ارتفاع أسعار الحبوب ومنتجاتها على الرغم من تراجع أسعارها في الأسواق العالمية * وزارة الزراعة الإسرائيلية تعد خطة لتقليل الاعتماد على استيراد الحبوب * 72% من الحبوب المستوردة مخصصة لإطعام البهائم والدواجن
ارتفاع أسعار الحبوب ومنتجاتها على الرغم من تراجع أسعارها في الأسواق العالمية * وزارة الزراعة الإسرائيلية تعد خطة لتقليل الاعتماد على استيراد الحبوب * 72% من الحبوب المستوردة مخصصة لإطعام البهائم والدواجن
"المشهد الإسرائيلي"- خاص
أظهر تقرير جديد نشر في إسرائيل، مؤخرًا، أن أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت منذ شهر حزيران 2007 وحتى شهر أيار الحالي، بمعدل 25%، وهذا على الرغم من أن بعض أصناف هذه المواد، مثل الأرز، سجلت ارتفاع أسعار يتراوح ما بين 70% إلى 100%.
وحسب التقرير، فإن هناك الكثير من الضغوط على شبكات التسوق لرفع أسعارها، وخاصة على ضوء الارتفاع المتواصل لأسعار الوقود، والنقص المستفحل في المواد الغذائية الخام والمصنعة في الأسواق العالمية، إلا أن ما يلجم رفع الأسعار أكثر، هي المنافسة الشديدة بين شبكات التسوق، علما أن هذه المنافسة باتت ملموسة في جوانب كثيرة في السوق المحلية، إذ بالإمكان أن تصل الفوارق في سعر نفس الصنف إلى أكثر من 15% في أحيان عديدة.
وقد بدأت الموجة الجديدة لرفع الأسعار في شهر نيسان الماضي، حين ارتفع سعر الأرز في النصف الثاني من الشهر بنحو 70%، عوضاً عن أن كبار المستوردين، حجبوا كميات كبيرة من الأرز عن السوق المحلية، في انتظار مطلع الشهر الجاري، أيار، لرفع الأسعار، وكان نقص الأرز ملموسا.
وقد تبع الأرز ارتفاع أسعار الحبوب ومنتجاتها المصنعة بنحو 20%، ثم ارتفاع أسعار لحوم الطيور الطازجة والمجمدة بنحو 25%، ولم يبق أي صنف من المواد الغذائية من دون ارتفاع.
وطرحت هذه القضية بقوة على جدول أعمال الكنيست (البرلمان) مع افتتاح دورته الصيفية، الأسبوع الماضي.
وقد أعلن وزير المالية روني بار- أون أنه سيوصي بوضع خطة لإنقاذ الشرائح الفقيرة والضعيفة، التي يصل معدل صرفها على المواد الغذائية إلى أكثر من 33% من مدخولها الشهري، وذلك وفق تقارير سابقة لدائرة الإحصاء المركزية، مع تعديلها بموجب الغلاء الحاصل، وفي حالات كثير ترتفع هذه النسبة إلى أكثر بكثير، وهذا مقابل 12% إلى 15% لدى الشرائح الغنية وذات الدخل العالي، مما يجعل العبء الأساس المترتب على رفع الأسعار يقع على عاتق الشرائح الفقيرة.
وطالب وزير الصناعة والتجارة، إيلي يشاي، الزعيم السياسي لحركة "شاس" الدينية، برفع المخصصات الاجتماعية الأساسية التي تدفعها مؤسسة الضمان الاجتماعي الرسمية (مؤسسة التأمين الوطني) للمسنين والأولاد، ومن هم خارج سوق العمل، بسبب البطالة أو الإعاقة الجسدية، وسانده بالطلب وزير الرفاه الاجتماعي، إسحق هرتسوغ، من حزب "العمل"، الذي دعا إلى إجراء تعديل كهذا مرتين في العام.
ومقابل هذا، فقد أوضح تقرير لشركة بينكاسو الإسرائيلية، الخبيرة في إبرام اتفاقيات جارية دولية في قطاع الحبوب، أنه في حين ان أسعار الذرة والأرز تسجل ارتفاعا، فإن أسعار القمح بالذات سجلت منذ مطلع العام الجاري انخفاضا بنحو 40%.
ويعود هذا الانخفاض إلى الارتفاع الحاد في العروض في الأسواق العالمية، وخاصة في الولايات المتحدة وأستراليا، التي تعتبر أكبر منتج للقمح في العالم، إضافة إلى أن وزارة الزراعة الأميركية أصدرت تقريرا مفاده أن محصول القمح سيزداد في العام الحالي بنسبة 17% مقارنة مع العام الماضي- 2007، بسبب الأجواء الماطرة التي شهدتها الولايات المتحدة هذا العام.
إلا أن هذا الانخفاض لم ينعكس على أسعار الخبر ومنتوجات القمح في إسرائيل، التي سجلت ارتفاعا بالأسعار يتراوح ما بين 20% حتى 50%، ويدعي أصحاب شبكات المخابز الكبيرة أن عدم تخفيض الأسعار يعود إلى أن المخابز لم ترفع أسعار الخبز بالنسبة التي تلائم ارتفاع أسعار القمح في العالم في العام الماضي، إضافة إلى أن رفع أسعار الخبز تأخر كثيرا مما تسبب بخسائر كبيرة لأصحاب المخابز.
