اقتصاد ومجتمع

*مكتب الإحصاء المركزي يتوقع أن تكون نسبة النمو 8ر4% لكن الحساب الدقيق يصدر في غضون أسابيع * بنك إسرائيل يسارع إلى خفض توقعاته للنمو في العام الجديد إلى 8ر2% ولكن وزارة المالية لا تزال تصر على نسبة أعلى * مؤسسات اقتصادية رسمية في إسرائيل تستعد لإجراءات تهدف إلى مواجهة أي حالة تباطؤ أو ركود اقتصادي كانعكاس للأزمة الاقتصادية في أوروبا*

*مكتب الإحصاء المركزي يتوقع أن تكون نسبة النمو 8ر4% لكن الحساب الدقيق يصدر في غضون أسابيع * بنك إسرائيل يسارع إلى خفض توقعاته للنمو في العام الجديد إلى 8ر2% ولكن وزارة المالية لا تزال تصر على نسبة أعلى * مؤسسات اقتصادية رسمية في إسرائيل تستعد لإجراءات تهدف إلى مواجهة أي حالة تباطؤ أو ركود اقتصادي كانعكاس للأزمة الاقتصادية في أوروبا*

 

كتب برهوم جرايسي:

 

أعلن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن نسبة النمو الاقتصادي في إسرائيل في العام 2011 المنصرم كانت 8ر4%، وهي نسبة أولية تحتاج إلى أبحاث أكثر دقة، تصدر نتائجها في الأسابيع المقبلة، ولكن هذه النسبة التي فاقت توقعات الأشهر الأخيرة تزامنت مع توقعات منخفضة جدا للنمو في العام الجديد 2012، إذ يتوقع بنك إسرائيل أن تنخفض نسبة النمو في هذا العام إلى 8ر2%.

 

وحسب تقرير مكتب الإحصاء، فإن النمو الاقتصادي سجل العام الماضي ارتفاعا بنسبة 8ر4%، رغم توقعات بأن يسجل ارتفاعا ما بين 2ر4% إلى 5ر4%، وكما جرت العادة في السنوات الأخيرة فإن الحساب الدقيق للنمو الاقتصادي يظهر في الربع الأول من العام التالي، وغالبا ما تكون النتيجة الأخيرة أعلى بقليل مما يعلن عنه بداية، بمعنى أن النمو الاقتصادي في العام الماضي قد يلامس نسبة 5%، وهي تعتبر من أعلى النسب في الدول المتطورة في العالم.

 

ويستدل من المعطيات الواردة أن النمو الاقتصادي في الربع الأول من العام الماضي سجل ارتفاعا بنسبة 8ر4%، في حين أن نسبته في الربع الثاني كانت 7ر3%، أما في الربعين الثالث والرابع فكانت نسبة متساوية بحوالي 5ر3%، وفي حين أن نسبة النمو في إسرائيل 8ر4%، فإن معدل النمو في الدول المتطورة الأعضاء في منظمة OECD بلغ 9ر1%، وفي الولايات المتحدة 7ر1%، واليابان 3ر0%، وفرنسا 6ر1%، وألمانيا 3%.

 

ويقول التقرير ذاته إن عدد سكان إسرائيل ارتفع في العام الماضي بنسبة 9ر1%، في حين أن مستوى المعيشة في إسرائيل سجل في العام الماضي ارتفاعا بنسبة 9ر2%، وهي نسبة شبيهة بالعام قبل الماضي- 2010.

 

وقد بلغ حجم الناتج العام في إسرائيل في العام الماضي 235 مليار دولار، وفق معدل الصرف في العام الماضي، وبلغ معدل الفرد الواحد من الناتج 31100 دولار، وتتعارض هذه المعطيات مع معطيات تقرير منظمة دول OECD، التي قالت إن معدل الناتج للفرد في إسرائيل في العام الماضي 29359 دولارا، وأن إسرائيل تحل في المرتبة الرابعة في الشرق الأوسط (اقرأ خبرا عن الموضوع في الموجز الاقتصادي في هذه الصفحة).

 

وجاء في التقرير أيضا أن الاستهلاك الفردي في إسرائيل سجل في العام الماضي ارتفاعا بنسبة 4%، بعد أن كان قد سجل في العام 2010 ارتفاعا بنسبة 3ر5%، ويقول مكتب الإحصاء إنه على الرغم من انخفاض النسبة في العام 2011 مقارنة مع العام 2010، إلا أنها تبقى النسبة الأعلى في العالم كله، فالاستهلاك الفردي في الولايات المتحدة سجل ارتفاعا بنسبة 3ر2%، وفي اليابان 2ر0%، وفي بريطانيا 9ر0%، وفي ألمانيا 1%، أما المعدل في منظمة الدول المتطورة OECD فقد بلغ في العام الماضي 6ر1%.

 

 

 

بنك إسرائيل يخفض توقعاته

 

وعلى الرغم من المعطيات التي تعتبر "جيدة" مقارنة مع الأوضاع الاقتصادية العالمية، فقد سارع بنك إسرائيل المركزي إلى خفض توقعاته مرة أخرى بالنسبة للنمو في العام الجديد 2012، وهذا على ضوء الأزمة الاقتصادية المتنامية في أوروبا وانعكاساتها على الاقتصاد الإسرائيلي، وحتى احتمال استفحال هذه الانعكاسات أكبر خلال العام الجديد.

