عرض ونقد لخطة "إسرائيل 2028"

وثائق وتقارير

مصادر في ديوان أولمرت ترجح أن لا تنطلق المفاوضات بين إسرائيل وسورية قبل دخول رئيس أميركي جديد إلى البيت الأبيض

 يحتفظ رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، بملف الاتصالات التي يجريها مع القيادة السورية والرسائل التي يتبادلها مع الرئيس بشار الأسد، بوساطة تركية، قريبا منه فقط. وظهر من التقارير الصحافية الإسرائيلية أن لا أحد من الوزراء مطلع على مضمون هذه الاتصالات، الأمر الذي يتيح لأولمرت، في هذه المرحلة على الأقل، تسريب المعلومات التي يراها مناسبة بشأن هذا المسار.

 

في هذا الإطار ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، أمس الاثنين- 28/4/2008، أن مسؤولين سياسيين إسرائيليين رفيعي المستوى يقدرون أن أولمرت لا يعتزم الاستجابة لطلب الأسد تمرير "وثيقة خطية" يلتزم من خلالها بإعادة هضبة الجولان إلى سورية كشرط لبدء مفاوضات سلام بين الجانبين.

 

وبحسب المراسل السياسي للصحيفة، شمعون شيفر، فإن هذه التقديرات جاءت في أعقاب طلب كهذا طرحه الأسد خلال مقابلة معه نشرتها صحيفة الوطن الكويتية، أول من أمس، لدى ذكره ما يعرف بـ"وديعة رابين"، وهي تعهد رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحق رابين، للرئيس السوري السابق حافظ الأسد والتي وافق فيها على الانسحاب من هضبة الجولان في مقابل سلام مع سورية. وكتب شيفر، المقرب من مكتب رئيس الحكومة أن "أولمرت لا ينوي السقوط في الفخ الذي نصبه له الأسد والتنازل عن الجولان مسبقا وخطيا". لكن أولمرت يحاول أيضا من خلال هذه التسريبات صد الانتقادات التي وجهتها له المعارضة اليمينية، خصوصا من حزب الليكود، على "تنازله" عن الجولان حتى قبل بدء المفاوضات.

 

واعتبر شيفر أن رابين "بقي نادما حتى يومه الأخير" بسبب إعرابه عن استعداده للانسحاب من الجولان على إثر ضغوط مارسها عليه وزير الخارجية الأميركي في حينه وورن كريستوفر، علما أن رابين اغتيل في تشرين الثاني من العام 1995 من دون أن يكمل المحادثات في المسار السوري.

واستطرد شيفر أن كريستوفر سارع إلى دمشق وأبلغ الأسد الأب بأمر "الوديعة" خلافا "لتعهده الواضح لرابين". لكن الوزير الأميركي كان يأمل بأن يستجيب الأسد لطلب إسرائيل جعل الجولان منطقة منزوعة السلاح، وهو ما لم يحدث. وبحسب شيفر فإن ما تبقى من هذه العملية هو "وديعة رابين" التي التزم بها رؤساء الحكومات الإسرائيلية اللاحقون، شمعون بيريس وإيهود باراك وبنيامين نتنياهو، في رد واضح من مكتب أولمرت على انتقادات نتنياهو، مؤداه أن هذا الأخير وافق مسبقا على الانسحاب من الجولان خلال اتصالات أجراها مع سورية عندما كان رئيسا للحكومة.

 

رغم ذلك، يتوقع أن يكون أولمرت قد أجرى اتصالا هاتفيا، أمس، مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ليطلعه الأخير على لقائه مع الأسد، السبت الماضي، حيث زار أردوغان سورية.

 

وأشار شيفر إلى أن الرسالة التي مررها أولمرت للأسد مؤخرا بواسطة أردوغان قال فيها إنه يعي مطلب الرئيس السوري بالحصول على تعهد بخصوص "الوديعة" المتعلقة بالجولان كشرط لاستئناف المفاوضات ولتشكل استمرارا لتعهدات رؤساء الحكومة السابقين. لكن أولمرت شدد على أنه يريد إجراء مفاوضات مباشرة وسرية ومن دون شروط مسبقة، فيما طلب الأسد التزام أولمرت بـ"الوديعة" مسبقا، وإجراء مفاوضات علنية تحت رعاية الولايات المتحدة.

 

وترجح مصادر في ديوان أولمرت أن لا تنطلق المفاوضات بين إسرائيل وسورية قبل دخول رئيس أميركي جديد إلى البيت الأبيض، رغم أنه من الجائز أن تؤدي قناة الاتصال التركية إلى عقد لقاءات بين مسؤولين رفيعي المستوى من الجانبين.

 

طوربوفيتش يركز "ملف المفاوضات"

 

 

من جهة أخرى نقلت صحيفة هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع قوله إن تركيا تحاول التوصل إلى معادلة لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل وسورية، وتسمح بالتغلب على الشرط المسبق الذي وضعته سورية بتعهد إسرائيل مسبقا بالانسحاب من الجولان. وأضاف المصدر أنه في حال نجحت هذه الوساطة، التي ستشمل زيارة مستشار أردوغان للسياسية الخارجية، أحمد داوتلو، لإسرائيل، فإنه من الجائز عقد لقاءات بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين لإجراء محادثات أولية، حتى قبل نهاية فترة ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش في نهاية العام الحالي.

