حملة الاحتجاجات الشعبية في إسرائيل اختفت رغم تصعيد الضربات الاقتصادية

وثائق وتقارير

* مندوب "المشهد الإسرائيلي" ينقل بعض وقائع أول يومين من مؤتمر "المناعة والأمن القومي الإسرائيلي" * عمير بيرتس: لا بدّ من إعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية * وزيرة التربية والتعليم لـ"المشهد الإسرائيلي": جهاز التعليم في إسرائيل لن تقوم له قائمة إذا لم يخضع لعملية إصلاحات واسعة *

 

 كتب وديع عواودة:

 اليوم الأول

 هيمنت قضايا العدوان على لبنان والفساد داخل المؤسسة الحاكمة في إسرائيل على منتديات اليوم الأول (21/1) في مؤتمر هرتسليا السابع حول "ميزان المناعة والأمن القومي" الذي افتتح مطلع الأسبوع بمشاركة عدد كبير من الأكاديميين والعسكريين ورجالات السياسة والاقتصاد والشؤون الإستراتيجية.

 

وفي ندوة حول اتجاهات التجدد وتعزيز الجيش أكد الجنرال في الاحتياط إيلان بيران، عضو إدارة معهد السياسات والشؤون الإستراتيجية، أن الجيش الإسرائيلي مني بالفشل في تحقيق أهدافه في الحرب الأخيرة. وشدد بيران على أن ترميم قوة الردع هي المهمة الأهم للجيش.

 

وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، النائب تساحي هنغبي، إن الحكومات الإسرائيلية في السنوات الست الماضية لم تبحث بجدية التهديدات التي يشكلها حزب الله. وكشف هنغبي أن لجنة الخارجية والأمن كانت قد حولت مذكرة سرية للغاية إلى الحكومة في شباط 2004 حول المخاطر الكبيرة المترتبة على التهديد الإيراني الجديد المتمثل بحيازة حزب الله كمية كبيرة من الصواريخ في جنوب لبنان. وأضاف "رغم أننا حذرنا من تحوّل عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى لاجئين وشل المرافق الحيوية في الشمال في حال استخدم حزب الله الصواريخ ضدنا إلا أنّ الحكومة لم تعمل بتحذيراتنا". وقال هنغبي إن لجنته أوصت منذ اليوم الأول بضرورة تدخل بري واسع بدلا من الاكتفاء بقصف من الجو. وأضاف "لكن صناع القرار احتاروا بين وجهات نظر مختلفة منها ما دعا لضرب لبنان بقوة فيما حذر آخرون من التورط ثانية في لبنان ووجهات نظر أخرى راهنت على تحركات سياسية أو على تقوية رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة".

ودعا الجنرال في الاحتياط، غدعون حوشن، إلى توجيه انتقادات مهنية وغير مبالغ بها للجيش منوها بأن إسرائيل دولة صغيرة وتواجه تحديات دولة عظمى. وأضاف "إذا استمرت موجة الانتقادات العارمة للجيش فلن ينجح ببناء نفسه مجددا". وأشار حوشن إلى أن الجيش الإسرائيلي أغفل خطر حزب الله لانشغاله في السنوات الأخيرة بالساحة الفلسطينية.

ودعا حوشن إلى شد أزر الجيش من الناحية المعنوية وإعادة تنظيمه ودحض مقولة أن الجيش هو انعكاس فقط للشعب. وتابع "إضافة للتدريبات والتسلح لا بد من تكريس طاقات والتفكير بالروح والمضمون لا بالناحية المادية والتنظيمية فالجيش بحاجة لتحديد الرؤية والأهداف وترجمتها إلى مهمات عينية".

وشدّد حوشن على أهمية تعزيز القيم والناحية الأخلاقية داخل الجيش من خلال التأكيد على أهمية المشاركة والشعور بالوحدة والثقة وإعفاء الجيش من مهمات الدفاع المدني.

