فضيحة اعتداء جنسي قام به أحد الحاخامات على طالبة كلية دينية في القدس تهز الوسط الحريدي

وثائق وتقارير

أكثر من عشرين بالمئة من مجموع السكان هم مرضى مزمنون بحاجة إلى الكهرباء بشكل متواصل كجزء من العلاج الطبي

 أظهر مسح جديد قامت به منظمة أطباء لحقوق الإنسان والمجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها أنّ حرمان سكان القرى غير المعترف بها في النقب من البنى التحتية الأساسية يُشكل مسّا صارخا بصحتهم، قد يكلفهم في بعض الأحيان فقدان حياتهم.

وجاء في ملخص هذا المسح:

 

يعيش أكثر من نصف السكان العرب البدو في إسرائيل حاليًا- حوالي 83 ألف نسمة- في قرى وتجمعات سكانية يبلغ عددها 45 ترفض الدولة، وبشكل متواصل، الاعتراف بوجودها. بعض هذه القرى كان قائمًا قبل قيام الدولة، والبعض الآخر قام كنتاج لعملية نقل سكان أقدم عليها الحكم العسكري الإسرائيلي في سنوات الخمسين من القرن العشرين، بهدف ممارسة الضغوط على السّكان البدو وتجميعهم في بلدات أقامتها الدولة. وتمتنع الدولة من تزويد أولئك السّكان بالخدمات والبنى التحتية الأساسية - المياه، الكهرباء، الشوارع المعبدة والعيادات- ما داموا يسكنون في قراهم. ويحمل مجرد عدم الاعتراف بهذه القرى تمييزًا مقصودًا ضدّ السّكان وخرقًا واضحًا لحقوق الإنسان. كما أنّ حرمان سكان القرى غير المعترف بها في النقب من البنى التحتية الأساسية يُشكل مسّا صارخا بصحتهم، قد يكلفهم في بعض الأحيان فقدان حياتهم.

يعتبر عدم ربط القرى بشبكة الكهرباء واحدًا من أشدّ الانتهاكات لحقوق الإنسان وذلك بسبب المس بحق جميع سكان القرى في الصحة، أحيانا إلى حدّ تعريض حياتهم للخطر، وخاصة أولئك الذين يعانون أمراضًا مزمنة والأطفال والمسنين. فبدون كهرباء، لا يمكن لسكان القرى أن يحافظوا على الدواء أو الغذاء في شروط تبريد، ولا يمكنهم العيش في ظروف حياة معقولة من دون تدفئة أو تبريد البيت بصورة آمنة والمحافظة على النظافة أو استخدام معدات طبية كهربائية ضرورية لشفائهم.

يصبح هذا التمييز فظا بشكل خاص عندما يكون الحديث عن جمهور المرضى المزمنين. بالنسبة لهم فإن استخدام الكهرباء هو أمر حيويّ في سيرورة العلاج الطبي. ويُظهر مسح قامت به منظمة أطباء لحقوق الإنسان والمجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في قريتين، أنّ 21 بالمئة من مجموع السكان هم مرضى مزمنون بحاجة إلى الكهرباء بشكل متواصل كجزء من العلاج الطبي. استخدام الكهرباء هو أمر حيويّ لأغراض عديدة، إن كان من أجل تخزين الأدوية التي تحتاج إلى تبريد، كإبر الأنسولين لمرضى السكري، وإن كان من أجل تشغيل الأجهزة الطبية الكهربائية، كالڤينتولين لمرضى الربو أو أجهزة الاستنشاق وتقوية التنفس للمرضى الذين يعانون مشاكل في جهازهم التنفسي، وإن كان من أجل تبريد وتدفئة البيت لتوفير الظروف الضرورية للشفاء.