 

ويتوقع البنك المركزي أن تهبط نسبة النمو الاقتصادي إلى 8ر2%، بدلا من توقعات قبل عام كانت تتحدث عن نسبة نمو 7ر3%، في حين أن مكتب الإحصاء المركزي يتوقع نسبة نمو في العام الجديد تفوق 3%، أما وزارة المالية فإنها لا تزال تصر على نسبة نمو تفوق 5ر3%، ولكنها تبقى كلها نسبا قابلة للتعديل من حين إلى آخر، وهذا مرتبط بالتطورات الاقتصادية.

 

أما صندوق النقد الدولي فقد طرح توقعات أكثر تفاؤلا متحدثا عن نسبة 6ر3%، بينما منظمة الدول المتطورة OECD تتحدث عن نمو اقتصادي في إسرائيل بنسبة 9ر2%، وكانت النسبة الأقل من معهد "سيتي" الدولي الذي تحدث عن نسبة نمو 2%.

 

كذلك يتوقع البنك المركزي أن يكون التضخم المالي في العام الجديد في حدود 1ر2%، وهي نسبة شبيهة لما قد تكون في العام المنصرم 2011، وهذا ما سيتضح أكثر بعد أسبوع من الآن مع الإعلان في الخامس عشر من الشهر الجاري كانون الثاني عن نسبة التضخم في الشهر الماضي كانون الأول الخاتم للعام 2011، وقد خفض بنك إسرائيل توقعاته للنمو في العام الجديد عدة مرات في الأشهر الأخيرة، وكانت آخر التوقعات تشير إلى نمو بنسبة 2ر3%.

 

وجاء أيضا في توقعات بنك إسرائيل أن الصادرات الإسرائيلية ستشهد ارتفاعا طفيفا هذا العام بنسبة 2ر1% في حين أنها سجلت في العام المنصرم 2011 ارتفاعا بنسبة 1ر2%، ويقول البنك إن مرد الارتفاع الطفيف يعود إلى تراجع كبير متوقع في طلب الشراء من الخارج، وخاصة أوروبا التي تستورد ما بين 35% إلى 40% من الصادرات الإسرائيلية.

 

كما يتوقع بنك إسرائيل المركزي استمرار تخفيض الفائدة البنكية، التي هي حاليا 75ر2% لتصل إلى 25ر2% مع نهاية العام الجاري.

 

ويشتد الجدل في إسرائيل حول السياسة الاقتصادية الواجب إتباعها في العام الجديد، إذ تتعالى أصوات تدعو إلى تقليص الموازنة العامة، بشكل يشمل جميع الوزارات بما فيها وزارة المالية، في حين تطالب جهات أخرى بزيادة العجز في الموازنة العامة، كي تكون الحكومة قادرة على تغطية النفقات، حتى لو جاء هذا على حساب زيادة الدين العام، وهذا ما يعارضه بشدة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومعه وزير ماليته يوفال شتاينيتس وكبار المسؤولين في الاقتصاد الإسرائيلي.

 

وما يقلق المؤسسة الاقتصادية الإسرائيلية هو مداخيل الضرائب التي سجلت هذا العام أقل من المتوقع، وهذا رغم أن وزارة المالية رفعت نسبة توقعاتها من مداخيل الضرائب بأكثر من 5ر9% عما كان في العام 2010، وبنسبة أكبر في العام الجاري، إلا أن سلطة الضرائب ستعدل توقعاتها في الأيام المقبلة، وهذا ما سينعكس على الموازنة العامة.

 

مؤشرات تباطؤ اقتصادي

 

وتعتبر المؤسسة الاقتصادية أن عدم تحقيق المتوقع من الضرائب يعود أيضا إلى التباطؤ الاقتصادي، الذي مركزه أساسا في تراجع نسبة الصادرات الإسرائيلية، ولكن قطاعات اقتصادية واسعة بدأت تتحدث عن مؤشرات لهذا التباطؤ، وحتى أن شركات كبرى بدأت تتحدث عن احتمال فصل عاملين ولو بأعداد قليلة.

 

ومن مؤشرات التباطؤ الاقتصادي أن بيع المشروبات والأغذية في الشهر الأخير من العام المنصرم شهد تراجعا بنسبة تتراوح ما بين 5% إلى 15%، بموجب التقارير المالية لشبكات التسويق الكبرى.

 

ونقلت صحيفة "ذي ماركر" عن مستثمرين كبار في شبكات التسوق قولهم إن هذا التراجع في المبيعات يعكس مباشرة تراجع حركة الشراء في السوق في الآونة الأخيرة، وكما يبدو على خلفية كثرة الحديث عن احتمالات التباطؤ الاقتصادي، ودخول الاقتصاد إلى أزمة اقتصادية عميقة.

 

وبدأت المؤسسات الاقتصادية المختلفة باتخاذ إجراءات لمواجهة التباطؤ وحتى الركود، فمثلا بنك إسرائيل المركزي الذي توقع أن تصل الفائدة البنكية في نهاية العام 2011 إلى 5ر3%، تراجع بها إلى نسبة 75ر2%، وهي نفس النسبة التي افتتح بها العام الجديد 2012.

 

ومن الإجراءات التي تستعد لها وزارة المالية لمواجهة التباطؤ وحتى الركود الاقتصادي ضمان رزمة دعم للمصالح الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، التي تكون أول من يتأثر بالأزمة الاقتصادية.

 

وبحسب مصادر في وزارة المالية فإن الرزمة التي تستعد لها الوزارة تشمل 500 مليون شيكل، أي حوالي 132 مليون دولار، ستكون على شكل ضمانات حكومية للمصالح الاقتصادية المذكورة، وميزانية بقيمة 5ر2 مليار شيكل، أي حوالي 660 مليون دولار، تقدم كقروض بفوائد وشروط سهلة للمصالح الصغيرة والمتوسطة، على أن تكون الحكومة ضامنة لهذه القروض بنسبة 70%.