مشروع قانون يقيد انسحاب إسرائيل من القدس والجولان

وثائق وتقارير

"التحولات الديمقراطية" من دون إلغاء الاستعمار هي جزء من الخداع الكولونيالي...

 [من وقائع ندوة حول كتاب "سلام متخيّل" لعالم الاجتماع الإسرائيلي ليف غرينبرغ]

  من مندوبة "المشهد الإسرائيلي" غصون ريّان:

 عقدت في "معهد فان- لير في القدس"، مؤخرًا، ندوة نوقش فيها كتاب "سلام متخيّل" من تأليف د. ليف غرينبرغ، رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة بن غوريون في النقب، والذي صدرت ترجمته العربية عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار، بالتزامن مع صدور النسخة العبرية.

 

ويطرح هذا الكتاب قضايا فشل القيادة والسياسة والديمقراطية في إسرائيل، وذلك على أثر "إخفاق اتفاق أوسلو".

 

وأشارت د. ساريت هيلمان، المحاضرة في قسم علم الاجتماع في جامعة بن غوريون، إلى أنّ أهميّة الكتاب تكمن في أنه يتطرق إلى المدى الذي من خلاله يصوغ الاستعمار الديناميكية الأخلاقية والحضارية الإسرائيلية في فلسطين. وقالت إنّ تحليل غرينبرغ لعملية أوسلو على أساس ثلاث منظومات متداخلة، هي الإسرائيلية والفلسطينية ومنظومة ثالثة تجمع بينهما، يمكن من اختبار التحولات الديمقراطية الحاصلة في المجتمعات القومية المتنازعة، حين يكون جوهر هذا النزاع استعماريا، كما في حالة إسرائيل وفلسطين. وأضافت أنّ الديمقراطية وفتح الأفق السياسي في الدول الأوروبية أتيحا بفضل البعد الجغرافي عن المستعمرات. هذا البعد أنتج تجزئة وازدواجية تميزت بهما حملة الغرب، بحيث تمتعت الدول الغربية بديمقراطية داخلية بينما سادت أنظمة الطوارئ دول ما وراء البحار. ومقابل ذلك ففي الدول التي أسّست على يد مستوطنين بيض، كجنوب إفريقيا والولايات المتحدة وأستراليا، تطلب الأمر أنظمة مؤسساتية وحضارية عملت على تثبيت الفروقات على أساس الفصل، ومن خلال إقصاء السكان الأصليين عن الساحة السياسية. وفي حالة إسرائيل- فلسطين، فإن وضع الفلسطينيين بعد سنة 1967 يتلخص في نظام الطوارئ المغلف والمسوق على أنه مرحلة انتقالية.

 

وقالت هيلمان إنه بعد اتفاقية أوسلو أُنتج في إسرائيل سلام متخيّل هو بمثابة خداع استعماري شبيه بذلك الذي أنتج في أوروبا لكن في ظروف مغايرة. وتابعت أنّ "التحولات الديمقراطية من دون إلغاء الاستعمار هي جزء من الخداع الاستعماري". وإن الازدواجيّة في عملية أوسلو مكنت من تخيّل الحدود حتى يتمكنوا من تخيّل السلام، لكنها مكنت أيضاً من تشويش الحدود من جديد ثمّ العودة لتخيّلها للخروج إلى الحرب.

 

إشكالية إسرائيل كدولة أنها لا تعترف بالحدود

 

 

واستعرضت هيلمان إحدى أهم أطروحات الكتاب والتي تتلخص في أنّ التحولات الديمقراطية تحدث في إطار دولة ذات سيادة على حدودها المعترف بها، لكن المشكلة الرئيسة بين إسرائيل والفلسطينيين هي غياب الحدود التي تعتبر مصطلحا مركزيا عند الحديث عن أي دولة حديثة. وإشكالية إسرائيل كدولة أنها لا تعترف بالحدود، وهذا يمثل تناقضا مهما ويعكس دولة لا تعترف بالحدود وتسعى لتركيب هذه الحدود بشكل دائم كمنظومة لبناء أمّة ودولة وهويّة جماعيّة. وتساءلت كيف يمكن الفصل ما بين الديمغرافيا والجغرافيا من خلال تثبيت وعي بوجهتي نظر يثبت وينكر في ذات الوقت وجود الحدود ويمكن من تخيّل السلام مع وجود الاحتلال ثمّ يحول الحدود إلى علة للحرب؟.

