رسائل تهدئة لإسرائيل: روسيا تنفي إبرام صفقة صواريخ مع إيران

وثائق وتقارير

هذا ما يقوله المحاضر الجامعي والباحث في "معهد القدس للدراسات الإسرائيلية" الدكتور كوبي ميخائيل لـ"المشهد الإسرائيلي"، ويضيف: الأمر الأهم من أي شيء هو إخراج سورية من المعسكر الراديكالي * هناك مصلحة إسرائيلية كبيرة في إعادة الربط بين جزئي الشعب الفلسطيني لأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق مع نصف الشعب الفلسطيني * توسيع المستوطنات خطأ خطر ترتكبه إسرائيل

 

كتب بلال ضاهر:

 أعلنت إسرائيل وسورية، يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، عن استئناف المحادثات للتوصل إلى اتفاق سلام بينهما. وقال بيانان صادران عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزارة الخارجية السورية إن هذه المحادثات تجري حاليا بصورة غير مباشرة وبوساطة تركيا وفي الأراضي التركية.

 

وفي المقابل، يظهر أن المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل ما زالت متعثرة ولم يحدث فيها تقدم ملحوظ.

 

وأجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة مع المحاضر الجامعي الإسرائيلي والباحث في "معهد القدس للدراسات الإسرائيلية" والخبير في شؤون المفاوضات، الدكتور كوبي ميخائيل.

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما مدى جدية المحادثات بين إسرائيل وسورية التي استؤنفت الأسبوع الماضي؟

 

- ميخائيل: "هذه محاولة حقيقية وجدية، وتخدم بصورة واضحة المصلحة السورية، وبقدر معين يمكن أن تخدم المصلحة الإسرائيلية، وبكل تأكيد تخدم المصلحة التركية. ولذلك لدينا هنا التقاء مصالح. لكني لا أعرف تماما، الآن، ما هي السياسة الإسرائيلية في هذا الموضوع، لكن في حال كان المنطق من وراء الخطوة الإسرائيلية هو منطق يهدف إلى إخراج سورية من المعسكر الراديكالي، وبواسطة هذه الخطوة إضعاف إيران وحزب الله وحماس وتقوية (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن، فإنه يوجد في هذه الخطوة الكثير من المنطق. وإذا اتضح في نهاية المطاف أن هذه العملية هدفها إجراء مجرد عملية مفاوضات وليس أكثر، فإني أعتقد أن لدينا هنا مشكلة. لكن كما تبدو لي الأمور حاليا فإن هذه عملية محادثات جدية ومدعومة من جهاز الأمن في إسرائيل، وخصوصا من جانب الجيش، ويبدو لي أن الجانبين جديان في تعاملهما مع الموضوع، لأن الحديث هنا يجري عن عملية مفاوضات طويلة جدا ومعقدة وستكون هناك أزمات عديدة في الطريق إلى اتفاق".

 

(*) هناك من يعتقد في إسرائيل أن مسألة توقيت الإعلان عن استئناف المحادثات الإسرائيلية- السورية هو مجرد مناورة من جانب أولمرت لصرف النظر عن التحقيقات ضده. ما رأيك؟

 

- ميخائيل: "لا أعتقد ذلك لسببين أساسيين. الأول، أن عملية استئناف المحادثات بين إسرائيل وسورية جرى تنسيقها بين الطرفين وبوساطة تركية، وليست عملية إسرائيلية أحادية الجانب أعلنت فيها إسرائيل عن استئناف المحادثات. السبب الثاني هو أن هذه العملية جرت وتجري على الرغم من وجود معارضة واسعة بين الجمهور الإسرائيلي لانسحاب من هضبة الجولان، علما أن الجمهور الإسرائيلي يؤيد من الجهة الأخرى مفاوضات مع سورية. وأنا أعتقد أن الرأي العام الإسرائيلي سيتغيّر، عندما يبدأ الحديث بصورة عينية ويدرك الجمهور الإسرائيلي أنه مقابل انسحاب من الجولان ستحقق إسرائيل مكاسب وأرباحا، وستكون هناك شرعية لفكرة الانسحاب من الجولان. وهناك أمر ثالث هو أن هذه المحادثات والاتصالات الإسرائيلية- السورية لم تنضج خلال الأسبوعين أو الثلاثة الأخيرة وإنما هي عملية اتصالات بدأت منذ شهر شباط من العام 2007 الفائت. لذلك يصعب علي أن أنظر إلى هذه العملية على أنها مناورة بادر أولمرت إليها. رغم ذلك فإن هذا لا ينفي أن هذه العملية قد تخدم أولمرت في هذه الفترة العصيبة بالنسبة له".

