اقتصاد ومجتمع

* حوالي 247 ألف عاطل عن العمل بشكل كامل، و64 ألف عاطل عن العمل يئسوا من البحث عن مكان عمل، و139 ألف عامل يعملون بشكل جزئي * نسبة البطالة بين العرب تبقى الأعلى وهي أعلى من النسبة بين اليهود بما يتراوح بين 60% إلى 100% * نسبة البطالة بين من سنهم فوق 50 عاما تصل إلى 25% *

 

 

* حوالي 247 ألف عاطل عن العمل بشكل كامل، و64 ألف عاطل عن العمل يئسوا من البحث عن مكان عمل، و139 ألف عامل يعملون بشكل جزئي * نسبة البطالة بين العرب تبقى الأعلى وهي أعلى من النسبة بين اليهود بما يتراوح بين 60% إلى 100% * نسبة البطالة بين من سنهم فوق 50 عاما تصل إلى 25% *

 

كتب برهوم جرايسي:

 

دل مسح علميّ جديد لجمعية "محويفوت" (التزام) الإسرائيلية، صدر مؤخرًا، على أن العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل، بين بطالة كاملة وجزئية، وصل في نهاية العام 2005 إلى 450 ألف شخص، وهو ما يعادل 4ر16% من القوى العاملة في إسرائيل.

وهذا على الرغم من أن البطالة "الرسمية" (الكاملة) انخفضت في العام 2005 إلى مستوى 9%، بعد أن وصلت في العام 2003 إلى حدود 11%. ويقول معدو التقرير إن قادة الحكومة يهتمون بإبراز انخفاض البطالة في العام الماضي 2005، إلا أنه هناك الكثير من المعطيات التي تنقض ادعاء انخفاض البطالة، في العام الماضي، والعام الحالي المنتهي 2006.

وحسب التقرير فإن عدد القوى العاملة في إسرائيل بلغ في العام 2005 قرابة 75ر2 مليون عامل، ويقول التقرير إنه في السنوات الأخيرة طرأ ارتفاع على نسبة قوة العمل المدنية من بين من هم في جيل العمل، وذلك بنسبة 5%، لترتفع المشاركة من 50% إلى 55%، بمعنى أن هناك نسبة ليست محددة رسميا للعاملين في المجال العسكري، إضافة إلى المستقلين.

 

ويقول التقرير إن هذه النسبة عالية مقارنة بالوضع القائم في الدول المتطورة في العالم، وهذا الارتفاع ليس مرتبطا بتقليص مخصصات البطالة وزيادة عدد الملاكات، وإنما يعكس الارتفاع الكبير نسبيا في نسبة النساء العاملات، من 2ر38% قبل عشرين عاما، إلى نسبة 8ر49% في العام 2005.

وحسب التقرير فهذا نابع أيضا من ارتفاع المستوى التعليمي لدى النساء، وتغيير البنى العائلية، وبالأساس تراجع عدد الولادات للمرأة الواحدة، وسقوط حواجز اجتماعية كانت أمام النساء حين أردن التوجه إلى سوق العمل.

ورغم هذا، حسب التقرير، فإن نسبة القوة العاملة من بين من هم في جيل العمل في إسرائيل، تقل بنسبة ما بين 7% إلى 10% عن المعدل العام في الدول المتطورة. وهذا يعني أنه إلى جانب 450 ألف عاطل عن العمل، بشكل كامل أو جزئي، هناك 300 ألف شخص لم ينخرطوا في سوق العمل المدني.

ويؤكد التقرير أنه في العام 2005 جرى ارتفاع كبير في عدد العاملين في سوق العمل، ورغم هذا بقيت البطالة في إسرائيل من أعلى المعدلات في الدول المتطورة في العالم، باستثناء إسبانيا، إلا أن الغالبية الساحقة من العاملين الجدد في العام الماضي (2005) عملوا في وظائف بأجور متدنية، في حين أن الجزء الباقي من العاطلين عن العمل أصبحوا في حالة البطالة المزمنة.