ويظهر من نتائج المسح أن غياب وصل الكهرباء أدى إلى تدهور الحالة الصحية لـ 70 بالمئة من مجمل المرضى، والى وفاة 2 بالمئة منهم. عندما تم فحص من هم المتضررون الأساسيون، تبين أنّ 31 بالمئة من النساء اللاتي يسكنَّ القرى غير المعترف بها مريضات بأمراض مُزمنة (عند الأطفال بلغت النسبة 20 بالمئة). كما أن التوجهات المتكررة التي قام بها مرضى مزمنون من القرى غير المعترف بها للمطالبة بوصل بيوتهم بشبكة الكهرباء القطرية واجهت رفضا قاطعا من الدولة. وادعاء الدولة هو أنه بغياب التصاريح الملائمة من سلطات التخطيط- وهو أمر غير ممكن ما دامت القرى غير معترف بها- لا يمكنها وصلهم بالكهرباء. هذا الادعاء لا يمكنه الصمود أمام ما يجري على أرض الواقع. فلقد تم وصل مزارع الأفراد في منطقة النقب والبؤر الاستيطانية غير القانونية في المناطق المحتلة بالتيار الكهربائي بالرغم عن عدم تمتعها بأية مكانة تخطيطية قانونية.

يحمل رفض الدولة وصل القرى بشبكة الكهرباء تمييزا موجهًا نابعًا من الانتماء الإثني- القومي لسكان تلك القرى. وعندما ترفض الدولة وصل الكهرباء حتى لبيوت أولئك المرضى الذين يحتاجون إلى الكهرباء كجزء من العلاج الطبي، الذي قد ينقذهم من الموت، يصبح هذا التمييز عندئذ شرًّا بيروقراطيًا خالصًا.

وأورد المسح قصة محمد أبو عشيبة، الذي يبلغ من العمر 79 عاما، ويسكن في قرية أم متنان، التي اعترف بها مؤخرا، والواقعة بجانب قرية عرعرة. فبالرغم عن حصولها على الاعتراف، بقيت قرية أم متنان غير موصولة بشبكات البنى التحتية بما في ذلك الكهرباء. وقبل أربع سنوات أصيب أبو عشيبة بمرض رئوي مزمن ومنذ تلك الفترة صار يتنفس بواسطة اسطوانة أكسجين طوال ساعات اليوم. في أيلول 2006 تدهورت حالته بصورة خطرة وخضع للعلاج في المستشفى. بعد انتهاء العلاج أمر أطباؤه بأن يكمل علاجه بواسطة جهاز كهربائي لضبط ضغط التيار الهوائي في الرئتين ومنع انسدادهما. وأقر الأطباء أن استخدام هذا الجهاز هو أمر حيوي وضروري لحياة وصحة أبو عشيبة وأنه ليس هناك أي بديل طبي. لكن الأمر لم يكن واردا بسبب عدم وجود التيار الكهربائي اللازم لتشغيله. فكما هو الأمر في باقي البيوت في القرية، ترفض الدولة وصل بيت أبو عشيبة بشبكة الكهرباء القطرية. واستمرت حالة أبو عشيبة في التدهور لعدم استخدامه الجهاز الذي أمر الأطباء باستخدامه، فاضطر إلى العودة إلى المستشفى مرة أخرى لتلقي العلاج، إلى أن تحسن وضعه الذي سرعان ما تدهور مرة أخرى بعيد عودته إلى البيت. أمّا التوجهات المتكررة التي قامت بها أطباء لحقوق الإنسان إلى وزارة الصحة ووزارة البنى التحتية الوطنية ووزارة الداخلية بطلب وصل بيت أبو عشيبة بالكهرباء فقد باءت جميعها بالفشل.

وقد ادعت وزارة البنى التحتية ووزارة الداخلية أن بناء بيت السيد أبو عشيبة لم يكن قانونيا ولذا ليست هناك أي إمكانية لوصله بالكهرباء. وأشارت وزارة الصحة من جانبها إلى الضرورة الواضحة لحل، لكنها لم تتخذ أي خطوات عملية لدفع هذا الحل. ومرة أخرى بسبب غياب الكهرباء، تدهورت حالة أبو عشيبة الصحية إلى أن توفي يوم 3 نيسان 2008، بعد معاناة طويلة مع المرض.