 

من يقود إسرائيل؟

 

 

من ناحيته قال البروفسور يوءاف بيلد، المحاضر في جامعة تل أبيب، إنّ ما يميز الكتاب هو أنه يعرض الحقيقة من دون الاختباء خلف صيغ ضبابيّة وغير واضحة. وهذه الحقيقة تعرض الجانب الإسرائيلي بشكل سيء جداً في ما يتعلق بعملية أوسلو. كما أن الكتاب يقول الحقيقة بالنسبة لمن يقود دولة إسرائيل في الواقع، في الشأن الداخلي فإنّ موظفي وزارة المالية هم من يديرون أمور الدولة وهذا ما اتضح مؤخرًا في أزمة جهاز التعليم بما في ذلك إضراب المحاضرين والمعلمين والطلاب الجامعيين قبل ذلك، أما في الشأن الخارجي ويشمل ذلك العلاقة مع الفلسطينيين فإن من يدير الدولة هما الجيش والمستوطنون اللذان يمثلان عملياً جسما واحدا. هذا الجسم هو من يحدد السياسة، وكل محاولة للقيام بعمل ما لا يتوافق مع مصالح هذا الجسم مصيرها الفشل.

 

وأضاف أنّ الكتاب يتطرق أساسًا إلى حقيقة أنّ الجيش والمستوطنين، بالإضافة إلى موظفي المالية، أفشلوا عملية أوسلو بغض النظر عن نوايا السياسيين.

 

