تحليلات إسرائيلية: تهجمات باراك على ليفني تبعده عن كرسي رئيس الحكومة

وثائق وتقارير

*المفتش العام للشرطة: أكثر من مئة شخص في إسرائيل مهددون بالقتل!*

كتب بلال ضاهر:

أطلقت السلطات الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، سراح الناشط اليميني المتطرف يونا أبروشمي، بعد أن قضى 27 عاما في السجن جراء قتله الناشط في حركة "سلام الآن" إميل غرينتسفايغ، في العام 1983.

 

وفي اليوم نفسه أعلن المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، دافيد كوهين، أن لديه تخوفا كبيرا من احتمال حدوث جريمة قتل على خلفية أيديولوجية. ويرجح أن توقيت تصريح كوهين بالتزامن مع الإفراج عن أبروشمي كان من قبيل المصادفة وليس مقصودا.

وقال كوهين خلال مؤتمر تحت عنوان "الجريمة وتطبيق القانون - 2010"، بحضور قيادة الشرطة، إن "أحد المواضيع المقلقة في هذه الفترة هو احتمال حدوث جريمة قتل على خلفية أيديولوجية في إسرائيل". وأردف أن "تخوفي هو من منفذ الجريمة على الخلفية الأيديولوجية الذي يتغذى من التحريض والكراهية أو أنه يشكل مصدرا لها". وأوضح المفتش العام للشرطة أنه يوجد أكثر من مئة شخص مهددون بالقتل، بينهم قضاة وأفراد شرطة ومحامون يعملون في النيابة العامة وفي القطاع الخاص وموظفون حكوميون. وأضاف أن "هذا الأمر يمثل تهديدا على سلطة القانون. وسياستنا واضحة في هذه الناحية، وهي أن كل شخص يهدد شخصية عامة سيعتقل ويخضع للتحقيق وستقدم ضده لائحة اتهام". وتابع أنه "لا يمكن القبول بالتهديد في دولة ديمقراطية".

وتطرق كوهين إلى التهديد الذي يتعرض له المدعي في النيابة العامة، نيسيم ماروم، بالقتل بسبب مساهمته في تسليم زعيمي إحدى أكبر المنظمات الإجرامية في إسرائيل، وهما الأخوان مئير ويتسحاق أبرجيل، لسلطات الولايات المتحدة، بسبب جرائم ارتكباها هناك. وقال كوهين "أنصح في هذه الحالة أيضا ألا يتم اختبار قدرات الشرطة، ونحن سنصل إلى كل من يهدد وسنخضعه للمحاكمة". وأضاف "هكذا تصرفنا أيضا في حالة الشريط المصور الذي تم نشره ودعا إلى قتل المحامي شاي نيتسان، نائب المدعي العام للمهمات الخاصة".

وتحدث كوهين عن المنظمات الإجرامية الكبيرة في إسرائيل وقال إن "آفي ’هطحول’ [وهو شخصية في مسلسل بوليسي إسرائيلي] شخصية تعرفونها من التلفزيون، لكن من الواضح لجميعكم أن الواقع مختلف تماما والمنظمات الإجرامية هي سرطان يتغلغل في المجتمع. وأفرادها يهددون رجال شرطة وشهودا وقضاة، وهم يتغلغلون إلى الحكم". وأضاف أن الإستراتيجيا التي وضعتها الشرطة هي اعتقال زعماء التنظيمات الإجرامية وتفكيكها اقتصاديا. وتابع أنه "علينا أن نتذكر أن التنظيمات الإجرامية لن تختفي بعصا سحرية، ويتوقع أن يتم إطلاق سراح زعماء تنظيمات كهذه قريبا وسيملأون الفراغ الناشئ".

