إسرائيل تعتبر أن قدرات إيران النووية ما زالت محدودة والعام المقبل سيكون حاسما

اقتصاد ومجتمع

عشرون بالمئة من هذا الجمهور اضطروا للتنازل عن طعام في أحيان مختلفة، و15% عن الأدوية و34% عن أدوات تدفئة وتبريد بسبب الأوضاع المالية السيئة التي يعانون منها  فجوات واضحة بين اليهود والعرب في جميع المجالات، باستثناء التفاؤل، إذ أن العرب هم أكثر تفاؤلا من اليهود على الرغم من سوء أوضاعهم الاقتصادية

 

 

كشف استطلاع الأوضاع الاجتماعية، للعام 2007، الذي تعده دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية سنويا، ونشرت تفاصيل عنه في تقرير خاص، في الأسبوع الماضي، عن جوانب كثيرة لعمق الأزمة الاقتصادية الاجتماعية.

 

ويعتبر "الاستطلاع الاجتماعي" السنوي للدائرة مؤشرا مهما للأوضاع الاجتماعية، ويشكل جزءا هاما وبارزا في كتاب إحصائياتها السنوي.

 

وشمل الاستطلاع عينة من الجمهور في إسرائيل، بلغت 7400 شخص، من جيل 20 عاما وما فوق، بمعنى أن المعطيات، التي سنستعرض قسما منها هنا، لا تعكس الأوضاع الاجتماعية في المجتمع ككل.

فمثلا حينما نتحدث عن أن 46% لا يكفيهم مدخولهم الشهري لتسديد احتياجاتهم اليومية، فهذا لا يعني إطلاقا أنها النسبة العامة بين مجمل المواطنين، لأن قسما كبيرا من هؤلاء معيلون لأطفال، بمعنى أن نسبة المواطنين الذين يعانون من نقص في مداخيل عائلاتهم يتجاوز نسبة 50% بكثير.

 

ويعكس التقرير في عدد من جوانبه الفجوات الكبيرة بين الأوضاع الاجتماعية لدى العرب وتلك التي يعايشها اليهود، وهذا انعكاس طبيعي للفجوات التي نقرأ عنها باستمرار في جميع تفاصيل الأوضاع الاجتماعية، بدءا من نسبة البطالة والمحرومين من العمل، إذ أن نسبتها بين العرب هي ثلاثة أضعاف النسبة بين اليهود، ووصولا إلى معدلات الفقر، التي هي أيضا تفوق ثلاثة أضعاف النسبة بين اليهود. مثلا نقرأ أن نسبة الفقر بين الأطفال اليهود بالكاد تصل إلى 20%، ولكنها بين الأطفال العرب تقفز إلى 63%، كما أن نسبة الفقر العامة بين اليهود هي 15%، ولكنها بين العرب تقفز إلى 47%.

 

وسنتعرض بداية إلى الخطوط العريضة لهذا الاستطلاع، حيث نقرأ أن 20% من الذين شملهم الاستطلاع (أعمارهم فوق 20 عاما) يضطرون للتنازل عن الطعام في أحيان مختلفة، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، و15% اضطروا للتنازل عن أدوية حيوية لعلاجهم، رغم أن هذه الأدوية مدعومة بفعل قانون التأمين الصحي، كما أعلن 46% أن مدخولهم الشهري لا يكفيهم لاحتياجاتهم اليومية، ولكن 55% من الأجيرين في هذا الاستطلاع أعربوا عن رضاهم من مستوى رواتبهم، فيما قال 54% إنهم راضون عن أوضاعهم الاقتصادية.

 

وبالنسبة للأوضاع الاقتصادية، فقد قال 54% إنهم راضون عن أوضاعهم الاقتصادية، ولكن هذه النسبة ليست متساوية، إذ يتضح أن نسبة الرضا بين الرجال تصل إلى 57% بينما بين النساء تهبط إلى 51%. وعلى المستوى العام، نرى أن نسبة الرضا بين اليهود ككل تصل إلى 56%، بينما بين المواطنين العرب تهبط إلى 46%، ويظهر الفرق الشاسع بين اليهود أنفسهم، إذ أن اليهود من أصول أوروبية وغربية نسبة الرضا بينهم ترتفع إلى 68%، بينما بين اليهود من أصول شرقية (دول عربية وآسيوية وأفريقية) تهبط إلى 54%.

 

ويقول 55% من الأجيرين إنهم راضون من مستوى رواتبهم، ولكن النسبة تتفاوت بين الرجال- 60%، وبين النساء- 50%.

 

ويقول الاستطلاع إن 46% من المستطلعين ليس في إمكانهم تغطية كافة تكاليف عائلاتهم وبيوتهم الشهرية، ويجري الحديث هنا في أحيان كثيرة كما سنقرأ لاحقا عن احتياجات أساسية وضرورية. ويستدل من تفاصيل الاستطلاع أن 69% ممن كان معدل مدخول الفرد الواحد في عائلاتهم 2000 شيكل (نحو 510 دولار بحسب معدل سعر صرف الدولار في العام الماضي)، أعلنوا أن مدخولهم الشهري لا يسد تكاليف العائلة.