وتساند أصحاب المخابز في ادعائهم وزارة الصناعة والتجارة، التي قالت في بيان لها، إن انخفاض أسعار القمح في الأسواق العالمية كان يحتم تخفيض أسعار الخبز بنسبة نحو 11%، ولكن ارتفاع أسعار الوقود والمازوت بنسبة 20%، أدى إلى أن تخفيض أسعار الخبز يجب أن يكون في حدود 64ر1%، وعادة لا تبادر الوزارة إلى تعديل أسعار في الاتجاهين، إذا كانت النسبة المتوجبة أقل من 3%.
مخطط رسمي لزيادة إنتاج الحبوب
هذا، وأعلنت وزارة الزراعة الإسرائيلية أنها بلورت خطة متكاملة تهدف إلى تخفيض الاعتماد على استيراد الحبوب، وفي نفس الوقت تخفيض استهلاكها في إسرائيل، إذ تبين أن 72% من الحبوب المستوردة، يتم إطعامها للبهائم والدواجن، "وهذا ما يتطلب تغيير النظام الغذائي لها".
وبحسب معطيات وزارة الزراعة، فإن إسرائيل تستورد سنويا قرابة 4ر4 مليون طن من الحبوب، في حين أن 2ر1 مليون طن فقط موجهة لطعام البشر، و2ر3 مليون طن لإطعام البهائم (أبقار وماشية)، والدواجن والطيور، وذلك بكلفة إجمالية لاستيراد الحبوب تبلغ 6ر1 مليار دولار.
ويتضح من المعطيات ذاتها، أن ما تنتجه إسرائيل سنويا من الحبوب هو 150 ألف طن، مما يعني أنه لن يكون بالإمكان التنازل كليا عن الاستيراد، ولهذا فإن الهدف هو تقليص كميات الاستيراد وليس وقفه.
ويتضمن مشروع الوزارة عدة بنود أساسية، وعلى رأسها العمل على استغلال كافة الأراضي الزراعية في البلاد لغرض الزراعة النباتية (هناك أراض زراعية مخصصة لتربية الدواجن وحتى مصانع مواد غذائية)، على أن تكون هذه المزروعات بالأساس في قطاع الحبوب، من القمح والشعير والذرة والصويا.
كذلك فإن الوزارة تسعى إلى تشغيل أقمار اصطناعية لمراقبة الأراضي الزراعية والمزروعات من الجو، بحيث يخفف من كلفة الإنتاج، إذ أن بمقدور هذه الأقمار، كما هي الحال في فرنسا وغيرها، مراقبة احتياجات المزروعات أو قسم منها في قطعة الأرض الواحدة، بمعنى معرفة النباتات التي بحاجة إلى أسمدة أو النباتات المجاورة لها وبحاجة إلى مياه، بحيث يكون بقدرة المزارع التحكم بهذا من خلال الحاسوب، وضخ ما يلزم من مكانه من دون التوجه إلى الأرض، أو أن يوجه التراكتورات التي تعمل في الأرض، بدلا من أن تصرف كميات كبيرة من المياه والأسمدة لا تحتاجها كل النباتات.
ويتضمن المشروع تشجيع التطوير الجيني للمزروعات بهدف الحصول على أقصى ما يمكن من إنتاج.
"حرب استنزاف" ضد ومع رفع المخصصات الاجتماعية
على ضوء ارتفاع التضخم المالي بسبب ارتفاع المواد الغذائية الأساسية، وكون أن الشرائح الضعيفة والفقيرة التي تعتمد على المخصصات الاجتماعية، هي الأكثر تضررا من هذا الغلاء، فقد تعالت أصوات كثيرة تنادي برفع المخصصات الاجتماعية، وخاصة مخصصات الأولاد والمسنين.
وسارع وزير المالية، روني بار- أون، إلى إعلان أشبه "بحرب استنزاف" ضد رفع مخصصات الأولاد، كما ذكرت ذلك صحيفة "ذي ماركر". ونقلت الصحيفة عن "مقربين" من الوزير رفضه المطلق لرفع المخصصات، بزعم أنها تخرق إطار الموازنة العامة.
وقال المقربون إن بار- أون سيعرض على الطاقم الوزاري الخاص، الذي يبحث مسألة المخصصات، خطة لمواجهة استفحال الفقر وتعمقه، تعتمد بالأساس على زيادة ميزانيات وزارة التعليم، وتشجيع من هم خارج سوق العمل على الانخراط به، إضافة إلى توسيع مخططات باتت مقررة، مثل "الضريبة السلبية"، وهو نمط ضريبي من المفترض أن يطبق ابتداء من العام الجاري في بعض البلدات كنموذج، ويقضي بدفع أموال ضمن الراتب لعائلات فقيرة من التي يعمل رب أو ربة العائلة لديها.
كما يعارض بار- أون الاقتراح الذي قدمه وزير الرفاه، إسحق هرتسوغ، والذي يقضي بأنه بدلا من رفع المخصصات، تدخر الحكومة لكل ولد مخصصاته إلى أن يصبح في جيل 21 عاما، ويتسلمها دفعة واحدة.
ويرأس الطاقم الوزاري الخاص زعيم حزب "شاس"، الوزير إيلي يشاي، الذي يهدد بالانسحاب من الحكومة في حال عدم رفع مخصصات الأولاد على وجه الخصوص، كما أنه هو أيضا يرفض خطة وزير الرفاه التي تدعو لادخار المخصصات بدلا من دفعها لعائلات كثيرة الأولاد.
يذكر هنا أن كل عائلة في إسرائيل تتقاضى عن كل ولد لديها دون 18 عاما مخصصات مالية، جرى تخفيضها بأكثر من 40% ابتداء من العام 2002.
ويبلغ المخصص لكل ولد قرابة 170 شيكلا.