إسرائيل تعتبر أن قدرات إيران النووية ما زالت محدودة والعام المقبل سيكون حاسما

وثائق وتقارير

هذا ما يقوله البروفسور إيال زيسر رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب في مقابلة خاصة للمشهد الإسرائيلي، ويضيف: يتعين على إسرائيل ألا تتدخل في النزاع الناشب بين مصر وحزب الله * شرط اعتراف الفلسطينيين بالدولة اليهودية يندرج في إطار صد الضغط على نتنياهو للاعتراف بمبدأ الدولتين للشعبين

 

 كتب بلال ضاهــر:

أصدر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، أمس الاثنين 20.4.2009، "بيانا توضيحيا" حول الموقف من استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، جاء فيه أن "رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ثابت على موقفه بأن الاعتراف بإسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي هو أمر مبدئي وجوهري، يحظى بموافقة واسعة في البلاد والعالم، ومن دونه لا يمكن التقدم في العملية السياسية والتوصل إلى اتفاق سلام". وأضاف البيان أنه "رغم ذلك فإن رئيس الحكومة لم يضع أبدا هذا الأمر كشرط مسبق لبدء مفاوضات وحوار مع الفلسطينيين".

ومن الناحية العملية فإن نتنياهو رحّل شرطه باعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل إلى نهاية المفاوضات، في ما يمكن وصفه "نهاية معلنة" للمفاوضات التي ستجريها حكومته مع الفلسطينيين.

ويبدو أن إصدار "البيان التوضيحي" جاء في أعقاب رفض الإدارة الأميركية، بواسطة مبعوثها الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، الشروط الإسرائيلية.

وعقب رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، البروفسور إيال زيسر، في حديث لـ "المشهد الإسرائيلي"، على شروط نتنياهو، بالقول إنه "ربما أن الفلسطينيين محقون عندما يقولون إن نتنياهو يريد تخريب المفاوضات".

وفي موضوع آخر، قال الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، الأسبوع الماضي، متطرقا إلى اعتقال نشطاء من حزب الله في مصر، إن "لدى إيران نزعة كولونيالية باسم الدين لبسط تيارها، الفارسي، على الشرق الأوسط الذي هو في معظمه عربي سني، ولذا فإن الصدام يكاد يكون حتميا". وأضاف بيريس أن "العالم يرى وجه حزب الله، والشبكة الإرهابية تشير إلى طبيعة حزب الله، وهو عمليا عميل إيراني". ومضى، مشيرا إلى أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، فقال إن "الرجل الذي يغطي نفسه بعباءة شيخ مستعد لأن يقتل، وفي الفترة القريبة المقبلة سيتم الكشف عن ذلك أمام العالم برمته". وقال بيريس إنه لا ينبغي على إسرائيل التدخل في الصراع الحالي بين مصر وإيران وإن إيران ومصر "تتصارعان من دوننا وهذا أمر جيد".

 

من جهة أخرى، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن التقديرات في جهاز الأمن الإسرائيلي تشير إلى احتمال أن نشطاء حزب الله الذين اعتقلتهم مصر خططوا لمهاجمة أهداف إسرائيلية. لكن مسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي شددوا على أن الحديث يدور على صدام بين حزب الله ومصالح مصر الداخلية "المتعلقة باستقرار الحكم فيها". وأضاف المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن "اعتقال نشطاء حزب الله (في مصر) يشكل تصعيدا في التوتر بين إيران وحزب الله وبين مصر".

 

من جانبه قال زيسر لـ "المشهد الإسرائيلي"، وهو خبير متخصص في الشؤون السورية واللبنانية، إن "الكشف عن هذه القضية لم يكن مفاجئا بالنسبة لإسرائيل، لأننا نعرف منذ وقت طويل ما يمكن أن يفعله حزب الله وما في مقدوره أن يفعله أيضا. وأعتقد أنهم يدركون في إسرائيل أنه من المفضل البقاء جانبا، فهذه قضية لا تخص إسرائيل. والأمر الثاني هو أنه يتم النظر في إسرائيل إلى هذه القضية على أنها تساعد على أن يدرك العالم العربي أن حزب الله هو ذراع إيرانية وأنه يخدم عمليا المصلحة الإيرانية".

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": قلت إن "من المفضل أن تبقى إسرائيل جانبا"، لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تقف جانبا وإنما تعاملت مع القضية بصورة نشطة، وحتى أنها حاولت الترويج إلى أن "خلية حزب الله" حاولت اغتيال الرئيس المصري، حسني مبارك؟

زيسر: "هذا صحيح. والصحافة الإسرائيلية لا تقف جانبا أبدا. وهذه طبيعة الإعلام الإسرائيلي. لكن إذا سألوني، فإني سأقول إنه ينبغي الحفاظ على تواضع وعدم التدخل في القضية بهذا الشكل".

(*) ماذا كانت أهداف "خلية حزب الله" برأيك؟

زيسر: "إن هدف هذه الشبكة هو دفع مصالح حزب الله وإيران. وقد عمل حزب الله هذه المرة ضد إسرائيل، من خلال محاولة تهريب أسلحة إلى قطاع غزة، وفقا لاعتراف أمين عام حزب الله، حسن نصر الله. وغدا قد يقدم حزب الله على العمل ضد مبارك نفسه ومصر والحكومة المصرية. وقد كان نشاط هذه الشبكة ضد السيادة المصرية ومصالح مصر. وليس لدي سبب لأفترض أن الأمور لم تجر في هذا الاتجاه".