وتطرق بيلد إلى أسطورة الأمن التي يستند إليها اليسار الإسرائيلي وأسطورة الوعد التي يعتمدها اليمين مضيفاً أيضاً أسطورة الاقتصاد الحر. وأوضح أنه منذ 1967 لغاية اندلاع الانتفاضة الأولى (في 1987) ظهرت أسطورتا الأمن والوعد كمتوازيتين وبدون أي إشكاليات بينهما، وهذا واضح في خطة ألون الذي مثّل اليسار الإسرائيلي ووضع خطته حالاً بعد حرب 67 ونصّت على ضم مناطق وقطاعات كبيرة من الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل لحاجة الحفاظ على الأمن وعلى القدرة الدفاعية من الناحية الإستراتيجية وتقام في هذه المناطق مستوطنات وفق الخطّة وتبنى قواعد عسكريّة، كذلك فإنّ قطاع غزة يكون جزءا لا يتجزّأ من دولة إسرائيل، ويدور الحديث في المفاوضات مع الطرف الفلسطيني حول إقامة حكم ذاتي في قسم من أراضي الضفة الغربية. ولفت بيلد إلى حقيقة أنّ الخطة هذه جاءت من اليسار الإسرائيلي وهي تبطل إمكانية إلغاء الاستعمار في الأراضي التي احتلت سنة 67. ولفت كذلك إلى أهميّة عنوان الخطة "مستقبل الأراضي المحررة" والذي يمزج ما بين الأمن والوعد. إلا أنّ التوتر بين هاتين الأسطورتين بدأ يتطور مع اندلاع الانتفاضة الأولى نظراً لأنّ إسرائيل أخذت تسعى للانخراط في واقع العولمة الاقتصادية. وقاد التحرر الاقتصادي إلى تحرر في المجال السياسي، ونتج عن ذلك إقامة محكمة العدل العليا ومركز بتسيلم، الأمر الذي قيّد الجيش ومنعه من إستخدام كامل قوته في سبيل إحباط الانتفاضة كما حدث في الانتقاضة الثانية نظراً لأنّ المحكمة العليا وبتسيلم مارسا ضغوطات من أجل تبني حلول سلميّة بعيداً عن القوة العسكرية. أمّا في الشأن الاقتصادي فإنّ التحرر الاقتصادي ترك وراءه العديد من المتضرّرين في المجتمع الإسرائيلي، ويتجلى ذلك في ارتفاع نسبة الفقر وغياب المساواة، الأمر الذي أنتج شريحة واسعة من الجمهور التي عارضت التحرر الاقتصادي الذي ارتبط بشكل وثيق بعمليّة أوسلو. لذا فإنّ هذه الشريحة عارضت أيضاً عمليّة أوسلو بالإضافة إلى المستوطنين. وذكر أنّ أوسلو فشل لأنّه كان مشبعا بالتناقضات الداخلية في كل واحدة من المنظومات الآنفة الذكر. وبالنسبة للمنظومة الإسرائيليّة الداخلية فإنه في فترة أوسلو ما بين 1993- 2000، استوعبت أسطورة الأمن على أساس الفصل سواء باتفاقية إذا أمكن أو الفصل الأحادي الجانب الذي طرح منذ ذلك الوقت، لكن الفصل يستوجب وجود حدود واضحة، وكانت حدود سنة 67 هي الحدود الطبيعية إلا أنّ إقامة المستوطنات شوشت هذه الحدود. كما أنه تضاعف عدد المستوطنين في فترة أوسلو وحتى أنّ البناء في جبل أبو غنيم هو قرار حكومة إسحق رابين. كل هذه التناقضات حوتها عملية أوسلو. وأيضاً في الناحية الاقتصادية فإنّ اتفاقية باريس لم تمنح السلطة الفلسطينية استقلالية اقتصادية، وقيام إسرائيل بجباية ضرائب الجمارك بدلاً من السلطة الفلسطينية وتحويل أو عدم تحويل هذه الضرائب ما هو إلا دليل على أنّ النخبة الاقتصادية لم تتنازل حتى عن القليل الذي يمكن ابتزازه من الفلسطينيين. حتى الانتفاضة الأولى شكلت المناطق المحتلة طاقة اقتصادية ذات أهمية قصوى، فهي زودت إسرائيل بقوى عاملة رخيصة، وشكلت كذلك سوقا اقتصاديّة إلا أنّ هذا تضرّر بسبب الانتفاضة، ومن النّاحية الأخرى فمع اتفاقيّة أوسلو اختفت المقاطعة العربية وعلى إثر ذلك بدأ رجال الأعمال الإسرائيليون بالعمل في غالبية دول العالم بأرباح ضخمة إلا أنهم لم يتنازلوا عمّا يمكن ابتزازه من الفلسطينيين، لذلك لم يوافقوا على خلق حدود اقتصادية بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية وعارضوا فكرة انفتاح الفلسطينيين على العالم الخارجي من الناحية الاقتصادية وهذا أدّى إلى زيادة الفقر لدى الفلسطينيين كنتيجة لعملية أوسلو. كما أنّ الفصل في ظل غياب الحدود تمثّل بطرد العمال الفلسطينيين من إسرائيل. أي أنّ عملية أوسلو أضرت بقسم من الإسرائيليين ولكن أضرت بالفلسطينيين بشكل بارز، ما خلق معارضة لهذه العملية.

 

وتابع بيلد متطرقاً إلى مرحلة ما بعد أوسلو قائلاً إنّ ما لم ينجح رابين في فعله، نجح فيه أريئيل شارون بقوّة الكاريزما التي امتلكها، بحيث تغلب على هذه التناقضات لكن مع التنازل عن فكرة إلغاء الاستعمار، مع أنّ شارون إعتبر ذلك إنجازا وليس تنازلا. فيما يخص الأمن أعاد شارون إحتلال جبال الضفة وبنى الجدار الفاصل وأقام الحواجز واتبع سياسة الاغتيالات وبادر بالفصل الأحادي الجانب وأحبط الإنتفاضة الثانية بشكل ناجع جداً. أمّا فيما يخص الوعد فما يجري هو مهم جداً إذ هناك تنازل عن الأساليب البلاغيّة فيما يتعلق بالوعد، وتمّ التوقف عن الحديث عن الوعد الإلهي وكامل أرض إسرائيل. والكل يتحدّث اليوم عن دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال، لكن ما من أحد يقصد ذلك فعلاً. وأوضح أنّ شارون خطّط للخروج من كل المناطق شرقي الجدار، لكن في الوقت ذاته لم يتنازل عن السيطرة الإسرائيليّة على هذه المناطق وإنما هو تنازل فقط عن الإستيطان فيها. وفي الشأن الاقتصادي أقدم شارون على ما لم يكن بالإمكان تخيّله، فهو مع تصعيد الحرب ضد الفلسطينيين صعّد أيضاً الحرب ضد الفقراء في إسرائيل.