 

وأبدى الجنرال أودي ديكل، قائد القوى العاملة في الجيش، قلقه من تعاظم قوة من أسماهم القوى الراديكالية في المنطقة مقابل ضعف ومخاوف القوى المعتدلة علاوة على سباق إيران نحو القنبلة النووية. وأضاف "يمثل الجيش والحكومة اليوم أمام معضلة جديدة تتمثل بعودة حزب الله وحماس للتسلح". وقال ديكل إن الجيش الإسرائيلي أسس مفهومه الأمني على ثلاث أرجل هي الإنذار المبكر والردع وحسم المعركة بالقدرات المتفوقة لافتا إلى اعتماده هذا العام رجلا رابعة تتمثل في ما أسماه بالدفاع السليم، بما يشمل التصدي للصواريخ رغم الكلفة العالية وتهيئة جيش الاحتياط. وأضاف "لن نقبل بعد اليوم بالزعم القائل إنه لا مجال للحسم في معركة مع قوى غير نظامية ولذا باشرنا بتحسين القدرات الاستخباراتية ومعالجة قدرات العدو، لا نواياه، وليس بطرق عسكرية فقط".

وأكد ديكل أن الجيش يستعد لمواجهات الغد على أساس دروس الحرب الأخيرة ويبني ذاته بموجب المفهوم الأمني الجديد.

 

وقال الخبير في علم النفس، البروفسور ميخا بوبر، إن الصورة بعد نصف عام على الحرب تبين أن المسألة لا تنحصر فقط باستخلاص الجيش للعبر. وشدد بوبر على أن فشل العدوان على لبنان لا يعتبر مشكلة للجيش فحسب. وأضاف "لم يعد جيشنا جيشا للشعب إنما تنظيم حرفي. نحن نسعى لنصبح دولة غربية لكننا نواجه تناقضا فهناك الجيش ليس "جيش الشعب" ولا توجد مخاطر وجودية ولذلك لا يستطيع جيشنا أن يواجه التحديات لوحده".

ونوه بوبر بمشكلة تآكل القيم لدى الناشئة وتهربها من الخدمة العسكرية وانخفاض مستوى جودتها. وأضاف "بعكس ألمانيا واليابان لا ثقة لدينا بالأنظمة والأجهزة ففي سنوات الخمسين والستين كان جيشنا قيمة عليا ومرجعية وبوتقة صاغت الشعب، لكن الوضع تغير اليوم ولا مجال للعودة إلى هناك".

ودعا بوبر إلى محاربة مقولة أن الجيش هو مرآة للشعب مشددا على ضرورة السعي لتثبيت مكانه داخل المجتمع بأدوات جديدة كما يجري في جيشي النمسا وسنغافورة.

 

وكان النائب العمالي متان فيلنائي، وهو جنرال في الاحتياط ونائب سابق لرئيس هيئة أركان الجيش، قد وجه انتقادات حادة للجيش وتساءل كيف يمكن لجيش مدرب ومسلح ويعرف الأرض اللبنانية كما يعرف راحة يده أن يفشل في تحقيق أهدافه؟. ودعا فيلنائي إلى تغييرات جذرية في مبنى وطريقة عمل الجيش وتحاشي الاستهتار بالعدو منوها بأهمية إخضاعه للرقابة المدنية ومضاعفة ميزانياته. وشدد فيلنائي على حيوية إخراج السياسة من الجيش.

 

وقال النائب اليميني الجنرال في الاحتياط إيفي إيتام إن عدم تحديد الأهداف كان بمثابة "عنق الزجاجة" الذي تسبب بالفشل خلال العدوان على لبنان وبعدم ترجمة الجيش لقوته الكبيرة على أرض الواقع. وأضاف "تعرضت المؤسسة العسكرية إلى خلل جراء مفاهيم أمنية خاطئة منها الانسحابات الأحادية الجانب وفقدان التماس والالتحام مع العدو".

ودعا إيتام إلى منع عملية تعاظم قوة العدو في الوقت والأدوات المناسبة وحذر من التردد في استخدام القوة المفرطة ضده وقال إنه يرفض رفضا باتا نظرية التوجهات الدفاعية بالتعامل مع الآخر. وأضاف "لا مبرر لليأس المطبق الذي يسري لدى الجمهور الإسرائيلي اليوم وتعيين قائد أركان جديد على وجه السرعة هو بداية ترميم الجيش بدعم الشعب كله".

