"الليكود" ضد ضم "العمل" إلى الحكومة

وثائق وتقارير

شدد المتحدثون باسم المؤسسة العسكرية على أهمية الإطلاق الجديد في تعزيز "التفوق النوعي" لإسرائيل. وقال رئيس قسم المعدات في سلاح الجو بأن "القمر الجديد يحسن قدراتنا ويحسن بشكل جوهري قدرات دولة إسرائيل" ثم أردف "قلة من دول العالم تستطيع القيام بما قمنا به"!!

 

 في يوم 11 حزيران (2007) أعلنت إسرائيل في أجواء احتفالية لم تخل من طنطنة إعلامية صاخبة ومقصودة، أنها أطلقت بنجاح فجر اليوم ذاته (الاثنين) القمر الصناعي التجسسي "أوفك -أفق-7"، مشيرة إلى أن هذا القمر الذي أطلق إلى الفضاء بواسطة صاروخ من صنع إسرائيلي، اتخذ مداره وبدأ بالدوران حول الكرة الأرضية بعد ساعتين من إطلاقه من قاعدة "بلماحيم" القريبة من تل أبيب.

 

ومن متابعة الأجواء وتصريحات التهليل الإعلامي التي ملأت جو إسرائيل وقنواتها الإعلامية، الأرضية والفضائية، بعيد الإعلان عن "الإطلاق الناجح لقمر أوفك7"، والذي جاء بشكل لا يخلو على الأرجح من أكثر من رسالة ومقصد- بالتزامن مع ارتفاع إيقاعات دق طبول حروب جديدة في الشرق الأوسط ومناورات عسكرية حثيثة تأهباً لاحتمال شنها من جانب قطبي التحالف الإستراتيجي في المنطقة، الولايات المتحدة وإسرائيل- خُيِّل وكأن هذا الإطلاق- التجسسي الحربي- أطْلَقَ معه وفي ذات الوقت والسياق سباقاً إعلامياً ودعائياً مكثفاً ومتناغماً إلى حد التطابق أحياناً، ملعبه كبار المسؤولين والساسة في المؤسسة الرسمية الإسرائيلية بشقيها الرئيسين، العسكري والمدني، ومعهم بالطبع سائر محطات وقنوات البث الإسرائيلي، العامة والخاصة، انخرط فيه جميع هؤلاء في مباراة وصف ومديح للمزايا والأبعاد والفوائد والأهداف الكامنة والمعولة على القمر الصناعي العسكري الجديد، هيأت أو حاولت أن تُهيئ للمستمع والمشاهد، العربي والأعجمي ربما قبل الإسرائيلي، أن أهمية وثقل قمر "الأفق السابع"، رغم أنه من "الوزن الخفيف" (300 كغم) يضاهيان أطنان الفشل والهزيمة الثقيلة التي منيت بها إسرائيل وآلتها العسكرية في حرب الصيف الماضي في لبنان، والتي تندرج في تقديرنا كل هذه الزوبعة الإعلامية والاحتفالية حول هذا الحدث (الإطلاق) في محاولات الحد من أضرارها ومسح عارها عن جبين المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، فضلاً عن غايات ومآرب أخرى داخلية وخارجية.

 

فقد صرَّح وزير الدفاع الإسرائيلي (المستقيل) عمير بيرتس، الذي كان هذا "الإطلاق" كما يبدو أول وآخر "حدث سعيد" قبل ساعات من نهاية فترة ولايته الخائبة لحقيبة الدفاع وتنازله عن مفاتيحها لخلفه الجديد في زعامة حزب "العمل" إيهود باراك، بأن نجاح إطلاق قمر التجسس أُفق7 "يضيف لبنة مهمة لأمن إسرائيل وقدراتها الدفاعية" وأنه "شاهدٌ على قوة وتطور التكنولوجيا الإسرائيلية" حسب تعبيره.

 

نائب وزير الدفاع (العمالي أيضاً) إفرايم سنيه تمادى بدوره أكثر في وصف الحدث، بقوله إن إطلاق القمر "يجسد حقيقة انتماء إسرائيل إلى النادي الحصري لممتلكي القدرة على إطلاق أقمار صناعية إلى الفضاء الخارجي" وزاد متباهياً في تصريحاته بأنه ما من "دولة بحجمنا" في العالم "تمتلك قمراً صناعياً في الفضاء".

