كبير المعلقين في "يديعوت أحرونوت": الميزانية الأمنية الإسرائيلية ستبقى على ما هي عليه وربما ستزداد

اقتصاد ومجتمع

* عدد الفقراء في العام 2006 بلغ قرابة 6ر1 مليون نسمة، والتقديرات تشير إلى أن قرابة 60% منهم من أبناء عائلات العاطلين عن العمل كليا أو جزئيا * ضرب مخصصات البطالة وضمان الدخل أفقد دور هذه المخصصات في حماية العاطلين عن العمل من السقوط في دائرة الفقر*

 

يؤكد تقرير جمعية "محويفوت" (التزام)، الذي ظهر في الآونة الأخيرة، حول مقاييس الفقر في العام 2005 في إسرائيل على أن البطالة هي عنصر هام في استفحال الفقر في السنوات الأخيرة، وهذا ناجم عن عدة أسباب، منها تعمق البطالة، وانخفاض مخصصات البطالة.

 

وكانت جمعية "محويفوت" قد أصدرت تقريرها في الشهر الجاري، وعالج "المشهد الإسرائيلي" في عدده السابق عمق البطالة وحجمها في إسرائيل في العام الماضي 2005، إذ توصل التقرير إلى استنتاج مفاده أن عدد العاطلين عن العمل في العام الماضي بلغ 450 ألف شخص بين بطالة كاملة وجزئية، وهو ما نسبته 4ر16% من قوى العاملة.

وينقسم العاطلون عن العمل على النحو التالي: 4ر264 ألف عاطل عن العمل في بطالة كاملة، بينما هناك 139 ألف عامل يعملون بشكل جزئي، بمعنى أنهم عاطلون عن العمل جزئيا، و3ر64 ألف عاطل عن العمل يئسوا من البحث عن عمل.

وقد أبرز التقرير أن تراجع مخصصات البطالة، وبالتالي تدني المستوى المعيشي للعاطلين عن العمل، خاصة الذين أصبحت البطالة حالة مزمنة لديهم، حولهم إلى قطاع بارز بين جمهور الفقراء في إسرائيل، وأيضا تسبب في ازدياد الفجوات في المداخيل.

يذكر أن عدد الفقراء حتى نهاية العام 2005 بلغ قرابة 6ر1 مليون نسمة، في حين أن عدد العاطلين عن العمل كليا أو جزئيا بلغ في نفس العام 450 ألفا حسب تقرير جمعية "محويفوت"، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن الغالبية الساحقة لهؤلاء هم من أرباب العائلات، فإن أبناء عائلات العاطلين عن العمل يشكلون أكثر من 60% من الفقراء في إسرائيل، في حين أن هناك نسبة كبيرة من الفقراء هم من المسنين.

ويشير التقرير إلى أنه في العام 2005 ازدادت الفجوة في المداخيل إلى درجة ليست مسبوقة، وبعد أن تم تقسم أصحاب المداخيل إلى عشر مستويات، يقول التقرير إنه في حين كانت حصة العُشر الأول (الأعلى) من مجمل الدخل الوطني في العام 2000 هي 3ر34% فإنها ارتفعت في العام 2005 إلى 7ر34%، وفي المقابل فإن مجمل مداخيل الأعشار الخمسة الأدنى (نصف أصحاب المداخيل) كان في العام 2000 حوالي 4ر15% من مجمل الدخل الوطني، وهبط في العام 2005 إلى 2ر14%، بمعنى أن مداخيل العشر الأعلى أكثر بـ 244% من مداخيل نصف الأجيرين في إسرائيل.

ويجري الحديث هنا عن الدخل غير الصافي، بمعنى قبل خصم الضرائب وأيضا الامتيازات والضمانات الاجتماعية التي يتم توفيرها للأجيرين.

ومن الجدير ذكره أن مخصصات البطالة التي تدفع للعاطلين عن العمل من مؤسسة التأمين الوطني (الضمان الاجتماعي) هي ضمان اجتماعي يدفعه الأجيرون سلفا لتلك المؤسسة الحكومية، إذ يدفع الأجير شهريا نسبة 35ر5% من راتبه غير الصافي تأمينًا في حال البطالة والإصابة والإعاقة، وإفلاس صاحب العمل، كذلك مقابل تأمين مخصصات شيخوخة (وليس راتبا تقاعديا يتم تأمينه عبر شركات خاصة).