 

وأفادت صحيفة معاريف في هذا السياق أن رئيس طاقم مستشاري أولمرت، يورام طوربوفيتش، هو المسؤول الإسرائيلي الذي سيركز ملف المفاوضات مع سورية، وسيمثل إسرائيل في اللقاءات الأولية مع السوريين في حال إجرائها. ونقلت معاريف عن مصادر في مكتب أولمرت قولها إن طوربوفيتش يعتبر أكثر مسؤول إسرائيلي يحوز على ثقة أولمرت.

 

إضافة إلى ذلك فإن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن تعيين طوربوفيتش سيملي على الجانب السوري مستوى الاتصالات، الذي تسعى إسرائيل لأن يكون بمستوى موظفين رفيعي المستوى لا بمستوى وزراء، حيث أن طوربوفيتش هو أرفع موظف في مكتب رئيس الحكومة ولذلك فإنه واحد من أكثر الشخصيات نفوذا في إسرائيل. وبحسب معاريف فإن تركيا ليست قناة الاتصال الوحيدة بين إسرائيل وسورية وأن رجل الأعمال اليهودي رونالد لاودر، الذي أجرى اتصالات بين نتنياهو وحافظ الأسد في نهاية سنوات التسعين، ما زال يحافظ على علاقاته في دمشق.

 

وكررت معاريف، أول من أمس الأحد، أنباء ترددت مؤخرا حول رسالة من أولمرت يحملها أردوغان وتشمل "خطوطا عامة" يوافق من خلالها على إعادة تحريك عملية سلام بين إسرائيل وسورية. وبحسب المسؤولين السوريين، وعلى رأسهم الأسد، فإن أولمرت أعرب عن استعداده للانسحاب من هضبة الجولان وذلك في رسائل مررها للقيادة السورية عبر أردوغان. لكن أولمرت والمسؤولين في مكتبه يرفضون التعقيب على ذلك. ونقلت معاريف عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين تكرارهم أن أردوغان يتوسط منذ سنة في الاتصالات الجارية بين إسرائيل وسورية.

 

واكتفى هؤلاء المسؤولون الإسرائيليون بالقول إنه "في المقابلات الصحافية التي منحها أولمرت عشية عيد الفصح اليهودي (في نهاية الأسبوع قبل الماضي) تطرق للموضوع وقال إن توقعاته من الأسد وتوقعات الأسد منه معروفة للجانبين". وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع إن "على الأسد أن يفهم أنه من دون الانفصال عن محور الشر وإرهاب إيران، ولو كان ذلك من خلال إعلان نوايا، لن تكون هناك جدوى من استئناف المحادثات". وأضاف أنه "رغم ذلك، في حال نجح أردوغان في إقناع الأسد أن يطلب لقاء مع رئيس الحكومة فإن أولمرت، وفقا للتقديرات، سيستجيب لطلب كهذا".

 

اليمين: الشعب مع الجولان لا مع أولمرت

 

وكانت تصريحات القيادة السورية حول استعداد أولمرت للانسحاب من هضبة الجولان قد أثارت ردود فعل غاضبة في صفوف المعارضة اليمينية الإسرائيلية، التي اعتبرت أن هذا الأمر يشكل "تنازلا سياسيا وأمنيا غير مسبوق". ورفض مكتب أولمرت التعقيب على التصريحات السورية.

 

واعتبر عضو لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، يوفال شطاينيتس، من حزب الليكود، أن "استعداد أولمرت للانسحاب من الجولان يعبر عن تنازل سياسي وأمني غير مسبوق". وادعى شطاينيتس أنه "من دون الجولان ستواجه إسرائيل صعوبة في الدفاع عن وجودها وفي الحفاظ على بحيرة طبرية ومصادر المياه. ولا شك لدي في أن الشعب مع الجولان لا مع رئيس الحكومة".

 

وكان رئيس المعارضة الإسرائيلية ورئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، قد لمح، في نهاية الأسبوع الماضي، إلى أنه في حال انتخابه رئيسا للحكومة فإنه لن يحترم أي اتفاق ينجزه أولمرت. وقال نتنياهو إن "الاتفاق الذي سينجزه أولمرت أو لا ينجزه لا يتعدى كونه اتفاقا يفتقر للصلاحية من الناحية القانونية ومن الناحية الواقعية".

 

من جانبه دعا عضو الكنيست يوسي بيلين، من حزب ميرتس، أولمرت إلى استغلال الفرصة الحاصلة وإجراء مفاوضات مكثفة وسريعة مع السوريين، في الوقت الذي تم فيه الاتفاق على كافة التفاصيل في مؤتمر السلام الذي عقد في العام 2000 بين رئيس الحكومة الأسبق، أيهود باراك، ووزير الخارجية السوري السابق، فاروق الشرع، في شيبردزتاون.