على إسرائيل أن تدع العالم بقيادة الولايات المتحدة يجد حلاً لمشكلة المشروع النووي الإيراني

وثائق وتقارير

أحد المبادرين إلى القانون: الديمقراطية الإسرائيلية موجودة في خطر ملموس وحقيقي، وأحد المؤشرات إلى ذلك هو انخفاض نسبة التصويت في السنوات الأخيرة بوتيرة مقلقة * عضو كنيست معارض لمشروع القانون: لا يجوز أن ننسب كل الأزمات التي تعاني منها الديمقراطية الإسرائيلية إلى طريقة الانتخابات

 من مندوبة "المشهد الإسرائيلي" غصون ريان:

 عقد "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" ندوة ناقش فيها اقتراح القانون المطروح على جدول أعمال الكنيست لتغيير طريقة الانتخابات المتبعة في إسرائيل وإدخال البعد اللوائي إليها.

 

 واستهل د. أريك كرمون، رئيس "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، حلقة النقاش بقوله: "كلنا يجب أن نكون قلقين جداً من جراء الوضع الآخذ في التدهور فيما يتعلق بعدم الاستقرار السياسي في إسرائيل". وأضاف أن ترميم الاستقرار السياسي هو حاجة حيوية. وتابع أنه قبل بضع سنوات مر الإسرائيليون بتجربة قاسية شكلت صدمة شديدة، وتمثلت في الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة، هذه التجربة جلبت معها مصائب عدة من بينها انهيار الأحزاب الكبيرة.

 

وتطرق كرمون أيضاً إلى مؤشر الديمقراطية الذي يعده المعهد الإسرائيلي للديمقراطية والذي أشارت نتائجه في العام الحالي، بصورة جلية وبارزة، إلى تعاظم النفور من السياسة لدى الجمهور الإسرائيلي العريض، لدرجة أن ذلك بات يشكل تهديداً على شرعية السلطة في إسرائيل، وفق ما يراه باحثو المعهد. كما أن أحد المخاوف المتوقعة هو أنه في حال أجريت انتخابات في المدى القريب، فإن عدد المصوتين سوف ينخفض إلى نسبة 50%، وربما يصل إلى أقل من ذلك. كل هذه تعد مؤشرات مقلقة للغاية، في حين أن تغيير طريقة الانتخابات هو بمثابة إحدى الوسائل التي من شأنها تعزيز البنية التحتية السياسية للديمقراطية.

 

من جانبه قال أوفير بينيس، عضو الكنيست من حزب العمل والمبادر إلى القانون، إنه في البحث الأخير الذي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية كانت هناك دلائل ومعطيات خطرة بشأن ثقة الجمهور في مؤسسة الكنيست والتي تردت بشكل خطر إلى مستوى يثير الخوف الشديد، ما يدل على أزمة عميقة جداً. وأوضح أن ما وجهه لاقتراح هذا القانون هو شعوره أن الديمقراطية الإسرائيلية موجودة في خطر ملموس وحقيقي، وأحد المؤشرات إلى ذلك هو انخفاض نسبة التصويت في السنوات الأخيرة بشكل منتظم وبوتيرة مقلقة لتصل في الانتخابات الأخيرة إلى 63%، ومن بين أولئك الذين يصلون إلى صناديق الاقتراع ويدلون بأصواتهم، من يصوت تصويتا احتجاجيا، وهذا تجلى في الانتخابات الأخيرة في الأصوات التي حظي بها "حزب المتقاعدين".

 

