محسوم ووتش:هدف سياسة الحواجز إبقاء الفلسطينيين في حالة تشويش وعدم معرفة المستقبل

وثائق وتقارير

مشروع قانون خاص لعضو الكنيست ميخائيل إيتان من الليكود غايته تقييد صلاحيات المحكمة العليا بالتدخل في القوانين المتعلقة بالحصول على الجنسية الإسرائيلية والدخول لإسرائيل يحظى بتأييد وزير العدل

قررت الحكومة الإسرائيلية، في اجتماعها من الأسبوع الماضي (الأحد- 15.6.2008)، أن تمدّد لسنة أخرى، حتى نهاية شهر تموز العام 2009، سريان مفعول التعديل العنصري على "قانون المواطنة"، القاضي بمنع لم شمل عائلات عربية، أحد الزوجين فيها هو فلسطيني من مواطني الضفة الغربية وقطاع غزة. ويشمل تعديل القانون مواطني الدول التي تعتبرها إسرائيل "دولا عدوة"، بينها سورية ولبنان والعراق وإيران. ويستدعي دخول القانون حيّز التنفيذ مصادقة الكنيست عليه، ومن المتوقع أن يصدق عليه بأغلبية كبيرة، مثلما حدث في السنوات الماضية لدى تمديده مرارا.

وشددت الحكومة الإسرائيلية، لدى إقرارها تمديد القانون هذه المرة، من القيود المفروضة على مواطني قطاع غزة خصوصا، وقررت منع لم شمل عائلات فيها أحد الزوجين من قطاع غزة بصورة جارفة وفي جميع الأجيال. ولا يستدعي هذا التعديل الأخير بخصوص مواطني القطاع مصادقة الكنيست ويسري مفعوله بمجرد مصادقة الحكومة عليه.


ويذكر أن سريان مفعول التعديل المتعلق بلم شمل العائلات في "قانون المواطنة والدخول لإسرائيل"، والذي يعتبر بمثابة قانون طوارئ، سينتهي بحلول نهاية شهر تموز المقبل، ولذا فإن تمديد سريانه سيطرح على جدول أعمال الهيئة العامة للكنيست قبل نهاية الشهر المقبل. ويتيح القانون لم شمل عائلات فيها أحد الزوجين من الأراضي الفلسطينية، لكن يفترض أن يكون عمر النساء الفلسطينيات فوق سن 25 عاما والرجال الفلسطينيين فوق سن 35 عاما.

 

وكانت منظمات حقوقية في إسرائيل وعائلات متضررة من تعديل القانون قد قدمت التماسات للمحكمة العليا الإسرائيلية، طالبت من خلالها بإلغاء تعديل القانون والسماح بلم شمل العائلات. غير أن المحكمة الإسرائيلية أقرت في العام 2006 التعديل العنصري بعدما أيد التعديل خمسة قضاة وعارضه أربعة. وعادت المنظمات الحقوقية والعائلات المتضررة لتقديم التماسات أخرى بعد المصادقة على تمديد القانون في العام 2007 الفائت وهذه المرة أيضا قررت المحكمة إقرار تعديل القانون بأغلبية ستة قضاة ضد خمسة. ورغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية وافقت على المسوغات الأمنية للتعديل إلا أن أحد القضاة الستة الذين صدقوا على القانون أشار إلى النيابة العامة أن المحكمة لن تتمكن من الاستمرار في تصديق القانون، كونه يتعارض مع "قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته" ومع القانون الإنساني الدولي. وأصدرت المحكمة العليا، الشهر الماضي، قرارا طالبت فيه الحكومة والكنيست بتعليل سبب إلغائهما للتعديل المتعلق بمنع لم الشمل.

 

ويعني تمديد سريان مفعول القانون منع لم شمل مئات، وربما آلاف، العائلات العربية في منطقة النقب خصوصا، حتى لو جرى الزواج من مواطنين من القطاع منذ سنوات طويلة ولم يعد هؤلاء يقيمون علاقات دائمة مع عائلاتهم في القطاع. وسيشمل منع لم الشمل كل من قدم طلبا كهذا خلال السنوات الثلاث الأخيرة وكان سن الزوج في هذه العائلات دون 35 عاما والزوجة دون سن 25 عاما.

