اقتصاد ومجتمع

*النمو الاقتصادي في النصف الأول من العام 1ر4% لكنه لا يغير توقعات النمو للعام الجاري- 7ر3% *وزير المالية شتاينيتس ينسب لنفسه وسياسته المعطيات الاقتصادية الإيجابية فينهال المحللون عليه توبيخا: "النمو جيد على الرغم من السياسة الاقتصادية" *تقرير عالمي يضع إسرائيل في المرتبة 22 من حيث جودة الحياة فيها*

 

*النمو الاقتصادي في النصف الأول من العام 1ر4% لكنه لا يغير توقعات النمو للعام الجاري- 7ر3% *وزير المالية شتاينيتس ينسب لنفسه وسياسته المعطيات الاقتصادية الإيجابية فينهال المحللون عليه توبيخا: "النمو جيد على الرغم من السياسة الاقتصادية" *تقرير عالمي يضع إسرائيل في المرتبة 22 من حيث جودة الحياة فيها*

 

كتب برهوم جرايسي:

 

لم تخف أي من الجهات الاقتصادية الرسمية والخاصة في إسرائيل مفاجأتها من نسبة النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام الجاري، إذ قال مكتب الإحصاء المركزي إن النمو بلغ 7ر4%، في حين سجلت الصادرات في النصف الأول من هذا العام ارتفاعا بنسبة 5ر16%، ليسارع وزير المالية يوفال شتاينيتس إلى نسب هذه المعطيات لسياسة وزارته الاقتصادية، وليواجه مباشرة حملة انتقادات من أبرز المحللين الاقتصاديين، الذين شرحوا أسباب النمو، وقالوا إن النمو حاصل "على الرغم من السياسة الاقتصادية القائمة وليس بفضلها".

 

وكان مكتب الإحصاء المركزي قد ذكر، في تقرير له، إن النمو الاقتصادي في الربع الثاني من هذا العام سجل ارتفاعا بنسبة غير متوقعة- 7ر4%، بعد أن كان النمو قد سجل في الربع الأول من هذا العام ارتفاعا بنسبة 6ر3%، وقد كان نمو الربع الأول أقل من التوقعات، إذ جاءت هذه النسبة بعد نمو في الربع الأخير من العام الماضي- 2009- بنسبة 3ر4%، وبذلك يكون النمو، ووفق التقرير ذاته، قد سجل في النصف الأول من هذا العام ارتفاعا بنسبة 1ر4%.

 

وعلى الرغم من هذه المعطيات، إلا إن أوساطا في الجهاز الاقتصادي الرسمي ترى أن وتيرة النمو ستتباطأ في النصف الثاني الجاري، ولذا فإن نسبة النمو العامة في العام الجاري ستهبط إلى 7ر3%، غير أن هذه التقديرات "التشاؤمية" على صلة بالتحضيرات الجارية لإقرار ميزانيتي العامين المقبلين 2011 و2012، على اعتبار أن تقديرات محافظة من شأنها أن تلجم مطالبات الحلبة السياسية بتوسيع إطار الموازنة العامة أكثر.

 

ومثلا، فإن التقديرات التي أعدت على أساسها ميزانية العام الجاري 2010 كانت تتحدث عن نسبة نمو 1%، بعد أن يكون قد تراجع في العام الماضي 2009 بنسبة 5ر1%، ولكن على أرض الواقع فإن النمو لم يتراجع في العام الماضي بل سجل ارتفاعا طفيفا بنسبة 7ر0%، في حين أن التقديرات للعام الجاري انقلبت رأسا على عقب، لتصبح 7ر3%.

 

ويتضح من معطيات مكتب الإحصاء المركزي أن الاستهلاك الفردي في إسرائيل سجل في الربع الثاني من هذا العام ارتفاعا بنسبة 7ر8%، بينما سجل الصرف العام ارتفاعا بنسبة 8ر2%، وبذلك يكون الصرف على الاستهلاك الفردي قد سجل في النصف الأول من هذا العام ارتفاعا بنسبة 9ر5% بحساب سنوي.

 

ارتفاع الصادرات

 

 

ويقول مكتب الإحصاء المركزي في تقريره إن الصادرات الإسرائيلية إلى الخارج سجلت في النصف الأول من العام الجاري ارتفاعا بنسبة 5ر16%، وهذا في حين كانت الصادرات قد شهدت في النصف الأول من العام الماضي 2009 انهيارا بنسبة 24%، بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية، التي طالت بالأساس أكبر الأسواق التي تشتري الصادرات الإسرائيلية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية ومن بعدها الأسواق الأوروبية.