وتحت عنوان "خلفية" جاء في هذا المسح ما يلي:

يهدف هذا المسح إلى كشف النقاب عن ظاهرة متفشية متعلقة بانتهاك الحق في الصحة للسكان العرب- البدو في القرى غير المعترف بها في النقب. ويتمحور في مسألة انتهاك الحق في الصحة لمجموعة كبيرة من المرضى المزمنين والمرضى المزمنين التنفسيين بسبب رفض الدولة وصل بيوتهم بشبكة الكهرباء القطرية.

يعيش أكثر من نصف السكان العرب في النقب في 45 قرية لا تعترف الدولة بها ولا تتمتع بمكانة تنظيمية منظمة. مؤخرا، تم الاعتراف بعشر من تلك القرى في إطار المجلس الإقليمي أبو بسمة. مع ذلك لم يتم وصل أي منها بالبنى التحتية الأساسية ولا يزال سكانها يعانون من التمييز والإجحاف في كل ما يتعلق بظروف العيش والارتباط بشبكة المياه والكهرباء وشق الشوارع وتوفير الخدمات الصحية.

فيما يتعلق بالصحة، فإن الاتصال بالكهرباء هو أمر حيوي، خاصة بالنسبة للمرضى المزمنين الذين هم بحاجة إلى الكهرباء كجزء أساسي في سيرورة العلاج الطبي، كمرضى الربو والسكري والمصابين بأمراض تنفسية أخرى.

نتيجة لذلك تتحول الحالة الطبية التي يمكن علاجها بسهولة نسبيا إلى حالة معقدة، وأحيانا خطرة، تتطلب تلقي العلاج المتكرر في المستشفى. يحرم هذا الوضع المرضى المزمنين وكبار السن وصغار السن أيضا من الحق في، ومن إمكانية، استخدام الأجهزة الطبية الكهربائية بالإضافة إلى تخزين الأدوية والتطعيمات والأغذية في البيت. في أحسن الأحوال يضطر هؤلاء إلى البقاء فترات طويلة في المستشفيات للعلاج. في أحوال أخرى يُحكم عليهم بالموت بسبب التدهور المستمر لحالتهم الصحية.

مشكلة الوصل بالكهرباء

إن جميع القرى غير المعترف بها، بل وحتى تلك التي تم الاعتراف بها مؤخرا في إطار المجلس الإقليمي أبو بسمة، غير موصولة بشبكة الكهرباء القطرية. وصلات البنى التحتية القائمة أقيمت بمبادرة السكان وعلى حسابهم الخاص. بعض السكان يستعينون بمولدات كهرباء تعمل بين ساعة حتى أربع ساعات في اليوم، أو بأجهزة شمسية غالية الثمن تعمل فقط في الأيام المشمسة وهي أصلا ذات إنتاجية متدنية. لا يستطيع معظم السكان اقتناء منظومات بديلة لتوفير الكهرباء بسبب التكلفة الباهظة، لذا يبقى حالهم من دون وجود كهرباء. حتى العيادات القليلة التي أقيمت مؤخرا في القرى بأمر من محكمة العدل العليا لا تزال غير موصولة بالكهرباء إنما بمولد كهربائي يعمل خلال ساعات عمل العيادة. لا يسمح هذا الوضع بالاحتفاظ بالأدوية التي تتطلب التبريد أو استخدام الأجهزة الطبية الأساسية التي تستوجب الوصل بالكهرباء.

سكان القرى غير المعترف بها هم المجموعة السكانية الوحيدة التي يمنع وصلها بالكهرباء. تبريرات السلطات المختلفة التي تدعي أنها لا تستطيع وصل البيوت بالكهرباء نظرا لغياب المكانة التنظيمية القانونية، هي تبريرات لا أساس لها من الصحة، إذ أن هذا القانون لا يطبق عندما يدور الحديث على البؤر الاستيطانية في المناطق المحتلة وفي مزارع الأفراد المنتشرة في أرجاء صحراء النقب، حيث يتمتع سكان تلك المواقع بالاتصال بشبكة الكهرباء وبباقي البنى التحتية المختلفة من دون أن تتم تسوية مكانتها التنظيمية.