وانعكس ازدياد عدد العاملين في إسرائيل، في العام الذي يعالجه التقرير، بالأساس في أعمال متدنية الأجور لا تضمن حياة كريمة، ففي العام 2005 نشأت 93 ألف فرصة عمل جديدة، وجزء منها كانت وظائف جزئية، كذلك فإن انضمام آلاف الأشخاص الذين عادوا إلى سوق العمل، لم ينجحوا في الخروج من دائرة الفقر بسبب تدني الأجور.

ويقول التقرير إن معدل الأجور لحوالي 642 ألف عامل هو 1933 شيكل، (440 دولار)، وهو يعادل 55% من الحد الأدنى للأجر، فيما يتلقى 50 ألف عامل في قطاع المطاعم رواتب لا تتعدى 1607 شيكل (375 دولار)، وهي تساوي 45% من الحد الأدنى للرواتب.

يذكر هنا أنه قبل عام تقريبا جرى سن قانون يفرض على أصحاب المطاعم إدخال "الإكراميات" التي يحصل عليها العاملون من الزبائن إلى إيصال الراتب ليتم احتسابها كجزء من الراتب عند إنهاء العمل في إطار احتساب التعويضات.

ويشير التقرير إلى أن البطالة تعمقت أكثر في السنوات الأخيرة، ففي حين أنه في العام 2002 كان حوالي 83 ألف عاطل عن العمل بحثوا عن عمل لفترة أكثر من ستة اشهر، فإن عددهم ارفع في العام 2003 إلى 106 آلاف عاطل عن العمل، وفي العام 2004 إلى 116 ألف عاطل عن العمل.

أما العاطلون عن العمل الذين بحثوا عن مكان عمل لمدة أكثر من عام، فقد كان عددهم في العام 2002 قرابة 35 ألف عاطل عن العمل، وارتفع العدد في العام 2003 إلى أكثر من 51 ألفا، وفي العام 2004 إلى أكثر من 67 ألف عاطل عن العمل.

إضافة إلى هذا فقد ارتفع عدد الذين يئسوا من البحث عن عمل، ففي حين كان عددهم في العام 2000 قرابة 35 ألفا، ارتفع في العام 2005 إلى أكثر من 64 ألف عاطل عن العمل، أما بالنسبة للذين يعملون في وظائف جزئية فقد كان عددهم في العام 2001 حوالي 79 ألف عامل، وقفز العدد في العام 2005 إلى 139 ألف عامل.

ويقول التقرير إن 450 ألف عاطل عن العمل ينقسمون على النحو التالي: 4ر264 ألف عاطل عن العمل، في بطالة كاملة، بينما هناك 139 ألف عامل يعملون بشكل جزئي، بمعنى أنهم عاطلون عن العمل جزئيا، و3ر64 ألف عاطل عن العمل يئسوا من البحث عن عمل.

 

 

البطالة بين العرب

 

يؤكد التقرير أن البطالة عند العرب هي أعلى بكثير مما هي عليه عند اليهود، وجاء في التقرير: "ظاهريا فإن المعطيات الرسمية تحدثت عن انخفاض في نسب البطالة بين العرب في العامين 2003 و2004، وأنها انخفضت من نسبة 4ر13% في العام 2002 إلى نسبة 5ر11% في العام 2003، والى 7ر10% في العام 2004.

إلا أنه بعد فحص معمق أكثر فإن الوضع لا يشير إلى تحسن وضعية التشغيل في الوسط العربي، وإنما بالذات استفحال أزمة البطالة، لأنه في تلك الفترة ارتفعت نسبة الذين يئسوا من البحث عن عمل من 1ر6% في العام 2002 إلى نسبة 9% في العام 2003 والى نسبة 4ر14% في العام 2004، بمعنى أن سبب انخفاض البطالة بين العرب لم يكن بسبب الخروج من دائرة البطالة والتوجه إلى سوق العمل، وإنما بسبب اليأس من التسجيل في مكاتب التشغيل بحثا عن عمل.

