اتساع ظاهرة "هروب الأدمغة" بين ضباط الجيش الإسرائيلي

تقارير، وثائق، تغطيات خاصة

أظهر تقرير الفقر الرسمي الصادر عن مؤسسة الضمان الاجتماعي الحكومية (مؤسسة التأمين الوطني) هذا الشهر، عن العام الماضي 2016، أن الفقر سجل ارتفاعا طفيفا على مستوى الأفراد وتراجعا في عدد الأفراد، مقارنة مع نسبته في العام الذي سبق، 2015، مما يدل على أن الفقر بات أكثر في العائلات كثيرة الأولاد. إلا أن الفقر بقي أكثر عمقا بين العرب، ففي حين "أنقذت" المخصصات الاجتماعية قبل سنوات قليلة 11% من العائلات العربية، فقد هبطت النسبة في 2016 إلى 1ر6%، في حين أن المخصصات ذاتها "أنقذت" 5ر46% من العائلات اليهودية.

وحسب تقرير الفقر ذاته، فقد بلغ عدد الذين كانوا تحت خط الفقر في العام الماضي 809ر1 مليون نسمة، من بينهم 39% من العرب، في حين أن نسبتهم وفق التقرير الذي يستند على تعداد سكاني يشمل القدس والجولان المحتلين، 21% من السكان. كذلك قال التقرير، إن عدد الأطفال الفقراء وحدهم بلغ 843 ألف طفل، وعدد العائلات الفقيرة بلغ 463 ألف عائلة.

خط الفقر

رفعت مؤسسة الضمان الاجتماعي خط الفقر للعام الماضي بما يزيد عن نسبة 8ر3%، مقارنة مع العام 2015، بعد الأخذ بالحسبان سلسلة من ارتفاع الاسعار وكلفة الحياة، رغم أن التضخم المالي سجل في العام الماضي 2015 نسبة "سلبية"، 2ر0%.

وفي عرضنا لخط الفقر، أجرينا حساب الدولار هنا على أساس أن سعره التبادلي هو 7ر3 شيكل للدولار، في نهاية العام 2016. وقال تقرير الفقر إن خط الفقر بالنسبة للفرد الواحد 3260 شيكلا (881 دولارا)، أما بالنسبة لعائلة من شخصين، فإن خط الفقر بات 5216 شيكلا (1407 دولارا)، وثلاثة أشخاص 6911 شيكلا (1867 دولارا)، وأربعة أشخاص 8345 شيكلا (2255 دولارا)، وخمسة أشخاص 9779 شيكلا (2643 دولار)، وستة أشخاص 11085 شيكلا (2995 دولارات)، وسبعة أشخاص 12387 شيكلا (3348 دولارا)، وثمانية اشخاص 13560 شيكلا (3664 دولارا)، وتسعة أشخاص 14150 شيكلا (3947 دولارا).

الفقر العام وبين العرب

وقال التقرير إن الفقر بين الجمهور العام ارتفع من 7ر21% في العام 2015، إلى 22% في العام الماضي 2016، إلا أنه هبط على مستوى العائلات، من 1ر19% في العام 2015 إلى 6ر18% في العام الماضي 2016. وعلى مستوى الشرائح، هبط الفقر بين العائلات اليهودية من 8ر13% في العام قبل الماضي إلى 3ر13% في العام الماضي. بيد أن الفقر بين عائلات الحريديم وحدهم ارتفع من 6ر44% إلى 1ر45%، ما يؤكد أن الفقر بات يتركز أكثر في العائلات كثيرة الأولاد.

وعلى أساس هذه النسب، واستنادا إلى تقدير أن الحريديم يشكلون حوالي 15% من اجمالي اليهود الإسرائيليين، فإن نسبة الفقر بين اليهود من دون الحريديم باتت في حدود 8%، وهي قريبة جدا من نسبة الفقر في الدول المتطورة. ويشار إلى أن "الحريديم" يتميزون بكثرة الأولاد في العائلة الواحدة، إذ يصل معدل الولادات للأم الواحدة 7 ولادات، مقابل 4ر3 ولادة للأم العربية الواحدة.