بين شهر شباط وشهر أيار 2008 قامت جمعية أطباء لحقوق الإنسان، بمشاركة المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب، بإجراء بحث ميداني في القرى غير المعترف بها. وقد أجري البحث من خلال عينة عنقود: تم اختيار قريتين بشكل عشوائي هما خشم زنة والصرة، في كل قرية تم اختيار حي بشكل عشوائي أيضا، وتم فحص جميع سكان تلك الأحياء. شملت العينة 404 مشاركين. لم يتم شمل القرى التي تعاني من آفات بيئية غير عادية، كالقرى الواقعة بالقرب من رامات حوفاف.

ويظهر من البحث أن 2ر21 بالمئة من مجموع سكان القرى غير المعترف بها هم مرضى مزمنون، ممن يحتاجون إلى الكهرباء بشكل مباشر كجزء من سيرورة العلاج الطبي . بالنسبة لـ 70 بالمئة من المرضى المزمنين، الذين يشكلون 15% من مجموع السكان، يتسبب غياب الكهرباء بمعاناة شديدة ومتواصلة بالنسبة لهم ويمكن أن يتسبب بتدهور حالتهم الطبية بل وحتى بالوفاة. من إجمالي المرضى الذين تم شملهم في العينة، تبين أن 47 بالمئة منهم هم مرضى مزمنون بحاجة إلى علاج متواصل طويل الأمد. يظهر من المعطيات أيضا أن 50 بالمئة من إجمالي المرضى يعانون من الربو، من بينهم 20 بالمئة هم مرضى مزمنون بأمراض الجهاز التنفسي يحتاجون بشكل دائم، معظم ساعات اليوم، إلى أجهزة استنشاق وأكسجين، ومن بينهم أطفال ومسنون يعدمون أي اتصال بالكهرباء من أجل تشغيل أجهزة الأكسجين أو الأجهزة الداعمة للتنفس.

وكان 63 بالمئة من العينة أطفال تحت سن 20 عامًا، 20 بالمئة منهم يعانون أمراضًا مزمنة وانقطاع الكهرباء يضر بهم. ويشكل الأطفال المرضى الذين يعانون من نقص في الكهرباء 58 بالمئة من مجموع المرضى المزمنين.

وتمثل النساء 20 بالمئة من العينة. غير أن غياب الكهرباء يضرّ بصحة النساء أكثر من أي فئة سكانية أخرى. فلقد بين البحث أن 31 بالمئة من مجموع النساء في القريتين غير المعترف بهما يعانين أمراضًا مُزمنة يؤدي غياب الكهرباء إلى إلحاق الضرر بصحتهن.

وبصورة عامة فإنه نتيجة لظروف المعيشة المتردية في القرى فإنّ نسبة الذين يعانون أمراضًا تنفسية عالية بشكل خاص، ما يؤدي إلى بروز الحاجة لاستخدام المعدات الكهربائية الطبية.

وفي واقع الأمر، يمنع غياب الكهرباء المسنينَ والمرضى من حقهم في البقاء في البيت مع أبناء عوائلهم- وهو حق اختياري يتمتع به كل مُسنّ- ويلزمهم بقضاء فترات مبيت طويلة في المستشفى تكون مرفقة بمصاريف مالية عالية. ويكتسب هذا النصيب السيء صعوبة خاصة في المجتمع البدوي، حيث من غير المتعارف عليه إرسال أبناء العائلة المسنين إلى دور المسنين أو إلى مؤسسات تمريضية. فالأقارب المُسنّون يبقون في بيئتهم المألوفة، بين أبناء عوائلهم الذين يمنحونهم العناية، وبهذا يظلون جزءًا نشطًا وهامًا في نسيج الحياة الأسرية. وهكذا يتفتت مبنى العائلة البدويّ التقليديّ عندما يضطر ربّ العائلة للمبيت في المستشفى لفترات طويلة فيما يتكبّد أبناء العائلة عناء نقله المتواصل إلى هناك.

واجب الدولة

إن منالية الكهرباء هي شرط حاسم في مسألة الصحة، ولذلك فإنّ من واجب الدولة توفير الكهرباء لسكّانها من أجل ضمان حقهم في الحياة السليمة. كما أنّ الحق في الصحة منصوص عليه في التشريع الإسرائيلي والمواثيق الدولية التي وقعت عليها إسرائيل، والتي تبرز أنّ الحق في الصحة لا يعني منالية العلاج الطبي، فقط، بل توفير مجموعة من الظروف البيئية والخدمات الأساسية - والكهرباء واحدة منها- التي تمكن من عيش حياة صحية.