ورغم أن التقرير يتوقف بشكل جدي عند نسب البطالة بين العرب، إلا أنه لا يطرح كافة أسباب تراجع البطالة رقميا عند العرب، فبداية نشير إلى أنه على الرغم من التراجع المزعوم، إلا أن نسب البطالة بين العرب تفوق بنسبة 60% إلى 100% نسبتها بين اليهود، وفي كل شهر تصدر دائرة التشغيل تقريرا حول البلدات المنكوبة بالبطالة، وهي كل بلدة تعد أكثر من ألفي نسمة وفيها البطالة أكثر من 10%، ويصل في كثير من الأحيان أن القائمة تضم حتى 33 بلدة جميعها بلدات عربية، وأحيانا نجد بلدة يهودية، ولكنها سرعان ما تسقط عن القائمة في الشهر الذي يليه.

كذلك فإن تقرير دائرة التشغيل لا يشمل البلدات التي عدد سكانها أقل من ألفي نسمة، خاصة في قرى الجنوب (النقب)، وهناك نسب البطالة بين من هم في جيل العمل تصل أحيانا إلى 50%، كون أن العاملين يعملون في أعمال موسمية.

أما أسباب تراجع البطالة فنذكر منها كثرة التقييدات على مخصصات البطالة، ووضع عقبات أمام تسجيل العاطلين عن العمل، مما يضطر الكثير من العاطلين عن العمل للخروج من دائرة البطالة رغما عنهم، فإما يبقون من دون عمل، أو أنهم يتنقلون إلى فرص عمل عابرة لفترات قصيرة، أحيانا لا تتعدى بضعة أيام.

وهذا أمر عام يشمل كافة القطاعات وليس العرب لوحدهم، ولكنه كان ملموسا بشكل خاص بين العرب.

الأمر الآخر هو أن ليس جميع من هم في جيل العمل ينخرطون في سوق العمل، حيث أن نسبة النساء العربيات العاملات هي أقل بكثير من النسبة لدى النساء اليهوديات، رغم أن الفجوة تتقلص من عام إلى آخر، مع تبدل الأجيال.

وتشير بعض التقارير إلى أن نسبة النساء العربيات المنخرطات في سوق العمل تصل إلى 27% بينما هي لدى اليهوديات أعلى من 51%، وكلا النسبتان ترتفعان باطراد، ولهذا فإن قسما كبيرا من النساء العربيات لا يتوجهن إلى مكاتب التشغيل، ولو أن نسبة النساء العربيات العاملات مساوية للنساء اليهوديات لكانت نسبة البطالة أعلى بكثير مما هي عليه الآن بين العرب اليوم.

ويتوقف التقرير عند العاطلين عن العمل لسائر المواطنين (يهود وعربا) لمن هم من عمر 45 عاما وما فوق، وهي ظاهرة مستفحلة في إسرائيل، إذ أن العامل الذي يخرج من مكان عمله في مثل هذا الجيل، أو يتم فصله، فإن فرص انخراطه من جديد في سوق العمل صعبة للغاية، وهذا لأن أصحاب العمل يفضلون الأجيال الشابة، "فعلى ما يبدو فإن الخبرة المهنية ليست مقياسا عند أصحاب العمل"، كما يقول التقرير.

ويشير التقرير إلى أن هذه الظاهرة مزمنة، فمثلا في العام 1998، وحين كانت نسبة البطالة العامة في إسرائيل في حدود 6ر8%، فإنها بين من هم أكبر من 50 عاما، وصلت إلى 1ر14%، وفي حين كانت البطالة في العام 2000، حوالي 8ر8%، فإنها بين أولئك الذي تجاوزوا عمر 50 عاما وصلت إلى 4ر16%.

إلا أن الظاهرة استفحلت أكثر في السنوات الأخيرة، ويقول التقرير انه في حين تراوحت نسبة البطالة من العام 2001 إلى العام 2004 ما بين 3ر9% إلى 4ر10%، فإنها وصلت بين الذين تجاوزوا عمر 50 عاما إلى حوالي 25%.

وحتى الآن لم تظهر أية برامج اجتماعية رسمية تواجه هذه الظاهرة التي تستفحل من عام إلى آخر، وقد شكلت مجموعة من العاطلين عن العمل في هذا العمر المتقدم نسبيا جمعية تحاول الحصول على فرص عمل لمن هم في هذا العمر.

 

ما بعد العام 2005

 

يظهر هذا التقرير مع اقتراب نهاية العام الحالي 2006، وهو يتحدث عن معطيات سابقة، ولكن كل الدلائل والمؤشرات تقول إن المعطيات الواردة في التقرير بقيت على حالها في هذا العام، على أحسن حال، إن لم تزدد سوءا.