وأشار كوهين إلى الفساد السلطوي ووصفه بـ "المشكلة المقلقة"، كما أشار إلى أن تدريج إسرائيل في سلم الفساد السلطوي متدن ومنتشر أكثر قياسا بالدول الغربية. وقال إن "الفساد السلطوي موجود في مستويين، في السلطات المحلية وفي مجال المناقصات". وتطرق إلى قضية الرئيس الإسرائيلي السابق، موشيه كتساف، الذي أدين مؤخرا بالاغتصاب. وقال إن "التحقيق مع كتساف كان مركزا ومهنيا وكان هدفه الوصول إلى الحقيقة. ومصلحة التحقيق وحقوق المحقق معهم كانتا فوق أي اعتبار". ورأى كوهين أنه "يجب استنفاد العقوبة في الحالات التي تصل إلى المحاكم. [لكن] اليوم يتم إصدار عقوبات تعادل 25% من العقوبة التي ينص عليها القانون، ونحن نريد أن نرى عقوبات أكبر".

وتحدث المفتش العام للشرطة عن حجم الجريمة في إسرائيل خلال العام الماضي وقال إنها انخفضت بنسبة 5%، وأن معدلات الجريمة انخفضت منذ العام 2004 بنسبة 26% وأن الوضع أفضل مما كان عليه في سنوات الثمانين وأنه "مقارنة مع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية [OECD] فإن معدلات الجريمة في إسرائيل أعلى بقليل من المتوسط". وأضاف أنه خلال العام الماضي تم فتح 384 ألف ملف جنائي.

 

وتفاخر كوهين بأنه منذ العام 2006 انخفض حجم سرقة السيارات بنسبة 41% وأنه في الوقت الحالي يتم سرقة 388 سيارة كل أسبوع. وأشار إلى أن هذا يعني أن حجم سرقة السيارات في إسرائيل أكبر منه في تركيا وألمانيا، لكنه أقل من الوضع في الدانمارك والسويد. لكنه اعترف بأنه "من الجهة الأخرى فإن نسب العثور على السيارات المسروقة أعلى [في الدول الأوروبية] وغالبية السيارات تعود سالمة إلى أصحابها ولا تنهي حياتها في أماكن تفكيك السيارات" مثلما يحدث في إسرائيل.

 

وأضاف كوهين أن حجم سرقة البيوت قد انخفض أيضا وأنه في العام 2010 تم سرقة 521 بيتا في الأسبوع الواحد بينما كان يتم سرقة 812 بيتا كل أسبوع في العام 2006. وقال إنه على الرغم من أن الشرطة وضعت أمامها غاية محاربة التهريب والمتاجرة بالمخدرات إلا أنه خلال العام 2010 طرأ ارتفاع بنسبة 67% على الملفات التي فتحتها الشرطة في جرائم المتاجرة بالمخدرات.

 

الاغتيال القادم

 

وتناولت صحيفة "هآرتس" الموضوع في افتتاحيتها، يوم الخميس الماضي، متسائلة "ما إذا كان الوضع اليوم خطيرا مثلما كان في أوج الخلافات حول حرب لبنان الأولى؟". وأضافت: "مع أن قتل غرينتسفايغ زعزع الجمهور الإسرائيلي، وبرز في أعقابه اعتدال في الخطاب وهدنة في العنف الكلامي، إلا أن اتفاقيات أوسلو أثارت مجددا القوى النائمة أو التي تم إسكاتها والتي أدت إلى اغتيال رئيس الحكومة إسحق رابين".