 

خطة تعليمية جديدة

 

وكانت وزيرة التربية التعليم الإسرائيلية، يولي تامير، وطاقم وزارتها قد ألقوا خلال مؤتمر هرتسليا الضوء على ملامح الخطة التعليمية الجديدة المقترحة لجهاز التربية في إسرائيل.

 

وأوضحت تامير أن التلاميذ سيبدؤون، وفق الخطة الجديدة، التعلم في المدرسة في سنّ الرابعة بدلا من الخامسة وسينهون التعليم الثانوي في جيل السادسة عشرة وسيفتح المجال أمام الخريجين إما للاستكمال وإما لتحصيل اللقب الجامعي قبل بدء الخدمة العسكرية. وأضافت "بذلك نصطاد عصفورين بحجر واحد، نزوّد الجيش بقوى ذات جودة ونوفر على الاقتصاد المليارات".

 

وفي حديث خاص لـ"المشهد الإسرائيلي" قالت وزيرة التربية والتعليم يولي تامير إن "الخطة ثورية ومن شأنها إحداث تغييرات جوهرية بالمنظور المتوسط والبعيد".

 

وأكدت تامير أن جهاز التعليم في إسرائيل لن تقوم له قائمة إذا لم يخضع لعملية إصلاحات واسعة تفضي بالتالي إلى منتوج إنساني يسهم في تعزيز مناعة الأمن القومي، لافتة إلى حدوث تراجع كبير في إسرائيل من ناحية الطموح للتفوق ومن ناحية القيم والأخلاق وخاصة البذل والعطاء.

 

ونوهت تامير بأن الخطة الجديدة التي تنتظر مصادقة الحكومة من شأنها أيضًا أن تدفع المدارس العربية في إسرائيل إلى أمام، لافتة إلى أن نسبة التلاميذ في المدارس الابتدائية اليوم تبلغ 30%.

 

 

اليوم الثاني

 

في اليوم الثاني لمؤتمر هرتسليا حول ميزان المناعة والأمن القومي، الاثنين (22/1)، تراوحت تقديرات الخبراء والمسؤولين الإسرائيليين حيال التعامل مع القضية الفلسطينية بين مؤيد لحل الدولتين للشعبين وبين العودة لمقولة اللاشريك الفلسطيني.

ففي محاضرته ضمن ندوة "حرب لبنان الثانية وتغيير بنية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي" قال قائد هيئة أركان الجيش السابق وعضو مركز "شاليم"، موشيه يعلون، إن الفلسطينيين لم يبدوا أي استعداد لتقاسم البلاد والقبول بحل دولتين لشعبين. وأضاف: "رفض الفلسطينيون الفكرة في ثلاث فرص تاريخية أولها العام 1937 حينما رفضوا مقترحا بريطانيا- أميركيا وكذلك رفضوا القرار الدولي بتقسيم البلاد العام 1947 وجددوا موقفهم هذا في كامب ديفيد العام 2000".

 

وردا على دعوات مسؤولين وخبراء إسرائيليين آخرين لاغتنام فرصة الخلاف بين السنة وبين الشيعة في العالم العربي والتوتر الناجم عن ذلك بين العرب وإيران من أجل صنع السلام مع الفلسطينيين زعم يعلون أن حل الدولتين ليس واقعيا اليوم. وأضاف "يخطئ من يفكر أن تسوية القضية الفلسطينية من شأنها أن تحقّق الاستقرار في المنطقة والعالم" معتبرا الجهاد الإسلامي والأصولية الإسلامية سببا مستديما للتوتر. واستذكر يعلون ما وصفه بـ"تهرب" الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من فكرة السلام على أساس الدولتين.

 

وقبل ذلك كان عاموس جلعاد، رئيس القسم السياسي- الأمني في وزارة الدفاع، قد دعا في مداخلته إلى استغلال الخلاف السني الشيعي وبناء السلام مع العرب.

 

في المقابل أكد وزير الدفاع، عمير بيرتس، في محاضرة مطولة، أهمية التوصل لتسوية القضية الفلسطينية من خلال إقامة دولة الجوار على أساس خطته الجديدة التي تعتمد في جوهرها أسس المبادرة العربية ومقترحات الرئيس كلينتون، لافتا إلى أن خارطة الطريق لا تكفي لتحقيق الهدف المنشود. وشدد بيرتس على أن تعزيز الاستقرار يتطلب من إسرائيل المزيد من الجهود لافتا إلى خطورة نفاد الوقت وأنه "لا بد أن نعطي الأولوية للقضية الفلسطينية".