إذ يتبين من التقارير التي تظهر تباعا من فترة إلى أخرى أن نسبة البطالة لم تتغير في هذا العام منذ مطلعه، وقد بقيت على حالها، ولكن الجديد الذي سنقرأه حول هذا العام هو استفحال نسبة اليائسين من البحث عن العمل، وقد دفعتهم السلطات رغما عنهم إلى خارج قوائم التسجيل بفعل عدة عوامل.

ومن بين هذه العوامل زيادة الصعوبات للحصول على مخصصات البطالة، وإرسال العاطلين عن العمل إلى أماكن عمل ليست من اختصاصهم، وتسجيل عاطلين عن العمل رغما عنهم رافضي عمل لحرمانهم من مخصصات البطالة.

كما تخطط الحكومة في إطار ميزانية العام القادم 2007، التي من المفترض أن تقر حتى نهاية الشهر الجاري، لرفع عمر العامل الذي يستحق مخصصات البطالة من 20 عاما إلى 28 عاما، ولكن هذا إجراء يلقى معارضة قوية داخل الكنيست، وحتى في داخل الائتلاف. ويقدر بعض المراقبين ان يتم البحث عن تسوية، لإيجاد حل وسط، بمعنى عمر ما بين الاثنين، إلا أن هذا الإجراء إن كان كما تريده الحكومة أو اقل سيساهم هو الآخر في إخراج آلاف العاطلين عن العمل من سجلات دائرة التشغيل، كونهم سيبحثون بأنفسهم عن مكان عمل، دون أن يكونوا مسجلين كعاطلين عن العمل.

وهذا هو الارتفاع الثاني في كتاب القوانين الإسرائيلي لعمر مستحقي البطالة، ففي الماضي كانت مخصصات البطالة تعطى أيضا لمن أنهى 18 عاما وخرج إلى سوق العمل ولم يجد مكانا له، إلا أنه منذ أكثر من 15 عاما تم رفع هذا العمر إلى 20 عاما، وهذا لأن الشبان اليهود من المفترض أنهم يخدمون في الجيش حين يصلون إلى عمر 18 عاما، وبذلك يكون العرب هم المستفيدون الوحيدون من القانون.

إلا أن العامل الأكبر في تراجع أعداد العاطلين عن العمل كان في العام 2006، ما يسمى بمشروع فيسكونسين، الذي جرت معالجته سابقا في "المشهد الإسرائيلي". ويجري الحديث عن مشروع هولندي جرى تطبيقه لأول مرة في ولاية فيسكونسين الأميركية، وهو عبارة عن تكليف شركات خاصة بالبحث عن عمل لمن أنهوا فترة البطالة (من أربعة أشهر إلى ستة أشهر) دون أن يجدوا مكان عمل، وانتقلوا إلى ما يسمى بفترة "ضمان الدخل"، ويكون على العاطل عن العمل، مهما كثرت مؤهلاته القبول بأي فرصة عمل عرضت عليه، كما أن المخصصات التي يحصل عليها في تلك الفترة هي أقل من الحد الأدنى للأجر.

وتتقاضى هذه الشركات أرباحًا عن كل عامل تم إخراجه من سجلات العاطلين عن العمل، ولأجل هذا فإن هذه الشركات تضع العاطلين عن العمل في ظروف غير إنسانية مهينة إلى درجة كبيرة، وفي غالب الأحيان تفرض عليهم أعمالا من دون مقابل (مقابل المخصصات) لا تلائمهم، مثل اعمال التنظيف وغيرها.

وهذا بهدف تيئيس العاطلين عن العمل وإرغامهم على ترك المؤسسة، وقد تم تطبيق هذا المشروع منذ النصف الثاني للعام 2005 وطيلة العام 2006 في أربع مناطق، غالبيتها عربية، وشملت نحو 23 ألف عاطل عن العمل.

وتعتزم الحكومة، كما يظهر من ميزانية الدولة للعام القادم 2007، توسيع نطاق المشروع إلى مناطق أخرى، رغم الرفض الواسع داخل أروقة الكنيست.