 

غير أن تقريرا صادر عن مدير قسم الأبحاث في وزارة الصناعة والتجارة الإسرائيلية قال إن صادرات أكبر 100 شركة إسرائيلية في قطاع الصادرات قد تراجعت بنسبة 10% في الربع الثاني من هذا العام، مقارنة مع نفس الفترة من العام 2008، أي قبل وصول الأزمة الاقتصادية إلى إسرائيل، أما بالمقارنة مع الربع الأول من هذا العام، فإن صادرات هذه الشركات تراجعت بنسبة حوالي 2%، وفي المجمل العام، فقد بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية في النصف الأول من هذا العام 7ر13 مليار دولار.

 

وعلى الرغم من هذا، فإن الصادرات الإسرائيلية بشكل عام سجلت في النصف الثاني من العام الماضي- 2009، والنصف الأول من العام الجاري- 2010، ارتفاعا إجمالية بنسبة 23%.

 

 

المرتبة 22 عالميا

في جودة الحياة

 

 

وبالتزامن مع نشر تقرير مكتب الإحصاء المركزي، نشرت مجلة نيوزويك الأميركية قائمة بأسماء أفضل مائة دولة في العالم من حيث جودة الحياة، وحصلت إسرائيل على المرتبة 22 عالميا، وذلك بعد أن حصلت على 79 نقطة، في حين أن الولايات المتحدة الأميركية التي حصلت على المرتبة 11، على سبيل المثال، حصلت على 85 نقطة.

 

وقد اعتمد التدريج العالمي خمسة مقاييس لتحديد جودة الحياة في كل واحدة من دول العالم، وهي التعليم والصحة والنشاط الاقتصادي والاستقرار السياسي ومستوى الحياة، وكما ذكر فقد حصلت إسرائيل على المرتبة 22، ولكن تدريجها في كل واحد من هذه المقاييس كان مختلفا، ففي مجال الصحة حلت إسرائيل في المرتبة السابعة عالميا، وفي مجال النشاط الاقتصادي حلت في المرتبة 15 عالميا، وكما يبدو بفعل الأزمات الاقتصادية التي ضربت نواحي مختلفة من العالم في العام الماضي، وكان ضررها أقل في إسرائيل.

 

أما في مجال مستوى الحياة فقد حصلت إسرائيل على المرتبة 25 عالميا، وفي مجال الاستقرار السياسي كانت إسرائيل في المرتبة 27، وفي مجال التعليم حلت إسرائيل في المرتبة 41 عالميا.

 

وتبين من تقرير نيوزويك ذاته، أن معدل الفرد من الناتج العام في العام الماضي 2009 كان 25700 دولار، وهو أقل من المعلن في إسرائيل، بأنه أقرب إلى 29 ألف دولار، في حين أن معدل الدخل للفرد من الناتج العام في الولايات المتحدة بلغ 47 ألف دولار.

 

يذكر أن الدولة الأولى في العالم من حيث مستوى الحياة وجودتها وفق هذا التقرير كانت فنلندا تليها سويسرا ثم السويد وبعدها أستراليا ولوكسمبورغ والنرويج وكندا وهولندا واليابان والدانمارك والولايات المتحدة في المرتبة 11، وبعدها إسبانيا ونيوزيلندا وبريطانيا وفرنسا وسنغافورة.

 

المحللون يوبخون

شتاينيتس

 

 

 

وسارع وزير المالية يوفال شتاينيتس إلى نسب معطيات الاقتصاد الإيجابية إلى سياسة وزارته، وهو ما أثار غضب أبرز المحللين الاقتصاديين في إسرائيل الذين وبخوه على تصريحه، مؤكدين أن لا علاقة للسياسة الاقتصادية بهذا "الإنجاز" الاقتصادي، وحتى أن المحلل غاد ليئور قال في مقاله في ملحق "مامون" الاقتصادي التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن إنجاز النمو الاقتصادي جاء على الرغم من سياسة وزارة المالية وليس بفضلها.