وحذر بيرتس من حالة الجمود وأشار إلى تعاظم قوة حماس وتراجع قوة من وصفهم بالمعتدلين داعيا إلى استغلال الهدوء الراهن وتطويره نحو مبادرة سياسية. وأضاف "هناك حاجة لرعاية مبادرة سياسية لأن خطة الانطواء سقطت وخارطة الطريق غير كافية. في القريب سأطرح خطتي على جدول أعمال الحكومة للمصادقة عليها".

 

وأوضح بيرتس أن مبادرته الجديدة التي سبق أن أعلن عنها قبل أيام تدمج بين خارطة الطريق وبين المبادرة السعودية لافتا إلى أنها تعتمد ثلاث مراحل نحو الحل النهائي. وأضاف "في المرحلة الأولى نتطلع لتثبيت الأوضاع الأمنية والاقتصادية على أساس اتفاقية المعابر التي بادرت إليها وزيرة الخارجية الأميركية كونداليسا رايس قبل نحو العامين. كما سنقوم بإزالة النقاط الاستيطانية العشوائية".

 

أما المرحلة الثانية بموجب خطة بيرتس فتشمل التفاوض حول الحل النهائي مع الرئيس محمود عباس أو مع أي جهة فلسطينية أخرى تعترف بإسرائيل وبقرارات اللجنة الرباعية حتى لو كانت هذه حركة حماس. وأضاف "في هذه المرحلة يعقد مؤتمر عربي ودولي لهذا الغرض وفيها أيضا يتمّ البدء بإنجاز المعبر الآمن بين غزة والضفة الغربية مثلما يتم البدء بتحويل مناطق "ب" إلى مناطق "أ" في الضفة الغربية علاوة على تحرير سجناء فلسطينيين".

 

وقال بيرتس إن خطته تقضي بتنازل إسرائيل عن موقفها التقليدي بتفكيك قواعد "الإرهاب" في المرحلة الأولى بهدف تقوية القوى الفلسطينية المعتدلة وتوفير الأفق السياسي لهم.

 

أما المرحلة الثالثة برأيه فهي مرحلة التطبيق.

وأضاف "بهذه الخطة نتغلب على مخاطر سقوط العملية السياسية نتيجة لخوف الفلسطينيين من استدامة الدولة الفلسطينية بحدود مؤقتة والتي تعزل القوى المعتدلة في الشارع الفلسطيني".

 

وقال بيرتس إن إسرائيل تحارب الإرهاب لا الشعب الفلسطيني ونوه إلى أنه باشر في توفير تسهيلات للفلسطينيين في مجالي الاقتصاد وحرية الحركة منها فتح معبر بردلة الجديد في غور الأردن لتصدير المنتوجات الزراعية. وقال بيرتس إنه بصدد تعديل القوانين والنظم العسكرية بحيث يتيح للجيش التدخل لمنع اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين. وتابع: "من غير المعقول أن نرى جنديا في الخليل لا يستطيع أن يفعل شيئا لوقف مهاجمة مستوطنة لمنزل فلسطيني سيما وأن صورة تلك المستوطنة المعتدية قادرة على إلحاق ضرر فادح بنا في الرأي العام الدولي وهي تعادل كل مبادراتنا لتخفيف المصاعب عن الفلسطينيين".

 

وأشار بيرتس إلى ضرورة فحص دعوات السلام الصادرة عن دمشق بالتنسيق مع الولايات المتحدة بموازاة المخاوف من اشتعال الجبهة اللبنانية ثانية، داعيا إلى المحافظة على مكانة الجيش. وقال "لا بد من السير قدما في استخلاص الدروس وتطبيقها ولكن علينا الحفاظ على المؤسسة العسكرية سيما وأن أعداءنا يفسرون خطأ ما يجري لدينا كحالة ضعف ولا بد من الاهتمام بمعنوية الأجيال الناشئة التي تتجند للخدمة العسكرية".