أما بين العرب، ولأول مرّة منذ أربع سنوات، أعلنت مؤسسة الضمان الاجتماعي أنها "نجحت" في شمل شريحة من بلدات النقب في الجنوب، الذين يقدر تعدادهم بنحو 230 ألف نسمة، وهم يشكلون ما نسبته 3ر15% من اجمالي فلسطينيي الداخل، من دون القدس ومرتفعات الجولان السورية المحتلة، الذين تضمهم إسرائيل إلى تعداد سكانها بفعل قانون الضم الاحتلالي.

وكانت مؤسسة الضمان قد امتنعت، منذ العام 2011 وحتى العام 2015، عن إجراء استطلاع لأوضاع الفقر في البلدات العربية في النقب، بزعم عدم قدرتها على حصر شريحة نموذجية، بينما "نجحت" في هذا في تقريرها عن العام 2016. إلا أنه من الجدير ذكره أن قرابة 40% من أهالي النقب يعيشون في بلدات ترفض السلطات الإسرائيلية الاعتراف بوجودها على الأرض، وهذه البلدات، المحرومة من كافة البنى التحتية والمرافق الحياتية الأساسية، تسجل فيها أعلى نسبة للفقر في البلاد على الإطلاق، كما تبقى نسبة الفقر بين عرب النقب عامة هي الأعلى.

وبموجب تقرير الفقر، سجل الفقر هبوطا لكنه ازداد عمقا. فقد هبط الفقر على مستوى الأفراد من 8ر54% إلى 2ر52%. وعلى مستوى العائلات، هبطت النسبة من 3ر53% إلى 7ر49%. وهبطت بين الأطفال من 6ر65% إلى 62% في العام الماضي 2016. وقد يكون هذا التراجع متأثرا برفع الحد الأدنى من الأجر وبرفع طفيف لمخصصات الأولاد التي تتلقاها العائلات عن كل ولد لديها دون سن 18 عاما.

عمق الفقر

 كل النسب النهائية التي يرتكز عليها تقرير الفقر هي بعد دفع المخصصات الاجتماعية، على مختلف أنواعها، من مخصصات أولاد وبطالة وضمان دخل ومخصصات شيخوخة ومخصصات الإعاقات الجسدية، وهي عادة ما تكون بمستوى واحد لكل المواطنين. والفارق في مخصصات الشيخوخة يعود إلى عدد سنوات العمل المنظم. وهذا مقياس لا يخدم المسنين العرب، الذين كانوا، في غالبيتهم، محرومين من العمل المنظم في سنوات مضت.

ويقول التقرير إن نسبة الفقر العامة على مستوى العائلات بلغ ما يلامس 29%، وبعد دفع المخصصات هبطت إلى 6ر18%. أي أن المخصصات رفعت قرابة 36% من العائلات الفقيرة إلى ما فوق خط الفقر، ولكنها على أرض الواقع ما تزال في دائرة الفقر.

ويرى التقرير أن 8ر24% من العائلات اليهودية هي عائلات تحت خط الفقر، قبل دفع المخصصات. في حين أن نسبة عائلات الحريديم الفقيرة، قبل المخصصات، بلغت 7ر58%؛ ما يعني أن نسبة العائلات اليهودية غير الحريديم، التي هي في دائرة الفقر قبل المخصصات، بلغت 9ر17%. أما بين العرب، فإن نسبة العائلات الفقيرة قبل دفع المخصصات بلغت 7ر52%.

ورأينا حسب التقرير، إنه بعد دفع المخصصات، تم رفع 5ر46% من العائلات اليهودية إلى ما فوق نسبة الفقر. وبين الحريديم وحدهم، "أنقذت" المخصصات 1ر23%. أما بين العرب، فقد "أنقذت" المخصصات الاجتماعية 1ر6% من العائلات الفقيرة ورفعتها إلى ما فوق خط الفقر.

وحسب التقرير، فمن عام إلى آخر يخف عمق الفقر بين العائلات اليهودية، ويزداد استفحالا بين العرب. ففي العام 2015، تم "إنقاذ" 5ر44% من العائلات اليهودية، مقابل 5ر46% في العام 2016. أما بين العرب، فقد رفعت المخصصات الاجتماعية في العام 2014 ما نسبته 8% من العائلات الفقيرة، وفي العام 2015 نسبة 3ر7%، لتهبط النسبة في العام الماضي إلى 1ر6%.

وكما ذكر، فإن الفقر المدقع لدى العرب ما زال عميقا جدا، على الرغم من عدة عوامل.