 

(*) هل يملك أولمرت قوة سياسية تمكنه من التوقيع على اتفاق مع سورية يشمل انسحابا من هضبة الجولان؟

 

- ميخائيل: "أعتقد أنه لا يملك قوة سياسية لتنفيذ ذلك، من الناحية المبدئية، وفي الظروف الحالية. لكن هذا ليس أمرا مهما، لأن كل عملية يبدأ بها أولمرت الآن ستكون ملزمة لمن يأتي بعده إلى رئاسة الحكومة. كذلك فإني لا أعتقد أن أولمرت سيتمكن في المستقبل المنظور من الوصول إلى مرحلة التوقيع على اتفاق مع السوريين. ويبدو لي أن توقيع اتفاق مع السوريين هو أمر بعيد، وبالتأكيد سيتم ذلك بعد أكثر من سنة على الأقل. ولذلك قد يكون هذا ليس خلال ولاية أولمرت. من جهة أخرى بإمكان أولمرت تحريك المحادثات وسيكون بإمكان من يأتي بعده مواصلة المحادثات بهذا الشكل أو ذاك. ففي نهاية المطاف يخدم موضوع المفاوضات مع سورية مصلحة إسرائيلية أساسية، وهي أنه مقابل اتفاق سلام تتحقق عدة أمور ذكرتها أعلاه. والأمر الأهم هو إخراج سورية من المعسكر الراديكالي".

 

(*) ألا تعتقد أن وضع شرط مسبق كهذا أمام سورية من شأنه أن يعرقل المحادثات؟

 

- ميخائيل: "لا أعتقد أنه يتوجب طرح هذا الأمر كشرط مسبق. وحتى أنه سيكون من الخطأ طرحه كشرط مسبق، كما أنه من الخطأ أن يطرح السوريون مسألة الانسحاب من الجولان كشرط مسبق. لكن الواقع هو أن كلا الجانبين يعرفان ماذا يريد كل جانب من الآخر. وأعتقد أن أي إعلان عن شروط مسبقة هو إعلان يشل الجانبين. لكني أعتبر أن إخراج سورية من المعسكر الراديكالي وانسحاب إسرائيل من الجولان هما مصلحتان معلنتان لكلا الجانبين، وعلى هذا تجري المفاوضات".

 

(*) تاريخ المفاوضات بين إسرائيل وسورية منذ العام 1993 يدل على أن الجانبين كانا دائما يصلان إلى نقطة الحسم ويكادان يتوصلان لاتفاق، وبعد ذلك تجري انتخابات في إسرائيل ويصعد إلى الحكم رئيس حكومة جديد ويبدأ كل شيء من جديد.

 