 

واعتبر بيرتس أن تحسين الأحوال الاقتصادية- الاجتماعية في إسرائيل يعدّ لبنة هامة في تعزيز مناعتها القومية إضافة لترميم قوة الردع والحسم وامتلاك المعلومات الاستخبارية في الوقت المناسب واعتماد الدفاعية الفعالة. ولفت بيرتس إلى أنه يرى في الصواريخ القوسية المسار تهديدا إستراتيجيا يترتب عليها المساس بالمناعة القومية. وأضاف "يجب توفير الجواب لهذه التهديدات وأنا شخصيا أشرف على هذه الجهود لأنني مقتنع بأنها حدت من قدرة المستوى السياسي على المناورة وتسببت في شل المرافق الحياتية الهامة وضربت الحالة المعنوية ولا يقل أهمية أن تبعات سياسية ترتبت عليها وسبق أن أسقطت خطة الانطواء".

وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي أن العنصرية والفساد والفجوات الاقتصادية تشكل مخاطر إستراتيجية وتهديدا للمناعة القومية. وأضاف "لذلك سنباشر بتنفيذ خطة اجتماعية تشمل رفع أجور الحد الأدنى ودفع قانون التقاعد ومكافحة تحالف المال والسلطة إضافة للسلام مع جيراننا". كما أشار إلى ضرورة تعزيز البنية التحتية الاقتصادية في الوسط "غير اليهودي" في الدولة وتوفير أماكن عمل للأكاديميين العرب. وأضاف "استمرار التمييز من شأنه التسبب بأزمة عميقة لا يمكن توقع نتائجها ولذا بادرت لتعيين وزير عربي حتى لو اتهمت بالدوافع السياسية الحزبية. هذا التعيين خطوة تاريخية ستؤثر إيجابا على علاقات العرب واليهود في الدولة وتحسن العلاقات مع جيراننا العرب".

 

واختتم بيرتس محاضرته بالتأكيد على أن ما كان لن يكون بعد اليوم، لافتا إلى رفع جاهزية الجيش من ناحية حشد المزيد من الاحتياط والمزيد من التدريبات العسكرية ومن حيث مسيرة التنجيع التي بدأت داخله.

 

وفي ندوة أخرى عقدت في اليوم الثاني للمؤتمر، الاثنين (22/1)، حول "عرب إسرائيل والدولة اليهودية"، حمل محاسب الوكالة اليهودية في البلاد، النائب العمالي السابق حجاي ميروم، على الوثائق التي بلورها المواطنون الفلسطينيون في الداخل في الفترة الأخيرة وأبرزها وثيقة "التصوّر المستقبلي للعرب في إسرائيل" برعاية اللجنة العليا لمتابعة شؤون المواطنين العرب في إسرائيل.

 

واعتبر ميروم أن التصور يشتمل على كافة الأسس المطلوبة "لإقامة كيان سياسي عربي مستقل داخل الدولة اليهودية" متسائلا عن إمكانية إنقاذ مشاعر الانتماء للدولة لدى العرب.

 

وأكد ميروم أن قضية المواطنين العرب في إسرائيل ومجمل علاقاتهم معها أشد خطرا من التهديدات الإيرانية. وأضاف "القضية الإيرانية يمكن تسويتها بعدة طرق لكن العلاقات العربية اليهودية داخلنا تشكل خطرا وجوديا، ولا يمكن التخلص منها بقصف من الجو أو بالتكنولوجيا الحديثة أو بطرق استخباراتية بل بالعمل على المساواة والتفضيل المصحح ودمج المواطنين العرب بعد ستة عقود لم يحظوا خلالها بما يستحقون".

 

واعتبر ميروم أن دعوة المواطنين العرب لتغيير الطابع اليهودي للدولة ولديمقراطية توافقية لا إجرائية تعني رفض الاندماج بالدولة وتثقل على فكرة الحياة المشتركة. وأضاف "أما الدعوة لانتخاب لجنة المتابعة فتعني إقامة برلمان عربي مستقل. ولا شك أن تغييب المساواة في الحقوق المدنية شكل أرضية خصبة لمطلب الحقوق القومية".