سجل القوانين الإسرائيلي لا يتضمن تشريعاً يحظر ارتكاب جرائم حرب ويعاقب عليها باعتبارها كذلك

اقتصاد ومجتمع

*الوزارة تتهم شبكات عيادات المرضى شبه الرسمية بتسريب ميزانيات ضخمة إلى قطاع الطب الخاص *الوزارة معنية بوضع حد لظاهرة ازدواجية التأمينات المكملة التي هي من نصيب الشرائح الميسورة والغنية*

 

 

*الوزارة تتهم شبكات عيادات المرضى شبه الرسمية بتسريب ميزانيات ضخمة إلى قطاع الطب الخاص *الوزارة معنية بوضع حد لظاهرة ازدواجية التأمينات المكملة التي هي من نصيب الشرائح الميسورة والغنية*

 

 

تستعد وزارة المالية الإسرائيلية، وبالتنسيق مع وزارة الصحة، إلى فرض اجراءات جديدة تقيد قطاع الطب الخاص المتنامي بوتيرة عالية في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد الكشف عن سلسلة من الأساليب التي يتم من خلالها تمويل الطب الخاص من ميزانيات الطب العام. كما أن الوزارة تستعد لاتخاذ تدابير من شأنها أن تحد من ظاهرة التأمينات الصحية المكملة المزدوجة، التي تدفعها الشرائح الميسورة والغنية في سبيل الحصول على خدمات صحية أفضل وأسرع من تلك التي يقدمها القطاع العام.

 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية التابعة لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن شبكات عيادات مرضى شبه رسمية أقامت لنفسها قطاع خدمات طبية خاصا، مثل شبكة عيادات "مكابي" التي أقامت في السنوات الأخيرة شبكة المستشفيات الخاصة "أسوتا" وباتت شبكة "مكابي" توجه قسما جديا من مرضاها لتلقي علاجات وإجراء عمليات جراحية في هذه المستشفيات، ويجري تمويل قسم من هذه العلاجات من ميزانيات الطب العام، والباقي من التأمينات المكملة.

 

والقصد بالتأمينات المكملة هي تأمينات صحية خاصة، غير تلك التي تجبيها مؤسسة التأمين الصحية، وفي هذه التأمينات المكملة ثلاثة مستويات، بسيطة ومتوسطة وعليا، وتضمن للمؤمن خدمات طبية أعلى وأسرع من تلك التي يقدمها الطب العام، وهذه التأمينات هي بالأساس من نصيب الشرائح الميسورة، ولكنها تحولت إلى قطاع تجاري واسع النطاق، وإلى مجال منافسة شديدة بين شبكات العيادات التي هي أيضا فتحت لذاتها شركات تأمين مكمل، وبين شركات التأمين العادية.

 

وفي ظل هذه المنافسة نشأت أيضا ظاهرة جديدة وهي تأمينات مزدوجة بمعنى مؤمنين يؤمنون بالتأمين المكمل في شبكات العيادات، وأيضا في شركات التأمين.

 

وقال التقرير إن وزارة المالية تسعى إلى وضع حد لهذه الظاهرة، ومنع الازدواجية في هذه التأمينات، كي لا تتبعها منافسة في خدمات الصحة، تأتي على حساب المؤمنين في القطاع العام وحده.

 

وتقول مصادر في وزارة المالية إن مليارات الشواكل تتسرب عبر شبكات عيادات المرضى شبه الرسمية إلى القطاع الخاص، الذي يزدهر بوتيرة عالية جدا، على حساب قطاع الخدمات العامة.

 

 

تكاليف الصحة

 

 

ومن الجدير ذكره أن سلسلة التقارير التي صدرت تباعا في السنوات الأخيرة دلت على أن صرف الأفراد والعائلات المباشر على الصحة في ارتفاع مستمر، على الرغم من التأمين الصحي العام، ودفع رسوم من خلال الراتب.