 

وشدد المتحدثون باسم المؤسسة العسكرية على أهمية الإطلاق الجديد في تعزيز "التفوق النوعي" لإسرائيل على أعدائها وخاصة في الجانب الاستخباراتي. وفي تفصيل بعض الشيء لهذا الوصف المعظِّم لأهمية نجاح الإطلاق قال رئيس قسم المعدات في سلاح الجو الإسرائيلي كوبي بورطمان بأن "القمر الجديد يحوي تحسينات عَمِلَ على إدخالها أفضل العلماء والفنيين الإسرائيليين". وأضاف "هذا بالتأكيد يحسن قدراتنا ويحسن بشكل جوهري قدرات دولة إسرائيل" ثم أردف مفاخراً "قلة من دول العالم تستطيع القيام بما قمنا به".

 

وفيما حاول متحدثون رسميون استبعاد وجود صلة بين إطلاق القمر التجسسي الجديد مع ما تزامن من تقارير ومزاعم استخبارية تحدثت عن "استعدادات عسكرية في سورية" لحرب محتملة مع إسرائيل، لم يُخفِ متحدثون ومسؤولون لهم صلة بالبرامج العسكرية لأنشطة الفضاء الإسرائيلية ارتباط إطلاق القمر الجديد، بمهام تجسسية ذات أهداف حربية محددة، وخاصة في ما يتعلق بتنامي ما يوصف بـ "التهديد الإيراني".

 

فقد أكد رئيس برنامج الفضاء التابع لوزارة الدفاع حاييم إيشد في تصريحات أدلى بها لإذاعة الجيش الإسرائيلي أن القمر (أفق7) سيساعد إسرائيل على "التعامل مع المسألة الإيرانية". ونقلت نفس الإذاعة عن مصدر عسكري رفيع قوله أن "أفق7" الذي التحق بقمر التجسس العسكري "أفق5" الذي يدور في الفضاء منذ ما يقارب الخمس سنوات "سيؤمن مراقبة أفضل لبلدان بعيدة بما فيها إيران".

 

وقال خبراء إسرائيليون إن الزبائن المركزيين للقمر الجديد هم سلاح الجو وشعبة الاستخبارات العسكرية، وأضافوا إن قمري "أفق"7 و "أفق5"، "يوفران الآن صورة أكمل حول ما يجري في الدول العربية وإيران".

 

أفق7... الخلفية والتوقيت

 

غير أن متابعة التقارير العلنية التي نشرت في إسرائيل وتعليقات المختصين حول عملية الإطلاق الناجحة لقمر "أفق7" لا تتيح توكيد الإنجازات والنجاحات التي أسندت للقمر التجسسي الإسرائيلي الجديد، إذ ينبغي النظر إلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين العلنية حول مواصفاته والفوائد والاستخدامات المعولة عليه بكثير من التحفظ والحذر لأنها تظل في المحصلة النهائية معلومات استخبارية تقف أغراض ومآرب مدروسة سلفاً وراء نشرها وترويجها، وبطبيعة الحال فإن إسرائيل، التي تتقن عادة لعبة الدعاية و"الحرب النفسية"، معنية دائماً بإبقاء خصومها (العرب والإيرانيين) في غفلة من حقيقة الدور الاستخباراتي لأقمارها الصناعية.

 

ففي هذا الإطار، وضمن سياسة "الغموض الهادف" رفض رئيس برنامج الفضاء حاييم إيشد إعطاء الصحافيين أية معلومات عن القمر التجسسي الجديد، الذي أطلق إلى الفضاء الخارجي من قاعدة "بلماحيم" الجوية على متن صاروخ "شافيط"، لكنه قال إن نظيره "المدني"، أي القمر الصناعي الإسرائيلي "آروس" الذي تستخدمه إسرائيل في مهمات تجسسية أيضاً، "قادر على تصوير أشياء صغيرة يمكن أن يصل قطرها إلى 70 سنتمتراً".

 

واستناداً لتقارير صحافية نشرت في إسرائيل فإن من خصائص القمر الجديد "أفق7"- الذي يعد السابع في سلسلة أقمار التجسس الإسرائيلية- أنه يزن 300 كغم، طوله 3ر2 م وقطره 2ر1 م، وأنه مزود بكاميرات عالية الدقة وجهاز رادار متطور يتيحان له رصد وتصوير أهداف أرضية بوضوح ودقة كبيرين من ارتفاع 400-600 كم عن سطح الأرض، وعلى مدار 24 ساعة في اليوم وأياً كانت الأحوال المناخية، وهو ما لم يكن متوافراً- حسب المصادر الإسرائيلية- في ما سبقه من أقمار تجسس عسكرية إسرائيلية.