ولفتت الصحيفة إلى أنه "منذ اغتيال رابين لم تقع جريمة كهذه فيما بين الإسرائيليين أنفسهم، والاستثناء كان محاولة المس بالبروفسور زئيف شطيرنهل [الذي وضعت عبوة ناسفة أمام بيته وأصابته بضرر طفيف نسبيا]. ومن المقرر أن يقضي قاتل رابين، يغئال عمير، السجن المؤبد، بكل معنى الكلمة، من دون تقصير مدة عقوبته. وعمير لن يكون أبروشمي القادم. إلا أن ثمة شكا فيما إذا كانت عقوبة كبيرة كهذه ستردع من يعتزمون المس بشخصيات سياسية، أو مشاركين آخرين في الخطاب العام. وكلما تصاعد التعصب، ينمو معه الاستعداد للانتحار واللامبالاة حيال مصير أولئك الذين سيتواجدون في محيط هدف الاغتيال. ومحاولة القتل المقبلة قد لا تتم بأعيرة مسدس عن قرب، مثل قتل رابين، أو بقنص عن بعد، وإنما بشكل أقوى من طريقة قتل غرينتسفايغ. فقد ألقى أبروشمي قنبلة، قتلت غرينتسفايغ وأصابت آخرين بجروح، والقاتل القادم بإمكانه استخدام عبوة ناسفة قادرة على المس بكثيرين".

ودعت الصحيفة "شرطة إسرائيل والشاباك [جهاز الأمن العام]، كلا في مجاله ووفقا لصلاحياته، إلى بذل كافة الجهود في جمع المعلومات الاستخباراتية حول الذين يعتزمون تنفيذ عملية الاغتيال السياسي المقبلة وحراسة المهدَدين"، مؤكدة أن من شأن سنوات سجن أبروشمي السبع والعشرين وحقيقة أن السجن المؤبد على عمير لن يقطع ولا يتوقع أن يتم تقصيره، أن تساعدا في الردع، لبعض المغتالين المقبلين على الأقل، وأن القتل على خلفية ’عقائدية’، الذي يغتال الديمقراطية، ليس أقل خطرا من القتل الجنائي العادي، وإنما على العكس.

 

تهديدات بقتل محامين وقضاة

 

 

تصريح كوهين حول التخوف من الاغتيال القادم جاء في أعقاب وضع الشرطة الإسرائيلية، في الأسابيع الأخيرة، حراسة على عدد من القضاة والمحامين العاملين في النيابة العامة. وأحد القضاة الذي يخضع لحراسة في أعقاب تلقيه تهديدات على حياته من تنظيمات إجرامية هو القاضي العربي في المحكمة المركزية في تل أبيب جورج قرا، الذي ترأس تشكيلة القضاة التي أدانت كتساف بالاغتصاب. وكذلك هناك القاضيان براخا أوفير وأوري شوهم اللذين يعتبران أكثر القضاة المهددين بالقتل.

 

ووضعت الشرطة الإسرائيلية حراسة على نائب المدعي العام شاي نيتسان والمحامي في النيابة العامة نيسيم ماروم، الذي دفع باتجاه تسليم الأخوين أبرجيل وثلاثة آخرين من شركائهما إلى الولايات المتحدة. ووجد ماروم على سيارة زوجته رسالة كُتب فيها أنه "أرسلتنا إلى خارج البلاد، سوف نرسلك إلى...".

 

وقال مقربون من ماروم في النيابة العامة في منطقة تل أبيب إن رسالة التهديد تثير تساؤلات، إذ أنه ليس منطقيا أن من يريد التعرض له يصرح بذلك في رسالة تهديد واضحة. من جهة ثانية أمر رئيس شعبة التحقيقات والمباحث في الشرطة، يوءاف سيغالوفيتش، بتحويل ملف التحقيق في قضية أبرجيل إلى وحدة التحقيقات في الجرائم الدولية، التي تركز العمل ضد معظم التنظيمات الإجرامية في إسرائيل. كذلك قررت الشرطة وضع حراسة على ماروم وبيته. وقد كان هذا الأخير واحدا من طاقم المدعين ضد كتساف.

 

 

تمديد الاعتقال يستغرق

ست دقائق!

 

 

إن اعتقال وحبس زعماء و"جنود" التنظيمات الإجرامية الإسرائيلية يستغرق وقتا طويلا. وغني عن القول إن هؤلاء يدخلون إلى السجون ويخرجون منها كثيرا، وبعضهم يدخل السجن ويخرج منه كأنه يدخل إلى بيته ويخرج منه. وفي جميع الحالات يمثلهم محامون كبار. لكن في حالات المواطنين العاديين فإن الوضع مختلف لدى اعتقالهم.