أضِفْ إلى ذلك أنّ لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية- الاجتماعية والثقافية ثبتت الحق في الصحة على أساس مبدأ المنالية وتوفُر الخدمات الصحية للجميع، على قدم المساواة. سكان القرى غير المعترف بها في النقب هم الوحيدون في البلاد الذين منع منهم وصل الكهرباء والبنى التحتية الأخرى الأساسية، بشكل منهجيّ، من أجل إجبار سكان هذه القرى على النزوح عن قراهم وتركيزهم في البلدات التي أقامتها الدولة. هذا الوضع هو وضع موسوم بالتمييز ومنتهك للحقوق الأساسية في الحياة والصحة، حيث منع الإنسان فيه من تلقي العلاج الطبيّ اللازم، وأحيانا المُنقِذ للحياة، نتيجة لرفض الدولة وصل بيته بالكهرباء. على الدولة وصل هؤلاء المرضى بشبكة الكهرباء فورًا كي يصبح بالإمكان ممارسة حقهم في الصحة والحياة بكرامة.

الكثير من المرضى التنفسيين المزمنين هم من المُسنين أو الأطفال، ومعاهدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادرة عن الأمم المتحدة تبرز بشكل خاص احتياجاتهم كمجموعة سكانية مستضعفة. فالملاحظة رقم 14 من المعاهدة تذكر واجب منع الألم الزائد عن المُسنين وتبرز حقّ كل إنسان في الموت بكرامة. ولا شكّ في أنّ معنى البند ينسحب أيضًا على أنه يجب تمكين كلّ إنسان من البقاء في بيئته المألوفة، في حضن عائلته، وتسيير نهج حياتي مستقل ما دام الأمر ممكنًا.

وفي متن القوانين الإسرائيلية ينبع الحق في الصحة من قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته، الذي لا يكتفي بمنع المسّ بحياة أو جسد الإنسان كونه إنسانًا، بل يثبت حقه الأساسيّ في الدفاع عن حياته وجسده وكرامته.

وقد أفلحت الدولة في بلورة المبادئ التفصيلية الواردة في المعاهدة الدولية ضمن القوانين المحلية. فقانون حقوق المريض من العام 1996 ينصّ صراحة على أنه "يحق للمعالج تلقي علاج طبي لائق، سواءً أكان من ناحية المستوى المهني والجودة الطبية أم على مستوى العلاقات الإنسانية". كما ينص على منع التمييز بين معالج وآخر من منطلقات دينية، عرقية، جنسية، قومية أو بلد الأم أو ما شابه من هذه المنطلقات.

أضف إلى ذلك أنّ قانون التأمين الصّحي الرسمي من العام 1994، الذي ينظم التزامات صناديق المرضى بتوفير الخدمات الصحية لكلّ مواطني الدولة والمستند على مبدأ المساواة، ينصّ على أنّ "الخدمات الصحية المشمولة في سلة الخدمات تمنح وفق اعتبارات طبية، وبجودة معقولة خلال وقت معقول وعلى بعد معقول من مكان سكنى المؤمَّن". ويمكننا أن نرى أنه وبحسب هذه القوانين فإنّ المرضى المزمنين غير المرتبطين بشبكة الكهرباء لا يحظون بالعلاج اللائق الذي يستحقونه وفق القانون. على العكس تمامًا؛ فإن غياب البنى التحتية الملائمة يؤدي إلى تدهور وضعهم الطبي أكثر وأكثر ويؤدّي إلى مسّ خطير بصحّتهم. أضِفْ إلى ذلك أننا نتحدث عن انتهاك فظّ لمبدأ منع التمييز في توفير الخدمات الصّحية الواردة في القانون. المعدات الطبية التي يحتاجها المرضى متوفرة ومتاحة، إلا أنها عصية على الاستخدام كون المرضى من العرب البدو في النقب، ليس إلا.