 

وقال مدير وكالة الفضاء الإسرائيلية إسحق بن يسرائيل مفاخراً "إنه القمر الوحيد في العالم الذي يجمع بين هذا الوزن والأداء"، وأضاف "هذا المستوى غير متاح إلاّ في الأقمار الأميركية الثقيلة" وتوقع أن يعزز القمر الجديد "التعاون والمشاركة في المعلومات" بين إسرائيل والولايات المتحدة. وفيما أبقى المسؤولون تكلفة القمر الجديد، الذي أنتجته مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية، طي الكتمان (تقدر ما بين 50 مليون إلى 80 مليون دولار)، فقد اختلف المراقبون الإسرائيليون في الإشارة إلى العمر الافتراضي لهذا القمر، إذ قال بعضهم إنه أربع سنوات، وقال آخرون إنه ست سنوات. يشار إلى أن قمر "أفق5" يحلق في الفضاء منذ خمس سنوات ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه سيخدم خمس سنوات أخرى.

 

وفيما قال بعض المراقبين والخبراء إن القمر الجديد لا يمثل قفزة علمية وعملياتية بالنسبة للاستخبارات الإسرائيلية، وإنه "يبقى مفردة صغيرة تحتاج إلى أخذ مكانها والمزاحمة بين مفردات كثيرة وبالتالي لن تقدم أي جديد، حتى على صعيد الهدف الاستخباري الأول والأهم المعلن للقمر (إيران ومنشآتها النووية) في ضوء حقيقة أن حلفاء إسرائيل الأميركيين، وغير الأميركيين، يوجهون عيون عشرات أقمار التجسس على إيران"، رأى مراقبون آخرون أن نجاح إطلاق "أفق7" وما يُنَسُب له من مزايا وخصائص تكنولوجية، يعيد الثقة إلى المؤسسة العلمية- الأمنية الإسرائيلية بعد فشل إطلاق قمر التجسس السابق، من نفس السلسلة "أفق 6"، وسقوطه محترقاً في البحر، عند إطلاقه قبل نحو ثلاث سنوات (في أيلول العام 2004).

 

إلى ذلك، فإن الطنطنة الإعلامية والاحتفالية الكبيرة التي رافقت إعلان المسؤولين الإسرائيليين عن الإطلاق الناجح لقمر "أفق7" تدخل في تزكية حسابات واعتبارات عسكرية وسياسية إسرائيلية داخلية أيضاً ليس أقلها البحث عن تقديم "إنجاز معنوي" يرفع معنويات الجمهور الإسرائيلي المثبطة ويحاول استعادة بعض ثقته الهابطة بقادته ومؤسساته الأمنية والسياسية (حسبما أكدت معطيات استطلاع "مؤشر الديمقراطية" السنوي الجديد في إسرائيل التي نشرناها في العدد السابق لهذا الملحق) ويمنح الجمع الإسرائيلي نوعاً من التعويض عن فضائح الإخفاق العسكري المدوية والفساد السياسي السادر التي ما زالت تداعياتها المتدحرجة تلاحق، منذ قرابة العام، كبار القادة والمسؤولين السياسيين والعسكريين في الدولة العبرية.

 

مع ذلك لا بد من ملاحظة أن الإعلان عن إطلاق قمر التجسس الإسرائيلي الجديد أتى في توقيت متزامن مع عدد من التحركات والتصريحات التي تبطن دلالات ونوايا عدوانية مبيته يجري إنضاجها على نار هادئة في المطبخ المشترك لصانعي القرارات في واشنطن وتل أبيب وتندرج في أبرز هذه التحركات المناورات العسكرية المشتركة التي أعلن عن قيام سلاحي الجو الأميركي والإسرائيلي بإجرائها في صحراء النقب أوائل حزيران الجاري، والتي اختبر في نطاقها حسبما أعلن رسمياً في إسرائيل تحليق الطائرات لساعات طويلة وتزودها بالوقود في الجو ضمن "بروفة" لرصد وضرب أهداف بعيدة ومتعددة في آن واحد؛ ثم التصريحات وبالأحرى "التهديدات" التي أطلقها نائب رئيس الوزراء ووزير المواصلات الإسرائيلي شاؤول موفاز ضد إيران من واشنطن. وأعلن موفاز، الذي يترأس الطاقم الإسرائيلي لمحادثات الحوار الإستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة، عقب جولة من المباحثات أجراها في نفس الفترة مع المسؤولين الأميركيين أن العمل العسكري ضد إيران ليس مستبعداً وإن واشنطن وتل أبيب اتفقتا على إستراتيجية موحدة للتعامل مع برنامج إيران النووي. ومهدت مباحثات موفاز للمحادثات التي جرت في سياق متصل بين رئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت والرئيس الأميركي جورج بوش الأسبوع الماضي في "البيت الأبيض"، كما دخل على خط هذه التحركات المشتركة المتزامنة مع "إطلاق أفق7" دعوة السيناتور المؤيد لإسرائيل جوزيف ليبرمان، للإدارة الأميركية "للنظر في شن عمل عسكري ضد إيران" بسبب ما وصفه "تورطها في العراق".