(*) الحديث يدور على أن نشاط هذه "الخلية" ليس جديدا وإنما هو نشاط مستمر منذ سنوات.

زيسر: "لا أعرف تماما منذ متى بدأ نشاط شبكة حزب الله هذه في مصر، وأعتقد أنه يتوجب الانتظار ورؤية التطورات، إذ لا يمكن تصديق كل ما يقال. رغم ذلك فإن المعلومات تفيد بأن نشاط هذه الشبكة يعود إلى عدة سنوات إلى الوراء".

(*) وهل الكشف عنها، الآن، كان قرارا سياسي؟

زيسر: "جائز أن المصريين توصلوا إلى استنتاج، أو أنهم تخوفوا من أن نشاط الشبكة سيتطور أكثر وسيتسع، وأرادوا لجم ذلك. وليس مستبعدا أن القرار المصري بالكشف عن نشاط الشبكة كان سياسيا".

(*) هل كانت هناك اعتبارات أخرى، مثل أن توقيت القرار بالكشف عن "الخلية" يأتي في سياق مواجهة سياسية أوسع بين مصر وإيران؟

زيسر: "مما لا شك فيه أن التوتر يتزايد في العالم العربي، بين مصر وبين كل من سورية وقطر وإيران وحزب الله وحماس، وهذا ساهم في اتخاذ القرار بالكشف عن الشبكة".

(*) هل تعتقد أن الكشف عن "خلية حزب الله" سيؤثر على الانتخابات العامة القريبة في لبنان؟

زيسر: "لا أرى أنه توجد أي علاقة بين الكشف عن الشبكة والانتخابات اللبنانية، لأنني لا أعتقد أن أي لبناني سيغير تصويته بسبب هذه القضية. فالجميع يعلم أن الشيعة ينتخبون حزب الله والسنة لا يصوتون لصالحه. ولا أعتقد أن الكشف عن هذه القضية سيجعل الشيعة أو قسما منهم يصوتون لغير حزب الله أو يجعل قسما من السنة يصوتون لحزب الله. هذه القضية لن تؤثر بتاتا على الانتخابات اللبنانية، وتبدو لي أنها متعلقة بالصراع بين إيران وسورية من جهة وبين مصر والسعودية من الجهة الأخرى".

(*) فيما يتعلق بزيارة ميتشل لإسرائيل، فقد ظهرت خلافات بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي فيما يتعلق بالعملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. هل تتوقع حدوث أزمة في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة؟

زيسر: "ليس لدي جواب شاف على ذلك. لكني أعتقد أن نتنياهو سيفعل كل شيء من أجل ألا تحدث أزمة كهذه. لكن توجد هنا حكومة جديدة مختلفة عن الحكومة السابقة. ولا شك في أنه يوجد أيضًا خطر مواجهة سياسية بين إسرائيل والولايات المتحدة".

(*) هل سيقامر نتنياهو بالعلاقات المتينة مع الولايات المتحدة؟

زيسر: "أعتقد أنه يدرك أنه يحظر عليه القيام بذلك، ولذلك فإن ما يفعله الآن هو أنه يتفحص ويختبر الأميركيين، وإلى أي حد سيكونون صارمين تجاهه. وأفترض أنه عندما يكون هناك ضغط أميركي على نتنياهو فإنه سيتراجع. وعلى كل حال فإنه يصعب التكهن في شكل سلوكه المستقبلي إذ أن لديه تحالفا حكوميا وبعض الأحزاب المشاركة فيه تعارض العملية السياسية والمفاوضات حول القدس. وهذا يضع مشاكل أمام نتنياهو".

(*) ما هو هدف نتنياهو من وراء وضع شرط أمام الفلسطينيين بعدم التوصل إلى اتفاق من دون الاعتراف بإسرائيل يهودية وبأن القدس "عاصمة الشعب اليهودي"؟

زيسر: "لا أفهم هذا السلوك، لكني أعتقد أنه يأتي في إطار صد الضغط عليه للاعتراف بمبدأ الدولتين للشعبين. رغم ذلك فإني لا أعرف ما الذي ستخدمه هذه الشروط وما الذي يريد نتنياهو تحقيقه من وراء ذلك. وفي الحقيقة فإن هذا يبدو، كما يقول الفلسطينيون، أنه يأتي من أجل التخريب على احتمال استئناف المفاوضات".

(*) فيما يتعلق بسورية، هل وعد نتنياهو سورية، خلال فترة ولايته الأولى، بالانسحاب من هضبة الجولان؟

زيسر: "ما أعرفه أن نتنياهو قال، بواسطة مبعوثه الخاص إلى سورية، رجل الأعمال رون لاودر، إنه مستعد للانسحاب لكن الأمور لم تصل إلى وضع يمكنه من تنفيذ ذلك. وقد توقفت الأمور عندما طلب السوريون أن يريهم على الخارطة حجم الانسحاب الذي يعتزم تنفيذه، لكن في هذه المرحلة سقطت حكومته".