 

أما على المستوى العام فيظهر أن 64% من العرب أعلنوا أنهم لا يستطيعون تسديد احتياجاتهم الشهرية، مقابل 43% من اليهود.

 

يتنازلون عن حاجات أساسية

 

 

ويظهر من التقرير أن جمهورا واسعا اضطر للتنازل عن احتياجات أساسية بسبب سوء الحال وسوء الأوضاع المالية في عائلاتهم.

 

ونرى أن 20% من أبناء 20 عاما وما فوق اضطروا للتنازل عن طعام في أحيان مختلفة بسبب مصاعب اقتصادية، ولكن هذه النسبة ترتفع إلى 43% لدى الذين كان معدل حصة الفرد من مدخول العائلة 2000 شيكل في الشهر.

 

وهنا أيضا نقرأ فارقا بين العرب واليهود، ما يدل على عمق الأزمة الاقتصادية التي يواجهها الفلسطينيون في إسرائيل، فقد أعلن 48% من العرب أنهم اضطروا للتنازل عن طعام، مقابل 15% لدى اليهود.

 

وأعلن 34% من الذين شملهم الاستطلاع أنهم اضطروا للتنازل عن أدوات تبريد أو تدفئة في بيوتهم بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وهنا أيضا الفجوة كبيرة بين العرب- 63% وبين اليهود- 29%، ولكن بين اليهود أنفسهم هناك فجوات، فقد أعلن 44% من المهاجرين الذين هاجروا إلى إسرائيل منذ العام 1990 وحتى الآن، أنهم تنازلوا عن أدوات التدفئة والتبريد.

 

أما في ما يتعلق بالأدوية، فقد أعلن 69% أنهم تنازلوا عن أدوية ضرورية لهم، ولكن 15% فقط أعلنوا أنهم اضطروا للتنازل عن أصناف أدوية بسبب سوء الأحوال الاقتصادية، وهذا على الرغم من أن أسعار الأدوية مدعومة بفعل قانون التأمين الصحي، الذي عادة يشمل الغالبية الساحقة من الأدوية، باستثناء بعض أصناف أدوية وعلاجات الأمراض النادرة والخطيرة.

 

وأعلن 65% أنهم تنازلوا عن علاج الأسنان، إلا أن 40% فقط أعلنوا أنهم اضطروا للتنازل عن العلاج بسبب الأوضاع المالية السيئة، وهذه النسبة ترتفع بين العرب إلى 66%، أما بين اليهود فإنها تهبط إلى 34%.

 

وأعلن 24% من المستطلعين أنهم تنازلوا عن التأمين الصحي المكمل، وهو تأمين صحي إضافي للتأمين الصحي العام، ويضمن علاجات لا تضمنها سلة الخدمات والأدوية التي تقرها الحكومة، وهو أحد أشكال التأمينات التي أظهرت الفجوات الاجتماعية بين الفقراء، وبين الشرائح المتوسطة ومن ثم الغنية، لأنه حتى في التأمين المكمل هناك فجوات ومستويات، فكلما ارتفعت الرسوم، اتسعت الخدمات والضمانات، ولهذا فإن الشرائح الفقيرة محرومة من خدمات طبية وأدوية بسبب أوضاعها الاقتصادية.

 

لكن الفجوة الأخطر في هذا المجال نراها بين العرب الذين 52% منهم غير مؤمنين بهذا النوع من التأمين الصحي، في حين أن هذه النسبة تهبط إلى 19% بين اليهود.

 

ورغم هذا، فإن 44% من الذين شملهم الاستطلاع يتوقعون تحسنا لأوضاعهم الاقتصادية في السنوات الخمس المقبلة، مقابل 12% توقعوا استياء أوضاعهم الاقتصادية، ولكن الغريب في الأمر أن الفجوة هنا منقلبة رأسا على عقب، إذ أن التفاؤل لدى العرب أكبر من اليهود، 53% من العرب متفائلون بتحسن أوضاعهم، مقابل 43% من اليهود.

 

تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الاستطلاع يتطرق للعام الماضي، 2007، ففيه بدأت الشرائح "المتدنية" من حيث أوضاعها الاقتصادية، تشعر بتحسن ما في أوضاعها الاقتصادية بعد أكثر من أربع سنوات من النمو، ولكن هذا التحسن اختفى في الأشهر الأولى من العام الجاري مع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، التي ضربت أولا الشرائح الفقيرة والضعيفة، التي ما لبثت تشعر بتحسن طفيف حتى تلقت ضربات أقسى.

 

ولهذا فمن المتوقع أن تغيّر معطيات الاستطلاع الاجتماعي للعام الجاري الكثير من المعطيات الواردة هنا للأسوأ.