 

سباق تسلح فضائي

 

 

وفي متابعة ما نشر وينشر في إسرائيل أيضاً عن أهمية ومغزى إطلاق قمر التجسس "أفق7"، ينبغي التوقف عند محاولتين رصينتين إلى حد ما نشرتا أخيراً بأقلام خبيرين أمنيين إسرائيليين لهما باع واطلاع واسعين في هذا المضمار.

 

ففي المحاولة- المقالة- الأولى التي ظهرت في موقع "أوميديا" على شبكة الإنترنت تحت عنوان "عيون الدولة" أثار الخبير الأمني الإسرائيلي ليران أوفيك، العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام بشأن جدوى وخصائص وأهداف قمر "أفق7" خاصة في مواجهة ما أسماه بـ "التهديد الإيراني". وفي المقالة الثانية، التي نشرت على الموقع الإلكتروني ذاته، تحت عنوان "سباق التسلح يمتد إلى الفضاء" استأنف طال عنبار، وهو باحث إسرائيلي كبير في معهد "فيشر" للأبحاث الإستراتيجية حول الجو والفضاء، على إدعاءات بعض المسؤولين الإسرائيليين بشأن حصرية احتكار إسرائيل، كدولة شرق أوسطية، لمجال الفضاء الخارجي والأقمار الصناعية التجسسية.

 

في مستهل مقالة، كرر ليران أوفيك أقوال المسؤولين الإسرائيليين المفاخرة بـ "الإنجاز التكنولوجي المنقطع النظير" بعد الإطلاق الناجح لقمر "أفق7"، لا سيما في ضوء محاولة الإطلاق الفاشلة لقمر التجسس "أفق 6" قبل نحو ثلاث سنوات. بعد ذلك، وحتى لا يظهر كمن "يغرد خارج السرب" أو يحاول إفساد كرنفال الابتهاج الإسرائيلي بـ "الإنجاز الكبير"، سعى الكاتب في سياق مقاله إلى تقديم تحليل أكثر تواضعاً، بناه بصيغة طرح تساؤلات، لما يمثله إطلاق "أفق7" من مغزى وأهمية (إستخبارية) في سياق "النظرية الأمنية الإسرائيلية الشاملة في مواجهة التهديد الإيراني [الهدف الرئيسي المعلن للقمر مراقبة ورصد برنامج إيران النووي] وتهديدات محتملة أخرى".

 

وتساءل الكاتب في تفصيل هذه المسألة العينية (برنامج إيران النووي)، حول جدوى وقدرات القمر التجسسي الإسرائيلي الجديد في ضوء حقيقة أن الإيرانيين، الذين استخلصوا بذلك العبرة من عملية ضرب وتدمير المفاعل النووي العراقي العام 1981، عمدوا إلى عدم تركيز منشآتهم النووية في مكان واحد، وقاموا بتوزيعها في أماكن نائية عن بعضها في أنحاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ودعم الكاتب فحوى ما رمى إليه بقوله "لا توجد اليوم أية جهة استخبارية في الغرب تستطيع الإشارة بشكل مؤكد إلى عدد المنشآت المُسَّخرة لخدمة البرنامج النووي العسكري الإيراني وأن تشير بصورة أكيدة إلى جميع هذه المنشآت".

 

من جهة أخرى، أضاف الخبير الأمني ذاته، من الواضح أن إيران تدير الآن منشآت نووية سرية، أخفيت عن الأنظار، وقال "على الأرجح توجد في إيران منشآت أقيمت عميقاً في باطن الأرض، تضطلع بدور في برنامجها النووي"، ما يُحيل على رأي الكاتب والحالة هذه إلى حقيقة أن "أي قمر تجسس إسرائيلي أو أميركي مهما كان متطوراً ومزوداً بمعدات عالية الدقة، لا يمكن له أن يقدم صورة عما يحدث تحت سطح الأرض"، ومن نافل القول أن إيران تفترض وجود أقمار تجسس أميركية وغيرها موجهة على مدار الساعة لمراقبة منشآتها النووية.