- ميخائيل: "نحن في الشرق الأوسط ننسى أحيانا أننا نتحدث عن عمليات تاريخية. فالصراعات لا تُحل برمشة عين. كذلك نحن ننسى أنه نشأ هنا في الواقع نمط ما أو تفهم مبدئي بأنه يوجد هنا رئيس حكومة إسرائيلي خامس يبدي استعدادا لانسحاب إسرائيلي من هضبة الجولان مقابل سلام مع سورية. أي أنه مع مرور الوقت بدأ يقتنع الإسرائيليون أن هذا هو الثمن في نهاية المطاف. لقد استغرق التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين سنوات طويلة جدا. فقد تم التوقيع على اتفاق أوسلو قبل 15 عاما وما زلنا في أوج الصراع. لكن في المنظور التاريخي فإن عملية أوسلو أنتجت هنا أمرا بالغ الأهمية في الوعي الإسرائيلي والفلسطيني وهو أنه يوجد لدى كلا الجمهورين إجماع واسع على أن الحل السياسي الممكن الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو دولتان للشعبين. وهذا على الرغم من أن الجمهور الفلسطيني يرى أنه ليس لديه شريك إسرائيلي، وأن الجمهور الإسرائيلي يرى أنه لا يوجد شريك فلسطيني. لكن لدى كلا الجمهورين يوجد تفهم عميق مفاده أنه في حال كان هناك شريك في الجانب الآخر فإن عملية سياسية ستقود إلى اتفاق يكون مبدأ الدولتين للشعبين في جوهره. فلو أجريت استطلاعًا للرأي العام في إسرائيل قبل خمس سنوات من التوقيع على اتفاق أوسلو، أو حتى قبل ذلك بسنة واحدة، لما كانت نتائجه ستظهر تأييدا لفكرة الدولتين. وحتى أنك كنت ستجد معارضة واسعة لهذه الفكرة. لذلك فإن ما أريد التشديد عليه هنا هو أهمية المنظور التاريخي وخصوصا أن الحديث عن صراعات عميقة ومشحونة وفيها عمق تاريخي وديني وسياسي وقومي. فهذا ليس صراع حدود بسيط بين كولومبيا وبوليفيا".

 

(*) بالنسبة للعملية السياسية بين الفلسطينيين وإسرائيل، القيادة الفلسطينية تؤكد مؤخرا أنه لا يوجد أي اختراق حاصل في المفاوضات بين الجانبين حول قضايا الحل الدائم. إلى أين سيقود هذا الوضع برأيك؟

 

- ميخائيل: "أولا لا أعتقد أن هذا صحيح. علينا أن نكون حذرين جدا، وهذا ينطبق على المسار السوري أيضا، إذ هناك فرق دائما بين ما يتم نشره في وسائل الإعلام وبين ما يحدث في الواقع. فالإعلام هو دائما أداة، يستغله كل واحد من الجانبين لممارسة ضغوط على الجانب الآخر وتمرير رسائل وإسناد شرعيته في نظر شعبه. لذلك يتوجب التعامل مع الأمور بحذر. ربما لا يوجد تقدم درامي لكني أعتقد أن هناك تقدما ما. من جهة أخرى، وهنا أنا أقول رأيي الشخصي، فإن إسرائيل ترتكب خطأ بسعيها لزيادة الفصل بين حماس وأبو مازن أو بين قطاع غزة والضفة الغربية. وأعتقد أن هناك مصلحة إسرائيلية كبيرة في إعادة الربط بين جزئي الشعب الفلسطيني، لأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق مع نصف الشعب الفلسطيني. ويجب أن ينشأ وضع يكون فيه عنوان واحد للفلسطينيين".

 

(*) لكن توسيع المستوطنات الحاصل الآن، بما في ذلك في القدس الشرقية، وإضافة حواجز عسكرية، ألا يؤثر سلبًا على المفاوضات ويؤدي إلى تعثرها؟

 

- ميخائيل: "إسرائيل تتحدث عن أنها أزالت حواجز عسكرية. لكن فيما يتعلق بالمستوطنات وتوسيعها فهذا خطأ خطر ترتكبه إسرائيل. وكوني إسرائيليا وخبيرا في شؤون المفاوضات فإني أرى في توسيع المستوطنات الآن خطأ، وخصوصا لدى الحديث عن مستوطنات لن تبقى في الجانب الإسرائيلي في اتفاق دائم. رغم ذلك أعتقد أن هناك مبالغة معينة في موضوع المستوطنات لأن معظم أعمال البناء تجري داخل كتل استيطانية ستبقى في الجانب الإسرائيلي مقابل أراض أخرى سيتم تسليمها للجانب الفلسطيني. من جهة أخرى تخطئ إسرائيل لأنها لم تعالج بعد موضوع البؤر الاستيطانية العشوائية وحتى أنه يتم إضافة بؤر منعزلة هنا وهناك في الضفة".