 

وبيّن آخر تقرير تحدث عن العام 2011 أن هناك ارتفاعا في نفقات العائلات على برامج التأمين الصحي الرسمية والبرامج المكملة التي تضمن خدمات صحية بمستوى أعلى، وهي من نصيب الشرائح المتوسطة والميسورة، إذ كلما ارتفعت تكلفة بوليصة التأمين ارتفع مستوى الخدمات، وهذا ما أفرز على مدى العقد ونصف العقد الأخيرين ظاهرة "طب للأغنياء وطب للفقراء".

 

وارتفع ما تنفقه العائلات في المرتبة العشرية العليا من 397 شيكلا شهريًا في العام 2008 إلى 460 شيكلا شهريا في العام 2011، وفي الفئة العشرية السادسة ارتفع من 185 شيكلا إلى 230 شيكلا. وارتفعت هذه النفقات كذلك في الفئة العشرية الثانية الدنيا من 84 شيكلا إلى 105 شواكل.

 

الإجراءات ليست نهائية

 

 

وتقول المحللة الاقتصادية رونيت ليندر- غانتس، في مقال لها في صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، إن خطوات وزارة المالية قد تكون وصلت بتأخر ما، ولكن ما من شك في أن الحسم قد وقع بعد أن استوعبت وزارة المالية، ومعها وزارة الصحة، حجم ظاهرة الطب الخاص، التي تعاظمت بسرعة كبيرة، وفي نهاية المطاف تحولت الظاهرة إلى ضربة مرتدة على الحكومة، إن كان هذا من خلال اضطرارها إلى تغطية العجز المالي في شبكات المستشفيات التابعة لشبكة عيادات المرضى العامة، أو من خلال ظاهرة اللامساواة في خدمات الطب، من خلال التأمينات المكملة.

 

وحسب غانتس، فإن عاملين مركزيين جعلا وزارة المالية في الأشهر الأخيرة تعيد النظر في موقفها الرسمي القاضي بعدم التدخل في سوق الطب الخاص.

 

والسبب الأول، كان إضراب الأطباء طويل المدى، وهو يسجل الآن كحدث هام في تاريخ الطب في إسرائيل، وتأثيراته ما زالت ملموسة حتى الآن، فخلال هذا الاضراب فهمت وزارة المالية أن الأطباء يتطلعون إلى الطب الخاص، باعتباره ملجأ لهم من أجورهم المنخفضة في الطب الرسمي.

 

وباعتقاد الوزارة، فإنه كلما ارتفعت أجور الأطباء في الطب الخاص، سيزيد الضغط على الحكومة لترفع أجور الأطباء في الطب العام، لأن الفجوات بين أجور الفريقين ستتسع طالما لم يتم تعديلها، ولأنه لا يمكن للحكومة أن تنافس الأجور في الطب الخاص، فقد ولدت فكرة فرض قيود على جهاز الطب الخاص.

 

أما السبب الثاني الذي دفع وزارة المالية إلى أن تعيد النظر في موقفها، فهو الارتفاع الضخم والكبير جدا في مداخيل شبكة مستشفيات "أسوتا" في مجال العمليات الجراحية الخاصة، وقسم كبير من هذه المداخيل جاء من التأمينات الصحية العامة.

 

وتقول غانتس إن الخطوات التي تعدها وزارة المالية متطرفة للغاية، وقد تطرأ عليها تغييرات إلى حين التنفيذ، إذ يجب عدم الاستهتار بالجهات التي ستسارع للتدخل من أجل تقليص الضرر المتوقع لجهاز الطب الخاص، مثل شبكة مستشفيات "أسوتا"، وشركات التأمين الصحي المكمل، وجهات قوية جدا لها مصلحة في انتعاش الطب الخاص.

 

وتختتم غانتس مقالها كاتبة: إذا كانت وزارة المالية معنية حقا في تعزيز الطب العام، عليها أن تفرض هيمنتها بقوة للجم الطب الخاص، وأيضا من خلال دعم مالي جدي للطب العام، كي يكون بديلا واقعيا للطب الخاص.