 

من جهة أخرى، وفي سياق متصل، رأى باحث الشؤون الإستراتيجية، طال عنبار، أن نجاح إسرائيل في إطلاق جيل جديد ومتطور من أقمار التجسس، والذي حولها إلى "ثامن دولة في العالم تحقق قدرة عمل مستقلة في الفضاء" يجب أن لا يحجب حقيقة أن هذا النشاط الفضائي ساهم منذ سنوات عديدة في إطلاق "سباق تسلح جديد في الشرق الأوسط امتد إلى الفضاء" لم تعد إسرائيل اللاعب الوحيد في ميدانه أو الدولة الوحيدة التي تحتكر لنفسها هذا المضمار. وقال عنبار إنه وإلى جانب ستة أقمار إسرائيلية، مدنية وعسكرية، موجودة اليوم في مدارات فضائية، تدور في هذه اللحظة حول الكرة الأرضية أقمار صناعية تابعة لمصر والسعودية وإيران والجزائر والمغرب.

 

برنامج الفضاء الإسرائيلي... الواقع والتطلعات

 

تُحيط إسرائيل أنشطتها الفضائية، كحال أنشطتها النووية، بهالةٍ من الغموض، وتُخضع الحديث عنها إلى قيودٍ أمنية صارمة. رسميا أعلنت إسرائيل اعتزامها ارتياد الفضاء الخارجي في أيلول 1988 حين أطلقت قمرها الاصطناعي الأول "أفق1". غير أن هناك من يرجع دخول إسرائيل إلى برامج الفضاء والأقمار الصناعية إلى قبل ذلك بكثير، إلى أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات بالتوازي مع بداية برنامجها النووي، حيث أقامت "اللجنة القومية لأبحاث الفضاء" وأنشأت معهداً لبحوث الفضاء في جامعة تل أبيب. ويُشير موقع وزارة العلوم الإسرائيلية على شبكة الإنترنت إلى أن مشروع إطلاق أقمار التجسس "أوفك- أفق" بدأ منذ العام 1982، وأن المشروع تطلب أبحاثاً وبُنى تحتية وتأهيل مهندسين وفنيين والاعتماد على الذات في إطلاق الأقمار وبناء مركز سيطرة وتحكم ومحطة استيعاب أرضية، وليتوج هذا العمل في 19 أيلول العام 1988 بإطلاق أول قمر صناعي إسرائيلي من النوع المستخدم في التجسس "أفق 1" تبعه إطلاق "أفق 2" في نيسان 1990، ثم "أفق 3" في نيسان 1995 و"أفق 5" العام 2002 في حين فشل إطلاق كل من "أفق 4" 1998 و"أفق 6" العام 2004. وتمتلك إسرائيل حالياً ستة أقمار من صنع ذاتي تحلق في الفضاء وهي: "عاموس 1"، "عاموس 2"، "أروس"، "أفق 5"، "تكسات" (وهو قمر اصطناعي صغير جداً صممه طلاب معهد الهندسة التطبيقية في حيفا "تخنيون" أطلق من روسيا 1998) بالإضافة إلى قمر "أفق7" الذي أطلق أخيراً إلى الفضاء.

 

وقد شجع نجاح إطلاق القمر الأخير "أفق7" وكالة الفضاء الإسرائيلية على الإعلان أنها تنوي إطلاق قمر آخر قبل نهاية العام 2010، فيما قالت مصادر إسرائيلية أخرى على صلة ببرنامج الفضاء الإسرائيلي إن إسرائيل تنوي إطلاق قمر جديد كل عامين ونصف العام. ويركز المسؤولون الإسرائيليون على الجانب المعنوي في أنشطة إسرائيل الفضائية ويرون أنها تساهم في تعزيز قدرة الردع الإسرائيلية وتضع إسرائيل في ركاب الدول المتقدمة في العالم.

 

وبطبيعة الحال فإن كل ما يوصف بإنجازات إسرائيلية في هذا المجال لم يكن ليتحقق لولا التعاون الوثيق والقدرة على الوصول مباشرة إلى مصادر المعلومات والتكنولوجيا في الدول المتحالفة مع إسرائيل كالولايات المتحدة وبعض دول أوروبا الغربية.