 

ويقول ليئور في مقاله: لقد تفاجأ الجميع من النمو، وللحقيقة نحن أيضا، ولكن في تفكير إلى الخلف لم يكن مكان لهذه المفاجأة، فمنذ عدة أشهر والنشاط الاقتصادي في حالة صخب، والمستهلك الإسرائيلي يخرج أموالا تقريبا على كل منتوج وخدمة.

 

ويتابع ليئور: مثلا نشر في الأشهر الأخيرة أن أسعار البيوت ارتفعت بوتيرة عالية، وفي تل أبيب مثلا ارتفعت أسعارها بنسبة 32%، ورغم هذا تواصل شراء البيوت، في حين أن مطار بن غوريون الدولي شهد أرقاما قياسية في عدد المسافرين إلى الخارج في الأشهر الأخيرة، كذلك فإن الجمهور يواصل شراء السيارات بأشكال مختلفة. إن كل هذا هو وليد مستوى معيشة عال لدى قسم من الجمهور، وهذا لا يشمل العرب واليهود الأصوليين (الحريديم).

 

ويضيف ليئور: إن من لم يتواضع في الأمس، كان وزير المالية يوفال شتاينيتس الذي ادعى أن نسبة النمو العالية هي من فعل موظفي وزارة المالية وخططهم الاقتصادية، ومع كل الاحترام، فإن وزارة المالية رفعت الضرائب في الفترة الماضية، ولم تفعل شيئا من أجل خفض أسعار البيوت، ويخيل لي أن النمو الاقتصادي المرتفع كان على الرغم مما فعله موظفو وزارة المالية، وليس بفضلهم، ولربما أن الذي له فضل في هذا النمو هو محافظ بنك إسرائيل المركزي ستانلي فيشر، الذي اتبع فائدة بنكية منخفضة كان لها مساهمة ليست قليلة في تشجيع حركة المشتريات النشطة في الأشهر الأخيرة.

 

أما كبير المحللين الاقتصاديين في صحيفة "هآرتس"، نحاميا شترسلر، فإن توبيخه لشتاينيتس كان أكثر قسوة، وذلك في مقال له في صحيفة "ذي ماركر"، فكتب تحت عنوان تهكمي من شتاينيتس "أنا وأنا ثم أنا": "لم يكن بوسع وزير المالية شتاينيتس أن ينتظر، وبدلا من أن يتمالك نفسه قليلا ويصبر وينتظر سماع المحللين الاقتصاديين يهللون لثمار عمله، فقد سارع لينسب لنفسه الإنجاز، ونشر بيانا قال فيه إن كل شيكل جديد ولدّه الاقتصاد هو له. حقا أننا لم نتوقع نموا جميلا بهذا القدر1ر4% في النصف الأول من العام الجاري، وبالأساس لم نتوقع ارتفاع الصادرات في النصف الأول من هذا العام بنسبة 5ر16%، ولكن هل حقا هذا هو من ثمار عمل شتاينيتس؟".

 

ويجيب شترسلر: أولا يجب أن نفهم أن المفاجأة ليست في إسرائيل وحدها بل في العالم بشكل عام، فالمعطيات الاقتصادية الجميلة نجدها أيضا في أوروبا وبريطانيا، أعلى بكثير من التوقعات، وهذا على الرغم من أن أوروبا كانت عالقة حتى قبل عدة أشهر في أزمة ديون في اليونان وإسبانيا والبرتغال وبريطانيا، وحتى المعطيات في الولايات المتحدة ليست سيئة، بمعنى أن النشاط الاقتصادي الإيجابي في العالم خدمنا نحن هنا، وساهم في رفع اقتصادنا إلى الأعلى، من دون أية علاقة بالميزانية التي أعدتها وزارة المالية.

 

ويتابع شترسلر: ثانيا، فإن الحظ لعب لصالح شتاينيتس، فقد تولى مهامه في وزارة المالية (نيسان 2009)، بعد أن باتت الأزمة الاقتصادية العالمية التي نشبت في العام 2008 من ورائنا، وأجواء الانتعاش الاقتصادية باتت ملموسة، وليكن واضحا أنه لولا تدفق الأموال الكثيرة من الخارج (استثمارات)، والعجز الاقتصادي الضخم الذي كان في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول كبيرة أخرى في العالم، لما خرجت إسرائيل من أزمتها الاقتصادية بهذه السرعة.

 

ويقول شترسلر إن ميزانيتي العامين 2009 و2010 بالذات لم تشجعا على نمو اقتصادي نظرا لحجم كل منهما والعجز المالي المخطط فيهما.