 

 

أين رواية الطرف الفلسطيني؟

 

 

من جهته أثنى د. أمل جمال، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة تل أبيب،على الكتاب وقال إنه يغطي فترة تاريخية مهمة جداً، إلا أنه من الصّعب إدراك مدى قيمتها اليوم لأننا ما زلنا نعيشها، وسوف يتم اكتشاف مدى أهميتها في العقود القادمة، نظراً لكونها تكشف العديد من الجوانب التي لم تكن واضحة تماماً. وقال إنه يُفاجأ أحياناً من سذاجة أو مدى ذكاء الجدل السياسي في إسرائيل في كل ما يتعلق بالأراضي الفلسطينية.

 

جمال تطرق أيضاً إلى طرح غرينبرغ الذي بحث عمليّة أوسلو من خلال ثلاث منظومات وأفاد أنّ المنظومة المشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هي على الأصح المنظومة غير المشتركة بين الجانبين، لأنه عملياً لم يكن هناك تفاعل بين شريكين متساويين، وإنما هذه منظومة يحاول بها الطرف القوي أن يفرض مصالحه. وأضاف أنّ الكتاب يتمحور بالأساس حول المنظومة الإسرائيلية الداخلية والمنظومة غير المشتركة بين الطرفين، بينما هناك تطرّق ضئيل للمنظومة الفلسطينية الداخلية، وهو غير كاف ويعتمد بالأساس على مصادر إسرائيلية نظراً لكون المؤلف لا يجيد العربيّة لذا لم تكن لديه مصادر فلسطينية، لكن هذا يعد نقصا جوهريا ومن شأنه أن يضعف الطرف الضعيف، وهو أيضاً يعكس واقع المجتمع الإسرائيلي في كل ما يتعلق بالتنكر وعدم الوعي والمعرفة بالنسبة لما يحصل في الطرف الآخر. وهنا تكون الفرضيات الأساس قائمة على أساس التوقعات من الطرف الآخر لا على أساس معرفته، وحين لا تتحقق هذه التوقعات يعتبر الآخر مذنبا وينتج عن ذلك عدم اتزان في منظومة العلاقات والتي هي في الأصل غير متزنة.

 

وتساءل جمال بماذا تغيّرت سياسة الحركة الصهيونية في رؤيتها للأرض وقيمة السكان الأصليين منذ تأسيسها وحتى اليوم؟. وأجاب أنّ لا شيء قد تغيّر ومن السذاجة التفكير بأنّ إسرائيل يمكن أن تعيد الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأوضح أن هناك فروقات حادة بين مؤسستين في الواقع الإسرائيلي وهما الدولة من ناحية والحركة [الصهيونية] من ناحية أخرى، بحيث أنّ أحد ركائز الدولة هو وجود حدود واضحة من شأنها أن تصوغ إستمرارية السيطرة على كافة أراضيها، بينما الحركة [الصهيونية] مقابل ذلك ترفض أن تضع لنفسها حدودا ثابتة وهي تسعى للتوسّع قدر المستطاع، ودولة إسرائيل منذ قيامها تتصرف كحركة لا كدولة، لهذا تحافظ على حالة الطوارئ السائدة والتي تبرّر أشكال العنف الفتّاك الذي تستخدمه. الفلسطينيون في المقابل لا يطالبون بإلغاء جزئي للإستعمار وإنما إلغاء كافة أشكال التبعيّة. وقال إنّ السلام الذي يتم الحديث عنه هو إختراع إسرائيلي معناه الخضوع الفلسطيني لرغبات الإسرائيليين لعدم وجود مفر آخر. وأضاف أنه ما من فرق بين العنف الذي تستخدمه الدولة بواسطة الجيش الذي يقوم بالاغتيالات وهدم أحياء كاملة، وبين عنف المستوطن الفرد الذي يقرّر التهجم على كهل فلسطيني، فالطرفان يستخدمان ما يسمى بـ "عنف إلهي" ويستوحيان شرعيتهما من نفس الأسطورة الصهيونية المبنيّة بالأساس على العلاقة بين الأمن والوعد الإلهي.

