اختصار بالعبرية لـ (بلوغوت ماحتس) (سرايا التحطيم).
كانت الفكرة من وراء إنشاء هذه السرايا العمل من أجل مواجهة احتمال قيام قوات ألمانية بغزو فلسطين بعد سقوط فرنسا وإقامة حكومة فيشي فيها، والتي وضعت تحت سيطرتها كلاً من سورية ولبنان، وأيضاً بعد الانتصارات التي حققتها الجيوش الالمانية والايطالية على جبهة شمالي افريقيا. وجرى التفاهم والإتفاق بين قيادة (الهاغاناه) وقيادة الجيش البريطاني على تأسيس فرقة من المتطوعين من الشبان اليهود، بحيث يُشكلون وحدة خاصة في الجيش البريطاني. ومن بين أهدافها محاربة الالمان بشكل عصابات في حالة وقوع فلسطين تحت الاحتلال الالماني. وتقوم قيادة الجيش البريطاني بتزويد هذه الوحدة بالسلاح والعتاد والمال، أما التدريبات فتتم في كيبوتسي الياجور ومشمار هعيمك.
صدرت الأوامر بتشكيل سرايا (البالماح) في 15 ايار 1941، وبموجبها أُقيمت تسع سرايا : ثلاث في منطقة الجليل شمالي فلسطين، واثنتان في منطقة المركز، وثلاث في الجنوب وواحدة في منطقة القدس. وتم تعيين اسحق ساديه قائداً لـ (البالماح) (بين 1941 و 1945) على أن يكون خاضعاً لرئيس القيادة العامة لقوات (الهاغاناه).
واهتمت قيادة (البالماح) بتبني برنامج تدريبي خاص يركز على التدريبات الرياضية المتواصلة، ثم تنظيم جولات ومسيرات في كل نواحي فلسطين للتعرف عليها. أما التدريب العسكري فشمل تنظيم عمليات متنوعة لجمع المعلومات والاستخبارات ثم التدرب على الاسلحة المختلفة وكيفية استخدام المتفجرات على أنواعها. وتطور (البالماح) بحيث شمل أيضاً قوات بحرية عرفت بـ (بال يام) (بلوغوت يام - سرايا بحرية). وأيضاً كونت نواة لقوة جوية حيث تمت عمليات تدريب على طائرات خفيفة، وهذه التدريبات هي التي كانت الأساس لإقامة سلاح الجو الاسرائيلي في العام 1948.
انتشرت قواعد (البالماح) في الكيبوتسات، حيث عمل أعضاؤها في الزراعة إلى جانب القيام بأعمال عسكرية متنوعة. وأشار شعار (البالماح) المكون من سنبلتين وسيف إلى الاهتمام بالعمل الزراعي والنشاط العسكري، ونجح في إقامة أول استيطان مستقل له العام 1944 عندما أنشأ كيبوتس بيت كيشيت في منطقة الجليل الاسفل.
حددت فترة الخدمة في (البالماح) بسنتين ولمدة أطول لأصحاب المهن أو الدرجات العليا التي يحتاج إليهم (البالماح) بشكل دائم.
العملية العسكرية الاولى التي شارك فيها أعضاء من (البالماح) كانت في حزيران 1941 إلى جانب القوات البريطانية بغرض احتلال سورية ولبنان الواقعتين تحت حكم حكومة فيشي الموالية لالمانيا النازية. وانتشر أعضاء (البالماح) في فرق عرفت باسم (المستعربين) الذين انخرطوا داخل المجتمعات العربية، وقاموا بجمع معلومات تم نقلها إلى القيادة البريطانية لتبني خططها الحربية. وكانت هناك سرية من (البالماح) من اليهود الالمان الذين يجيدون الالمانية فعملوا من وراء خطوط الالمان في شمالي افريقيا عندما كان الالمان يتقدمون باتجاه مصر بقيادة رومل.
ولما وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها تفرغت سرايا (البالماح) لمحاربة (الكتاب الابيض) الصادر عن الحكومة البريطانية والمتعلق بفلسطين. وانضمت إلى محاربة الجيش البريطاني في فلسطين، ونظم أفرادها سلسلة من الاعمال الارهابية والتخريبية ضد أهداف بريطانية، مثل إصابة أجهزة الرادار وسفن خفر السواحل البريطانية التي كانت تعترض عمليات تهريب المهاجرين اليهود المتسللين إلى فلسطين.
أما نشاط (البالماح) خلال حرب 1948 فكان من خلال ثلاث كتائب: (يفتاح)، (هرئيل)، (هنيجيف) (النقب)، وهذه الكتائب أصبحت لاحقا جزءاً من تكوين (جيش الدفاع الاسرائيلي).
بلغ عدد أفراد (البالماح) العام 1947 حوالي 2000 مقاتل مع احتياطي بلغ حوالي 1000 مقاتل. وتم تفكيك (البالماح) في تشرين الثاني 1948 اثر صدور قرار من حكومة اسرائيل برئاسة بن غوريون، وانضمت سراياه إلى الجيش الاسرائيلي. وكان بن غوريون استعان بـ (البالماح) في تنفيذ عملية اغراق السفينة (التلينا) قبل تفكيكه.
نجح (البالماح) في تطوير طرق قتالية سريعة، وكذلك تنفيذ سلسلة من العمليات العسكرية الخاطفة ضد أهداف بريطانية وفلسطينية بعد رصد معلومات عنها.
ولقد تبوأ عدد كبير من قياديي (البالماح) مناصب عسكرية في الجيش الاسرائيلي، وسياسية في الحكومة والكنيست، منهم : يغآل الون (قائد لـ البالماح بين 1945 و 1948) واسحق رابين وموشي ديان وحاييم بارليف وديفيد اليعازر ورحبعام زئيفي وعوزي نركيس ومئير باعيل وغيرهم.