ومع أنّ القانون الإسرائيلي لا يضمن للمُسنين صراحة الحقّ في الحياة أو الموت بكرامة في بيوتهم، بين أبناء عائلاتهم، إلا أنّ هذا الحق ينبع مباشرة من التزام الدولة بتوفير منالية ملائمة للخدمات الصحية، ومن حقّ الإنسان الأساسيّ في العيش بكرامة. وكما أنّ خيار البقاء في البيت وتلقي العون التمريضيّ هو خيار مطروح أمام كل مواطن آخر في دولة إسرائيل، فيجب أن يكون مطروحًا أيضًا أمام المواطنين العرب- البدو في القرى غير المعترف بها في النقب.

 

توصيات

لكلّ إنسان الحقّ في الصحة والعلاج اللائق والحصول على أفضل الخدمات الطبية التي يمكن للدولة أن توفرها. إلا أنّ المرضى القاطنين في القرى غير المعترف بها يجدون أنفسهم في وضع غير معقول- العلاج الطبي اللائق الذي سيخفف من وضعهم قائم ومتوفر، إلا أنهم لا يستطيعون الاستعانة به نتيجة لرفض الدولة ربطَ قراهم بشبكة الكهرباء. وهذا الرفض، إلى جانب غياب بنى تحتية أساسية أخرى، مثل المياه، الصرف الصحي والخدمات الصحية، هو جزء من سياسة تمييز متواصلة على خلفية إثنية- قومية، وهو التمييز الذي يعانيه المواطنون البدو منذ أكثر من 60 عامًا.

لا شكّ في أنّ مشكلة الأراضي العالقة بين الدولة والبدو هي معقدة، إلا أننا نرى أنّ على الدولة أن تضع صحة مواطنيها قبل أيّ اعتبار سياسيّ أو حزبيّ، حيث أنّ أيّ استخدام للخدمات الصحية كوسيلة ضغط على السكان البدو لدفعهم من أجل الانتقال للسكن في البلدات التي أقامتها الدولة، هو باطل أخلاقيًا وقانونيًا.

وتستغل سلطات الدولة في القرى غير المعترف بها في النقب قانون التنظيم والبناء كوسيلة للتنصّل من واجبها - وهو واجب أخلاقيّ قضائيّ- في توفير علاج طبيّ لائق ومتساوٍ لجميع السكان. حتى أنّ الدولة لا تجتهد كفاية من أجل توفير حلول للمرضى المزمنين القاطنين في القرى، خصوصًا المرضى المحتاجين لتزويد الكهرباء الدّائم خلال فترة علاجهم. يجب أن نذكر أنّ تكلفة الربط بالكهرباء لدافعي الضرائب أقلّ من المصاريف المُترتبة على الوضع الحالي، سواءً أكانت مصاريف تزويد بالونات الأكسجين أم تمويل فترات مبيت طويلة في المستشفيات.

إن كل ما ينبع من هذه السياسة على أرض الواقع باطل ويجب وضع حدّ له نهائيًا. وبما أننا نعلم أن هذا لا يزال بعيد المنال فإننا نوصي باتخاذ الخطوات التالية فورًا:

(*) تغيير سياسة التمييز الموجهة ضد المواطنين العرب- البدو، والاعتراف بهم على أرض الواقع كسكان متساوين في الحقوق.

(*) يجب إيجاد حلّ لمشكلة القرى بالاتفاق مع السكان، وعدم إيجاد الحلّ بأيّ شكل من الأشكال على حساب تزويد الخدمات الأساسية، الحيوية لصحتهم، مثل الكهرباء والماء.

(*) يجب وصل القرى فورًا بشبكة الكهرباء، مع منح أفضلية لربط بيوت المرضى المزمنين التنفسيين ومرضى السكري، وأيّ مريض مزمن آخر يستوجب علاجه التوصيل بالكهرباء، قبل أن تتدهور أوضاعهم أكثر وأكثر. وما دامت الدولة تمتنع من توفير مثل هذا الحلّ، فإنّ حياة هؤلاء الناس ستظلّ عرضة للخطر.