 

 

لا يوجد خطر ديمغرافي

 

 

من ناحيته رأى د. ميرون بنفينستي، نائب رئيس بلدية القدس سابقاً، أنّ هناك منظومة واحدة وإطارا واحدا يجمع ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين بحيث يكونان مجتمعاً واحداً، مع أنّ هذا المجتمع يتميّز بكونه ثنائيا وبعدم وجود رابط وثيق بين مركباته. وهو يعتقد أنّ احتلال الأراضي الفلسطينية سنة 67، أظهر وكأنّ المستعمرة الجديدة هي بمثابة مجتمع آخر، إلا أنّ الجميع يدرك أنّ هذا المجتمع الثنائي الذي كان قائماً منذ الانتداب البريطاني انقلب بحيث أصبح المركّب اليهودي يشكل الغالبية. وأضاف أنّ أوسلو كان محاولة فاشلة لأنه اعتمد على نماذج علاقات دولية لحل علاقات داخلية. وقال: "نحن أقمنا السلطة الفلسطينية وأردنا بإصرار أن يكون هناك رئيس حكومة ووزراء حتى تبدو وكأنّها كيان آخر". وأضاف أنّ المجتمع الإسرائيلي المجزّأ موحّد فقط بأمر واحد، إذ أنه لا يدرك ما هو، وفقط يدرك ما لا يمكن أن يكون، فهو غير فلسطيني على سبيل المثال، لذلك فإن اتحاد المجتمع الإسرائيلي يكون فقط عن طريق تمييزه ومقارنته بطرف خارجي آخر. ويعتقد بنفينستي أنه يخطئ من يظن أنّ هناك خطرا ديمغرافيا، لأنّ إسرائيل نجحت في تحطيم المجتمع الفلسطيني كمجتمع واحد، فهناك فلسطينيو الضفة من جهة وغزة من جهة أخرى وهناك سكان القدس والعرب في إسرائيل وأيضاً اللاجئون. وهو يخلص في النهاية إلى أنّ المجتمع الإسرائيلي- الفلسطيني هو منظومة واحدة تمثل العالم الثالث وهي تضم 11-12 مليون شخص وفقط مجموعة واحدة بداخلها تتمتع بديمقراطية مع وجود فروقات في فئاتها المختلفة والمجموعة الأخرى تفتقر لأي حقوق مدنية وتحطيمها ساهم في أن لا يتغيّر الوضع.

 

 

لا تأثير للمواطنين في إسرائيل على مجريات الأحداث

 

 

ليف غرينبرغ، مؤلف الكتاب، قال من جانبه إنّ الكتاب يروي قصة فشل الديمقراطية في إسرائيل، إذ لا يوجد تأثير للمواطنين على مجريات الأحداث، وذكر أنه يتفق تماماً مع الإدعاء القائل بأن هناك إشكالية في تثبيت قومية السكان الذين تجمعوا هنا والذين يتشكلون من لاجئين وهاربين وحالمين ومهاجرين، فقسم منهم قدم لدوافع أيديولوجية وقسم آخر هرباً من ضائقة ما، لذا من الصعب جداً بناء شعب من هذا الخليط.

 

وأضاف أن هناك دورًا للفلسطينيين في تثبيت قومية الإسرائيليين، الذين يعرفون أنفسهم على أنهم ليسوا فلسطينيين. وقال إنه في اللحظة التي صافح فيها ياسر عرفات إسحق رابين توقف هذا الأخير عن أداء دوره في توحيد الإسرائيليين وتوقف عن أن يكون عاملا مساعدا للإسرائيليين في معرفة هويتهم وسبب وجودهم هنا. غرينبرغ يعتقد أنّ الإسرائيليين والفلسطينيين ليسوا مجتمعاً واحداً وكذلك هم ليسوا مجتمعين في الوقت ذاته، لكن هناك فضاءين سياسيين مع مسائل مشتركة بينهما. وأضاف أنه "من حيث الفلسطينيين واضح أنهم يريدون أن نكف عن السيطرة عليهم، أمّا إسرائيل فإنها تستمر في تجزئة الشعب الفلسطيني حتى تواصل إحكام سيطرتها عليه وعلى موارده وأراضيه".