وأردف بينيس قائلاً: "أنا أحد المعارضين لتغيير نظام الحكم في إسرائيل وتحويله من نظام برلماني إلى رئاسي، لأن خطوة كهذه هي خطرة وغير معقولة نظراً لكون إسرائيل لا تملك تقاليد ديمقراطية طويلة العهد، وأيضاً هذا يعود إلى حقيقة أننا لم نضمن بعد وجودنا كدولة بشكل حقيقي، على ضوء ذلك فإن تغيير طريقة الانتخابات هو خطوة صحيحة مع أنها ليست حلاً لجميع المشاكل التي ذُكرت آنفاً". وتطرق إلى طريقة الانتخابات المقترحة واصفاً إياها بأنها شبيهة بتلك المتبعة في ألمانيا مع أنها ليست متطابقة. وقال إنه فكر في مشروع القانون هذا في أعقاب انتهاء عمل لجنة مغيدور والتي أوصت بتغيير طريقة الانتخابات كوسيلة لتعزيز الاستقرار والسلطة في إسرائيل. القانون المقترح يطرح فكرة إجراء انتخابات مختلطة بحيث أن ستين عضوًا من أعضاء الكنيست يتم انتخابهم وفق الطريقة النسبية المتبعة حالياً، بينما الستون الآخرون يتم اختيارهم بطريقة لوائية [بحسب تقسيم المناطق]، ويتم تقسيم الدولة إلى ستين منطقة انتخابية، ويكون هناك ممثل واحد عن كل منطقة، وذلك بخلاف توصيات لجنة مغيدور التي دعت إلى تقسيم الدولة إلى سبع عشرة منطقة انتخابية، وفق التقسيم المتبع في وزارة الداخلية الإسرائيلية. ويرى بينيس أن تقسيم الدولة إلى سبع عشرة منطقة انتخابية ينتخب في كل منها 2- 5 مرشحين، لا يجعل الانتخابات شخصية وإنما تظل القوائم هي الموجهة للانتخابات وليس الأشخاص المرشحون. وهو يعتقد أنه يجب بالضرورة تبني البعد الشخصي في طريقة الانتخابات وذلك لسببين، الأول يعود إلى الحاجة لوجود مسألة المحاسبة المفقودة جداً في السياسة الإسرائيلية، إذ أن القوائم تتيح للمرشحين الاختباء من ورائها من دون أن يضطروا لتقديم تقارير شخصية عن أعمالهم، الأمر الذي لا يمكن الجمهور من مساءلتهم ومحاسبتهم. والسبب الآخر يعود إلى أنه في الانتخاب الشخصي المباشر تضطر الأحزاب لتجنيد أفضل من لديها كمرشحين، وبينيس يعتبر أن هذا هو أمر جوهري وحاسم لأنه يرى أن المشكلة الإستراتيجية الأعظم في دولة إسرائيل هي نوعية المستوى السياسي غير المرضية. وهذا دفعه لتبني مشروع المناطق الانتخابية والتي يكون فيها فقط مرشح فائز واحد عن كل منطقة. هذه الطريقة تختلف عن طريقة الانتخابات البريطانية لأنه وفق الطريقة المقترحة فإن كل ورقة اقتراع يتم عدها مرتين، مرة على المستوى اللوائي ومرة أخرى على المستوى القطري، أي أنه لا تسقط أصوات الذين اقترعوا لمرشح ما ولم يفز في منطقته الانتخابية، نظراً لأن هذه الأصوات تحسب مرة أخرى في الانتخابات القطرية، مع أن ذلك يكون في إطار ستين عضواً وليس مئة وعشرين كما كان سابقاً. وأوضح بينيس أنه ليس خافيا عليه أن الأحزاب الصغيرة وكذلك الأقليات ستتضرر وربما تضطر هذه الأحزاب للتوحد، إلا أن تقسيم المناطق الانتخابية إلى ستين منطقة يضمن أن تكون هناك مناطق تخص جمهور الحريديم وأخرى تخص الجمهور العربي، الأمر الذي يضمن أن لا ينشأ وضع يكون فيه جمهور معين داخل إسرائيل غير ممثل في الكنيست. وأضاف أنه ما من شك في أن هذه الطريقة تعزز وتقوي الأحزاب الكبيرة، ومن شأنها كذلك أن تعيد ثقة الجمهور في السياسة وإشراكهم فيها. وفي نهاية حديثه قال بينيس إن هناك احتمالا كبيرا بأن تدعم الأحزاب الثلاثة الكبيرة، كديما والليكود والعمل، هذا الاقتراح بينما تعارضه كل الأحزاب الصغيرة.

