أن حكومة باراك ومن بعدها حكومة شارون لم تهتم لهذه المطالب، إلا في أمور بسيطة للغاية.
وبعد تحقيق الانسحاب من لبنان أعاد باراك الحياة إلى المسار الفلسطيني، وأخذ يسعى جاهداً إلى تنظيم لقاء قمة مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والرئيس الاميركي بيل كلينتون في كامب ديفيد، وأعلن أنه على استعداد للنظر في قضية القدس، رغم وجود معارضين له في صفوف حزب العمل. وتعرض باراك إلى معارضة قوية من أعضاء حكومته من حزب (شاس) بسبب أن وزير المعارف يوسي سريد من حزب (ميريتس) معارض لتحويل مبالغ من المال إلى مؤسسات (شاس) وتوسيع صلاحيات نائبه - أي نائب سريد - وهو من (شاس). إزاء هذا الوضع فضل سريد الاستقالة من الحكومة وقبل باراك بقاء (شاس) في حكومته مقابل دعمه في خطواته نحو كامب ديفيد. ولكن عشية توجهه إلى كامب ديفيد وقع زلزال في حكومته عندما اعلنت (شاس) و(المفدال) و(اسرائيل بعلياه) عن انسحابها من الائتلاف الحكومي، وهكذا فقد باراك الاغلبية النسبية لدعم حكومته في الكنيست الاسرائيلي، ورغم أنه لم يحظ َ بـ 61 عضوا في الكنيست إلا أنه أعلن عن رغبته في السعي إلى التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين بحكم التأييد الذي حصل عليه من الشعب اثناء الانتخابات.
ولكنه لم يتمكن من التوصل إلى اتفاق نهائي مع الفلسطينيين بعد أن رفض الفلسطينيون إملاءات باراك المدعومة من الرئيس الاميركي بيل كلينتون، وتدعي اسرائيل أن الفلسطينيين ضيعوا فرصة تاريخية في التوصل إلى اتفاق مع اسرائيل، ولكن في حقيقة الأمر أن باراك لم يقدم للفلسطينيين أي تنازلات، خاصة في قضية القدس والانسحاب من الأراضي المحتلة، فلم يكن بالإمكان قبول الفلسطينيين لما عرض عليهم.
ولما واجه باراك هذه الهزيمة السياسية على صعيد التفاوض مع الطرف الفلسطيني، تعرض إلى زعزعة أخرى داخل حكومته عندما أعلن ديفيد ليفي عن استقالته من الحكومة، عندها بدأ باراك يعمل من أجل ضم حزب الليكود إلى حكومته في محاولة لجعل هذه الحكومة حكومة وحدة طنية، ولكن هذه المحاولة كان مصيرها الفشل الذريع ولم تنجح على الإطلاق لأسباب داخلية - أي داخل حزبي العمل والليكود اللذين يعارضان مثل هذه الحكومة في الظروف التي كانت قائمة - بالطبع كل من وجهة نظره، وأيضاً فإن انطلاق انتفاضة الأقصى وأحداث اوكتوبر ـ تشرين الاول 2000 في أوساط العرب الفلسطينيين داخل (الخط الأخضر)، كل هذا دفع بباراك إلى التعامل عسكرياً مع الحالة الفلسطينية وقطع الاتصالات مع الجانب الفلسطيني، وعدم اعتبار عرفات شريكاً في العملية التفاوضية.
وافق باراك في نهاية تشرين الثاني 2000 على حلّ الكنيست والتوجه إلى انتخابات جديدة، ولكنه تدارك خطورة إجراء انتخابات برلمانية قد تودي بحزبه وتجعله في المعارضة، لهذا أعلن بشكل مفاجىء عن استقالته من رئاسة الحكومة، وبهذه الاستقالة يكون قد انقذ الكنيست من انتخابات جديدة، وحصرت الانتخابات في رئيس الحكومة فقط بموجب القانون الاسرائيلي الذي يفرض نوعين من الانتخابات: الاولى للكنيست والثانية لرئيس الحكومة بشكل مباشر.
وأثناء استعداده لخوض الانتخابات لرئاسة الوزراء تعرض إلى ضغوط شديدة من جانب أعضاء حزبه الذين طالبوه بالتنازل لصالح شمعون بيريس ليقود حزب العمل نحو انتصار، على حدّ تصورهم، ولكن باراك رفض الانصياع لمثل هذه الضغوط، بل إنه شكل طاقماً وزارياً لمتابعة مفاوضات السلام مع الفلسطينيين ليظهر أمام اعضاء حزبه وشعبه أنه ما زال يتمتع بقدرة على التفاوض.
وخسر باراك الانتخابات لصالح منافسه من حزب الليكود اريئيل شارون. وأعلن بعد هذه الهزيمة عن نيته الانسحاب من حزبه والاستقالة من الكنيست، إلا أنه تراجع وشرع في إجراء مفاوضات مع شارون لدخول حزبه في ائتلاف مع الليكود في حكومة وحدة وطنية، وأظهر رغبته في تولي وزارة الدفاع الاسرائيلية. إلا أنه تعرض إلى انتقادات شديدة جداً من أعضاء حزبه، وصورته وسائل الإعلام الاسرائيلية بأنه غير مستقر في الرأي، وأنه متعرج في مسيرته السياسية.
وجراء توالي الانتقادات السياسية من حزبه ومن الصحافة ووسائل الإعلام أعلن عن استقالته من رئاسة حزبه ومن الكنيست واعتزاله الحياة السياسية. إلا أنه عاد إلى الحلبة السياسية في عام 2006، خاصة بعد الحرب الاسرائيلية على لبنان(تموز 2006)، وتنافس مقابل عمير بيريتس على زعامة حزب العمل وتفوق عليه، فأصبح زعيما لهذا الحزب، وخلف بيريتس في تولي وزارة الدفاع.
عُرف عنه ميله إلى العمل المنفرد وعدم قدرته على العمل المشترك، وايضاً ميله إلى أسلوب الادارة المركزية.