 

ونقلت صحيفة هآرتس، الأحد الماضي (22.6.2008)، عن المحامي عوديد فيلر، من جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، قوله إن تمديد سريان مفعول أنظمة لم الشمل وخصوصا القرار الجارف المتعلق بسكان قطاع غزة، هو "استمرار مباشر للخطوات العنصرية السابقة للحكومة في مجال لم شمل العائلات". وأضاف أنه "لا يوجد مبرر للقرار بفرض حظر شامل على لم شمل عائلات من غزة. وعلى إسرائيل التدقيق في كل حالة واتخاذ قرار بشأنها". وأشار المحامي فيلر إلى أن قرار الحكومة الإسرائيلية "يعني إرسال مواطنيها للسكن في غزة مع أزواجهم الفلسطينيين من دون أن يتوفر لهم تأمين صحي وتأمين وطني".

 

وفي غضون ذلك، يتواصل الصراع بين المحكمة العليا، الممثلة برئيستها القاضية دوريت بينيش (وبدعم رئيس المحكمة السابق القاضي المتقاعد أهارون باراك)، وبين وزير العدل الإسرائيلي، دانيئيل فريدمان، حول الحيز الذي ينبغي على المحكمة العليا ممارسة صلاحيتها فيه. ويطالب فريدمان، ومعه خبراء قانون وأعضاء كنيست ذوو توجهات قانونية يمينية، بتوقف المحكمة العليا عن التدخل في عملية سن قوانين في الكنيست وإلغاء عدد من القوانين التي تتنافى مع القوانين الأساس. وبدأ فريدمان مؤخرا بدفع مشروع قانون يقضي بمنع المحكمة العليا من التدخل في عملية سن قوانين الهجرة إلى إسرائيل، التي تشمل قانون منع لم شمل عائلات أحد الزوجين فيها مواطن فلسطيني.

 

ورفضت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للشؤون التشريعية، خلال اجتماع عقدته يوم الأحد من الأسبوع الماضي، مشروع قانون خاص، قدمه عضو الكنيست ميخائيل إيتان من حزب الليكود، وغايته تقييد صلاحيات المحكمة العليا بالتدخل في القوانين المتعلقة بالحصول على الجنسية الإسرائيلية والدخول لإسرائيل. وكان فريدمان الوزير الوحيد في اللجنة الذي أيد مشروع القانون الخاص.

 

وكان فريدمان قد نشر، قبل شهر ونيّف، مسودة مشروع قانون يعتزم طرحه على الكنيست ويهدف إلى منع المحكمة العليا من توجيه انتقادات قضائية لقوانين تتعلق بالحصول على الجنسية الإسرائيلية. ويعني مشروع قانون فريدمان منع المحكمة العليا من إلغاء قوانين ذات طابع عنصري بعد أن سنها الكنيست. وأعرب حزب العمل الإسرائيلي عن معارضته لمشروع القانون الذي أعده فريدمان. وعلى إثر ذلك أعلن فريدمان أنه سيتعاون مع وزير الداخلية، مائير شيطريت، من أجل إعداد مشروع قانون يفرض قيودا على المحكمة العليا ومنعها من النظر في قوانين تتعلق بزواج إسرائيليين من فلسطينيين.

 

ويشار إلى أن مشروع قانون ايتان، الذي رفضته اللجنة الوزارية، يشكل تعديلا لقانون أساس: كرامة الإنسان وحريته. وينص مشروع القانون على أنه في إمكان المحكمة العليا الإشارة في قرار تصدره إلى أن قوانين تتعلق بالدخول لإسرائيل تمس بصورة "غير تناسبية" بحقوق أساسية، لكن ليس في مقدورها إلغاء هذه القوانين. وسيتعين على الكنيست البحث في قرار المحكمة العليا في موعد لا يتعدى تسعين يوما منذ صدور القرار، لكن المشرعين غير ملزمين بقبول رأي المحكمة.