الفقر من دون القدس المحتلة

وكما في التقارير السابقة، تضمن التقرير الحالي جدولا للفقر العام من دون القدس الشرقية المحتلة. ويظهر من النسب التي نشرت، وبعد احتسابها بأعداد الفقراء بشكل عام وتقدير عدد الفلسطينيين في القدس المحتلة بأكثر من 320 ألف نسمة، أنه تم احتساب الفقر بينهم بموجب النسب المعلنة بين العرب بشكل عام. وهذا مما لا شك فيه احتساب تقديري، نظرا إلى أن الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية في القدس المحتلة هي أقرب إلى الأوضاع في صحراء النقب، حيث نسب الفقر أعلى بكثير من المناطق الأخرى.

وهكذا، فمن دون القدس، تهبط نسبة الفقر العامة بين العائلات من 6ر18% إلى 9ر17%، وبين الأفراد من 22% إلى 5ر20%. وعلى أساس هذه النسبة، وعلى اعتبار أن أهالي القدس الشرقية المحتلة بلغ عددهم مع نهاية العام الماضي 2016 حوالي 320 ألف نسمة وشكلوا ما نسبته 8ر3% من إجمالي تعداد السكان الرسمي في إسرائيل، بفعل قانون الضم المرفوض عالميا، فإن نسبة الفقر على مستوى السكان الفلسطينيين بلغت 40%، وهذا يعني أنها أقل من نسبة الفقر بين فلسطينيي الداخل.

تقرير الفقر البديل

وأصدرت جمعية "لتيت" (عطاء) تقريرها السنوي، الذي تطلق عليه اسم "تقرير الفقر البديل"، والذي أظهر أن تقرير الفقر غيّب 700 ألف مواطن هم في دائرة الفقر. وهذه جمعية تشكل السقف الأعلى لـ 180 جمعية تقدم مساعدات غذائية ووجبات ساخنة للعائلات الجوعى.

وقالت الجمعية إن نسبة الفقر في إسرائيل هي 29%، وليس 22% كما ظهر في تقرير الفقر الرسمي. وهي النسبة نفسها التي وردت في تقرير الجمعية ذاتها. ولكن إذا عدنا إلى التقرير الرسمي، فسنجد أن نسبة الفقر الحقيقية هي 29% فعلا، وتهبط إلى 22% بعد دفع المخصصات الاجتماعية، التي ترفع الفقراء قليلا عن خط الفقر، ليخرجوا رسميا من دائرة الفقر، بينما هم يعيشونه في واقع الأمر. واستنادا إلى تقرير الجمعية، فقد بلغ عدد الفقراء في العام الماضي 5ر2 مليون نسمة، وليس 8ر1 مليون، كما ورد في التقرير الرسمي.

وتقول "لتيت" إن مؤسسة الضمان الاجتماعي تعتمد في تقريرها على طريقة احتساب قائمة في الدول المتطورة، بمعنى احتساب مداخيل العائلات، على أساس استطلاع واسع النطاق. بينما تتبع "لتيت" حسابا آخر يأخذ سلسلة من الاحتياجات الحياتية، وعلى أساسها تتوصل إلى استنتاجاتها.

وقالت "لتيت" إن 48% من الذين تم استطلاعهم عانوا من انقطاع التيار الكهربائي في بيوتهم، بسبب التأخر في تسديد الالتزامات، وإن 48% اضطروا إلى تقليص وجباتهم الغذائية بسبب الصعوبات المالية التي يعيشونها. كما تنازل 4ر50% عن علاجات طبية، بسبب ضيق الحال أيضا. وقال 46% إنهم لم يسعوا إلى زيادة تحصيلهم العلمي، بسبب عدم القدرة على تسديد الأقساط وعدم القدرة على التفرغ للدراسة على حساب العمل.
كما يقول التقرير إن 47% من الذين تم استطلاعهم قالوا إنهم كانوا في ما مضى ضمن الشرائح الوسطى، وساءت أوضاعهم الاقتصادية، وتدهوروا إلى دائرة الفقر. وقال 63% من بين هذه الشريحة إن السبب هو تدني مستوى رواتبهم و64% إنهم لا يحصلون على حقوق اجتماعية، فيما قال 77% من الشريحة ذاتها إنهم يفتقرون إلى الانتظام في وجباتهم الغذائية من حين إلى آخر، نتيجة لأوضاعهم الاقتصادية الاجتماعية.