 

وقد توصل بحث غير مسبوق من حيث حجمه، أجراه معهد الأبحاث "موتاغيم" وتم تقديمه إلى لجنة القانون والدستور التابعة للكنيست الأسبوع الماضي، إلى أن بحث محكمة الصلح في تل أبيب في طلب الشرطة أو النيابة العامة في تمديد اعتقال مواطن يستغرق بالمعدل ست دقائق و42 ثانية. وتبين أيضا من التدقيق في 3040 جلسة عقدتها هذه المحكمة في أيام الاثنين خلال السنوات الأربع الماضية أن 79% من طلبات الشرطة بتمديد اعتقال مشتبهين قد تمت المصادقة عليها. وأظهر البحث أيضا أن 351 جلسة محكمة للنظر في تمديد اعتقال مشتبهين استغرقت كل منها دقيقتين فقط.

 

وأجرى معهد "موتاغيم" مقارنة بين جلسات المحكمة لتمديد اعتقال عندما يكون المعتقل حاضرا في قاعة المحكمة وعندما لا يكون حاضرا وإنما تجري المداولات عبر محادثة فيديو. وتبين من البحث أن المشتبهين الذين تم تمديد اعتقالهم عبر محادثة فيديو سًمح لهم بالتحدث للقاضي بنسب أعلى بكثير من المعتقلين الذين تواجدوا أمام القاضي في قاعة المحكمة.

 

وذكر البحث أن النظر في تمديد اعتقال مشتبهين هو الحلقة الأضعف في أداء جهاز القضاء الإسرائيلي. وفي غالب الحالات يكون المشتبه في أول اعتقال له بينما ثلث المشتبهين كان هذا الاعتقال للمرة الثانية. ويكتشف المشتبهون في قاعة المحكمة أن الإجراءات القضائية سريعة جدا. ويتذمر محامو الدفاع من عدم وجود وقت كاف لدى القضاة للتعمق في الملف وتخصيص وقت وانتباه للتدقيق في القضية التي أمامهم. ووفقا لبحث "موتاغيم" فإنه في بعض الجلسات استغرق القاضي إصدار قرار بتمديد الاعتقال أقل من دقيقة. وفي المقابل كانت هناك جلسات محاكم للنظر في تمديد اعتقال مشتبهين استمرت لساعتين و18 دقيقة. ويكشف البحث أنه في 6% من الحالات فقط تبحث المحكمة في بديل للاعتقال في السجن، مثل إرسال المشتبه إلى بيته أو بيت أحد أقاربه. وفي 15% من الحالات أمرت المحكمة بإخلاء سبيل معتقل بعد دفعه غرامة مالية. ويقدر معهد "موتاغيم" أن الوضع في محكمة الصلح في تل أبيب، وهي أكبر محكمة في إسرائيل، مشابه للأوضاع في باقي المحاكم.

 

وعقبت رئيسة المنتدى الجنائي في نقابة المحامين، المحامية راحيل تورن،على نتائج البحث بالقول لصحيفة "هآرتس" إن "سياسة الاعتقالات في إسرائيل تدل على أن الإصبع خفيفة على الزناد". وأضافت أن الشرطة تسارع إلى اعتقال مشتبهين وأن ثمة شكوكا بأنه في حالات عديدة يتم استخدام المحاكم كختم مطاطي. وأشارت في هذا السياق إلى أن عدد الشكاوى المقدمة إلى الشرطة لا يزداد، ويصل إلى نصف مليون شكوى كل عام تقريبا، لكن عدد الاعتقالات يتزايد باستمرار كل عام. ورغم تزايد الاعتقالات إلا أن عدد القضاة لا يزداد ولذلك فإن الأعباء على القضاة تتزايد ولا تمكنهم من تخصيص أكثر من دقائق معدودة للنظر في تمديد اعتقال.