 

عضو الكنيست عن حزب يهدوت هتوراة، أبراهام رافيتس، شدّد من جهته على أن الأحزاب الصغيرة ستفقد ما يقارب الخمسين في المئة من قوتها، وهو لا يجد لذلك مبرراً، نظراً لأن الأحزاب الكبيرة تعرف تماماً كيف تقف في وجه الضغوطات التي تمارسها أحياناً الأحزاب الصغيرة. فعلى سبيل المثال كان رئيس الحكومة الأسبق، إسحق شامير، على استعداد لتقبل التوجهات الدينية لكن رغم ذلك وقف في وجه رغبة الأحزاب الدينية في مسألة تغيير قانون العودة، ولم يوافق على مقترحات هذه الأحزاب. وأضاف أنه عندما تخضع الأحزاب الكبيرة لرغبات الأحزاب الصغيرة فهي تفعل ذلك فقط عندما يكون الموضوع المتداول غير هام وغير جوهري بالنسبة للأحزاب الكبيرة. رافيتس قال أيضًا إنه إذا كان لا بد من الحد من قوة الأحزاب الصغيرة فهو يرى أن تقييد إمكان إسقاط الحكومة ورفع عدد أعضاء الكنيست المؤيدين لخطوة كهذه إلى ثمانين للتمكن من إسقاط الحكومة، من شأنه أن يحدّ من قوة الأحزاب الصغيرة، وهو يرى أن هذا الاقتراح أكثر شرعية من اقتراح تغيير طريقة الانتخابات. وشكك كذلك في مدى صحة الإدعاء الذي ينسب كل الأزمات التي تعاني منها الديمقراطية الإسرائيلية إلى طريقة الانتخابات، فضلاً عن أنه لم يثبت صحة ذلك في أي بحث علمي. وقال أيضاً إنه غير مقتنع أن الانتخابات اللوائية سوف تؤدي إلى زيادة عدد المصوتين، وتساءل هل سيكون لدينا ستون عضواً قيادياً في الدولة؟ أنا أبحث عن أربعة كهؤلاء ولا أجد. وشكك أيضاً في الإدعاء القائل إن الانتخابات اللوائية تضمن بأن يتم انتخاب الأشخاص الأفضل، فما المقصود بشخص جيد، إذ حتماً سيتم انتخاب أشخاص معينين لأنهم يشاركون في الأعراس على سبيل المثال ويغدقون الهدايا وما إلى ذلك.

 

البروفسور رؤوبين حزان اعترض، من ناحيته، بشدة على القانون المقترح، ونفى أن تكون الطريقة المقترحة شبيهة بطريقة الانتخابات الألمانية، وقال إن هذه المقارنة أشبه بالإدعاء القائل إن طريقة الانتخابات الأميركية والطريقة الفرنسية شبيهتان. وأضاف أن الطريقة المقترحة والطريقة الألمانية تعتمد كل منهما على ديناميكية مختلفة تماماً وسياسيين مختلفين وعدد أحزاب مختلف. وقال "لو أن الحديث هو عن الطريقة الألمانية لكنت سحبت اعتراضي". وأوضح أن الطريقة الألمانية هي نسبية تماماً، فمجمل الستمئة والستين عضوًا في البرلمان ينتخبون بواسطة ورقة الاقتراع النسبية، بينما من يرشح من قبل الأحزاب يكون نتيجة الانتخابات اللوائية. وهذا يتم نقضه تماماً في الطريقة المقترحة الجديدة، والتي وفقها فإن ورقة الاقتراع في الانتخاب اللوائي هي فقط التي تحدد النتيجة، وهذا من شأنه أن يلغي الأحزاب الصغيرة نهائياً كالمفدال وميرتس على سبيل المثال، وربما تبقى ثلاثة أو أربعة أحزاب صغيرة من بينها حزب عربي وحزب يمثل الحريديم، أضف إلى ذلك أن تقسيم الدولة إلى مناطق انتخابية ليس من المعقول أن ينفذ من قبل هيئة سياسية كلجنة الانتخابات. ووصف حزان الانتخابات اللوائية بأنها أشبه بإجراء استفتاء عام، إذ أن كيفية صوغ السؤال تمكن من تنبؤ الجواب، وهذا ما يجري في الانتخابات اللوائية، بحيث أن كيفية تحديد المناطق الانتخابية تمكن من التنبؤ بشأن نتائج الانتخابات.