 

ولفتت هآرتس، في افتتاحية عددها الصادر في 10.6.2008، إلى أن الكنيست بتركيبه الحالي معادٍ بأغلبية أعضائه للنهج النقدي للمحكمة العليا تجاه القوانين العنصرية. وأضافت أن "الموافقة على مشروع القانون الخطير الذي طرحه عضو الكنيست ميخائيل إيتان من شأنه إلغاء مفعول النقد القضائي الذي تمارسه المحكمة العليا بصورة معتدلة، وإلغاء صلاحيات المحكمة العليا فيما يتعلق بسياسة الهجرة قد يؤدي إلى إلغاء النقد القضائي الدستوري الذي تتبعه المحكمة في مواضيع أخرى، مثل قوانين عادية تمس بشكل كبير بحقوق إنسان أساسية اعترفت بها قوانين أساس صادق الكنيست عليها".

 

وأضافت الصحيفة أن "الخلل الخطير في مشروعي القانون (اللذين طرحهما إيتان وفريدمان) ليس نابعا من حقيقة أنه في إمكان الدولة منع الهجرة إلى تخومها، سواء أكان ذلك بهدف الحفاظ على أمنها أو لغرض الحفاظ على الأغلبية القومية (اليهودية) فيها. فالقانون الدولي يعترف بصلاحيات كهذه وهي صلاحيات يحتمها أحيانا الواقع اليومي. لكن الخلل الخطر في مشروعي القانونين هو تحييد المحكمة العليا عن الخطاب الدستوري بحيث يكون كل تشريع في هذا المجال، على الرغم من المس الذي سيلحقه بحقوق الإنسان، محصنا من النقد القضائي. إن نقد المحكمة العليا هو سور واق من التعسف ومن كنيست قادر على فعل كل شيء قد يشكل خطرا على قيم أساسية بعيدة المدى في المجتمع الإسرائيلي".

 

مشاريع قوانين عنصرية

 

 

في الأشهر الأخيرة جرى طرح عدد من مشاريع القوانين على جدول أعمال الكنيست، واتسمت بالعنصرية. وأبرز هذه القوانين هو مشروع القانون المعروف باسم "قانون تجاوز المحكمة العليا- أضرار الانتفاضة". ويقضي مشروع القانون هذا بعدم تعويض مواطنين فلسطينيين، بمن فيهم الفلسطينيون داخل الخط الأخضر، على أضرار لحقت بهم جراء عمليات عسكرية وأمنية نفذتها قوات الأمن الإسرائيلية بأثر رجعي منذ اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول من العام 2000.

 

ووصف الكاتب ب. ميخائيل، في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت في 17.6.2008، هذا القانون بأنه "يحرر الدولة من أي مسؤولية حيال كل ما تفعله ومن دون حدود. جندي يشعر بالملل وقام بسحق نصف دزينة سيارات؟ ضابط غاضب هدم بيتا من دون مبرر؟ شرطي سريع الضغط على الزناد قتل شخصا ما من دون أمر وصلاحية؟ هؤلاء، والدولة التي أرسلتهم، غير مسؤولين عن الضرر ومُحررون من دفع تعويضات".

 

وصدق الكنيست بالقراءة الأولى مؤخرا على مشروع قانون يقضي بمنع كل من زار "دولة عدو"، مثل سورية ولبنان، من الترشح للكنيست من دون الحصول على تصريح من وزير الداخلية. وقدم مشروع القانون هذا عضوا الكنيست اليمينيان المتطرفان زبولون أورليف، من كتلة "الوحدة الوطنية- المفدال" واسترينا ترتمان من "إسرائيل بيتنا".

 

وتناقش الهيئة العامة للكنيست قريبا مشروع قانون يسمح للمواطن الإسرائيلي بقتل من يحاول الدخول إلى منزله أو ملكه. ولا يزال مشروع القانون قيد النقاش والمداولات بين الكتل في الكنيست.

 

ونفيد مصادر في الكنيست أن هذه النقاشات تتمحور حول إيجاد صيغة للقانون تسمح بتبرئة اليهودي لقتله عربيا دخل عقارا بملكية يهودي. ووصف ميخائيل هذا القانون بأنه "يخصص ويُمدّن تصاريح الاغتيالات، والغبي فقط لا يلاحظ العلاقة بين تصاريح القتل الحكومية (عمليات اغتيال الفلسطينيين التي ينفذها الجيش الإسرائيلي) وبين التصريح بالقتل المدني هذا". وأكد ميخائيل على أن هذا القانون يسمح لكل مواطن أن يصدر حكما بالإعدام على من دخل إلى ملكه، أو كأنه دخل إلى ملكه، من دون إذن".