إلا أن هذه المخصصات تسيطر عليها الحكومة، بمعنى أن مؤسسة الضمان الاجتماعي لا تتعهد مسبقا بحجم هذه المخصصات ومدة دفعها، بل هو أمر مشروط بقرارات وقوانين رسمية، وفي السنوات الأخيرة تم ضرب هذه المخصصات بتخفيضها بدرجة كبيرة، كذلك تم تقصير مدة استحقاقها.

ويقول التقرير إنه في العقد الأخير تم توجيه ضربة جدية لقانون تأمين البطالة، وخاصة منذ العام 2002، فعلى الرغم من ازدياد عدد العاطلين عن العمل، إلا أن تشديد شروط الحصول على مخصصات البطالة أدى إلى بلوغ عدد الذين حصلوا على مخصصات البطالة في العام 2004 شهريا حوالي 3ر58 ألف، وهم يشكلون 21% من العاطلين عن العمل، في حين أن الذين حصلوا على مخصصات البطالة في العام 2001 بلغ شهريا 105 آلاف، وكانوا يشكلون 45% من العاطلين عن العمل في حينه.

كذلك فإنه في المجمل العام هبطت نسبة العاطلين عن العمل الذين حصلوا على مخصصات البطالة من 40% في العام 2001 إلى 20% في العام 2004.

إلا أن الأمر يستفحل أكثر عند أولئك الذين ينهون فترة مخصصات البطالة، وهي من أربعة أشهر لمن هم دون سن 35 عاما، وحتى سبعة اشهر لمن هم ما فوق 35 عاما، إذ يتم تحويلهم إلى قسم الرفاه للحصول على ضمان تأمين الدخل، ومن أجل الحصول على تلك المخصصات يجب أن تكتمل سلسلة من الشروط التعجيزية، ومن بينها أن لا تكون زوجة طالب تلك المخصصات تعمل، وأن لا تكون بحوزته أية سيارة أو حتى قطعة أرض يملكها بالوراثة للغرض الذاتي وليس التجاري.

كذلك فإن تلك المخصصات شحيحة جدا، وبعيدة عن الحد الأدنى من الأجر. ويقول التقرير إن العام 2003 شهد أكبر حجم من التقليصات في هذه المخصصات، وحسب تقارير مؤسسة التأمين الوطني، فإن هذه التقليصات وجهت ضربة اقتصادية قاسية جدا لنحو مئة ألف عائلة تعيش دون خط الفقر.

وكنتيجة مباشرة لتقليص هذه المخصصات، فقد تم حرمان خمسة آلاف عائلة من هذه المخصصات، عدا عن أنه تم تقليص مدخول كل عائلة بحوالي 140 دولارا، وحتى أنه في بعض الحالات تم تقليص الضعفين، أي حوالي 280 دولارا شهريا، لأن التقليص وصل في كثير من الأحيان إلى نسبة 30%.

كذلك فإن التقليصات والشروط القاسية شملت المعاقين، ومن بينهم 36 ألف شخص يعانون من مشاكل صحية ومتقدمين بالسن، ويتم إجبارهم على المثول في مكاتب التشغيل، أشبه بالإقامة الإجبارية، من أجل الحصول على هذه المخصصات الشحيحة.

ويؤكد التقرير أنه على ضوء هذه التقليصات فإن هذه المخصصات فقدت الكثير من قوتها في حماية عشرات آلاف العائلات وإنقاذها من دائرة الفقر في إسرائيل. وجاء في تقرير مؤسسة التأمين الوطني: "إن تخفيض مخصصات ضمان الدخل كان بنسب غير معقولة، وقد مزقت شبكة الأمان الاجتماعية لعائلات في ضائقة اقتصادية، وتهدد قدرتها على الحياة".

وتشير العناوين العريضة لميزانية الدولة للعام القادم 2007، التي من المفروض أن تقر في الأيام المقبلة، إلى أن الوضع القائم لن يتغير في كل ما يتعلق بمخصصات البطالة وتأمين الدخل، لا بل سيجري تشديد الشروط بشكل أكبر، ومن بين تلك الشروط رفع عمر استحقاق مخصصات البطالة من 20 عاما إلى 28 عاما.

كذلك فإن جميع مخصصات التأمين الوطني ستشهد تقليصا بنسبة 4% مما يعني توجيه ضربة إضافية لكل الشرائح الضعيفة والفقيرة، ومن بينها العاطلون عن العمل الذين تشكل هذه المخصصات الاجتماعية المدخول المركزي والأساس في حياتهم اليومية.